فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ} هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أي ذكِّر الناس، ثم نفى عنه ما نسبه إليه الكفار من الكهانة والجنون. ومعنى: {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}: بسبب إنعام الله عليك.
{أَمْ يَقولونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون} أم في هذا الموضع وفيما بعده للاستفهام بمعنى الإنكار، والتربص الانتظار، وريب المنون، حوادث الدهر، وقيل: الموت، وكانت قريش قد قالت: إنما هو شاعر ننتظر به ريب المنون فيهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء كزهير والنابغة {قُلْ تَرَبَّصُواْ} أمر على وجه التهديد.
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بهاذآ} الأحلام العقول: أي كيف تأمرهم عقولهم بهذا، والإشارة إلى قولهم هو شاعر، أو إلى ما هم عليه من الكفر والتكذيب، وإسناد الأمر إلى الأحلام مجاز كقوله: {أصلاوتك تَأْمُرُكَ} [هود: 87] {أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} أم هنا بمعنى بل، ويحتمل أن تكون بمعنى بل وهمزة الاستفهام بمعنى الإنكار كما هي في هذه المواضع كلها.
{أَمْ يَقولونَ تَقولهُ} أي اختلقه من تلقاء نفسه، وضمير الفاعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم المفعول للقرآن {فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ} ردّ عليهم وإقامة حجة عليهم، والأمر هنا للتعجيز.
{أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها أن معناه أم خلقوا من غير رب أنشأهم واستعبدهم، فهم من أجل ذلك لا يعبدون الله: الثاني أم خلقوا من غير أب ولا أم كالجمادات فهم لا يؤمرون ولا ينهون كحال الجمادات: الثالث أم خلقوا من غير أن يحاسبوا ولا يجازوا بأعمالهم فهو على هذا كقوله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115] {أَمْ هُمُ الخالقون} معناه أهم الخالقون لأنفسهم بحيث لا يعبدون الخالق؟ أم هم الخالقون للمخلوقات بحيث يتكبرون؟
{أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ} المعنى أعندهم خزائن اله بحيث يستغنون عن عبادته؟ وقيل: أعندهم خزائن الله بحيث يعطون من شاؤوا ويمنعون من شاؤوا؟ ويخصون بالنبوّة من شاؤوا {أَمْ هُمُ المصيطرون} أي الأرباب الغالبون، وقيل: المسيطر المسلط القاهر {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} يعني أم لهم سلم يصعدون به إلى السماء، فيسمعون ما تقول الملائكة، بحث يعلمون صحة دعواهم. ثم عجّزهم بقوله: {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} أي بحجة واضحة على دعواهم.
{أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} معناه أتسألهم على الإسلام أجرة، فيثقل عليهم غرمها يشق عليهم اتباعك.
{أَمْ عِندَهُمُ الغيب فَهُمْ يَكْتُبُونَ} المعنى أعندهم علم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه حتى يقولوا: لا نبعث وإن بعثنا لا نعذب؟ وقيل: المعنى فهم يكتبون للناس سننًا وشرائع من عبادة الأصنام وتسييب السوائب وشبه ذلك.
{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} إشارة إلى كيدهم في دار الندوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث تشاوروا في قتله أو إخراجه {فالذين كَفَرُواْ هُمُ المكيدون} أي المغلوبون في الكيد، والذين كفروا يعني من تقدم الكلام فيهم وهم كفار قريش، فوضع الظاهر موضع المضمر، ويحتمل أن يريد جميع الكفار.
{أَمْ لَهُمْ إله غَيْرُ الله} المعنى هل لهم إله غير الله يعصمهم من عذاب الله ويمنعهم منه؟ وحصر الله في هذه الآية جميع المعاني التي توجب التكبر والبعد من الدخول في الإسلام ونفاها عنهم؛ ليبين أن تكبرهم من غير موجب وكفرهم من غير حجة.
{وَإِن يَرَوْاْ كِسْفًا مِّنَ السماء سَاقِطًا يَقولواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ} كانوا قد طلبوا أن ينزل عليهم كسفًا من السماء، فالمعنى أنهم لو رأوا الكسف ساقطًا عليهم لبلغ بهم الطغيان والجهل والعناد أن يقولوا: ليس بكسف وإنماهو سحاب مركوم: أي كثيف بعضه فوق بعض.
{فَذَرْهُمْ} منسوخ بالسيف {يَوْمَهُمُ الذي فِيهِ يُصْعَقُونَ} يعني يوم القيامة والصعقة فيه هي النفخة الأولى، وقيل: غير ذلك والصحيح ما ذكرنا لقوله في المعارج [44] عن يوم القيامة.
{ذَلِكَ ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}، {عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} يعني قتلهم يوم بدر، وقيل الجوع بالقحط، وقيل: عذاب القبر.
{واصبر لِحُكْمِ رَبِّكَ} أي اصبر على تكذيبهم لك وإمهالنا فإنا نراك {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه قول سبحان الله، ومعنى {حِينَ تَقُومُ} من كل مجلس، وقيل: أراد حين تقوم وتقعد، وفي كل حال وجعل القيام مثالًا: الثاني أنه الصلوات النوافل؛ والثالث أنه الصلوات الفرائض، فحين تقوم الظهر والعصر: أي حين تقوم من نوم القائلة، ومن الليل المغرب والعشاء، وإدبار النجوم: الصبح ومن قال: هي النوافل، جعل إدبار النجوم ركعتين الفجر. اهـ.

.قال البيضاوي:

سورة الطور مكية وآيها تسع أو ثمان وأربعون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{والطور}.
يريد طور سنين، وهو جبل بمدين سمع فيه موسى عليه السلام كلام الله تعالى، {والطور} الجبل بالسريانية أو ما طار من أوج الإِيجاد إلى حضيض المواد، أو من عالم الغيب إلى عالم الشهادة.
{وكتاب مُّسْطُورٍ} مكتوب، والسطر ترتيب الحروف المكتوبة. والمراد به القرآن أو ما كتبه الله في اللوح المحفوظ، أو ألواح موسى عليه السلام، أو في قلوب أوليائه من المعارف والحكم أو ما تكتبه الحفظة.
{فِى رَقّ مَّنْشُورٍ} الرق الجلد الذي يكتب فيه استعير لما كتب فيه الكتاب، وتنكيرهما للتعظيم والإِشعار بأنهما ليسا من المتعارف فيما بين الناس.
{والبيت المعمور} يعني الكعبة وعمارتها بالحجاج والمجاورين، أو الضراح وهو في السماء الرابعة وعمرانه كثرة غاشيته من الملائكة، أو قلب المؤمن وعمارته بالمعرفة والإِخلاض.
{والسقف المرفوع} يعني السماء.
{والبحر المسجور} أي المملوء وهو المحيط، أو الموقد من قوله: {وَإِذَا البحار سُجّرَتْ} روي أنه تعالى يجعل يوم القيامة البحار نارًا يسجر بها نار جهنم، أو المختلط من السجير وهو الخليط.
{إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ} لنازل.
{مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ} يدفعه، ووجه دلالة هذه الأمور المقسم بها على ذلك أنها أمور تدل على كمال قدرة الله تعالى وحكمته وصدق أخباره وضبطه أعمال العباد للمجازاة.
{يَوْمَ تَمُورُ السماء مَوْرًا} تضطرب، والمور تردد في المجيء والذهاب، وقيل تحرك في تموج و{يَوْمٍ} ظرف.
{وَتَسِيرُ الجبال سَيْرًا} أي تسير عن وجه الأرض فتصير هباء.
{فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ} أي إذا وقع ذلك فويل لهم.
{الذين هُمْ في خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} أي في الخوض في الباطل.
{يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} يدفعون إليها دفعًا بعنف، وذلك بأن تغل أيديهم إلى أعناقهم وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم فيدفعون إلى النار. وقرئ {يَدَّعُونَ} من الدعاء فيكون دعا حالًا بمعنى مدعوين، و{يَوْمٍ} بدل من {يَوْمَ تَمُورُ} أو ظرف لقول مقدر محكية.
{هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ} أي يقال لهم ذلك.
{أَفَسِحْرٌ هذا} أي كنتم تقولون للوحي هذا سحر أفهذا المصداق أيضًا سحر، وتقديم الخبر لأنه المقصود بالإِنكار والتوبيخ.
{أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ} هذا أيضًا كما كنتم لا تبصرون في الدنيا، ما يدل عليه وهو تقريع وتهكم أو: أم سدت أبصاركم كما سدت في الدنيا على زعمكم حين قلتم {إِنَّمَا سُكّرَتْ أبصارنا} {اصلوها فاصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ} أي ادخلوها على أي وجه شئتم من الصبر وعدمه فإنه لا محيص لكم عنها.
{سَوَاء عَلَيْكُمْ} أي الأمران الصبر وعدمه.
{إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} تعليل للاستواء فإنه لما كان الجزاء واجب الوقوع كان الصبر وعدمه سيين في عدم النفع.
{إِنَّ المتقين في جنات وَنَعِيمٍ} في أية جنات وأي نعيم، أو في {جنات وَنَعِيمٍ} مخصوصة بهم.
{فاكهين} ناعمين متلذذين.
{بِمَا ءاتاهم رَبُّهُمْ} وقرئ {فكهين} و{فاكهون} على أنه الخبر والظرف لغو.
{ووقاهم رَبُّهُمْ عَذَابَ الجحيم} عطف على {ءاتاهم} إن جعل {مَا} مصدرية، أو {فِي جنات} أو حال بإضمار قد من المستكن في الظرف أو الحال، أو من فاعل آتي أو مفعوله أو منهما.
{كُلُواْ واشربوا هَنِيئًَا} أي أكلا وشرابا {هَنِيئًَا}، أو طعامًا وشرابًا {هَنِيئًَا} وهو الذي لا تنغيص فيه.
{بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} بسببه أو بدله، وقيل الباء زائدة و{ما} فاعل {هَنِيئًَا}، والمعنى هنأكم ما كنتم تعملون أي جزاؤه.
{مُتَّكِئِينَ على سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ} مصطفة {وزوجناهم بِحُورٍ عِينٍ} الباء لما في التزويج من معنى الوصل والإِلصاق، أو للسببية إذ المعنى صيرناهم أزواجًا بسببهن، أو لما في التزويج من معنى الإلصاق والقرن ولذلك عطف.
{والذين ءامَنُواْ} على حور أي قرناهم بأزواج حور ورفقاء مؤمنين. وقيل إنه مبتدأ {أَلْحَقْنَا بِهِمْ} وقوله: {واتبعتهم ذُرّيَّتُهُم بإيمان} اعتراض للتعليل، وقرأ ابن عامر ويعقوب {ذرياتهم} بالجمع وضم التاء للمبالغة في كثرتهم والتصريح، فإن الذرية تقع على الواحد والكثير، وقرأ أبو عمرو و{أتبعناهم ذرياتهم} أي جعلناهم تابعين لهم في الإِيمان. وقيل {بإيمان} حال من الضمير أو الذرية أو منهما وتنكيره للتعظيم، أو الإِشعار بأنه يكفي للإِلحاق المتابعة في أصل الإِيمان.
{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ} في دخول الجنة أو الدرجة. لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال «إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه لتقربهم عينه ثم تلا هذه الآية» وقرأ نافع وابن عامر والبصريان {ذرياتهم}.
{وَمَا ألتناهم} وما نقصناهم.
{مّنْ عَمَلِهِم مّن شَىْء} بهذا الإِلحاق فإنه كان يحتمل أن يكون بنقص مرتبة الآباء أو بإعطاء الأبناء بعض مثوباتهم، ويحتمل أن يكون بالتفصيل عليهم وهو اللائق بكمال لطفه. وقرأ ابن كثير بكسر اللام من ألت يألت، وعنه {لتناهم} من لات يليت و{آلتناهم} من آلت يولت، و{والتناهم} من ولت يلت ومعنى الكل واحد.
{كُلُّ امرىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ} بعمله مرهون عند الله تعالى فإن عمل صالحًا فكه وإلا أهلكه.
{وأمددناهم بفاكهة وَلَحْمٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ} أي وزدناهم وقتًا بعد وقت ما يشتهون من أنواع التنعم.
{يتنازعون فِيهَا} يتعاطون هم وجلساؤهم بتجاذب.
{كَأْسًا} خمرًا سماها باسم محلها ولذلك أنث الضمير في قوله: {لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ} أي لا يتكلمون بلغو الحديث في أثناء شربها، ولا يفعلوا ما يؤثم به فاعله كما هو عادة الشاربين في الدنيا، وذلك مثل قوله تعالى: {لاَ فِيهَا غَوْلٌ} وقرأهما ابن كثير والبصريان بالفتح.
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} أي بالكأس.
{غِلْمَانٌ لَّهُمْ} أي مماليك مخصوصون بهم. وقيل هم أولادهم الذين سبقوهم.
{كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ} مصون في الصدف من بياضهم وصفائهم. وعنه صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ} يسأل بعضهم بعضًا عن أحواله وأعماله.
{قالواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلَ في أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} خائفين من عصيان الله معتنين بطاعته، أو وجلين من العاقبة.
{فَمَنَّ الله عَلَيْنَا} بالرحمة والتوفيق.
{ووقانا عَذَابَ السموم} عذاب النار النافذة في المسام نفوذ السموم، وقرئ {ووقانا} بالتشديد.
{إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ} من قبل ذلك في الدنيا.
{نَدْعُوهُ} نعبده أو نسأله الوقاية.
{إِنَّهُ هُوَ البر} المحسن، وقرأ نافع والكسائي {أَنَّهُ} بالفتح.
{الرحيم} الكثير الرحمة.
{فَذَكّرْ} فاثبت على التذكير ولا تكترث بقولهم.
{فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبَّكَ} بحمد الله وإنعامه.
{بكاهن وَلاَ مَجْنُونٍ}، كما يقولون.
{أَمْ يَقولونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون} ما يقلق النفوس من حوادث الدهر، وقيل {المنون} الموت فعول من منه إذا قطعه.
{قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنّى مَعَكُمْ مّنَ المتربصين} أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكي.
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أحلامهم} عقولهم.
{بهذا} بهذا التناقض في القول فإن الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر، والمجنون مغطى عقله والشاعر يكون ذا كلام موزون متسق مخيل، ولا يتأتى ذلك من المجنون وأمر الأحلام به مجاز عن أدائها إليه.
{أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} مجاوزون الحد في العناد وقرئ {بل هم}.
{أَمْ يَقولونَ تَقولهُ} اختلقه من تلقاء نفسه.
{بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ} فيرمونه بهذه المطاعن لكفرهم وعنادهم.
{فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مّثْلِهِ} مثل القرآن.
{إِن كَانُواْ صادقين} في زعمهم إذ فيهم كثير ممن عدوا فصحاء فهو رد للأقوال المذكورة بالتحدي، ويجوز أن يكون رد للتقول فإن سائر الأقسام ظاهر الفساد.
{أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْء} أم أحدثوا وقدروا من غير محدث ومقدر فلذلك لا يعبدونه، أو من أجل لا شيء من عبادة ومجازاة.
{أَمْ هُمُ الخالقون} يؤيد الأول فإن معناه أم خلقوا أنفسهم ولذاك عقبه بقوله: {أَمْ خَلَقُواْ السموات والأرض} و{أَمْ} في هذه الآيات منقطعة ومعنى الهمزة فيها الإِنكار.
{بَل لاَّ يُوقِنُونَ} إذا سئلوا من خلقكم ومن خلق السموات والأرض قالوا الله إذ لو أيقنوا ذلك لما أعرضوا عن عبادته.
{أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ} خزائن رزقه حتى يرزقوا النبوة من شاؤوا، أو خزائن علمه حتى يختاروا لها من اختارته حكمته.
{أَمْ هُمُ المُصَيْطَرُون} الغالبون على الأشياء يدبرونها كيف شاؤوا. وقرأ قنبل وحفص بخلاف عنه وهشام بالسين وحمزة بخلاف عن خلاد بين الصاد والزاي، والباقون بالصاد خاصة.
{أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ} مرتقى إلى السماء.
{يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} صاعدين فيه إلى كلام الملائكة وما يوحي إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن.
{فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بسلطان مُّبِينٍ} بحجة واضحة تصدق استماعه.
{أَمْ لَهُ البنات وَلَكُمُ البنون} فيه تسفيه لهم وإشعار بأن من هذا رأيه لا يعد من العقلاء فضلًا أن يترقى بروحه إلى عالم الملكوت فيتطلع على الغيوب.