فصل: قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال أبو البقاء: من الضمير في {كلوا}، أو من الضمير في {ووقاهم}، أو من الضمير في {آتاهم}، أو من الضمير في {فاكهين}، أو من الضمير في الظرف. انتهى.
والظاهر أنه حال من الظرف، وهو قوله: {في جنات}.
وقرأ أبو السمال: على سرر، بفتح الراء، وهي لغة لكلب في المضعف، فرارًا من توالي ضمتين مع التضعيف.
وقرأ عكرمة: {بحور عين} على الإضافة.
والظاهر أن قوله: {والذين آمنوا} مبتدأ، وخبره {ألحقنا}.
وأجاز أبو البقاء أن يكون {والذين} في موضع نصب على تقدير: وأكرمنا الذين آمنوا.
ومعنى الآية، قال الجمهور وابن عباس وابن جبير وغيرهما: أن المؤمنين الذين اتبعتهم ذريتهم في الإيمان يكونون في مراتب آبائهم، وإن لم يكونوا في التقوى والأعمال مثلهم كرامة لآبائهم.
فبإيمان متعلق بقوله: {وأتبعناهم} وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته وإن كان لم يبلغها بعمله ليقر بها عينه» ثم قرأ الآية.
وقال ابن عباس والضحاك: إن الله تعالى يلحق الأبناء الصغار، وإن لم يبلغوا الإيمان بأحكام الآباء المؤمنين. انتهى.
فيكون بإيمان متعلقًا بألحقنا، أي ألحقنا بسبب الإيمان الآباء بهم ذرياتهم، وهم الصغار الذين ماتوا ولم يبلغوا التكليف، فهم في الجنة مع آبائهم، وإذا كان أبناء الكفار، الذين لم يبلغوا حدّ التكليف في الجنة، كما ثبت في صحيح البخاري، فأحرى أولاد المؤمنين.
وقال الحسن: الآية في الكبار من الذرية.
وقال منذر بن سعيد هي في الصغار لا في الكبار.
وعن ابن عباس أيضًا: الذين آمنوا: المهاجرون والأنصار، والذرية: التابعون.
وعنه أيضًا: إن كان الآباء أرفع درجة، رفع الله الأبناء إليهم، فالآباء داخلون في اسم الذرية.
وقال النخعي: المعنى: أعطيناهم أجورهم من غير نقص، وجعلنا ذريتهم كذلك.
وقال الزمخشري: {والذين آمنوا}، معطوف على حور عين.
أي قرناهم بالحور العين؛ وبالذين آمنوا: أي بالرفقاء والجلساء منهم، كقوله تعالى: {إخوانًا على سرر متقابلين} فيتمتعون تارة بملاعبة الحور، وتارة بمؤانسة الإخوان المؤمنين، وأتبعناهم ذرياتهم.
ثم ذكر حديث ابن عباس، ثم قال: فيجمع الله لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم، وبمزاوجة الحور العين، وبمؤانسة الإخوان المؤمنين، وباجتماع أولادهم بهم ونسلهم.
ثم قال: بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم: أي بسبب إيمان عظيم رفيع المحل، وهو إيمان الآباء، ألحقنا بدرجاتهم ذريتهم، وإن كانوا لا يستأهلونها، تفضلًا عليهم وعلى آبائهم، لنتم سرورهم ونكمل نعيمهم.
فإن قلت: ما معنى تنكير الإيمان؟ قلت: معناه الدلالة على أنه إيمان خاص عظيم المنزلة.
ويجوز أن يراد إيمان الذرية الداني المحل، كأنه قال: بشيء من الإيمان لا يؤهلهم لدرجة الآباء ألحقناهم بهم. انتهى.
ولا يتخيل أحد أن {والذين} معطوف على {بحور عين} غير هذا الرجل، وهو تخيل أعجميّ مخالف لفهم العربي القح ابن عباس وغيره.
والأحسن من هذه الأقوال قول ابن عباس، ويعضده الحديث الذي رواه، لأن الآيات كلها في صفة إحسان الله تعالى إلى هل الجنة.
وذكر من جملة إحسانه أنه يرعى المحسن في المسيء.
ولفظة {ألحقنا} تقتضي أن للملحق بعض التقصير في الأعمال.
وقرأ أبو عمرو: وأتبعناهم؛ وباقي السبعة: واتبعتهم؛ وأبو عمرو: وذرياتهم جمعًا نصبًا؛ وابن عامر: جمعًا رفعًا؛ وباقي السبعة: مفردًا؛ وابن جبير: وأتبعناهم ذريتهم، بالمدّ والهمز.
وقرأ الجمهور: {ألتناهم}، بفتح اللام، من ألات؛ والحسن وابن كثير: بكسرها؛ وابن هرمز: آلتناهم، بالمد من آلت، على وزن أفعل؛ وابن مسعود وأبي: لتناهم من لات، وهي قراءة طلحة والأعمش؛ ورويت عن شبل وابن كثير، وعن طلحة والأعمش أيضًا: لتناهم بفتح اللام.
قال سهل: لا يجوز فتح اللام من غير ألف بحال، وأنكر أيضًا آلتناهم بالمد، وقال: لا يروى عن أحد، ولا يدل عليها تفسير ولا عربية، وليس كما ذكر، بل قد نقل أهل اللغة آلت بالمد، كما قرأ ابن هرمز.
وقرئ: {وما ولتناهم}، ذكره ابن هارون.
قال ابن خالويه: فيكون هنا الحرف من لات يليت، وولت يلت، وألت يألت، وألات يليت، ويؤلت، وكلها بمعنى نقص.
ويقال: ألت بمعنى غلظ.
وقام رجل إلى عمر رضي الله عنه فوعظه، فقال رجل: لا تألت أمير المؤمنين، أي لا تغلظ عليه.
والظاهر أن الضمير في ألتناهم عائد على المؤمنين.
والمعنى: أنه تعالى يلحق المقصر بالمحسن، ولا ينقص المحسن من أجر شيئًا، وهذا تأويل ابن عباس وابن جبير والجمهور.
وقال أبي زيد: الضمير عائد على الأبناء.
{من عملهم}: أي الحسن والقبيح، ويحسن هذا الاحتمال قوله: {كل امرىء بما كسب رهين}: أي مرتهن وفيه، {وأمددناهم}: أي يسرنا لهم شيئًا فشيئًا حتى يكر ولا ينقطع.
{يتنازعون فيها} أي يتعاطون، قال الأخطل:
نازعته طيب الراح الشمول وقد ** صاح الدجاج وحانت وقعة الساري

أو يتنازعون: يتجاذبون تجاذب ملاعبة، إذ أهل الدنيا لهم في ذلك لذة، وكذلك في الجنة.
وقرأ الجمهور: {لا لغو فيها ولا تأثيم}، برفعهما؛ وابن كثير، وأبو عمرو: بفتحهما، واللغو: السقط من الكلام، كما يجري بين شراب الخمر في الدنيا.
والتأثيم: الإثم الذي يلحق شارب الخمر في الدنيا.
{غلمان لهم}: أي مماليك.
{مكنون}: أي في الصدف، لم تنله الأيدي، قاله ابن جبير، وهو إذ ذاك رطب، فهو أحسن وأصفى.
ويجوز أن يراد بمكنون: مخزون، لأنه لا يخزن إلا الغالي الثمن.
والظاهر أن التساؤل هو في الجنة، إذ هذه كلها معاطيف بعضها على بعض، أي يتساءلون عن أحوالهم وما نال كل واحد منهم؛ ويدل عليه {فمن الله علينا}: أي بهذا النعيم الذي نحن فيه.
وقال ابن عباس: تساؤلهم إذا بعثوا في النفخة الثانية، حكاه الطبري عنه.
{مشفقين}: رقيقي القلوب، خاشعين لله.
وقرأ أبو حيوة: ووقانا بتشديد القاف، والسموم هنا النار؛ وقال الحسن: اسم من أسماء جهنم.
{من قبل}: أي من قبل لقاء الله والمصير إليه.
{ندعوه} نعبده ونسأله الوقاية من عذابه، {إنه هو البر}: المحسن، {الرجيم}: الكثير الرحمة، إذا عبد أثاب، وإذا سئل أجاب.
أو {ندعوه} من الدعاء.
وقرأ الحسن وأبو جعفر ونافع والكسائي: أنه بفتح الهمزة، أي لأنه، وباقي السبعة: إنه بكسر الهمزة، وهي قراءة الأعرج وجماعة، وفيها معنى التعليل. اهـ.

.قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

{وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)}.
هذه الأقسام التي أقسم الله بها تعالى في أول هذه السورة الكريمة أقسم ببعضها بخصوصه، وأقسم بجميعها في آية عامة لها ولغيرها.
أما الذي أقسم به منها إقسامًا خاصًا فهو الطور، والكتاب المسطور، والسقف المرفوع، والأظهر أن الطور الجبل الذي كلم الله لعيه موسى، وقد أقسم الله تعالى بالطور في قوله: {والتين والزيتون وَطُورِ سِينِينَ} [التين: 1- 2].
والأظهر أن الكتاب المسطور هو القرآن العظيم، وقد أكثر الله من الإقسام به في كتابه كقوله تعالى: {حموالكتاب المبين} [الزخرف: 1- 2] وقوله تعالى: {يس والقرآن الحكيم} [يس: 1- 2] وقيل هو كتاب الأعمال، وقيل غير ذلك، {والسقف المرفوع}: هو السماء، وقد أقسم الله بها في كتابه في آيات متعددة كقوله: {والسماء ذَاتِ الحبك} [الذاريات: 7] وقوله: {والسماء ذَاتِ البروج} [البروج: 1] وقوله تعالى: {والسماء وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: 5]، والرق بفتح الراء كل ما يكتب فيه من صحيفة وغيرها، وقيل هو الجلد المرقق ليكتب فيه. وقوله: {مَّنشُورٍ} أي مبسوط، ومنه قوله: {كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} [الإسراء: 13]. وقوله: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امرىء مِّنْهُمْ أَن يؤتى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً} [المدثر: 52] {والبيت المعمور}.
{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} هو البيت المعروف في السماء المسمى بالضراح بضم الضاد، وقيل فيه معمور، لكثرة ما يغشاه من الملائكة المتعبدين، فقد جاء الحديث أنه يزوره كل يوم سبعون ألف ملك، ولا يعودون إليه بعدها.
وقوله: {والبحر المسجور} فيه وجهان من التفسير للعماء. أحدهما أن المسجور هو الموقد نارًا. قالوا: ويصطرم البحر يوم القيامة نارًا، من هذا المعنى قوله تعالى: {ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ} [غافر: 72] الوجه الثاني: هو أن المسجور بمعنى المملوء، لأنه مملوء ماء، ومن إطلاق المسجور على المملوء قول لبيد بن ربيعة في معلقته:
فتوسطا عرض السرى وصدعا ** مسجورة متاورًا قلامها

فقوله: مسجورة أي عينًا مملوءة ماء، وقول النمر بن تولب العكلي:
إذا شاء طالع مسجورة ** ترى حولها النبع والساسما

وهذان الوجهان المذكوران في معنى المسجور هما أيضًا في قوله: {وَإِذَا البحار سُجِّرَتْ} [التكوير: 6] الآية العامة التي أقسم فيها تعالى بما يشمل جميع هذه الأقسام وغيرهان فهي قوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ} [الحاقة: 38- 39]، لأن الإقسام في هذه الآية عامة في كل شيء.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ}، قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول الذاريات، وفي غير ذلك من المواضع.
{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)}.
الدع في لغة العرب: الدفع بقوة وعنف، ومنه قوله تعالى: {فَذَلِكَ الذي يَدُعُّ اليتيم} [الماعون: 2] أي يدفعه عن حقه بقوة وعنف، وقد تضمنت هذه الآية الكريمة أمرين:
أحدهما أن الكفار يدفعون إلى النار بقوة وعنف يوم القيامة.
والثاني: أنهم يقال لهم يوم القيامة توبيخًا وتقريعًا: {هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ}.
وهذان الأمران المذكوران في هذه الآية الكريمة جاءا موضحين في آيات أخر، أما الأخير منهما، وهو كونهم يقال لهم {هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ}، وقد ذكره تعالى في آيات من كتابه كقوله في السجدة {كُلَّمَآ أرادوا أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ النار الذي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [السجدة: 20]: وقوله في سبأ {فاليوم لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلاَ ضَرًّا وَنَقول لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ} [سبأ: 42] وقوله تعالى في المرسلات: {انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كالقصر} [المرسلات: 29- 32] الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
وأما الأول منهما وهو كونهم يدفعون إلى النار بقوة فقد ذكره الله جل وعلا في آيات من كتابه كقوله تعالى: {خُذُوهُ فاعتلوه إلى سَوَاءِ الجحيم} [الدخان: 47] أي جروه بقوة وعنف غلى وسط النار. والعتل في لغة العرب: الجر بعنف وقوة، ومنه قول الفرزدق:
ليس الكرام بناحليك أباهم ** حتى ترد إلى عطية تعتل

وقوله: {يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بالنواصي والأقدام} [الرحمن: 41] أي تجمع الزبانية بين ناصية الواحد منهم، أي مقدم شعر رأسه وقدمه، ثم تدفعه في النار بقوة وشدة.
وقد بين جل وعلا أنهم أيضًا يسحبون في النار على وجوههم في آيات من كتابه كقوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النار على وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ} [القمر: 48]، وقوله تعالى: {لَّذِينَ كَذَّبُواْ بالكتاب وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الأغلال في أَعْنَاقِهِمْ والسلاسل يُسْحَبُونَ فِي الحميم ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ} [غافر: 70- 72] وقوله: في هذه الآية الكريمة: يوم يدعون، بدل من قوله: يومئذ، في قوله تعالى قبله {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} [الطور: 11].
{اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16)}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية لاكريمة أن الكفار معذبون في النار لا محالة، سواء صبروا أو لم يصبروا، فلا ينفعهم في ذلك صبر ولا جزع، وقد اوضح هذا المعنى في قوله: {قالواْ لَوْ هَدَانَا الله لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ} [إبراهيم: 21].
قوله تعالى: {كُلُّ امرىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ}.
ظاهر هذه الآية الكريمة العموم في جميع الناس، وقد بين تعالى في آيات أخر أن أصحاب اليمين خارجون من هذا العموم، وذلك في قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاَّ أَصْحَابَ اليمين فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ المجرمين} [المدثر: 38- 41].
ومن المعلوم أن التخصيص بيان، كما تقرر في الأصول.
{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)}.
لم يذكر هنا شيء من صفات هذه الفاكهة ولا هذا اللحم إلا أنه مما يشتهون. وقد بين صفات هذه الفاكهة في مواضع أخر كقوله: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 32- 33] وقوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثمرات} [محمد: 15] الآية. وقوله تعالى: {كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قالواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: 25] الآية. وقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ} [الصافات: 41- 42] إلى غير ذلك من الآيات.
ووصف اللحم المذكور بأنه من الطير، والفاكهة بأنها مما يتخيرونه على غيره، وذلك في قوله: {وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 20- 21].
{يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)}.
قرأه ابن كثير وأبو عمرو: {لاَّ لَغْوٌ} بالبناء على الفتح، {ولا تأثيم} كذلك لأنها، لا، التي لنفي الجنس فبنيت معها، وهي إن كانت كذلك نص في العموم، وقرأه الباقون من السبعة {لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأثِيمٌ} بالرفع والتنوين. لأن لا النافية للجنس إذا تكررت كما هنا جاز إعمالها وإهمالها، والقراءتان في الآية فيهما المثال للوجهين: وإعمالها كثير، ومن شواهد إهمالها قراءة الجمهور في هذه الآية، وقول الشاعر: