فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقاله أبو العالية.
وروى عطية وذو الرُّمَّة الشاعر عن ابن عباس قال: خرجت أَمَة لتستقي فقالت: إن الحوض مسجور أي فارغ، قال ابن أبي داود: ليس لذي الرُّمة حديث إلا هذا.
وقيل: المسجور أي المفجور؛ دليله: {وَإِذَا البحار فُجِّرَتْ} [الانفطار: 3] أي تنشفها الأرض فلا يبقى فيها ماء.
وقول ثالث قاله عليّ رضي الله عنه وعِكرمة.
قال أبو مكين: سألت عِكرمة عن البحر المسجور فقال: هو بحر دون العرش.
وقال عليّ: تحت العرش فيه ماء غليظ.
ويقال له بحر الحيوان يمطر العباد منه بعد النفخة الأولى أربعين صباحًا فينبتون في قبورهم.
وقال الربيع بن أنس: المسجور المختلط العذب بالملح.
قلت: وإليه يرجع معنى {فُجِّرَتْ} في أحد التأويلين؛ أي فُجِّرَ عذبُها في مالحها: والله أعلم.
وسيأتي.
وروى عليّ ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: المسجور المحبوس.
{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} هذا جواب القسم؛ أي واقع بالمشركين.
قال جُبَير بن مُطْعِمٍ: قدمت المدينة لأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر، فوافيته يقرأ في صلاة المغرب {والطور} إلى قوله: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} {مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ} فكأنما صدع قلبي، فأسلمت خوفًا من نزول العذاب، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب.
وقال هشام بن حسان: انطلقت أنا ومالك بن دينار إلى الحسن وعنده رجل يقرأ {والطور} حتى بلغ {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} {مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ} فبكى الحسن وبكى أصحابه؛ فجعل مالك يضطرب حتى غُشِي عليه.
ولما وُلّي بكَّار القضاء جاء إليه رجلان يختصمان فتوجهت على أحدهما اليمين، فرغب إلى الصلح بينهما، وأنه يعطي خصمه من عنده عوضًا عن يمينه فأبى إلا اليمين، فأحلفه بأوّل {وَالطُّورِ} إلى أن قال له قل: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} إن كنت كاذبًا؛ فقالها فخرج فكسر من حينه. اهـ.

.قال الألوسي:

{والطور} الطور اسم لكل جبل على ما قيل: في اللغة العربية عند الجمهور، وفي اللغة السريانية عند بعض، ورواه ابن المنذر وابن جرير عن مجاهد، والمراد به هنا {طُورِ سِينِينَ} الذي كلم الله تعالى موسى عليه السلام عنده، ويقال له: طور سيناء أيضًا، والمعروف اليوم بذلك ما هو بقرب التيه بين مصر والعقبة، وقال أبو حيان في تفسير سورة {والتين} [التين: 1]: ولم يختلف في طور سيناء أنه جبل بالشام وهو الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه الصلاة والسلام، وقال في تفسيره: هذه السورة في الشام جبل يسمى الطور وهو طور سيناء فقال نوف البكالي: إنه الذي أقسم الله سبحانه به لفضله على الجبال، قيل: وهو الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام انتهى فلا تغفل، وحكى الراغب أنه جبل محيط بالأرض ولا يصح عندي، وقيل: جبل من جبال الجنة، وروى فيه ابن مردويه عن أبي هريرة، وعن كثير بن عبد الله حديثًا مرفوعًا ولا أظن صحته، واستظهر أبو حيان أن المراد الجنس لا جبل معين، وروى ذلك عن مجاهد والكلبي، والذي أعول عليه ما قدمته.
{وكتاب مُّسْطُورٍ} مكتوب على وجه الانتظام فإن السطر ترتيب الحروف المكتوبة، والمراد به على ما قال الفراء الكتاب الذي يكتب فيه الأعمال ويعطاه العبد يوم القيامة بيمينه أو بشماله وهو المذكور في قوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القيامة كِتَابًا يلقاه مَنْشُورًا} [الإسراء: 13]، وقال الكلبي: هو التوراة، وقيل: هي والإنجيل والزبور وقيل: القرآن، وقيل: اللوح المحفوظ، وفي (البحر) لا ينبغي أن يحمل شيء من هذه الأقوال على التعيين وإنما تورد، على الاحتمال، والتنكير قيل: للإفراد نوعًا، وذلك على القول بتعدده، أو للإفراد شخصًا، وذلك على القول المقابل، وفائدته الدلالة على اختصاصه من جنس الكتب بأمر يتميز به عن سائرها، والأولى على وجهي التنكير إذا حمل على أحد الكتابين أعني القرآن والتوراة أن يكون من باب {لِيَجْزِىَ قَوْمًا} [لجاثية: 14] ففي التنكير كمال التعريف،، والتنبيه على أن ذلك الكتاب لا يخفى نكر أو عرف، ومن هذا القبيل التنكير في قوله تعالى: {فِى رَقّ مَّنْشُورٍ} والرق بالفتح ويكسر، وبه قرأ أبو السمال جلد رقيق يكتب فيه وجمعه رقوق وأصله على ما في (مجمع البيان) من اللمعان يقال: ترقرق الشيء إذا لمع.
أو من الرقة ضد الصفاقة على ما قيل، وقد تجوز فيه عما يكتب فيه الكتاب من ألواح وغيرها.
والمنشور المبسوط والوصف به قيل: للإشارة إلى صحة الكتاب وسلامته من الخطأ حيث جعل معرضًا لنظر كل ناظر آمنا عليه من الاعتراض لسلامته عما يوجبه، وقيل: هو لبيان حاله التي تضمنتها الآية المذكورة آنفًا بناءًا على أن المراد به صحائف الأعمال ولبيان أنه ظاهر للملائكة عليهم السلام يرجعون إليه بسهولة في أمورهم بناءًا على أنه اللوح، أو للناس لا يمنعهم مانع عن مطالعته والاهتداء بهديه بناءًا على الأقوال الأخر، وفي (البحر) {مَّنْشُورٍ} منسوخ ما بين المشرق والمغرب.
{والبيت المعمور} هو بيت في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة كما أخرج ذلك ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أنس مرفوعًا وأخرج عبد الرزاق وجماعة عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل عليًا كرم الله تعالى وجهه فقال: ذلك الضّرَاحُ بين فوق سبع سموات تحت العرض يدخله كل يوم سبعون ألف ملك الخ، وجاء في رواية عنه كرم الله تعالى وجهه، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه حيال الكعبة بحيث لو سقط سقط عليها.
وروى عن مجاهد وقتادة وابن زيد أن في كل سماء بحيال الكعبة بيتًا حرمته كحرمتها وعمارته بكثرة الواردين عليه من الملائكة عليهم السلام كما سمعت، وقال الحسن: هو الكعبة يعمره الله تعالى كل سنة بستمائة ألف من الناس فإن نقصوا أتم سبحانه العدد من الملائكة، وأنت تعلم أن المجاز المشهور مكان معمور بمعنى مأهول مسكون تحل الناس في محل هو فيه، فعمارة الكعبة بالمجاورين عندها وبحجاجها صح خبر الحسن المذكور أم لا.
{والسقف المرفوع} أي السماء كما رواه جماعة، وصححه الحاكم عن الأمير كرم الله تعالى وجهه، وعن ابن عباس هو العرش وهو سقف الجنة، وأخرجه أبو اليخ عن الربيع بن أنس، وعليه لا بأس في تفسير البيت المعمور بالسماء كما روى عن مجاهد، وعمارتها بالملائكة أيضًا فما فيها موضع إهاب إلا وعليه ملك ساجد أو قائم.
{والبحر المسجور} أي الموقد نارًا.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم. وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن المسيب قال: قال علي كرم الله تعالى وجهه لرجل من اليهود: أين موضع النار في كتابكم؟ قال: البحر فقال كرم الله تعالى وجهه: ما أراه إلا صادقًا، وقرأ {والبحر المسجور} {وَإِذَا البحار سُجّرَتْ} [التكوير: 6] وبذلك قال مجاهد. وشمر بن عطية. والضحاك. ومحمد بن كعب. والأخفش، وقال قتادة: المسجور المملوء يقال: سجره أي ملأه، والمراد به عند جمع البحر المحيط، وقيل: بحر في السماء تحت العرش، وأخرج ذلك ابن أبي حاتم وغيره عن علي كرم الله تعالى وجهه، وابن جرير عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وفي (البحر) إنهما قالا فهي ماء غليظ، ويقال له: بحر الحياة بمطر العباد منه بعد النفخة الأولى أربعين صباحًا فينبتون في قبورهم، وأخرج أبو الشيخ عن الربيع أنه الملأ الأعلى الذي تحت العرش وكأنه أراد به الفضاء الواسع المملوء ملائكة، وعن ابن عباس {المسجور} الذي ذهب ماؤه، وروى ذو الرمة الشاعر، وليس له كما قيل حديث غير هذا عن الحبر قال: خرجت أمة لتستقي فقالت: إن الحوض مسجور أي فارغ فيكون من الأضداد، وحمل كلامه رضي الله تعالى عنه على إرادة البحر المعروف، وأن ذهاب مائه يوم القيامة، وفي رواية عنه أنه فسره بالمحبوس، ومنه ساجور الكلب وهي القلادة التي تمسكه وكأنه عني المحبوس من أن يفيض فيغرق جميع الأرض، أو يغيض فتبقى الأرض خالية منه، وقيل: {المسجور} المختلط، وهو نحو قولهم للخليل المخالط: سجير، وجعله الراغب من سجرت التنور لأنه سجير في مودّة صاحبه، والمراد بهذا الاختلاط تلاقي البحار بمياهها واختلاط بعضها ببعض، وعن الربيع اختلاط عذبها بملحها، وقيل: احتلاطها بحيوانات الماء، وقيل: المفجور أخذًا من قوله تعالى: {وَإِذَا البحار فُجّرَتْ} [الانفطار: 3] ويحامله ما أخرجه ابن المنذر عن ابن عباس من تفسيره بالمرسل، وإذا اعتبر هذا مع ما تقدم عنه آنفًا من تفسير بالمحبوس يكون من الأضداد أيضًا، وقال منبه بن سعيد: هو جهنم سميت بحرًا لسعتها وتموجها، والجمهور على أن المراد به بحر الدنيا وبه أقول وبأن المسجور بمعنى الموقد، ووجه التناسب بين القرأئين بعد تعين ما سيق له الكلام لائح، وهو هاهنا إثبات تأكيد عذاب الآخرة وتحقيق كينونته ووقوعه، فأقسم سبحانه له بأمور كلها دالة على كمال قدرته عز وجل مع كونها متعلقة بالمبدأ والمعاد، فالطور لأنه محل مكالمة موسى عليه والسلام، ومهبط آيات البدأ والمعاد يناسب حديث إثبات المعاد وكتاب الأعمال كذلك مع الايمانء إلى أن إيقاع العذاب عدل منه تعالى فقد تحقق، ودون في {الكتاب} ما يجر إليه قبل، {والبيت المعمور} لأنه مطاف الرسل السماوية، ومظهر لعظمته تعالى، ومحل لتقديسهم وتسبيحهم إياه جل وعلا، {والسقف المرفوع} لأنه مستقرهم ومنه تنزل الآيات، وفيه الجنة: {والبحر المسجور} لأنه محل النار، وإذا حمل الكتاب على التوراة كان التناسب مع ما قبله حسب النظر الجليل أظهر ولم يحمله عليها كثير لزعم أن {الرق المنشور} لا يناسبها لأنها كانت في الألواح، ولا يخفى عليك أن شيوع الرق فيما يكتب فيه الكتاب مطلقًا يضعف هذا الزعم في الجملة، ثم إن المعروف أن التوراة لا يكتبها اليهود اليوم إلا في رق وكأنهم أخذوا ذلك من أسلافهم، وقال الإمام: يحتمل أن تكون الحكمة في القسم بالطور والبيت المعمور والبحر المسجور أنها أماكن خلوة لثلاثة أنبياء مع ربهم سبحانه، أما الطور فلموسى عليه السلام وقد خاطب عنده ربه عز وجل بما خاطب، وأما البيت المعمور فلرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال عنده: «سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لا أحصي ثناءًا عليك أنت كما أثنيت على نفسك» وأما البحر: فليونس عليه السلام قال فيه: {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سبحانك إِنّى كُنتُ مِنَ} [الأنبياء: 87] فلشرفها بذلك أقسم الله تعالى بها، وأما ذكر {أُمُّ الكتاب} فلأن الأنبياء كان لهم في هذه الأماكن كلام والكلام في الكتاب، وأما ذكر السقف المرفوع فلبيان رفعة البيت المعمور ليعلم عظمة شأن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر وجهًا آخر، ولعمري إنه لم يأت بشيء فيهما، والواو الأولى للقسم وما بعدها على ما قال أبو حيان للعطف، والجملة المقسم عليها قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ} أي لكائن على شدّة كأنه مهيأ في مكان مرتفع فيقع على من يحل به من الكفار؛ وفي إضافته إلى الرب مع إضافة الرب إلى ضميره عليه الصلاة والسلام أمان له صلى الله عليه وسلم وإشارة إلى أن العذاب واقع بمن كذبه، وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما واقع بدون لام، وقوله تعالى: {مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ} خبر ثان لان أو صفة {لَوَاقِعٌ} أو هو جملة معترضة، و{مِن دَافِعٍ} إما مبتدأ للظرف أو مرتفع به على الفاعلية، و{مِنْ} مزيدة للتأكيد ولا يخفى ما في الكلام من تأكيد الحكمة وتقريره؛ وقد روى أن عمر رضي الله تعالى عنه قرأ من أول السورة إلى هنا فبكى ثم بكى حتى عيد من وجعه وكان عشرين يومًا.
وأخرج أحمد وسعيد بن منصور وابن سعد عن جبير بن مطعم قال: قدمت المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكلمه في أساري بدر فدفعت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ {والطور} إلى {إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ} [الطور: 1 8] فكأنما صدع قلبي، وفي رواية فأسلمت خوفًا من نزول العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب، وهو لا يأبى أن يكون المراد الوقوع يوم القيامة ومن غريب ما يحكى أن شخصًا رأى مكتوبًا في كفه خمس واوات فعبرت له بخير فسأل ابن سيرين فقال: تهيأ لما لايسر فقال له: من أين أخذت هذا؟ فقال: من قوله عز وجل: {والطور} إلى {إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: 1 7] فما مضى يومان أو ثلاثة حتى أحيط بذلك الشخص. اهـ.

.قال عبد الكريم الخطيب:

52- سورة الطور:
نزولها: مكية.
عدد آياتها: تسع وأربعون.. آية عدد كلماتها: ثلاثمائة واثنتا عشرة كلمة..
عدد حروفها: ألف وخمسمائة حرف..
مناسبتها لما قبلها:
ختمت سورة الذاريات التي سبقت هذه السورة بقوله تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}.
وفى هذا تهديد ووعيد لأهل الكفر والضلال، بالعذاب الذي أنذروا به، والذي ينتظرهم يوم القيامة..
وقد بدئت سورة (الطور) هذه، بهذه الأقسام، التي أقسم سبحانه وتعالى بها، وأوقعها على وقوع العذاب بأهل الكفر والضلال يوم القيامة، وأنه واقع لا شك فيه..
{إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ}..
فالسورتان تتلاقيان ختاما وبدءا، حتى لكأنهما سورة واحدة..
وإن الذي ينظمهما في التلاوة، دون أن يفصل بينهما بالبسملة، ليجد هذا الترابط الوثيق بينهما، فلا يشعر بأن سورة قد انتهت وأخرى قد بدأت..
وهذا- في رأينا- دلالة قاطعة على أن ترتيب السور في المصحف الكريم، هو توفيقىّ من عند اللّه، وبعمل الرسول، تماما كترتيب الآيات في سورها، وأن الخلاف الذي يدور حول ترتيب السور، وأنه توقيفى ينبغى أن يرتفع، مع قيام هذه الشواهد التي نراها في تلاحم السور من أول فاتحة الكتاب إلى سورة الناس..
التفسير:
قوله تعالى: {وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ}.
{الطور}: هو طور سينين، أو سيناء..
{وكتاب مسطور}: هو جنس ما يكتب من الكتب، ولهذا جاء منكّرا موصوفا بأنه مكتوب في رق منشور- وهو ما يكتب عليه من جلد رقيق..
وفى وصف الكتاب بأنه مسطور، إشارة إلى أنه مكتوب كتابة في أسطر على نحو ما يكتب الكاتبون..
وفى وصفه بأنه في رق منشور- إشارة أخرى إلى أنه خفيف الحمل، سهل التداول، وأنه منشور، أي مفتوح للقارئين، غير مطوى عنهم..
وفى هذا كله تنويه بالكتابة ورفع لقدرها، وأنها باب واسع من أبواب العلم، وطريق فسيح من طرق المعرفة..
وليس هذا بالأمر المستغرب من رسالة افتتحت بهذا الأمر من رب العالمين، إلى النبىّ الأمىّ في قوله تعالى: {اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقرأ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} (1- 5: العلق) ثم تلا هذا الأمر قسم بالكتابة وأدواتها من حروف وأقلام، فقال تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ} (1- 2: القلم).