فصل: قال نظام الدين النيسابوري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْرًا} على تبليغ الرسالة.
{فَهُم مّن مَّغْرَمٍ} من التزام غرم.
{مُّثْقَلُونَ} محملون الثقل فلذلك زهدوا في اتباعك.
{أَمْ عِندَهُمُ الغيب} اللوح المحفوظ المثبت فيه المغيبات.
{فَهُمْ يَكْتُبُونَ} منه.
{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} وهو كيدهم في دار الندوة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
{فالذين كَفَرُواْ} يحتمل العموم والخصوص فيكون وضعه موضع الضمير للتسجيل على كفرهم، والدلالة على أنه الموجب للحكم المذكور.
{هُمُ المكيدون} هم الذين يحيق بهم الكيد أو يعود عليهم وبال كيدهم، وهو قتلهم يوم بدر أو المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته.
{أَمْ لَهُمْ إله غَيْرُ الله} يعينهم ويحرسهم من عذابه.
{سبحان الله عَمَّا يُشْرِكُونَ} عن إشراكهم أو شركة ما يشركونه به.
{وَإِن يَرَوْاْ كِسْفًا} قطعة.
{مّنَ السماء ساقطا يَقولواْ} من فرط طغيانهم وعنادهم.
{سحاب مَّرْكُومٌ} هذا سحاب تراكم بعضه على بعض، وهو جواب قولهم {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مّنَ السماء}.
{فَذَرْهُمْ حتى يلاقوا يَوْمَهُمُ الذي فِيهِ يُصْعَقُونَ} وهو عند النفخة الأولى، وقرئ.
{يلقوا} وقرأ ابن عامر وعاصم {يُصْعَقُونَ} على المبني للمفعول من صعقه أو أصعقه.
{يَوْمَ لاَ يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} أي شيئًا من الإِغناء في رد العذاب.
{وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} يمنعون من عذاب الله.
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} يحتمل العموم والخصوص.
{عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} أي دون عذاب الآخرة وهو عذاب القبر أو المؤاخذة في الدنيا كقتلهم ببدر والقحط سبع سنين.
{ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ذَلِكَ.
{واصبر لِحُكْمِ رَبّكَ} بإمهالهم وإبقائك في عنائهم.
{فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} في حفظنا بحيث نراك ونكلؤك وجمع العين لجمع الضمير والمبالغة بكثرة أسباب الحفظ.
{وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ حِينَ تَقُومُ} من أي مكان قمت أو من منامك أو إلى الصلاة.
{وَمِنَ اليل فَسَبّحْهُ} فإن العبادة فيه أشق على النفس وأبعد من الرياء، ولذلك أفرده بالذكر وقدمه على الفعل {وإدبار النجوم} وإذا أدبرت النجوم من آخر الليل، وقرئ بالفتح أي في أعقابها إذا غربت أو خفيت.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة والطور كان حقًا على الله أن يؤمنه من عذابه وأن ينعمه في جنته». اهـ.

.قال نظام الدين النيسابوري:

{وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)}.
التفسير: لما ختم السورة المتقدمة بوقوع اليوم الموعود أقسم على ذلك بالطور وهو الجبل الذي مر ذكره مرارًا في قصة موسى. والكتاب المسطور التوراة ظاهرًا لأنه هو المناسب للطور. وقيل: اللوح المحفوظ. وقيل: صحيفة الأعمال. والرق الصحيفة أو الجلد الذي يكتب عليه. والمنشور خلاف المطوي كقوله.
{ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا} [الإسراء: 13] وقيل: هو القرآن ونكر لأنه كتاب مخصوص من بين جنس الكتب {والبيت المعمور} الكعبة أو الضراح في السماء السابعة سمي معمورًا لكثرة زواره من الحجاج أو الملائكة {والسقف المرفوع} السماء {والبحر المسجور} المملوء أو الموقد من قوله: {وإذا البحار سجرت} [الأنفطار: 3] وقد سبق في «المؤمن» في قوله: {ثم في النار يسجرون} [الآية: 72] عن جبير بن مطعم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلمه في الأساري فألفيته في صلاة الفجر يقرأ سورة {والطور} فلما بلغ {إن عذاب ربك لواقع} أسلمت خوفًا من أن ينزل العذاب {يوم تمور} تضطرب وتجيء وتذهب وقد يقال: المور تحرك في تموج كحركة الزئبق ونحوه. قلت: لأهل التأويل أن يقولوا: الطور القوة العقلية، وكتاب مسطور هي الجلايا القدسية والمعارف الإلهية الثابتة فيها كالحرف في الرق، والبيت المعمور بيت القلب، والسقف المرفوع الرأس، والبحر المسجور الدماغ المملوء من الخيالات والأوهام.
{إن عذاب ربك} بالحرمان عن الإكرام لازدحام ظلم الآثام لواقع يوم القيامة الصغرى إذ تمور سماء الأرواح حين قطع العلائق وحيلولة العوائق مورًا، وتسير جبال النفوس الحيوانية الأمارة التي أثقلت ظهر صاحبها لانتهاء سيرانها وانقضاء سلطانها سيرًا. والدع الدفع العنيف. قال المفسرون: إن خزنة النار يغلون أيديهم إلى أعناقهم ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ويدفعونهم إلى النار دفعًا على وجوههم وزجًا في أقفيتهم. والاستفهام في قوله: {أفسحر} للتقريع والتهكم، والفاء مؤكد له أي كنتم تقولون للوحي إنه سحر فهذا أيضًا سحر {أم أنتم لا تبصرون} هذا المخبر عنه في الآخرة كما كنتم لا تصدقون الخبر عنه في الدنيا. وقوله: {فاصبروا أو لا تصبروا} كقوله: {سواء علينا} لا تصدقون الخبر عنه في الدنيا وقوله: {فاصبروا أو لا تصبروا} كقوله: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا} [إبراهيم: 21] ثم علل الاستواء بقوله: {إنما تجزون} يعني أن الجزاء لابد من حصوله فلا مزية للصبر على عدمه. قوله: {ووقاهم} معطوف على متعلق قوله: {في جنات} أي استقروا في جنات ونعيم ووقاهم العذاب. وجوز أن يعطف على {آتاهم} على أن {ما} مصدرية أي فاكهين بالإيتاء والوقاية {كلوا} على إرادة القول أي يقال لهم كلوا {واشربوا} أكلًا وشربًا {هنيئًا} أو طعامًا وشرابًا هنيئًا لا تنغيص فيه. وقد مر في أول (النساء). وجوز جار الله أن يكون صفة في معنى المصدر القائم مقام الفعل أي هنأكم الأكل والشرب بسبب ما عملتم، أو الباء مزيدة أي هنأكم جماء ما عملتم. قوله: {والذين آمنوا} ظاهره أنه مبتدأ خبره {ألحقنا} قال جار الله: هو معطوف على {حور عين} أي قرناهم بحور عين والذين آمنوا من رفقائهم وجلسائهم وأتبعناهم ذرياتهم كي يجتمع لهم أنواع السرور بملاعبة الحور وبمؤانسة الإخوان المؤمنين وباجتماع أولادهم ونسلهم بهم.
وقوله: {بإيمان} أي بسبب إيمان عظيم رفيع المحل وهو إيمان الآباء.
{ألحقنا} بدرجاتهم {ذريتهم} ويجوز أن يراد إيمان الذرية الداني المحل كما جاء في الحديث «إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه لتقر بهم عينه ثم تلا هذه الآية» {وما ألتناهم} أي وما نقصنا من ثوابهم شيئًا بعطية الأبناء ولا بسبب غيرها ولكن وفرنا عليهم جميع ما ذكرنا تفضلًا وإحسانًا. ثم بين أن الجزاء بمقدار العمل فقال: {كل امرىء بما كسب رهين} أي مرهون. قال جار الله: كأن نفس العبد رهن عند الله بالعمل الصالح الذي هو مطالب به كما يرهن الرجل عبده بدين عليه. فإن عمل صالحًا فكها وخلصها وإلا أوبقها. وقيل: هذا يعود إلى الكفار. والرهين المرهون المأخوذ المحبس على أمر يؤدي عنه. وقيل: بمعنى راهن وهو المقيم أي كل إنسان مقيم في جزاء ما يقدم.
{وأمددناهم} وزدناهم وقتًا بعد وقت {يتنازعون} يتعاطون هم وقرناؤهم {لا لغو فيها} أي لا حديث باطل في أثناء شربها. ونفى اللغو لانتفاء الغول الذي هو من تعاكسيه {ولا تأثيم} أي لا يفعلون ما ينسب صاحبه إلى الإثم لو فعله في دار التكليف، وإنما يتكلمون بالكلام الحسن المفيد وذلك أنهم حكماء علماء. والغلمان الخدام المختصمون بهم، واللؤلؤ المكنون المستور في الصدف أو في الدرج وذلك أنه أصفى وأرطب وأثمن. وقيل لقتادة: هذا هو الخادم فكيف المخدوم؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفس بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» وعنه صلى الله عليه وسلم «إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه فيجيب ألف ببابه لبيك لبيك» {يتساءلون} يتحادثون {مشفقين} أرقاء القلوب من خشية الله وعذاب السموم عذاب النار لأنها تدخل المسام ومنه الريح السموم {من قبل} أي في الدنيا {فذكر} فأثبت على ما أنت عليه من التذكير والدعوة العامة {فما أنت بنعمة ربك} أي بسبب حمد الله وإنعامه عليك {بكاهن} كما يزعمون {ولا مجنون} فلعله كان لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوال، فبعضهم ينسبونه إلى الكهانة نظرًا إلى إخباره عن المغيبات، وبعضهم يرمونه بالجنون حيث لا يسمعون منه ما يوافق هواهم ويطابق مغزاهم، وبعضهم يرون أن تأثير كلامه فيهم من باب التخييل لا الإعجاز كما قال: {أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون} وهو ما يقلق النفوس ويزعجها من حوادث الدهر، وقيل: المنون الموت (فعول) من منه إذا قطعه لأن الموت قطوع ولذلك سمي شعوب. وقد قالوا: ننتظر به نوائب الزمان فيهلك كما هلك الشعراء قبله. والأحلام العقول وكانت قريش يدعون أنهم أهل النهي والأحلام.
وكون الأحلام أمرتهم مجاز لأدائها إلى تلك الأقوال الفاسدة، وفيه تقريع وتوبيخ إذ لو كان لهم عقل لميزوا بين الحق والباطل والمعجز وغيره {تقوله} اختلقه من تلقاء نفسه {بل لا يؤمنون} جحودًا وعنادًا وقد صح عندهم إعجاز القرآن وإلا {فليأتوا بحديث مثله}.
ثم وبخهم على إنكار الصانع بقوله: {أم خلقوا من غير شيء} من غير خالق {أم هم الخالقون} أنفسهم. وقيل: أخلقوا من أجل لا شيء من جزاء وحساب. والأول أقوى لقوله: {أم خلقوا السموات والأرض} ثم احتج عليهم بالأنفس ثم بالآفاق ثم قال: {بل لا يوقنون} وذلك أنه حكى عنهم {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله} [لقمان: 25] فتبين أنهم في هذا الاعتراف شاكون إذ لو عرفوه حق معرفته لم يثبتوا له ندًا ولم يحسدوا من اختاره للرسالة كما وبخهم عليه بقوله: {أم عندهم خزائن ربك} حتى يختاروا للنبوة من أرادوه {أم هم المسيطرون} المسلطون الغالبون حتى يدبروا أمر العالم على حسب مشيئتهم {أم لهم سلم يستمعون} الوحي صاعدين {فيه} إلى السماء عالمين بالمحق والمبطل ومن له العاقبة. والمغرم أن يلتزم الإنسان ما ليس عليه {أم عندهم الغيب} المحفوظ في اللوح {فهم يكتبون} ما فيه من أحوال المبدأ والنبوة والمعاد فيحكمون بحسبها {أم يريدون كيدًا} وهو كيدهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة وفي غيرها {فالذين كفروا} اللام لهؤلاء أو للجنس فيشملهم {هم المكيدون} المغلوبون الذين يعود وبال الكيد عليهم فقتلوا ببدر وأظهر الله دين الإسلام. ثم صرح بالمقصود الكلي فوبخهم على إشراكهم ونزه نفسه عن ذلك بقوله: {سبحان الله} ثم أجاب عن بعض مقترحهم وهو قولهم {أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفًا} والمراد أنهم لفرط عنادهم لا يفيد معهم شيء من الدلائل فلو أسقطنا عليهم قطعة من السماء لقالوا هذا سحاب مركوم بعضه فوق بعض. ومعنى يصعقون يموتون وذلك عند النفخة الأولى. قوله: {عذابًا دون ذلك} أي قبل يوم القيامة وهو القتل ببدر القحط سبع سنين وعذاب القبر {فأصبر لحكم ربك} بإمهالهم وتبليغ الرسالة {فإنك} محفوظ {بأعيننا} وهو مجاز عن الكلاءة التامة والجمع للتعظيم والمبالغة و{حين تقوم} أي من أي مكان قمت أو من منامك.
وإدبار النجوم بالكسر غروبها آخر الليل وهو بالحقيقة تلاشي نورها في ضوء الصبح، وبالفتح أعقابها. والمعنى مثل ما قلنا. وقيل: التسبيح التنجد. ومن الليل صلاة العشاءين، وإدبار النجوم صلاة الفجر. أمره بالإقبال على طاعته بعد الفراغ عن دعوة الأمة فليس له شأن إلا هذين. اهـ.

.قال الخطيب الشربيني:

سورة الطور مكية وهي تسع وأربعون آية وثلاثمائةواثنتا عشرة كلمة وألف وخمسمائة حرف.
{بسم الله} الملك الأعظم ذي الملك والملكوت {الرحمن} الذي عمّ خلقه بالرحموت {الرحيم} الحيّ الذي لا يموت.
وقوله تعالى: {والطور} وما بعده أقسام جوابها {إنّ عذاب ربك لواقع} والواوات التي بعد الأولى عواطف لا حروف قسم كما قاله الخليل.
والطور: هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام وهو بمدين أقسم الله تعالى به وقيل: هو الجبل الذي قال الله تعالى: {وطور سنين} وقيل هو اسم جنس.
تنبيه:
مناسبة هذه السورة لما قبلها من حيث الافتتاح بالقسم وبيان الحشر فيهما.
والمراد بالكتاب في قوله تعالى: {وكتاب مسطور} أي: متفق الكتابة بسطور مصفوفة في حروف مرتبة جامعة لكلمات متفقة هو كتاب موسى عليه السلام وهو التوراة وقيل: القرآن وقيل: اللوح المحفوظ وقيل: صحائف أعمال الخلق قال تعالى: {ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا} (الإسراء).
وقوله تعالى: {في رق} متعلق بمسطور أي مكتوب في رق والرق: الجلد الرقيق يكتب فيه وقال الراغب: الرق ما يكتب فيه شبه كاغد. اهـ. فهو أعمّ من كونه جلدًا وغيره {منشور} أي مبسوط مهيأ للقراءة.
وقوله تعالى: {والبيت المعمور} مختلف في مكانه فقيل في السماء العليا تحت العرش وقيل: في السماء الثالثة وقيل في السادسة وعلى كل قول هو بحيال الكعبة يقال له: الضراح حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يطوفون به ويصلون فيه ثم لا يعودون إليه أبدا ووصفه بالعمارة لكثرة الطائفين به من الملائكة وقيل: هو بيت الله الحرام لكونه معمورًا بالحجاج والعمار والمجاورين وقيل: اللام في البيت المعمور لتعريف الجنس كأنه تعالى أقسم بالبيوت المعمورة والعمائر المشهورة.
وقوله تعالى: {والسقف المرفوع} مختلف فيه أيضًا فالأكثر على أنه السماء كما قال تعالى: {وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا} (الأنبياء).
وقيل: المراد به سقف الكعبة وقيل: سقف الجنة وهو العرش ونقل عن ابن عباس.
وقوله تعالى: {والبحر المسجور} من الأضداد يقال بحر مسجور أي مملوء وبحر مسجور أي فارغ وروى ذو الرمّة الشاعر عن ابن عباس أنه قال: خرجت أمة لتستقي فقالت إنّ الحوض مسجور أي فارغ ويؤيد هذا أن البحار يذهب ماؤها يوم القيامة وقيل: المسجور الممسوك ومنه ساجور الكلب لأنه يمسكه ويحبسه. وقال محمد بن كعب القرظي: يعني بالمسجور الموقد المحمي بمنزلة التنور المسجور وهو قول ابن عباس لما روي أنه تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة نارًا فيزاد بها في نار جهنم كما قال تعالى: {وإذا البحار سجرت} (التكوير).
وعن علي أنه سأل يهوديًا أين موضع النار في كتابكم قال: في البحر قال علي: ما أراه إلا صادقًا لقوله تعالى: {والبحر المسجور}، وعن ابن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يركبن البحر رجل إلا غازيًا أو معتمرًا أو حاجًا فإنّ تحت البحر نارًا وتحت النار بحرًا» وقال الربيع بن أنس المختلط العذب بالملح. وروى الضحاك عن المنزل بن سمرة عن علي أنه قال: البحر المسجور هو بحر تحت العرش غمره كما بين سبع سموات إلى سبع أرضين فيه ماء غليظ يقال له بحر الحيوان يمطر العباد منه بعد النفخة الأولى أربعين صباحًا فينبتون في قبورهم وهذا قول مقاتل. فإن قيل: ما الحكمة في القسم بهذه الثلاثة أشياء؟
أجيب: بأنّ هذه الأماكن الثلاثة وهي الطور والبيت المعمور والبحر المسجور كانت لثلاثة أنبياء للخلوة بربهم والخلاص من الخلق وخطابهم مع الله تعالى، أمّا الطور فانتقل إليه موسى عليه السلام وخاطب الله سبحانه وتعالى هناك، وأمّا البيت المعمور فانتقل إليه محمد صلى الله عليه وسلم وقال لربه سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأمّا البحر المسجور فانتقل إليه يونس عليه السلام ونادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فصارت هذه الأماكن شريفة بهذه الأسباب فأقسم الله تعالى بها. وأمّا ذكر الكتاب فلأن الأنبياء كان لهم مع الله تعالى في هذه الأماكن كلام والكلام في الكتاب.