فصل: قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون}!
وفي السؤال الأول تهكم لاذع. وفي السؤال الثاني اتهام مزر. وواحد منهما لابد لاحق بهم في موقفهم المريب!
ولقد تطاولت ألسنتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتهموه بافتراء ما يقول. فهو هنا يسأل في استنكار: إن كانوا يقولون: تقوله: كأن هذه الكلمة لا يمكن أن تقال. فهو يسأل عنها في استنكار: {أم يقولون تقوله}.. ويبادر ببيان علة هذا القول الغريب: {بل لا يؤمنون}. فعدم استشعار قلوبهم للإيمان، هو الذي ينطقهم بمثل هذا القول؛ بعد أن يحجبهم عن إدراك حقيقة هذا القرآن. ولو أدركوها لعلموا أنه ليس من صنع بشر؛ وأنه لا يحمله إلا صادق أمين.
وما دامت قلوبهم لا تستشعر حقيقة هذا التنزيل؛ فهو يتحداهم إذن ببرهان الواقع الذي لا يقبل المراء {فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين}.
وقد تكرر هذا التحدي في القرآن الكريم؛ وتلقاه المنكرون عاجزين، ووقفوا تجاهه صاغرين. وكذلك يقف أمامه كل أحد إلى يوم الدين.
إن في هذا القرآن سرًا خاصًا، يشعر به كل من يواجه نصوصه ابتداء، قبل أن يبحث عن مواضع الإعجاز فيها. إنه يشعر بسلطان خاص في عبارات هذا القرآن. يشعر أن هنالك شيئًا ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير. وأن هنالك عنصرًا ما ينسكب في الحس بمجرد الاستماع لهذا القرآن. يدركه بعض الناس واضحًا ويدركه بعض الناس غامضًا، ولكنه على كل حال موجود. هذا العنصر الذي ينسكب في الحس، يصعب تحديد مصدره: أهو العبارة ذاتها؟ أهو المعنى الكامن فيها؟ أهو الصور والظلال التي تشعها؟ أهو الإيقاع القرآني الخاص المتميز من إيقاع سائر القول المصوغ من اللغة؟ أهي هذه العناصر كلها مجتمعة؟ أم إنها هي وشيء آخر وراءها غير محدود؟!
ذلك سر مودع في كل نص قرآني، يشعر به كل من يواجه نصوص هذا القرآن ابتداء.
. ثم تأتي وراءه الأسرار المدركة بالتدبر والنظر والتفكير في بناء القرآن كله:
في التصور الكامل الصحيح الذي ينشئه في الحس والقلب والعقل. التصور لحقيقة الوجود الإنساني، وحقيقة الوجود كله، وللحقيقة الأولى التي تنبع منها كل حقيقة. حقيقة الله سبحانه.
وفي الطريقة التي يتبعها القرآن لبناء هذا التصور الكامل الصحيح في الإدراك البشري. وهو يخاطب الفطرة، خطابًا خاصًا، غير معهود مثله في كلام البشر أجمعين؛ وهو يقلب القلب من جميع جوانبه ومن جميع مداخله، ويعالجه علاج الخبير بكل زاوية وكل سر فيه.
وفي الشمول والتوازن والتناسق بين توجيهاته كلها، والاستواء على أفق واحد فيها كلها. مما لا يعهد إطلاقًا، في أعمال البشر، التي لا تستقر على حال واحدة، ولا تستقيم على مستوى واحد، ولا تحيط هكذا بجميع الجوانب، ولا تملك التوازن المطلق الذي لا زيادة فيه ولا نقص، ولا تفريط فيه ولا إفراط، والتناسق المطلق الذي لا تعارض فيه ولا تصادم سواء في ذلك الأصول والفروع..
فهذه الظواهر المدركة.. وأمثالها.. مع ذلك السر الخافي الذي لا سبيل إلى انكاره.. مما يسبغ على هذا الكتاب سمة الإعجاز المطلق في جميع العصور. وهي مسألة لا يماري فيها إنسان يحترم حسه، ويحترم نفسه، ويحترم الحقيقة التي تطالعه بقوة وعمق ووضوح، حيثما واجه هذا القرآن بقلب سليم..
{فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين}..
والاستفهام التالي عن حقيقة وجودهم، هم أنفسهم، وهي حقيقة قائمة لا مفر لهم من مواجهتها، ولا سبيل لهم إلى تفسيرها بغير ما يقوله القرآن فيها، من أن لهم خالقًا أوجدهم هو الله سبحانه. وهو موجود بذاته. وهم مخلوقون.
{أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}..
ووجودهم هكذا من غير شيء أمر ينكره منطق الفطرة ابتداء؛ ولا يحتاج إلى جدل كثير أو قليل. أما أن يكونوا هم الخالقين لأنفسهم فأمر لم يدّعوه ولا يدّعيه مخلوق. وإذا كان هذان الفرضان لا يقومان بحكم منطق الفطرة، فإنه لا يبقى إلا الحقيقة التي يقولها القرآن. وهي أنهم جميعًا من خلق الله الواحد الذي لا يشاركه أحد في الخلق والإنشاء؛ فلا يجوز أن يشاركه أحد في الربوبية والعبادة.. وهو منطق واضح بسيط.
كذلك يواجههم بوجود السماوات والأرض حيالهم. فهل هم خلقوها؟ فإنها لم تخلق نفسها بطبيعة الحال كما أنهم لم يخلقوا أنفسهم:
{أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون}..
وهم- ولا أي عقل يحتكم إلى منطق الفطرة- لا يقولون: إن السماوات والأرض خلقت نفسها، أو خلقت من غير خالق.
وهم كذلك لا يدّعون أنهم خلقوها.. وهي قائمة حيالهم سؤالًا حيًا يتطلب جوابًا على وجوده! وقد كانوا إذا سئلوا عمن خلق السماوات والأرض قالوا الله.. ولكن هذه الحقيقة لم تكن تتضح في إدراكهم إلى درجة اليقين الذي ينشىء آثاره في القلب، ويحركه إلى اعتقاد واضح دقيق..
{بل لا يوقنون}..
ثم يهبط بهم درجة عن درجة الخلق والإبداع لأنفسهم أو للسماوات والأرض. فيسألهم: هل هم يملكون خزائن الله، ويسيطرون على القبض والبسط، والضر والنفع:
{أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون}.
وإذا لم يكونوا كذلك، ولم يدعوا هذه الدعوى. فمن ذا يملك الخزائن، ومن ذا يسيطر على مقاليد الأمور؟ القرآن يقول: إنه الله القابض الباسط، المدبر المتصرف. وهذا هو التفسير الوحيد لما يجري في الكون من قبض وبسط وتصريف وتدبير. بعد انتفاء أن يكونوا هم المالكين للخزائن المسيطرين على تصريف الأمور!
ثم يهبط بهم درجة أخرى فيسألهم إن كانت لهم وسيلة للاستماع إلى مصدر التنزيل:
{أمل لهم سُلَّم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين}.
إن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقول لهم: إنه رسول يوحى إليه، وإن هذا القرآن يتنزل عليه من الملأ الأعلى. وهم يكذبونه فيما يقول. فهل لهم سلم يستمعون فيه، فيعلموا أن محمدًا لا يوحى إليه، وأن الحق غير ما يقول؟: {فليأت مستمعهم بسلطان مبين}. أي ببرهان قوي يحمل في ذاته سلطانًا على النفوس يلجئها إلى التصديق. وفي هذا التلميح إلى سلطان القرآن الذي يطالعهم في آياته وحججه، وهم يكابرون فيها ويعاندون!
ثم يناقش إحدى مقولاتهم المتهافتة عن الله سبحانه. تلك التي ينسبون إليه فيها بنوة الملائكة، الذين يتصورونهم، إناثًا؛ موجهًا الخطاب مباشرة إليهم، زيادة في التخجيل والترذيل:
{أم له البنات ولكم البنون}.
وهم كانوا يعتبرون البنات في درجة أقل من درجة البنين، إلى حد أن تسود وجوههم من الكمد والكظم حين يبشرون بالأنثى. وكانوا مع هذا لا يستحيون من نسبة البنات إلى الله! فهو هنا يأخذهم بعرفهم وتقاليدهم، ليخجلهم من هذا الادعاء. وهو في ذاته متهافت لا يستقيم!
وهم كانوا يستثقلون دعوة النبي لهم إلى الهدى؛ وهو يقدمه لهم خالصًا بريئًا، لا يطلب عليه أجرًا، ولا يفرض عليهم إتاوة. وأيسر ما يقتضيه هذا العرض البريء أن يستقبل صاحبه بالحسنى، وأن يرد بالحسنى إذا لم يقبلوا ما يقدمه لهم ويعرضه عليهم. وهو هنا يستنكر مسلكهم الذي لا داعي له يقول:
{أم تسألهم أجرًا فهم من مغرم مثقلون}..
أي مثقلون من الغرم تكلفهم إياه في صورة الأجر على ما تقول! فإذا كان الواقع أن لا أجر ولا غرامة. فكم يبدو عملهم مسترذلًا قبيحًا، يخجلون منه حين يواجهون به؟
ويعود يواجههم بحقيقة وجودهم ووضعهم في هذا الوجود.
فهم عبيد لهم حدود. مكشوف لهم من هذا الوجود بقدر. محجوب عنهم ما وراءه، مما يختص به صاحب هذا الوجود. فهنالك غيب من اختصاص الله يقف دونه العبيد، لا علم لهم به، لأنهم عبيد:
{أم عندهم الغيب فهم يكتبون}..
وهم يعلمون أن ليس عندهم الغيب، وأن ليس لهم به علم، وأن ليس لهم عليه قدرة. وأنهم لا يكتبون في سجل الغيب شيئًا، إنما يكتب الله فيه ما يريد، مما يقدره للعبيد.
والذي يملك أمر الغيب وما يقدر فيه وما يدبر، هو الذي يملك أن يدبر فيه وأن يكيد. فما لهم وهم عن الغيب محجوبون، وفي سجله لا يكتبون يكيدون لك ويدبرون، ويحسبون أنهم قادرون على شيء من أمر المستقبل: فيقولون: شاعر نتربص به ريب المنون؟!
{أم يريدون كيدًا فالذين كفروا هم المكيدون}!
وهم الذين يحيق بهم ما يقدره صاحب الغيب لهم، وهم الذين يقع عليهم كيده ومكره. والله خير الماكرين.
{أم لهم إله غير الله}.. يقيهم ويتولاهم ويرد عنهم كيد الله..
{سبحان الله عما يشركون} وتنزه- سبحانه- عن تصورهم الباطل السقيم!
وبهذا التنزيه لله سبحانه عن الشرك والشركاء تختم هذه الحملة المتلاحقة الخطى، القوية الإيقاع. وقد انكشفت كل شبهة، ودحضت كل حجة، ووقف القوم أمام الحقيقة العارية مجردين من كل عذر ومن كل دليل. عندئذ يقدمهم على حقيقتهم معاندين مكابرين يمارون في الحق الواضح، متمسكين بأدنى شبهة من بعيد:
{وإن يرو كسفًا من السماء ساقطًا يقولوا سحاب مركوم}..
أي إنه إذا أرسل عليهم العذاب في صورة قطعة من السماء تسقط عليهم وفيها الهلاك، قالوا وهم يرونها تسقط: {سحاب مركوم}.. فيه الماء والحياة! عنادًا منهم أن يسلموا بالحق، ولو كان السيف على رقابهم كما يقولون! ولعله يشير بهذا إلى قصة عاد. وقولهم حين رأوا سحابة الموت والدمار: {عارض ممطرنا} حيث كان الرد: {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها} وعند هذا الحد من تصوير عنادهم ومكابرتهم في الحق، ولو كان فوق رؤوسهم الهلاك، يتجه بالخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لينفض يده من أمرهم، ويدعهم لليوم الذي ورد ذكره ووصفه في أول السورة. وللعذاب الذي ينتظرهم من قبله. وأن يصبر لحكم ربه الذي يعزه ويرعاه ويكلؤه. وأن يسبح بحمد ربه في الصباح حين يقوم، ومن الليل، وعند إدبار النجوم:
{فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئًا ولا هم ينصرون وإن للذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم}.
وهو شوط جديد في الحملة يبدأ بالتهديد، بذلك اليوم الرعيب، يوم ينفخ في الصور فيصعقون.- قبيل البعث والنشور- يوم لا ينفعهم تدبير ولا ينصرهم نصير. فإذا كانوا اليوم يكيدون ويدبرون، فهم في ذلك.
{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)}.
اليوم لا يغني عنهم كيد ولا تدبير. على أن لهم قبل ذلك اليوم عذابا- يتركه مجهولا ولكن أكثرهم لا يعلمون.
ويفرغ بهذا التهديد الأخير من أمر المكذبين الظالمين، الذين طاردهم هذه المطاردة الطويلة العنيفة، لينتهي بهم إلى موقف المهدد الذي ينتظره العذاب من بعيد ومن قريب.. يفرغ منه ليلتفت إلى النبي الكريم الذي تطاول عليه المتطاولون، وتقول عليه المتقولون، يلتفت إليه صلى الله عليه وسلم يوجهه إلى الصبر على هذا العناء، وهذا التكذيب، وهذا التطاول؛ والصبر على طريق الدعوة الشاق الطويل. تاركا الأمر لحكم الله يفعل به ما يشاء: {واصبر لحكم ربك}..
ومع التوجيه إلى الصبر إيذان بالإعزاز الرباني، والعناية الإلهية، والأنس الحبيب الذي يمسح على مشقات الطريق مسحا، ويجعل الصبر عليه أمرا محببا، وهو الوسيلة إلى هذا الإعزاز الكريم:
{واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}..
ويا له من تعبير! ويا له من تصوير! ويا له من تقدير!
إنها مرتبة لم يبلغها قط إنسان. هذه المرتبة التي يصورها هذا التعبير الفريد في القرآن كله. حتى بين التعبيرات المشابهة.
لقد قيل لموسى عليه السلام: {وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى}.. وقيل له: {وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني}.. وقيل له: {واصطنعتك لنفسي}..
وكلها تعبيرات تدل على مقامات رفيعة. ولكنه قيل لمحمد صلى الله عليه وسلم: {فإنك بأعيننا} وهو تعبير فيه إعزاز خاص، وأنس خاص. وهو يلقي ظلا فريدا أرق وأشف من كل ظل.. ولا يملك التعبير البشري أن يترجم هذا التعبير الخاص. فحسبنا أن نشير إلى ظلاله، وأن نعيش في هذه الظلال.
ومع هذا الإيناس هداية إلى طريق الصلة الدائمة به: {وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم}.. فعلى مدار اليوم. عند اليقظة من النوم. وفي ثنايا الليل. وعند إدبار النجوم في الفجر. هنالك مجال الاستمتاع بهذا الإيناس الحبيب. والتسبيح زاد وأنس ومناجاة للقلوب. فكيف بقلب المحب الحبيب القريب؟؟؟. اهـ.

.قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

{فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)}.
نفى الله جل وعلا عن نبيه صلى الله عليه وسلم في هاتين الآيتين الكريمتين ثلاث صفات قبيحة عن نبيه صلى الله عليه وسلم رماه بها الكفار، وهي الكهانة والجنون والشعر، أما دعواهم أنه كاهن أو مجنون، فقد نفاها صريحًا بحرف النفي الذي هو ما في قوله: {فَمَآ أَنتَ} وأكد النفي بالباء في قوله: {بِكَاهِنٍ} وأما كونه شاعرًا فقد نفاه ضمنًا بأم المنقطعة في قوله: {أَمْ يَقولونَ شَاعِرٌ}، لأنها تدل على الإضراب والإنكار المتضمن معنى النفي.
وقد جاءت آيات أخر بنفي هذه الصفات عنه صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى في نفي الجنون عنه في أول القلم: {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ} [القلم: 22] وقوله في التكوير {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ} [التكوير: 22] وكقوله في نفي الصفتين الأخيرتين أعني الكهانة والشعر: {وَمَا هُوَ بِقول شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ وَلاَ بِقول كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة: 41- 42] وقد قدمنا بع ضالكلالم على هذا في سورة الشعراء وغيرها.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون} أي ننتظر به حوادث الدهر، حتى يحدث له منها الموت، فالمنون: الدهر، وريبه: حوادثه التي يطرأ فيها الهلاك والتغيير، والتحقيق أن الدهر هو المراد في قول أبي ذؤيب الهذلي:
أمن المنون وريبه تتوجع ** والدهر ليس بمعتب من يجزع

لأن الضمير في قوله: وريبه يدل على أن المنون الدهر، ومن ذلك أيضًا قول الآخر:
تربص بها ريب المنون لعلها ** تطلق يومًا أو يموت حليلها

وقال بعض العلماء: المنون في الآية الموت، وإطلاق المنون على الموت معروف في كلام العرب، ومنه قول أبي الغول الطهوي: