فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال قتادة: لما قالوا نتربص به ريب المنون قال الله تعالى: {أَمْ عِندَهُمُ الغيب} حتى علموا متى يموت محمد أو إلى ما يؤول إليه أمره.
وقال ابن عباس: أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون الناس بما فيه.
وقال القتبي: يكتبون يحكمون والكتاب الحكم؛ ومنه قوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة} [الأنعام: 54] أي حكم، وقوله عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لأحكمن بينكم بكتاب الله» أي بحكم الله.
قوله تعالى: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} أي مكرًا بك في دار النَّدْوة.
{فالذين كَفَرُواْ هُمُ المكيدون} أي الممكور بهم {وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] وذلك أنهم قتلوا ببدر.
{أَمْ لَهُمْ إله غَيْرُ الله} يخلق ويرزق ويمنع.
{سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ} نزّه نفسه أن يكون له شريك.
قال الخليل: كل ما في سورة (والطور) من ذِكر {أَمْ} فكلمة استفهام وليس بعطف. اهـ.

.قال الألوسي:

{أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْء} أي أم أحدثوا وقدروا هذا التقدير البديع من غير مقدر وخالق، وقال الطبري: المراد أم خلقوا من غير شيء حي فهم لا يؤمرون ولا ينهون كالجمادات، وقيل: المعنى أم خلقوا من غير علة ولا لغاية ثواب وعقاب فهم لذلك لا يسمعون، و{مِنْ} عليه للسببية، وعلى ما تقدم لابتداء الغاية والمعول عليه من الأقوال ما قدمنا، وسيأتي إن شاء الله تعالى زيادة إيضاح له، ويؤيده قوله سبحانه: {أَمْ هُمُ الخالقون} أي الذين خلقوا أنفسهم فلذلك لا يعبدون الله عز وجل ولا يلتفتون إلى رسوله صلى الله عليه وسلم إذ على القولين لا يظهر حسن المقابلة، وإرادة خلقوا أنفسهم يشعر به قوله تعالى: {أَمْ خَلَقُواْ السموات والأرض}.
إذ لو أريد العموم لعدم ذكر المفعول لم يظهر حسن المقابلة أيضًا، وقال ابن عطية: المراد أهم الذين خلقوا الأشياء فهم لذلك يتكبرون ثم خص من تلك الأشياء السموات والأرض لعظمهما وشرفهما في المخلوقات وفيه ما سمعته.
{بَل لاَّ يُوقِنُونَ} أي إذا سئلوا من خلقكم وخلق السموات والأرض؟ قالوا: الله وهم غير موقنين بما قالوا إذ لو كانوا موقنين لما أعرضوا عن عبادته تعالى فإن من عرف خالقه وأيقن به امتثل أمره وانقاد له.
{أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ} أي خزائن رزقه تعالى ورحمته حتى يرزقوا النبوة من شاءوا، ويمسكوها عمن شاءوا، وقال الرماني: خزائنه تعالى مقدوراته سبحانه، وقال ابن عطية: المعنى أم عندهم الاستغناء عن الله تعالى عن جميع الأمور لأن المال والصحة والعزة وغير ذلك من الأشياء من خزائن الله تعالى، وقال الزهري: يريد بالخزائن العلم واستحسنه أبو حيان، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يعلم حاله منه.
{أَمْ هُمُ} الأرباب الغالبون حتى يدبروا أمر الربوبية ويبنوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم فالمسيطر الغالب، وفي معناه قول ابن عباس: المسلط القاهر وهو من سيطر على كذا إذا راقبه وأقام عليه وليس مصغرًا كما يتوهم ولم يأت على هذه الزنة إلا خمسة ألفاظ أربعة من الصفات، وهي مهيمن ومسيطر ومبيقر ومبيطر، وواحد من الأسماء، وهو مجيمر اسم جبل، وقرأ الأكثر {المصيطرون} بالصاد لمكان حرف الاستعلاء وهو الطاء، وأشم خلف عن حمزة وخلاد عنه بخلاف الزاي.
{أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ} هو ما يتوصل به إلى الأمكنة العالية فيرجى به السلامة ثم جعل اسمًا لكل ما يتوصل به إلى شيء رفيع كالسبب أي أم لهم سلم منصوب إلى السماء.
{يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} أي صاعدين فيه على أن الجار والمجرور متعلق بكون خاص محذوف وقع حالًا والظرفية على حقيقتها، وقيل: هو متعلق بيستمعون على تضمينه معنى الصعود.
وقال أبو حيان: أي يستمعون عليه أو منه إذ حروف الجر قد يسدّ بعضها مسدّ بعض ومفعول {يَسْتَمِعُونَ} محذوف أي كلام الله تعالى، قيل: ولو نزل منزلة اللازم جاز {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بسلطان مُّبِينٍ} أي بحجة واضحة تصدق استماعه.
{أَمْ لَهُ البنات وَلَكُمُ البنون} تسفيه لهم وتركيك لعقولهم، وفيه إيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعدّ من العقلاء فضلًا عن الترقي إلى عالم الملكوت وسماع كلام ذي العزة والجبروت والالتفات إلى الخطاب لتشديد الإنكار والتوبيخ.
{أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْرًا} أي على تبليغ الرسالة وهو رجوع إلى خطابه صلى الله عليه وسلم وإعراض عنهم {فَهُمُ} لأجل ذلك {مّن مَّغْرَمٍ} مصدر ميمي من الغرم والغرامة وهو كما قال الراغب ما ينوب الإنسان في ماله من ضرر لغير جناية منه، فالكلام بتقدير مضاف أي من التزام مغرم، وفسره الزمخشري بالتزام الإنسان ما ليس عليه فلا حاجة إلى تقدير لكن الذي تقتضيه اللغة هو الأول {مُّثْقَلُونَ} أي محمولن الثقل فلذلك لا يتبعونك.
{أَمْ عِندَهُمُ الغيب} أي اللوح المحفوظ المثبت فيه الغيوب {فَهُمْ يَكْتُبُونَ} منه ويخبرون به الناس قاله ابن عباس وقال ابن عطية: أم عندهم علم الغيب فهم يثبتون ما يزعمون للناس شرعًا، وذلك عبادة الأوثان وتسبيب السوائب وغير ذلك من سيرهم، وقال قتادة: {أَمْ عِندَهُمُ الغيب} فهم يعلمون متى يموت محمد صلى الله عليه وسلم الذي يتربصون به، وفسر بعضهم {يَكْتُبُونَ} بيحكمون.
{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} بك وبشرعك وهو ما كان منهم في حقه صلى الله عليه وسلم بدار الندوة مما هو معلوم من السير، وهذا من الإخبار بالغيب فإن قصة دار الندوة وقعت في وقت الهجرة وكان نزول السورة قبلها كما تدل عليه الآثار {فالذين كَفَرُواْ} هم المذكورون المريدون كيده عليه الصلاة والسلام، ووضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بما في حيز الصلة من الكفر وتعليل الحكم به، وجوز أن يراد جميع الكفرة وهم داخلون فيه دخولًا أوليًا {هُمُ المكيدون} أي الذين يحيق بهم كيدهم ويعود عليهم وباله لا من أرادوا أن يكيدوه وكان وباله في حق أولئك قتلهم يوم بدر في السنة الخامسة عشر من النبوة قيل: ولذا وقعت كلمة {أَمْ} مكررة هنا خمس عشرة مرة للإشارة لما ذكر، ومثله على ما قال الشهاب: لا يستبعد من المعجزات القرآنية وإن كان الانتقال لمثله خفي ومناسبته أخفى، وجوز أن يكون المعنى هم المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته {أَمْ لَهُمْ إله غَيْرُ الله} يعينهم ويحرسهم من عذابه عز وجل.
{سبحان الله عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي عن إشراكهم على أن ما مصدرية، أو عن شركة الذي يشركونه على أنها موصولة وقبلها مضاف مقدر والعائد محذوف. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ}.
إضراب انتقالي إلى إبطال ضرب آخر من شبهتهم في إنكارهم البعث، وقد علمت في أول السورة أن من أغراضها إثبات البعث والجزاءِ على أن ما جاء بعده من وصف يوم الجزاء وحال أهله قد اقتضته مناسبات نشأت عنها تلك التفاصيل، فإذْ وُفّي حقُّ ما اقتضته تلك المناسبات ثُنِي عِنان الكلام إلى الاستدلال على إمكان البعث وإبطال شبهتهم التي تعللوا بها من نحو قولهم: {أإذا كنا عظامًا ورفاتًا إنا لمبعوثون خلقًا جديدًا} [الإسراء: 49].
فكان قوله تعالى: {أم خلقوا من غير شيء} الآيات أدلةً على أن ما خلقه الله من بَدْء الخلق أعظم من إعادة خلق الإِنسان.
وهذا متصل بقوله آنفًا {إن عذاب ربك لواقع} [الطور: 7] لأن شبهتهم المقصود ردها بقوله: {إن عذاب ربك لواقع} هي قولهم: {أإذا كنا عظامًا ورفاتًا إنا لمبعوثون} [الإسراء: 49]، ونحو ذلك.
فحرف (مِن) في قوله: {من غير شيء} يجوز أن يكون للابتداء، فيكون معنى الاستفهام المقدر بعد (أم) تقريريًا.
والمعنى: أيقرُّون أنهم خلقوا بعد أن كانوا عَدمًا فكلما خلقوا من عدم في نشأتهم الأولى يُنْشأون من عدم في النشأة الآخرة، وذلك إثبات لإِمكان البعث، فيكون في معنى قوله تعالى: {فلينظر الإنسان ممَّ خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر} [الطارق: 5 8] وقوله: {كما بدأنا أول خلق نعيده} [الأنبياء: 104] ونحو ذلك من الآيات.
ومعنى {شيء} على هذا الوجه: الموجودُ فغير شَيء: المعدومُ، والمعنى: اخُلقوا من عدم.
ويجوز أن تكون (مِن) للتعليل فيكون الاستفهام المقدر بعد (أم) إنكاريًا، ويكون اسم {شيء} صادقًا على ما يصلح لمعنى التعليل المستفاد من حرف (مِن) التعليلية، والمعنى: إنكار أن يكون خلقهم بغير حكمة، وهذا إثبات أن البعث واقع لأجل الجزاء على الأعمال، بأن الجزاء مقتضى الحكمة التي لا يخلو عنها فعل أحكم الحكماء، فيكون في معنى قوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون: 115] وقوله: {ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية} [الحجر: 85].
ولحرف (مِن) في هذا الكلام الوَقْع البديع إذ كانت على احتمال معنييها دليلًا على إمكان البعث وعلى وقوعه وعلى وجوب وقوعه وجوبًا تقتضيه الحكمة الإِلهية العليا.
ولعل العدول عن صوغ الكلام بالصيغة الغالبة في الاستفهام التقريري، أعني صيغة النفي بأن يقال: أما خلقوا من غير شيء؛ والعدولَ عن تعيين ما أضيف إليه {غَير} إلى الإِتيان بلفظٍ مبهم وهو لفظ شيء، روعي فيه الصلاحية لاحتمال المعنيين وذلك من منتهى البلاغة.
وإذ كان فرض أنهم خلقوا من غير شيء واضح البطلان لم يحتج إلى استدلال على إبطاله بقوله: {أَمْ هُمُ الخالقون أَمْ خَلَقُواْ السماوات والأرض}.
وهو إضراب انتقال أيضًا، والاستفهام المقدر بعد {أم} إنكاري، أي ما هم الخالقون وإذ كانوا لم يدّعوا ذلك فالانكار مرتب على تنزيلهم منزلة من يزعمون أنهم خالقون.
وصيغت الجملة في صيغة الحصر الذي طريقهُ تعريف الجُزأَيْن قصرًا إضافيًا للرد عليهم بتنزيلهم منزلة من يزعم أنهم الخالقون لا الله، لأنهم عدُّوا من المحال ما هو خارج عن قدرتهم، فجعلوه خارجًا عن قدرة الله، فالتقدير: أم هم الخالقون لا نحن.
والمعنى: نحن الخالقون لا هم.
وحذف مفعول {الخالقون} لقصد العموم، أي الخالقون للمخلوقات وعلى هذا جرى الطبري وقدره المفسرون عدا الطبري: أم هم الخالقون أنفسَهم كأنهم جعلوا ضمير {أم خلقوا من غير شيء} دليلًا على أن المحذوف اسم مَعاد ذلك الضمير ولا افْتراء في انتفاء أن يكونوا خالقين، فلذلك لم يُتصدّ إلى الاستدلال على هذا الانتفاء.
وجملة {أم خلقوا السموات والأرض} يظهر لي أنها بدل من جملة {أم هم الخالقون} بدلَ مفصَّل من مُجمل إن كان مفعول {الخالقون} المحذوفُ مرادًا به العمومُ وكان المراد بالسماء والأرضضِ ذاتيهما مع من فيهما، أو بَدل بعض من كل أن المراد ذاتي السماوات والأرض، فيكون تخصيص السماوات والأرض بالذكر لعظم خلقهما.
وإعادة حرف {أم} للتأكيد كما يُعاد عامل المبدَل منه فِي البدل، والمعنى: أم هم الخالقون للسماوات والأرض.
والاستفهام إنكاري والكلام كناية عن إثبات أن الله خالق السماوات والأرض.
والمعنى: أن الذي خلق السماوات والأرض لا يُعجزه إعادة الأجساد بعد الموت والفناء.
وهذا معنى قوله تعالى: {أو لم يروا أن اللَّه الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم} [الإسراء: 99] أي أن يخلق أمثال أجسادهم بعد انعدامهم.
{بَل لاَّ يُوقِنُون}.
إضراب إبطال على مضمون الجملتين اللتين قبله، أي لم يُخلقوا من غير شيء ولا خَلقوا السماوات والأرض، فإن ذلك بينّ لهم فما إنكارهم البعث إلا ناشىء عن عدم إيقانهم في مظانّ الإِيقان وهي الدلائل الدالة على إمكان البعث وأنه ليس أغرب من إيجاد المخلوقات العظيمة، فما كان إنكارهم إياه إلا عن مكابرة وتصميم على الكفر.
والمعنى: أن الأمر لا هَذا ولا ذلك ولكنهم لا يُوقنون بالبعث فهم ينكرونه بدون حجة ولا شبهة بل رانَتْ المكابرة على قلوبهم.
{أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّك}.
انتقال بالعود إلى ردّ جحودهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك غُيّر أسلوب الأخبار فيه إلى مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم وكان الأصل الذي ركّزوا عليه جحودهم توهمَ أن الله لو أرسل رسولًا من البشر لكان الأحقُّ بالرسالة رجلًا عظيمًا من عظماء قومهم كما حكى الله عنهم: {أأنزل عليه الذكر من بيننا} [ص: 8] وقال تعالى: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} [الزخرف: 31] يعنون قرية مكة وقرية الطائف.
والمعنى: إبطال أن يكون لهم تصرف في شؤون الربوبية فيجعلوا الأمور على مشيئتهم كالمالك في ملكه والمدبرِ فيما وُكل عليه، فالاستفهام إنكاري بتنزيلهم في إبطال النبوءة عمن لا يرضونه منزلة من عندهم خزائن الله يخلعون الخلع منها على من يشاؤون ويمنعون من يشاؤون.
والخزائن: جمع خزينة وهي البيت، أو الصندوق الذي تخزن فيه الأقوات، أو المال وما هو نفيس عند خازنه، وتقدم عند قوله تعالى: {قال اجعلني على خزائن الأرض} [يوسف: 55].
وهي هنا مستعارة لما في علم الله وإرادته من إعطاء الغير للمخلوقات، ومنه اصطفاء من هيّأهُ من الناس لتبليغ الرسالة عنه إلى البشر، وقد تقدم في سورة الأنعام (50) قوله: {قل لا أقول لكم عندي خزائن اللَّه} قال تعالى: {وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل اللَّه اللَّه أعلم حيث يجعل رسالاته} [الأنعام: 124].
وقال: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان اللَّه وتعالى عما يشركون} [القصص: 68].
وقد سُلك معهم هنا مسلك الإِيجاز في الاستدلال بإحالتهم على مجمل أجمله قوله: {أم عندهم خزائن ربك}، لأن المقام مقام غضب عليهم لجرأتهم على الرسول صلى الله عليه وسلم في نفي الرسالة عنه بوقاحة من قولهم: كاهن، ومجنون، وشاعر إلخ بخلاف آية الأنعام فإنها ردّت عليهم تعريضهم أنفسهم لنوال الرسالة عن الله.
فقوله تعالى هنا: {أم عندهم خزائن ربك} هو كقوله في سورة ص (8، 9) {أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب} وقوله في سورة الزخرف (32) {أهم يقسمون رحمتَ ربك} وكلمة عند تستعمل كثيرًا في معنى الملك والاختصاص كقوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب} [الأنعام: 59]، فالمعنى: أيملكون خزائن ربك، أي الخزائن التي يملكها ربك كما اقتضته إضافة {خزائن} إلى {ربك} على نحو {أعنده علم الغيب فهو يرى} [النجم: 35].
وقد عبر عن هذا باللفظ الحقيقي في قوله تعالى: {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذًا لأمسكتم خشية الإنفاق} [الإسراء: 100].
{أَمْ هُمُ المسيطرون}.