فصل: قال ابن عطية في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والتعريف في {الأنثى} تعريف الجنس الذي هو في معنى المتعدد والذي دعا إلى هذا النظم مراعاةُ الفواصل ليقع لفظ {الأنثى} فاصلة كما وقع لفظ {الأولى} ولفظ {يرضَى} ولفظ {شيئًا}.
وجملة {وما لهم به من علم} حال من ضمير {يسمون}، أي يثبتون للملائكة صفات الإِناث في حال انتفاء علم منهم بذلك وإنما هو تخيل وتوهم إذ العلم لا يكون إلا عن دليل لهم فنفي العلم مراد به نفيه ونفي الدليل على طريقة الكناية.
{إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنَّ الظن لاَ يُغْنِى مِنَ الحق شَيْئًا}.
موقع هذه الجملة ذو شعب: فإن فيها بيانًا لجملة {وما لهم به من علم} وعودًا إلى جملة {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس}، وتأكيدًا لمضمونها وتوطئة لتفريع {فأعرض عن مَّن تولى عن ذكرنا}.
[النجم: 29].
واستعير الاتّباع للأخذ بالشيء واعتقاد مقتضاه أي ما يأخذون في ذلك إلا بدليل الظن المخطىء.
وأطلق الظن على الاعتقاد المخطىء كما هو غالب إطلاقه مع قرينة قوله عقبه {وإن الظن لا يغني من الحق شيئًا} وتقدم نظيره آنفًا.
وأظهر لفظ {الظن} دون ضميره لتكون الجملة مستقلة بنفسها فتسير مسير الأمثال.
ونفي الإِغناء معناه نفي الإِفادة، أي لا يفيد شيئًا من الحق فحرف {مِن} بيان وهو مقدم على المبينَّ أعني شيئًا.
و {شيئًا} منصوب على المفعول به ل {يغني}.
والمعنى: أن الحق حقائق الأشياء على ما هي عليه وإدراكها هو العلم (المعرف بأنه تصور المعلوم على ما هو عليه) والظن لا يفيد ذلك الإِدراك بذاته فلو صادف الحق فذلك على وجه الصدفة والاتفاق، وخاصة الظن المخطىء كما هنا.
{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29)}.
بعد أن وصف مداركهم الباطلة وضلالهم فَرَّع عليه أمرَ نبيه صلى الله عليه وسلم بالإِعراض عنهم ذلك لأن ما تقدم من وصف ضلالهم كان نتيجة إعراضهم عن ذكر الله وهو التولّي عن الذكر فحق أن يكون جزاؤهم عن ذلك الإِعراض إعراضًا عنهم فإن الإِعراض والتولي مترادفان أو متقاربان فالمراد بـ {من تولى} الفريق الذين أعرضوا عن القرآن وهم المخاطبون آنفًا بقوله: {ما ضل صاحبكم وما غوى} [النجم: 2] وقوله: {أفرأيتم اللات والعزى} [النجم: 19] والمخبر عنهم بقوله: {إن يتبعون إلا الظن} [النجم: 28] الخ وقوله: {إن الذين لا يؤمنون بالآخرة} [النجم: 27] الخ.
والإِعراض والتولي كلاهما مستعمل هنا في مجازه؛ فأما الإِعراض فهو مستعار لترك المجادلة أو لترك الاهتمام بسلامتهم من العذاب وغضب الله، وأما التولي فهو مستعار لعدم الاستماع أو لعدم الامتثال.
وحقيقة الإِعراض: لفت الوجه عن الشيء لأنه مشتق من العارض وهو صفحة الخد لأن الكاره لشيء يصرف عنه وجهه.
وحقيقة التولي: الإِدبار والإِنصراف، وإعراض النبي صلى الله عليه وسلم عنهم المأمور به مراد به عدم الاهتمام بنجاتهم لأنهم لم يقبلوا الإِرشاد وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بإدامة دعوتهم للإِيمان فكما كان يدعوهم قبل نزول هذه الآية فقد دعاهم غير مرة بعد نزولها، على أن الدعوة لا تختص بهم فإنها ينتفع بها المؤمنون، ومن لم يسبق منه إعراض من المشركين فإنهم يسمعون ما أنذر به المعرضون ويتأملون فيما تصفهم به آيات القرآن، وبهذا تعلم أن لا علاقة لهذه الآية وأمثالها بالمتاركة ولا هي منسوخة بآيات القتال.
وقد تقدم الكلام على ذلك في قوله: {فأعرض عنهم وعظهم} في سورة النساء (63) وقوله: {وأعرض عن المشركين} في سورة الأنعام (106)، فضُم إليه ما هنا.
وما صدق {من تولى} القوم الذين تولوا وإنما جرى الفعل على صيغة المفرد مراعاة للفظ {مَن} ألا ترى قوله: {ذلك مبلغهم} بضمير الجمع.
وجيء بالاسم الظاهر في مقام الإِضمار فقيل {فأعرض عن من تولى عن ذكرنا} دون: فأعرض عنهم لما تؤذن به صلة الموصول من علة الأمر بالإِعراض عنهم ومن ترتب توليهم عن ذكر الله على ما سبق وصفه من ضلالهم إذ لم يتقدم وصفهم بالتولّي عن الذكر وإنما تقدم وصف أسبابه.
والذكر المضاف إلى ضمير الجلالة هو القرآن.
ومعنى {ولم يرد إلا الحياة الدنيا} كناية عن عدم الإِيمان بالحياة الآخرة كما دل عليه قوله: {ذلك مبلغهم من العلم} لأنهم لو آمنوا بها على حقيقتها لأرادُوها ولو ببعض أعمالهم.
وجملة {ذلك مبلغهم من العلم} اعتراض وهو استئناف بياني بيِّن به سبب جهلهم بوجود الحياة الآخرة لأنه لغرابته مما يسأل عنه السائل وفيه تحقير لهم وازدراء بهم بقصور معلوماتهم.
وهذا الاستئناف وقع معترضًا بين الجمل وعلتها في قوله: {إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله} الآية.
وأعني حاصل قوله: {ولم يرد إلا الحياة الدنيا}.
وقوله: {ذلك} إشارة إلى المذكور في الكلام السابق من قوله: {ولم يرد إلا الحياة الدنيا} استعير للشيء الذي لم يعلموه اسم الحد الذي يبلغ إليه السائر فلا يعلم ما بعده من البلاد.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى}.
تعليل لجملة {فأعرض عن من تولى} وهو تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم والخبر مستعمل في معنى أنه متولي حسابهم وجزائهم على طريقة الكناية، وفيه وعيد للضالّين.
والتوكيد المفاد بـ {إنَّ} وبضمير الفصل راجع إلى المعنى الكنائي، وأما كونه تعالى أعلم بذلك فلا مقتضى لتأكيدها لما كان المخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم والمعنى: هو أعلم منك بحالهم.
وضمير الفصل مفيد القصر وهو قصر حقيقي.
والمعنى: أنت لا تعلم دخائلهم فلا تتحسر عليهم.
وجملة {وهو أعلم بمن اهتدى} تتميم، وفيه وعد للمؤمنين وبشارة للنبي صلى الله عليه وسلم والباء في بـ {من ضل} وفي بـ {من اهتدى} لتعدية صفتي {أعلم} وهي للملابسة، أي هو أشد علمًا ملابسًا لمن ضل عن سبيله، أي ملابسًا لحال ضلاله، وتقديم ذكر {من ضل} على ذكر {من اهتدى} لأن الضالّين أهمّ في هذا المقام، وأما ذكر المهتدين فتتميمِ. اهـ.

.قال ابن عطية في الآيات السابقة:

قوله تعالى: {أفرأيتم} مخاطبة لقريش، وهي من رؤية العين، لأنه أحال على أجرام مرئية، ولو كانت: أرأيت: التي هي استفتاء لم تتعد. ولما فرغ من ذكر عظمة الله وقدرته، قال على جهة التوقيف: أرأيتم هذه الأوثان وحقارتها وبعدها عن هذه القدرة والصفات العلية و: {اللات} اسم صنم كانت العرب تعظمه، قال أبو عبيدة وغيره: كان في الكعبة، وقال قتادة: كان بالطائف. وقال ابن زيد: كان بنخلة عند سوق عكاظ، وقول قتادة أرجح يؤيده قول الشاعر: المتقارب:
وفرّت ثقيف إلى لاتها ** بمنقلب الخائب الخاسر

والتاء في: {اللات} لام فعل كالباء من باب، وقال قوم هي تاء تأنيث، والتصريف يأبى ذلك، وقرأ ابن عباس ومجاهد وأبو صالح: {اللاّت} بشد التاء، وقالوا: كان هذا الصنم حجرًا وكان عنده رجل من بهز يلت سويق الحاج على ذلك الحجر ويخدم الأصنام، فلما مات عبدوا الحجر الذي كان عنده إجلالًا لذلكا لرجل وسموه باسمه، ورويت هذه القراءة عن ابن كثير وابن عامر، {والعزى}: صخرة بيضاء كانت العرب تعبدها وتعظمها، قاله سعيد بن جبير وقال ابن مجاهد: كانت شجيرات تعبد ثم ببلاها انتقل أمرها إلى صخرة. و{عزى} مؤنثة عزيز ككبرى وعظمى، وكانت هذه الأوثان تعظم الوثن منها قبيلة وتعبدها، ويجيء كل من عز من العرب فيعظمها بتعظيم حاضرها. وقال أبو عبيدة معمر: كانت {العزى} {ومناة} في الكعبة، وقال ابن زيد: وكانت {العزى} بالطائف، وقال قتادة: كانت بنخلة وأما {مناة} فكانت بالمشلل من قديد، وذلك بين مكة والمدينة، وكانت أعظم هذه الأوثان قدرًا وأكثرها عابدًا، وكانت الأوس والخزرج تهل لها، ولذلك قال تعالى: {الثالثة الأخرى} فأكدها بهاتين الصفتين، كما تقول رأيت فلانًا وفلانًا ثم تذكر ثالثًا أجل منهما، فتقول وفلانًا الآخر الذي من أمره وشأنه.
ولفظة آخر وأخرى يوصف به الثالث من المعدودات، وذلك نص في الآية، ومنه قول ربيعة بن مكدم: الكامل:
ولقد شفعتهما بآخر ثالث

وهو التأويل الصحيح في قول الشاعر عبيد بن الأبرص: مجزوء الكامل:
جعلت لها عودين من ** نشم وآخر من ثمامه

وقرأ ابن كثير وحده: {ومناءة} بالهمز والمد وهي لغة فيها، والأول أشهر وهي قراءة الناس، ومنها قول جرير: الوافر:
أزيد مناة توعد بابن تيم ** تأمل أين تاه بك الوعيد

ووقف تعالى الكفار على هذه الأوثان وعلى قولهم فيها، لأنهم كانوا يقولون: هي بنات الله، فكأنه قال: أرأيتم هذه الأوثان وقولكم هي بنات الله {ألكم الذكر وله الأنثى}، أي النوع المستحسن المحبوب هو لكم وموجود فيكم؟ والمذموم المستثقل عندكم هو له بزعمكم، ثم قال تعالى على جهة الإنكار: {تلك إذًا قسمة ضيزى} أي عوجاء، قاله مجاهد، وقيل {ضيزى} معناه: جائرة، قاله ابن عباس وقتادة، وقال سفيان معناه: منقوصة، وقال ابن زيد معناه: مخالفة، والعرب تقول: ضزته حقه أضيزه، بمعنى: منعته منه وظلمته فيه، و: {ضيزى} من هذا التصريف وأصلها فُعلى بضم الفاء ضوزى لأنه القياس، إذ لا يوجد في الصفات فِعلى بكسر الفاء، كذا قال سيبويه وغيره، فإذا كان هذا فهي ضوزى: كسر أولها كما كسر أول عِين وبيض طلبًا للتخفيف، إذ الكسرة والياء أخف من الضمة والواو كما قالوا بيوت وعصى هي في الأصل فعول بضم الفاء، وتقول العرب: ضزته أضوزه فكان يلزم على هذا التصريف أن يكون ضوزى فعلى، وفي جميع هذا نظر.
وقرأ ابن كثير: {ضئيزى} بالهمز على أنه مصدر كذكرى، وقرأ الجمهور بغير همز.
ثم قال تعالى: {إن هي إلا أسماء} يعني أن هذه الأوصاف من أنها إناث وأنها تعبد آلهة ونحو هذا إلا أسماء، أي تسميات اخترعتموها {أنتم وآباؤكم} لا حقيقة لها ولا أنزل الله تعالى بها برهانًا ولا حجة، وقرأ عيسى بن عمر: {سلُطان} بضم اللام، وقرأ هو وابن مسعود وابن عباس وابن وثاب وطلحة والأعمش {إن تتبعون} بالتاء على المخاطبة، وقرأ أبو عمرو وعاصم ونافع والأعمش أيضًا والجمهور: {يتبعون} بالياء على الحكاية عن الغائب و{الظن}: ميل النفس إلى أحد معتقدين متخالفين دون أن يكون ميلها بحجة ولا برهان وهوى الأنفس: هو إرادتها الملذة لها وإنما تجد هوى النفس أبدًا فيترك الأفضل، لأنها مجبولة بطبعها على حب الملذ، وإنما يردعها ويسوقها إلى حسن العاقبة العقل والشرع.
وقوله تعالى: {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} اعتراض بين الكلام فيه توبيخ لهم، لأن سرد القول إنما هو يتبعون ولا {الظن وما تهوى الأنفس}، {أم للإنسان ما تمنى}، وقف على جهة التوبيخ والإنكار لحالهم ورأيهم، ثم اعترض بعد قوله: {وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى} جملة في موضع الحال، والهدى المشار إليه، ومحمد وشرعه.
وقرأ ابن مسعود وابن عباس: {ولقد جاءكم من ربكم} بالكاف فيهما، وقال الضحاك إنهما قرأ {ولقد جاءك من ربك}.
و {الإنسان} في قوله: {أم للإنسان}، اسم الجنس، كأنه يقول ليست الأشياء بالتمني والشهوات، إنما الأمر كله لله والأعمال جارية على قانون أمره ونهيه فليس لكم، أيها الكفرة مرادكم في قولكم هذه آلهتنا وهي تنفعنا وتقربنا زلفى ونحو هذا. وقال ابن زيد والطبري: {الإنسان} هنا: محمد، بمعنى أنه لم ينل كرامتنا بتأميل، بل بفضل الله أو بمعنى بل إنه تمنى كرامتنا فنالها، إذ الكل لله يهب ما شاء، وهذا لا تقتضيه الآيات، وإن كان اللفظ يعمه. و: {الآخرة والأولى} الداران، أي له كل أمرهما ملكًا ومقدورًا وتحت سلطانه.
وقوله تعالى: {وكم من ملك} الآية، رد على قريش في قولهم: الأوثان شفعاؤنا، كأنه يقول: هذه حال الملائكة الكرام، فكيف بأوثانكم، و{كم} للتكثير وهي في موضع رفع بالابتداء والخبر: {لا تغني} والغناء حلب النفع ودفع الضر بحسب الأمر الذي يكون فيه الغناء وجمع الضمير في {شفاعتهم} على معنى: {كم} ومعنى الآية: {أن يأذن الله} في أن يشفع لشخص ما ويرضى عنه كما أذن في قوله: {الذين يحملون العرش ومن حوله} [غافر: 7].
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27)}.
{الذين لا يؤمنون بالآخرة} هم كفار العرب، وقوله: {ليسمون الملائكة} معناه: ليصفون الملائكة بأوصاف الأنوثة وأخبر تعالى عنهم أنهم لا علم لهم بذلك، وإنما هي ظنون منهم لا حجة لهم عليها وقرأ ابن مسعود: {من علم إلا اتباع الظن}.
وقوله: {إن الظن لا يغني من الحق شيئًا} أي في المعتقدات المواضع التي يريد الإنسان أن يحرر ما يعقل ويعتقد فإنها مواضع حقائق لا تنفع الظنون فيها، وأما في الأحكام وظواهرها فيجتزى فيها بالظنونات، ثم سلى تعالى نبيه وأمره بالإعراض عن هؤلاء الكفرة، وما في الآية من موادعتهم منسوخ بآية السيف.
وقوله: {ولم يرد إلا الحياة الدنيا} معناه لا يصدق بغيرها، فسعيه كله وعمله إنما هو لدنياه.
وقوله تعالى: {ذلك مبلغهم من العلم} معناه هنا انتهى تحصيلهم من المعلومات، وذلك أن المعلومات منها ما هي معقولات نافعة في الآخرة، ومنها ما هي أمور فانية وأشخاص بادية كالفلاحة وكثير من الصنائع وطلب الرئاسة على الناس بالمخرقة، فكلها معلومات ولها علم ومبلغ الكفرة إنما هو في مدة الدنياويات.
وقوله تعالى: {إن ربك هو أعلم} الآية تصل بمعنى التسلية في قوله: {فأعرض عمن تولى عن ذكرنا}، وقوله: {إن ربك هو أعلم} الآية، ووعيد للكفار ووعد للمؤمنين، وأسند الضلالة والهدى إليهم بكسبهم وإن كان الجميع خلقًا له واختراعًا، واللام في قوله: {ليجزي} متعلقة بقوله: {ضل} وبقوله: {اهتدى} فكأنه قال: ليصير أمرهم جميعًا إلى أن يجزى. اهـ.

.قال أبو السعود في الآيات السابقة:

{أَفَرَءيْتُمُ اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}.
هي أصنامٌ كانتْ لهم، فاللاتُ كانتْ لثقيفٍ بالطائفِ وقيلَ لقريشٍ بنخلةَ. وهيَ فعَلة من لَوَى لأنَّهم كانُوا يلوُون علَيها ويطوفُونَ بها. وقرئ بتشديدِ التاءِ على أنَّه اسمُ فاعلٍ اشتُهِرَ به رجلٌ كانَ يلتُّ السمنَ بالزيتِ ويطعمُه الحاجَّ وقيلَ كان يلتُّ السويقَ بالطائفِ ويطعمُه الحاجَّ فلمَّا ماتَ عكفُوا على قبرِه يعبدونَهُ وقيلَ كانَ يجلسُ على حجرٍ فلما ماتَ سُمِّيَ الحجرُ باسمِه وعُبدَ منْ دونِ الله وقيلَ: كانَ الحجرُ على صورتِه.
والعُزَّى تأنيثُ الأعزِّ كانتْ لغطفانَ وهي سَمُرةً كانُوا يعبدونَها فبعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خالدَ بنَ الوليدِ فقطعَها فخرجتْ منَها شيطانةٌ ناشرةً شعرَها واضعةً يدَها على رأسِها وهي تُولْوِلُ فجعلَ خالدٌ يضربُها بالسيفِ حتى قتلَها فأخبرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تلكَ العُزَّى ولنْ تُعبد أبدًا».