فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



سميت بذلك لأنها أخفى من العبور والمجرة بينهما.
وأراد بالشعرى هنا العبور {وأنه أهلك عادًا الأولى} وهم قوم هود أهلكوا بريح صرصر وكان لهم عقب فكانوا عادًا أخرى وقيل: الأخرى إرم.
وقيل: الأولى يعني أول الخلق هلاكًا بعد قوم نوح {وثمود} وهم قوم صالح أهلكهم الله بالصيحة {فما أبقى} يعني منهم أحدًا {وقوم نوح من قبل} يعني أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود بالغرق {إنهم كانوا هم أظلم وأطغى} يعني لطول دعوة نوح إياهم وعتوهم على الله بالمعصية والتكذيب {والمؤتفكة} يعني قرى قوم لوط {أهوى} أي أسقط وذلك أن جبريل رفعها إلى السماء ثم أهوى بها {فغشاها} أي ألبسها الله {ما غشى} يعني الحجارة المنضودة المسومة {فبأي آلاء ربك تتمارى} أي تشكُّ أيها الإنسان.
وقيل: أراد الوليد بن المغيرة.
قال ابن عباس: تتمارى أي تكذب {هذا نذير} يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم {من النذر الأولى} أي رسول من الرسل المتقدمة أرسل إليكم كما أرسلت الرسل إلى قومهم وقيل: أنذر محمد كما أنذرت الرسل من قبله.
{أزفت الآزفة} أي قربت القيامة واقتربت الساعة {ليس لها من دون الله كاشفة} أي مظهرة ومبينة متى تقوم.
وقيل: معناه ليس لها نفس قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله غير أنه لا يكشفها.
وقيل: الكاشفة مصدر بمعنى الكشف كالعافية.
والمعنى: لا يكشف عنها ولا يظهرها غيره.
وقيل: معناه ليس لها رد يعني: إذا غشيت الخلق أهوالها وشدائدها لم يكشفها ولم يردها عنهم أحد.
قوله تعالى: {أفمن هذا الحديث} يعني القرآن {تعجبون} تنكرون {وتضحكون} أي استهزاء {ولا تبكون} أي مما فيه من الوعيد {وأنتم سامدون} أي لاهون غافلون قاله ابن عباس.
وعنه، أن السمود هو الغناء بلغة أهل اليمن وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا.
ولعبوا وأصل السمود في اللغة، رفع الرأس، مأخوذ، من سمد البعير إذا رفع رأسه وجد في سيره والسامد اللاهي والمعنى.
وقيل: معناه أشرون بطرون.
وقال مجاهد: غضاب مبرطمون قيل له: وما البرطمة؟ قال: الإعراض {فاسجدوا لله} يعني أيها المؤمنون شكرًا على الهداية.
وقيل: هذا محمول على سجود التلاوة.
وقيل: على سجود الفرض في الصلاة {واعبدوا} أي اعبدوا الله وإنما قال: واعبدوا، إما لكونه معلومًا، وإما لأن العبادة في الحقيقة لا تكون إلا لله تعالى.
(ق) عن عبد الله بن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ والنجم فسجد فيها وسجد من كان معه غير أن شيخًا من قريش أخذ كفًا من حصباء أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال: يكفيني هذا قال عبد الله فلقد رأيته بعد قتل كافر زاد البخاري في رواية له قال: أول سورة نزلت فيها سجدة النجم وذكره وقال في آخره وهو أمية بن خلف (خ).
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس (ق) عن زيد بن ثابت قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد فيها ففي هذا الحديث دليل على أن سجود التلاوة غير واجب وهو قول الشافعي وأحمد وقال عمر بن الخطاب: إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء وذهب قوم إلى وجوبها على القارئ والمستمع وهو قول سفيان وأصحاب الرأي والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ.

.قال النسفي:

{والنجم} أقسم بالثريا أو بجنس النجوم {إِذَا هوى} إذا غرب أو انتثر يوم القيامة وجواب القسم {مَا ضَلَّ} عن قصد الحق {صاحبكم} أي محمد صلى الله عليه وسلم والخطاب لقريش {وَمَا غوى} في اتباع الباطل.
وقيل: الضلال نقيض الهدى والغي نقيض الرشد أي هو مهتد راشد وليس كما تزعمون من نسبتكم إياه إلى الضلال والغي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يوحى} وما أتاكم به من القرآن ليس بمنطق يصدر عن هواه ورأيه إنما هو وحي من عند الله يوحى إليه.
ويحتج بهذه الآية من لا يرى الاجتهاد للأنبياء عليهم السلام، ويجاب بأن الله تعالى إذا سوغ لهم الاجتهاد وقررهم عليه كان كالوحي لا نطقًا عن الهوى.
{علَّمَهُِ} علم محمدًا عليه السلام {شَدِيدُ القوى} ملك شديد قواه والإضافة غير حقيقية لأنها إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها، وهو جبريل عليه السلام عند الجمهور، ومن قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود وحملها على جناحه ورفعها إلى السماء ثم قلبها وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين {ذُو مِرَّةٍ} ذو منظر حسن عن ابن عباس {فاستوى} فاستقام على صورة نفسه الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي، وكان ينزل في صورة دحية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها فاستوى له في الأفق الأعلى وهو أفق الشمس فملأ الأفق.
وقيل: ما رآه أحد من الأنبياء عليهم السلام في صورته الحقيقية سوى محمد صلى الله عليه وسلم مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء.
{وَهُوَ} أي جبريل عليه السلام {بالأفق الأعلى} مطلع الشمس {ثُمَّ دَنَا} جبريل من رسول الله صلى الله عليه وسلم {فتدلى} فزاد في القرب، والتدلي هو النزول بقرب الشيء {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ} مقدار قوسين عربيتين.
وقد جاء التقدير بالقوس والرمح والسوط والذراع والباع ومنه: «لا صلاة إلى أن ترتفع الشمس مقدار رمحين»، وفي الحديث: «لقاب قوس أحدكم من الجنة وموضع قده خير من الدنيا وما فيها» والقد السوط وتقديره فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين فحذفت هذه المضافات {أَوْ أدنى} أي على تقديركم كقوله: {أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] وهذا لأنهم خوطبوا على لغتهم ومقدار فهمهم وهم يقولون هذا قدر رمحين أو أنقص.
وقيل: بل أدنى {فأوحى} جبريل عليه السلام {إلى عَبْدِهِ} إلى عبد الله وإن لم يجر لاسمه ذكر لأنه لا يلتبس كقوله: {مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا} [فاطر: 45] {مَا أوحى} تفخيم للوحي الذي أوحي إليه.
قيل: أوحي إليه إن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك {مَا كَذَبَ الفؤاد} فؤاد محمد {مَا رأى} ما رآه ببصره من صورة جبريل عليه السلام أي ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك، ولو قال ذلك لكان كاذبًا لأنه عرفه يعني أنه رآه بعينه وعرفه بقلبه ولم يشك في أن ما رآه حق.
وقيل: المرئي هو الله سبحانه، رآه بعين رأسه وقيل بقلبه {أفتمارونه} أفتجادلونه من المراء وهو المجادلة واشتقاقه من مرى الناقة كأن كل واحد من المتجادلين يمري ما عند صاحبه، {أفتمارونه} حمزة وعلي وخلف ويعقوب، أفتغلبونه في المراء من ماريته فمريته ولما فيه من معنى الغلبة قال: {على مَا يرى} فعدي بـ {على} كما تقول غلبته على كذا.
وقيل: أفتمرونه أفتجحدونه يقال: مريته حقه إذا جحدته وتعديته بـ {على} لا تصح إلا على مذهب التضمين.
{وَلَقَدْ رَءاهُ} رأى محمد جبريل عليهما السلام {نَزْلَةً أخرى} مرة أخرى من النزول نصبت النزلة نصب الظرف الذي هو مرة لأن الفعلة اسم للمرة من الفعل فكانت في حكمها أي نزل عليه جبريل عليه السلام نزلة أخرى في صورة نفسه فرآه عليها وذلك ليلة المعراج {عِندَ سِدْرَةِ المنتهى} الجمهور على أنها شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش.
والمنتهى بمعنى موضع الانتهاء أو الانتهاء كأنها في منتهى الجنة وآخرها، وقيل: لم يجاوزها أحد وإليها ينتهي علم الملائكة وغيرهم ولا يعلم أحد ما وراءها.
وقيل: تنتهي إليها أرواح الشهداء {عِندَهَا جَنَّةُ المأوى} أي الجنة التي يصير إليها المتقون.
وقيل: تأوي إليها أرواح الشهداء {إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى} أي رآه إذ يغشى السدرة ما يغشى، وهو تعظيم وتكثير لما يغشاها، فقد علم بهذه العبارة أن ما يغشاها من الخلائق الدالة على عظمة الله تعالى وجلاله أشياء لا يحيط بها الوصف.
وقد قيل: يغشاها الجم الغفير من الملائكة يعبدون الله تعالى عندها.
وقيل: يغشاها فراش من ذهب {مَا زَاغَ البصر} بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها ومكن منها {وَمَا طغى} وما جاوز ما أمر برؤيته.
{لَقَدْ رأى} والله لقد رأى {مِنْ ءايات رَبّهِ الكبرى} الآيات التي هي كبراها وعظماها يعني حين رقي به إلى السماء فأري عجائب الملكوت.
{أَفَرَءيْتُمُ اللات والعزى ومناة الثالثة} أي أخبرونا عن هذه الأشياء التي تعبدونها من دون الله عز وجل هل لها من القدرة والعظمة التي وصف بها رب العزة؟ اللات والعزى ومناة أصنام لهم وهي مؤنثات، فاللات كانت لثقيف بالطائف.
وقيل: كانت بنخلة تعبدها قريش وهي فعلة من لوى لأنهم كانوا يلوون عليها ويعكفون للعبادة، والعزى كانت لغطفان وهي ثمرة وأصلها تأنيث الأعز وقطعها خالد بن الوليد، ومناة صخرة كانت لهذيل وخزاعة.
وقيل: لثقيف وكأنها سميت مناة لأن دماء النسائك كانت تمنى عندها أي تراق {ومناءة} مكي مفعلة من النوء كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركًا بها {الأخرى} هي صفة ذم أي المتأخرة الوضيعة المقدار، كقوله: {وَقالتِ أُخْرَاهُمْ لأولاهم} [الأعراف: 38] أي وضعاؤهم لرؤسائهم وأشرافهم، ويجوز أن تكون الأولية والتقدم عندهم للات والعزى كانوا يقولون: إن الملائكة وهذه الأصنام بنات الله وكانوا يعبدونهم ويزعمون أنهم شفعاؤهم عند الله مع وأدهم البنات وكراهتهم لهن فقيل لهم {أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضيزى} أي جعلكم لله البنات ولكم البنين قسمة ضيزى أي جائزة من ضازه يضيزه إذا ضامه.
و {ضيزى} فعلى إذ لا فعلى في النعوت فكسرت الضاد للياء كما قيل بيض وهو بوض مثل حمر وسود، {ضئزى} بالهمز: مكي من ضأزه مثل ضازه.
{إِنْ هِىَ} ما الأصنام {إِلاَّ أَسْمَاء} ليس تحتها في الحقيقة مسميات لأنكم تدعون الإلهية لما هو أبعد شيء منها وأشذ منافاة لها {سَمَّيْتُمُوهَا} أي سميتم بها يقال سميته زيدًا وسميته بزيد {أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمْ مَّا أَنزَلَ الله بِهَا مِن سلطان} حجة {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن} إلا توهم أن ما هم عليه حق {وَمَا تَهْوَى الأنفس} وما تشتهيه أنفسهم {وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ الهدى} الرسول والكتاب فتركوه ولم يعملوا به {أَمْ للإنسان مَا تمنى} هي {أم} المنقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار أي ليس للإنسان يعني الكافر ما تمنى من شفاعة الأصنام أو من قوله: {وَلَئِن رُّجّعْتُ إلى رَبّى إِنَّ لِى عِندَهُ للحسنى} [فصلت: 50].
وقيل: هو تمني بعضهم أن يكون هو النبي {فَلِلَّهِ الآخرة والأولى} أي هو مالكهما وله الحكم فيهما يعطى النبوة والشفاعة من شاء وارتضى لا من تمني.
{وَكَمْ مّن مَّلَكٍ في السماوات لاَ تُغْنِى شفاعتهم شَيْئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله لِمَن يَشَاء ويرضى} يعني أن أمر الشفاعة ضيق فإن الملائكة مع قربتهم وكثرتهم لو شفعوا بأجمعهم لأحد لم تغن شفاعتهم شيئًا قط، ولا تنفع إلا إذا شفعوا من بعد أن يأذن الله لهم في الشفاعة لمن يشاء الشفاعة له ويرضاه ويراه أهلًا لأن يشفع له فكيف تشفع الأصنام إليه لعبدتهم {إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة لَيُسَمُّونَ الملائكة} أي كل واحد منهم {تَسْمِيَةَ الأنثى} لأنهم إذا قالوا للملائكة بنات الله فقد سموا كل واحد منهم بنتًا وهي تسمية الأنثى.
{وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ} أي بما يقولون وقرئ بها أي بالملائكة أو التسمية {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن} هو تقليد الآباء {وَإِنَّ الظن لاَ يُغْنِى مِنَ الحق شَيْئًا} أي إنما يعرف الحق الذي هو حقيقة الشيء وما هو عليه بالعلم والتيقن لا بالظن والتوهم {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تولى عَن ذِكْرِنَا} فأعرض عمن رأيته معرضًا عن ذكر الله أي القرآن {وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحياة الدنيا ذلك} أي اختيارهم الدنيا والرضا بها {مَبْلَغُهُمْ مّنَ العلم} منتهى علمهم {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدى} أي هو أعلم بالضال والمهتدي ومجازيهما.
{وَلِلَّهِ مَا في السماوات وَمَا في الأرض لِيَجْزِىَ الذين أسائوا بِمَا عَمِلُواْ} بعقاب ما عملوا من السوء أو بسبب ما عملوا من السوء {وَيِجْزِى الذين أَحْسَنُواْ بالحسنى} بالمثوبة الحسنى وهي الجنة أو بسبب الأعمال الحسنى، والمعنى أن الله عز وجل إنما خلق العالم وسوى هذه الملكوت ليجزي المحسن من المكلفين والمسيء منهم إذ الملك أهل لنصر الأولياء وقهر الأعداء {الذين} بدل أو في موضع رفع على المدح أي هم الذين {يَجْتَنِبُونَ كبائر الإثم} أي الكبائر من الإثم لأن الإثم جنس يشتمل على كبائر وصغائر والكبائر الذنوب التي يكبر عقابها، {كَبِيرٌ} حمزة وعلي أي النوع الكبير منه {والفواحش} ما فحش من الكبائر كأنه قال: والفواحش منها خاصة.
قيل: الكبائر ما أوعد الله عليه النار والفواحش ما شرع فيها الحد {إِلاَّ اللمم} أي الصغائر والاستثناء منقطع لأنه ليس من الكبائر والفواحش وهو كالنظرة والقبلة واللمسة والغمزة {إِنَّ رَبَّكَ واسع المغفرة} فيغفر ما يشاء من الذنوب من غير توبة {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ} أي أباكم {مّنَ الأرض وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ} جمع جنين {فِى بُطُونِ أمهاتكم فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ} فلا تنسبوها إلى زكاء العمل وزيادة الخير والطاعات، أو إلى الزكاة والطهارة من المعاصي ولا تثنوا عليها واهضموها فقد علم الله الزكي منكم والتقي أولًا وآخرًا قبل أن يخرجكم من صلب آدم عليه السلام، وقبل أن تخرجوا من بطون أمهاتكم.
وقيل: كان ناس يعملون أعمالًا حسنة ثم يقولون صلاتنا وصيامنا وحجنا فنزلت.
وهذا إذا كان على سبيل الإعجاب أو الرياء لا على سبيل الاعتراف بالنعمة فإنه جائز لأن المسرة بالطاعة طاعة وذكرها شكر {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتقى} فاكتفوا بعلمه عن علم الناس وبجزائه عن ثناء الناس.
{أَفَرَأَيْتَ الذي تولى} أعرض عن الإيمان.
{وأعطى قَلِيلًا وأكدى} قطع عطيته وأمسك، وأصله إكداء الحافر وهو أن تلقاه كدية وهي صلابة كالصخرة فيمسك عن الحفر.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: فيمن كفر بعد الإيمان.
وقيل: في الوليد بن المغيرة وكان قد اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيره بعض الكافرين وقال له: تركت دين الأشياخ وزعمت أنهم في النار.
قال: إني خشيت عذاب الله.
فضمن له إن هو أعطاه شيئًا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله ففعل وأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل به ومنعه {أَعِندَهُ عِلْمُ الغيب فَهُوَ يرى} فهو يعلم أن ما ضمنه من عذاب الله حق {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} يخبر {بِمَا في صُحُفِ موسى} أي التوراة {وإبراهيم} أي وفي صحف إبراهيم {الذى وفى} أي وفر وأتم كقوله: {فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124] وإطلاقه ليتناول كل وفاء وتوفية.