فصل: مطلب في القدر وما يتعلق به:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



راجع الآية 6 من سورة هود في ج 2.

.مطلب في القدر وما يتعلق به:

والمراد من هذا تحديد وقت الكتابة في اللوح لا أصل القدر لأنه أزلي لا أول له، وروي أيضا عن أبي هريرة قال: جاء مشركو قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر فنزلت هذه الآية.
وروي عن طاووس قال: أدركت أناسا من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقولون كل شيء بقدر اللّه تعالى.
وسمعت عبد اللّه بن عمر يقول: قال صلى الله عليه وسلم: «كل شيء يقدر حتى العجز (عدم القدرة على الفعل) والكيس (النشاط والحذق بالأمور)» أي قدر اللّه ذلك في البشر أيضا وأخرج الترمذي عن علي كرم اللّه وجهه قال: قال رسول اللّه: «لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا اللّه، واني رسول اللّه بعثني بالحق، ويؤمن بالموت وبالبعث، ويؤمن بالقدر».
وأخرج أيضا عن جابر قال: قال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بالقدر خيره وشره وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه».
وهذا حديث غريب يعرف من طريق عبد اللّه بن ميمون وهو منكر الحديث.
أما الحديث المتفق عليه فهو حديث جبريل عليه السلام المشهور الذي فيه «وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال صدقت».
وهو الذي رواه مسلم عن عمر رضي اللّه عنه، والحديث الآخر الذي رواه الترمذي عن ابن عباس وكلاهما في حديث الأربعين، وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وحسنه ابن ماجه وابن عدي وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال صلى الله عليه وسلم «صنفان من أمتي ليس لهما نصيب في الإسلام: المرجئة والقدرية»، أنزلت فيهم آية في كتاب اللّه {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} الآية المارة وإن الذين ينكرون القدر هم خصماء اللّه لأنهم يقولون لا يقدر اللّه المعصية على العبد ثم يعذبه عليها ويسمون القدرية لإنكارهم القدر وزعمهم ان اللّه تعالى لم يتقدم علمه بالأشياء وانه يعلمها بعد وقوعها، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا، وقد أجمعت الأئمة من أهل السنة والجماعة على اثبات القدر وانه تعالى قدر جميع الأشياء في القدم وعلم انها ستقع في أوقات معلومة عنده على صفات مخصوصة فتقع بحسب ما قدرها.
والحكم الشرعي هو وجوب اعتقاد ما قرره هذا المذهب الحق وأجمع عليه جمهور المحققين ورفض قول المبتدعة وتفسيقهم.
قال امام الحرمين قال رسول اللّه: «القدرية مجوس هذه الأمة» رواه أبو حاتم عن ابن عمر عن رسول اللّه وأخرجه أبو داوود في سننه والحاكم أبو عبد اللّه في المستدرك على شروط الصحيحين، وقال صحيح على شرط الشيخين ان صح سماع ابي حاتم عن ابن عمر.
قال الخطابي: انما جعلهم حضرة الرسول مجوسا لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس لقولهم بالأصلين النور والظلمة أي الخير في النور والشر في الظلمة، فصاروا ثنوية، وكذلك القدرية يضيفون الخير إلى اللّه والشر إلى غيره مع أنه لا يكون شيء إلا بمشيئة اللّه فالخير والشر مضافان إلى اللّه خلقا وإيجادا، وإلى العبد فعلا واكتسابا.
ويزعم كثير من الناس ان معنى القضاء والقدر إجبار اللّه العبد على ما قدره وقضاه عليه، وليس الأمر كذلك بل معناه الاخبار عن تقدم علم اللّه بما يكون من اكساب العبد وصدورها عن تقدير منه وخلق لها، ومعنى القدر ما صدر مقدرا عن فعل القادر ومعنى القضاء الخلق.
قال تعالى: {فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ} الآية 12 من فصلت في ج 2 أي خلقهن قال محمد بن قتيبة في كتاب غريب الحديث، وأبو المعالي إمام الحرمين في كتاب الإرشاد في أصول الدين: ان بعض القدرية قالوا لسنا بقدرية بل أنتم يا أهل السنة والجماعة القدرية، لاعتقادكم اثبات القدر، وهذا تمويه من هؤلاء الجهلة ومباهتة وتواقح لأن أهل الحق يفوضون أمورهم إلى اللّه تعالى ويضيفون القدر والأفعال إلى اللّه وهم يضيفونه إلى أنفسهم ومدعي الشيء لنفسه ومضيفه إليها اولى بأن ينسب إليه من يعتقده لغيره، وينفيه عن نفسه، والمرجئة الذين يقولون بالتأخير أي يؤخرون حتى ينزل اللّه فيهم ما يريد فهؤلاء يؤخرون العمل عن الرتبة وعن الاعتقاد أو لأنهم يقولون لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم خمس فرق، ومن أراد أن يطلع على عقائدهم وماهيتهم فليراجع ص 193 من الجزء الثالث من المواقف ففيه كفاية.
قال تعالى: {وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ} أي كلمة أو إشارة مفردة إذا أردنا شيئا نقول له {كُنْ} فيكون بين الكاف والنون وليعلم ان الارادة غير الأمر وغير القول والفرق بينهما ان الارادة قدر والقول قضاء وقد يؤمر بالشيء ولا يراد وضدّه النهي وضد القول السكوت، وفي قوله تعالى: {واحدة} اشارة إلى إنفاذ الأمر بلا تكرار القول.
ثم بين سرعة ذلك الأمر بالنسبة إلينا وهو عنده دون ذلك فقال إذا رمزنا إلى شيء بالكونية كان حالا ووجد {كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} أي بقدر ما يرد أحدكم طرفه وهذا تمثيل لما تقبله عقولنا والا فهو أقل وأقل فالذي جاء بعرش بلقيس من سبأ إلى القدس بلمحة بصر هو عبد من عبيده فكيف برب ذلك العبد الذي أقدره على ذلك راجع الآية 40 من سورة النمل الآتية.
قال تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ}.
أشباهكم في الكفر ونظرائكم في العناد يا قوم محمد ويا أهل مكة المشرفة من الأمم السابقة {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} يخاف ويعتبر بمن سلف قبل ان يحل فيه ما حل بهم {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ} المتقدمون وما يفعله المتأخرون مثل كفار مكة ومن قبلهم وبعدهم الخير والشر كله مدون {فِي الزُّبُرِ} من قبل الحفظة في اللوح المحفوظ مما وقع وسيقع إلى يوم القيمة قدره ونوعه وجنسه ومكانه وزمانه وصفته {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ} من العوالم وأفعالهم {مُسْتَطَرٌ} عند اللّه أزلا لا يعزب شيء منه عنه، الذرة فما فوقها وما دونها {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} أنهار كثيرة وإنما جاء بلفظ نهر لموافقة رؤوس الآي وهذه الأنهار من ماء صاف بارد وعسل مصفى وخمر لا غول فيه ولبن خالص واشربة متنوعه ممالذ وطاب مهيئة هذه الأنهار للمتقين {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} مجلس لا لغو فيه ومسرح لا فجور فيه ومكان مرضي لا غضب فيه لا نظير له ولا شبيه {عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} على كل شيء وتحت ملكه كل شيء عظيم القدرة على كل شيء فأي منزلة أكرم من هذه وأجمع للسعادة والغبطة.
وفقنا اللّه لها بمنه وكرمه وجعلنا من أهلها بجوار حرمه.
قال الإمام جعفر الصادق رضي اللّه عنه وصف اللّه تعالى المكان بالصدق فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق وهو منهم جعلنا اللّه من أتباعه وقال بعض أهل المعرفة ان اللّه تعالى أبهم العذبة والقرب ونكر مليكا ومقتدرا اشارة إلى ان ملكه وقدرته لا تدرك الأفهام كنهها، وان قربهم منه سبحانه بمنزلة من الكرامة والسعادة بحيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر يجل عنه اللسان وتكل دونه الأذهان.
وهذه الآية من المتشابه الذي سبق أن نوهنا به في الآية 30 من سورة (ق) المارة إذ درجنا فيها ما يتعلق بآيات الصفات وأحاديثها هذا، واللّه أعلم، واستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه، العلي العظيم، وصلّى اللّه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة القمر:
{وانشق القمر} كاف وكذا {مستمر}.
{أهواءهم} تام وكذا {مستقر}.
{مزدجر} حسن وقال أبو عمرو كاف. هذا إن رفعت {حكمة} بأنها خبر مبتدأ محذوف فإن رفعت بدلا من {ما} لم يكن ذلك وقفا.
{حكمة بالغة} كاف عند أبي حاتم والأحسن الوقف على {فما تغنى النذر}.
{فتول عنهم} تام.
و{يوم يدع الداع} منصوب بيخرجون.
{منتشر} صالح.
{إلى الداع} كاف.
{يوم عسر} تام.
{وازدجر} كاف.
{فانتصر} صالح وكذا {منهمر} و{قد قدر} و{دسر}.
و{كفر} كاف وكذا {مدكر}.
{ونذر} حسن.
{من مدكر} تام عند أبي حاتم.
{ونذر} حسن.
{منقعر} حسن.
{من مدكر} تام.
{بالنذر} صالح.
{نتبعه} وقف عند بعضهم ولا أحبه لبشاعة الابتداء بما بعده.
{ضلال وسعر} كاف.
{كذاب أشر} حسن.
{الأشر} تام.
{واصطبر} كاف وكذا {قسمة بينهم} و{محتضر} و{فعقر}.
{ونذر} حسن.
{المحتظر} تام وكذا {من مدكر}.
{بالنذر} كاف وكذا {من عندنا}.
{من شكر} حسن وكذا {بالنذر}.
{ونذر} تام وكذا {من مدكر}.
{النذر} كاف.
{مقتدر} حسن.
{منتصر} تام.
{الدبر} كاف.
{أدهى وأمر} تام.
{وسعر} كاف.
{مس سقر} حسن.
{بقدر} تام وكذا {بالبصر} و{من مدكر} و{في الزبر} و{مستطر}.
{ونهر} كاف.
آخر السورة تام. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

سورة القمر مكية.
خمس وخمسون آية وكلمها ثلاثمائة واثنتان وأربعون كلمة وحروفها ألف وأربعمائة وثلاثة وعشرون حرفًا.
{القمر} كاف للابتداء بالشرط ومثله {مستمر} وكذا {أهواءهم}.
{مستقر} تام.
{مزدجر} كاف إن رفعت {حكمة} بتقدير هي وليس بوقف إن رفعتها بدلًا من قوله: {ما فيه} أو نصبتها حالًا من {ما} وهي موصولة أو موصولة أو موصوفة وتخصصت بالصفة فنصب عنها الحال وقرئ {مدَّجر} بالإدغام.
{بالغة} كاف عند أبي حاتم وقال نافع تام.
{فما تغني النذر} أكفى مما قبله.
{فتول عنهم} تام عند أبي حاتم ولا يجوز وصله لأنَّه لو وصل بما بعده صار {يوم يدع} ظرفا للتولي عنهم وليس كذلك بل هو ظرف {يخرجون} والمعنى عندهم على التقديم والتأخير أي يخرجون من الأجداث يوم يدع الدَّاع فإذا كان كذلك فالتام فتول عنهم لأنَّ الظرف إذا تعلق بشيء قبله لم يوقف على ما قبله فلا يوقف على {شيء نكر} وكذا لا يوقف على {أبصارهم} لأنَّ {خاشعًا} أو {خشعًا} منصوب على الحال من الضمير في {يخرجون} أي يخرجون خشعًا أبصارهم يوم يدع الداع وكذا منتشر لأنَّ قوله: {مهطعين} منصوب على الحال من فاعل {يخرجون} فهي حال متداخلة.
{إلى الداع} تام عند نافع.
{يوم عسر} تام.
{وازدجر} كاف ومثله {فانتصر} على استئناف ما بعده وليس بوقف إن جعل ما بعده متصلًا بما قبله.
{منهمر} جائز ومثله {عيونًا}.
{قد قدر} كاف على استئناف ما بعده وكذا {ودسر} على استئناف {تجري} وليس بوقف إن جعل في موضع نصب أو جر.
{بأعيننا} جائز لأنَّ {جزاء} يصلح مفعولًا للجزاء أو مصدر المحذوف أي جوز واجزاء.
{كفر} كاف ومثله {آية} وكذا {مدكر}.
{ونذر} تام ومثله {مدكر} وكذا {ونذر}.
{مستمر} ليس بوقف لأنَّ {تنزع} صفة للريح ومثله في عدم الوقف {الناس}.
{منقعر} تام ومثله {ونذر} وكذا {مدكر}.
{بالنذر} جائز ومثله {نتبعه} ولا كراهة ولا بشاعة بالابتداء بما بعده لأنَّ القارئ غير معتقد معنى ذلك وإنَّما هو حكاية قول قائلها حكاها الله عنهم وليس بوقف إن عاق إذا بنتبعه أي إنَّا إذًا نتبعه فنحن في ضلال وسعر.
{وسعر} كاف على استئناف الاستفهام ومثله {أشر}.
{الأشر} تام.
{فتنة لهم} حسن وقيل كاف على استئناف ما بعده.