فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن أبي خالد الوالبي قال: خرج علي بن أبي طالب علينا وقد أقيمت الصلاة ونحن قيام ننتظره ليتقدم، فقال: ما لكم سامدون لا أنتم في صلاة ولا أنتم جلوس منتظرون؟.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فاسجدوا لله واعبدوا} قال: أعنتوا هذه الوجوه لله وعفروها في طاعة الله.
وأخرج البخاري والترمذي وابن مردويه عن ابن عباس قال: سجد النبي صلى الله عليه وسلم في النجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإِنس.
وأخرج أحمد والنسائي وابن مردوية عن المطلب بن أبي وداعة قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم بمكة {والنجم} فسجد وسجد من معه.
وأخرج سعيد بن منصور عن سبرة قال: صلى بنا عمر بن الخطاب الفجر فقرأ في الركعة الأولى سورة يوسف، ثم قرأ في الثانية النجم، فسجد ثم قام فقرأ إذا زلزلت ثم ركع. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في السورة الكريمة:

قال عليه الرحمة:
سورة النجم:
قوله جل ذكره: (بسم الله الرحمن الرحيم).
{بسم الله} اسم حليم فيما يعلم ويستر ما يبصر ويغفر، وعلى العقوبة بقدر، يرى ويخفي، ويعلم ولا يبدي.
قوله جلّ ذكره: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}.
والثريا إذا سقط وغرب. ويقال: هو جِنْسُ النجوم أقسم بها.
ويقال: هي الكواكب. ويقال: أقسم بنجوم القرآن عَلَى النبي صلى الله عيله وسلم ويقال هي الكواكب التي تُرمَى بها الشياطين.
ويقال أقسم بالنبي صلى الله عليه وسلم عند مُنَصَرفهِ من المعراج.
ويقال: أقسم بضياء قلوب العارفين ونجوم عقول الطالبين.
وجوابُ القسَم قوله: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}: أي ما ضَلَّ عن التوحيد قط، {وَمَا غَوَى}: الغَيُّ: نقيضُ الرُّشد.. وفي هذا تخصيصٌ للنبي صلى الله عليه وسلم حيث تولّى- سبحانه- الذّبَ عنه فيما رُميَ به، بخلاف ما قال لنوح عليه السلام وأذِنَ له حتى قال: {لَيْسَ بِى ضَلاَلَةٌ} [الأعراف: 61]، وهود قال: {لَيْسَ بِى سَفَاهَةٌ} [الأعراف: 67]. وغير ذلك، وموسى قال لفرعون: {وَإِنِّى لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: 102]. وقال لنبينا صلى الله عليه وسلم: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}: معناه ما ضلَّ صاحبُكم، ولا غَفَل عن الشهود طَرْفَةَ عينٍ.
قوله جلّ ذكره: {وَمَا ينطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى}.
أي ما ينطق بالهوى، وما هذا القرآن إلا وحيٌ يُوحَى. وفي هذا أيضًا تخصيصٌ له بالشهادة؛ إذ قال لداود: {فَاحْكُم بَيْنَ النَّاس بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ص: 26].
وقال في صفة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}.
{ومتى ينطق عن الهوى} وهو في محل النجوى؟ في الظاهر مزمومٌ بزمام التقوى، وفي السرائر في إيواء المولى، مُصَفَّى عن كدورات البشرية، مُرَقَّى إلى شهود الأَحَدِية، مُكاشَفٌ بجلالِ الصمدية، مُخْتَطفٌ عنه بالكُلِّيَّة، لم تبقَ منه إلا للحقِّ بالحقِّ بقية ومَنْ كان بهذا النعت متى ينطق عن الهوى؟
قوله جلّ ذكره: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى}.
أي جبريل عليه السلام. و{ذُو مِرَّةٍ}: أي ذو قوة وهو جبريل.
{وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى} أي جبريل.
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}.
دنا جبريلُ من محمدٍ عليه السلام. فتدلَّى جبريلُ: أي نَزَلَ من العُلُوِّ إلى محمد.
وقيل: {تدلَّى} تفيد الزيادةَ في القُرْب، وأَنَّ محمدًا عليه السلام هو الذي دنا من ربِّه دُنُوَّ كرامة، وأَنَّ التدلِّى هنا معناها السجود.
ويقال: دنا محمدٌ من ربِّه بما أُودِعَ من لطائفِ المعرفة وزوائِدها، فتدلَّى بسكون قلبه إلى ما أدناه.
{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}: فكان جبريل- وهو في صورته التي هو عليها- من محمد صلى الله عليه وسلم بحيث كان بينهما قَدْرُ قوسين أو أدنى.
ويقال: كان بينه صلى الله عليه وسلم وبين الله قَدْر قوسين: أراد به دُنُوَّ كرامة لا دُنُوَّ مسافة.
ويقال: كان من عادتهم إذا أرادوا تحقيقَ الأُلْفَةِ بينهم إِلصاقُ أحدِهم قوسَه بقوس صاحبه عبارةً عن عقد الموالاة بينهما، وأنزل اللَّهُ- سبحانه- هذا الخطابَ على مقتضى معهودهم. ثم رفع اللَّهُ هذا فقال: {أَوْ أَدْنَى} أي بل أدنى.
قوله جلّ ذكره: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى}.
أي أَوحى اللَّهُ إلى محمدٍ ما أوحى. ويقال: أَحْمَلَه أحْمَالًا لم يَطَّلِعْ عليها أحدٌ.
ويقال: قال له: ألم أجدك يتيمًا فآويتُك؟ ألم أجدك ضالًا فَهديتُك؟
أَلم أجدك عائلًا فأغنيتك؟ أَلم أِشرح لك صدرك؟
ويقال: بَشَّرَه بالحوض والكوثر.
ويقال: أوحى إليه أَنَّ الجنَّةَ مُحَرَّمةٌ عَلَى الأنبياءِ حتى تدخلها، وعلى الأمم حتى تدخلها أُمتَّك. والأَوْلَى أَن يقال: هذا الذي قالوه كله حَسَنٌ، وغيره مما لم يَطَّلِعْ أحدٌ كله أيضًا كان له في تلك الليلة وحدَه؛ إذ رقَّاه إلى ما رقَّاه، ولقَّاه بما لقَّاه، وأدناه حيث لا دنوَّ قبله ولا بعده، وأخذه عنه حيث لا غيرٌ، وأصحاه له في عين ما محاه عنه، وقال له ما قال دون أن يَطَّلِعَ أحدٌ على ما كا بينهما من السِِّّرِّ.
قوله جلّ ذكره: {مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى}.
ما كذَّبَ فؤادُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ما رآه ببصره من الآيات. وكذلك يقال: رأى ربَّه تلك الليلة على الوصف الذي عَلِمَه قبل أن يراه.
قوله جلّ ذكره: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى}.
أفتجادلونه على ما يرى؟
قوله جلّ ذكره: {وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ المْنُتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}.
أي جبريلُ رأى اللَّهَ مرةً أخرى حين كان محمدٌ عند سدرة المنتهى؛ وهي شجرة في الجنة، وهي منتهى الملائكة، وقيل: تنتهي إليها أرواحُ الشهداء. ويقال: تنتهي إليها أرواحُ الخَلْقِ، ولا يَعْلم ما وراءها إلا الله تعالى- وعنداها {جَنَّةُ الْمَأْوَى} وهي جنة من الجِنان.
قوله جلّ ذكره: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى}.
يغشاها ما يغشاها من الملائكة ما الله أعلمُ به.
وفي خبر: «يغشاها رفرف طير خُضْرٍ».
ويقال: يغشاها فَرَاشٌ من ذَهَبٍ.
ويقال: أُعْطِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها خواتيم البقرة. وغُفِرَ لمن مات من أُمَّتِه لا يشرك بالله شيئًا.
قوله جلّ ذكره: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}.
ومضمون كلام القشيري أننا لو كنا نستسيغ حدوث أحوال الكشوفات والمواصلات التي تتاح للأولياء العارفين..
فكيف لا نتقبلها بالنسبة للمصطفى عليه صلوات اللّه وسلامه؟ وبمعنى آخر: نجد التفسير الصوفي يبرز نفسه في قوة ونصاعة لتوضيح قضية من قضايا التدين، كانت موضع جدل في زمانها وبعد زمانها.
ما مَالَ- صلوات الله عليه وسلامه- ببصره عمَّا أُبيح له من النظر إلى الآيات، والاعتبارِ بدلائلها.
فما جَاوَزَ حَدَّه، بل رَاعَى شروطَ الأدبِ في الحَضْرة.
قوله جلّ ذكره: {لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}.
أي (الآية) الكبرى، وحَذَفَ الآية وهي تلك التي رآها في هذه الليلة. ويقال: هي بقاؤه في حال لقائِه ربَّه بوصفِ الصَّحْوِ، وحَفَظَه حتى رآه.
قوله جلّ ذكره: {أَفَرَءَيْتُمْ الَّلاَتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرَُ وَلَهُ الأُنثَى تِلْكَ إِذاَ قِسْمَةٌ ضِيزَى}.
هذه أصنامٌ كانت العرب تعبدها؛ فاللات صنمٌ لثقيف، والعُزَّى شجرةٌ لغطفان، ومناه صخرة لهذيل وخزاعة.
ومعنى الآية: أَخْبِرونا هل لهذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله من القدرة أن تفعل بعائذٍ بها ما فَعَلْنا نحن لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم من الرُّتب والتخصيص؟.
ثم وبَّخَهم فقال: أرأيتم كيف تختارون لأنفسكم البنين وتنسبون البنات إلى الله؟ تلك إذًا قسمةٌ ناقصةٌ!
قوله جلّ ذكره: {إِنْ هي إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى}.
أنتم ابتدعتُم هذه الاسماءَ من غير أنْ يكونَ اللَّهُ أَمَركم بهذا، أو أذِن لكم به.
فأنتم تتبعون الظنَّ، {وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}.
{وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهمُ الْهُدَى}: فأعرضوا عنه، وكما أنَّ ظنَّ الكفار أوْجبَ لهم الجهلَ والحَيْرةَ والحُكْمَ بالخطأ- فكذلك في هذه الطريقة: مَنْ عَرَّجَ على أوصاف الظنِّ لا يَحْظَى بشيءٍ من الحقيقة؛ فليس في هذا الحديث إلا القطعُ والتحقُّق، فنهارُهم قد مَتَعَ، وشمسُهم قد طلعت، وعلومُهم أكثرها صارت ضرورية.
أمَّا الظنُّ الجميلُ بالله فليس من هذا الباب، والتباسُ عاقبةَ الرجلِ عليه ليس أيضًا من هذه الجملة ذات الظن المعلول في الله، وفي صفاته وأحكامه.
قوله جلّ ذكره: {أَمْ للإِنسَانِ مَا تَمَنَّى}.
أي ليس للإِنسان ما يتمنَّاه؛ فإنَّه يتمنى طولَ الحياةِ والرفاهيةَ وخِصْبَ العَيْشِ وما لا نهاية له، ولكنَّ أحدًا لا يبلغ ذلك بتمامه.
ويقال: ما يتمنَّاه الإنسانُ أنْ يرتفعَ مرادُه واجبًا في كل شيء- وأَن يَرتْفعَ مرادُ عَبْدٍ واجبًا في كل شيءٍ ليس من صفات الخَلْقِ بل هو الله، الذي له ما يشاء:
{فَلِلَّهِ الأَخِرَةُ وَالأُولَى}.
له الآخرةُ والأُولى خَلْقًا ومِلْكًا، فهو المَلِكُ المالك صاحبُ المُلْكِ التام. فأمَّا المخلوقُ فالنقصُ لازِمٌ للكُلِّ.
قوله جلّ ذكره: {وَكَم مِّن مَّلَكٍ في السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِى شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى}.
وهذا ردٌّ عليهم حيث قالوا: إنَّ الملائكةَ شفعاؤنا عند الله.
قوله جلّ ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالأَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْملائِكَةَ تَسْمِيةَ الأُنثَى وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبعُُِونَ إلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}.
هذه التَّسْمِيةُ من عندهم، وهم لا يتبعون فيها علمًا أو تحقيقًا بل ظَنًّا- والظنُّ لا يفيد شيئًا.
قوله جلّ ذكره: {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ العِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى}.
أي أَعْرِض عمَّن أَعرض عن القرآن والإيمان به وتدَبُّرِ معانيه، ولم يُرِدْ إِلا الحياةَ الدنيا. ذلك مبلغهم من العلم؛ وإنما رضوا بالدنيا لأنهم لم يعلموا حديث الآخرة، وإِنَّ ربَّك عليمٌ بالضالِّ، عليمٌ بالمهتدِي وهو يجازي كلًا بما يستحق.
قوله جلّ ذكره: {وَلِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرْضِ لِيَجْزِىَ الَّذِينَ أَسَائُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجْزِىَ الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى}.
يجزي الذين أساؤوا بالعقوبات، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
قوله جلّ ذكره: {الَّذِينَ يَجْتَيِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ}.
الذنوبُ كلُّها كبائر لأنها مخالِفةٌ لأمر الله، ولكن بعضَها أكبرُ من بعضٍ. ولا شيءَ أعظمُ من الشِّرك.
{وَالْفَوَاحِشَ} المعاصي.
{إِلاَّ اللَّمَمَ}: تكلموا فيه، وقالوا: إنه استثناء منقطع، واللمم ليس بإثم ولا من جملة الفواحش.
ويقال: اللمم من جملة الفواحش ولكن فيها اشتباهًا- فأخبر أنه يغفرها.
ويقال: اللمم هو أن يأتيَ المرءُ ذلك ثم يُقْلِعَ عنه بالتوبة.
وقال لعضُ السَّلَفِ: هو الوقعة من الزِّنا تحصل مرةً ثم لا يعود إليها، وكذلك شرب الخمر، والسرقة وغير ذلك، ثم لا يعود إليها.
ويقال: هو أن يهم بالزَّلَّة ثم لا يفعلها.
ويقال: هو النَّظَر. ويقال: ما لا حدَّ عليه من المعاصي، وتُكَفِّر عنه الصلوات. (والأصحُّ أنه استثناء منقطع وأن اللمم ليس من جملة المعاصي).
قوله جلّ ذكره: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسَعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ في بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ هُوَأَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}.
{إِذْ أَنَشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ}: يغني خَلْقَ آدم.
ويقال: تزكيةُ النَّفْسِ من علامات كَوْنَ المرءِ محجوبًا عن الله؛ لأنَّ المجذوب إلى الغاية والمستغرق في شهود ربِّه لا يُزكِّي نفسه.
{هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}: لأنه أعلمُ بكم منكم.
ويقال: مَنْ اعتقد أنَّ على البسيطة أحدًا شرٌّ منه فهو مُتَكَبِّرٌ.
ويقال: المسلمُ يجب أنْ يكونَ بحيث يرى كلَّ مسلمٍ خيرًا منه: فإن رأى شيخًا، قال: هو أكثرُ منِّي طاعةً وهو أفضلُ منِّي، وإنْ رأى شابًا قال: هو أفضلُ مني لأنه أقلُّ منِّي ذَنْبًا.
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34)}.
أعرض عن الحقِّ، وتصدَّق بالقليل.
{وَكْدَى} أي قطع عطاءَه.
{أَعِندُهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فهُوَ يَرَى}.
{فَهُوَ يَرَى}: فهو يعلم صِحَّةً ذلك. يقال: هو المنافق الذي يُعين على الجهاد قليلًا ثم يقطع ذلك:
{أَعِندُهُ عِلْمُ الْغَيْبِ}: فهو يرى حاله في الآخرة؟
{أَمْ لَمْ يُنَبَأْ بِمَا في صُحُفِ مُوسَى وَِإبْرَاهِيمَ الذي وَفَّى}.
أم لم يُنَبَأْ هذا الكافرُ بما في صحف موسى، وصحف إبارهيم الذي وفّى؛ أي أتمَّ ما طُولِبَ به في نَفْسِه ومالِه ووَلدِه.