فصل: قال الزمخشري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخبرنا الحسين قال: حدّثنا ابن شنبة قال: حدّثنا القرماني قال: حدّثنا عبد الأعلى بن حماد قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان قال حدّثني أبو مخزوم عن سيار أبي الحكم قال: بلغنا أنّ وفد نجران قالوا: أمّا الارزاق والأقدار فبقدر الله، وأما الاعمال فليس بقدر، فأنزل الله سبحانه فيهم {إِنَّ المجرمين فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} الى آخر الآية.
وأخبرنا الحسين قال: حدّثنا ابن شنبة قال: حدّثنا أبو حامد أحمد بن جعفر المستملي قال: حدّثنا ابن أبي العوام قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا الصباح بن سهل البصري أبو سهل قال: حدّثنا جعفر بن سليمان عن خالد بن سلمة عن سعيد بن عمر عن عمر بن زرارة عن أبيه قال: كنت جالسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ: {إِنَّ المجرمين فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} الى آخر السورة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزلت هذه الآيات في ناس يكونون في آخر أُمتي يكذبون بقدر الله».
وأخبرنا أحمد بن محمد بن يعقوب بن محمويه الفقيه بالقصر قال: حدّثنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل قال: حدّثنا الحسين بن عرفه العبدي قال: حدّثنا مروان بن شجاع الجزري عن عبدالملك بن جريج عن عطاء بن أبي رياح قال: أتيت ابن عباس وهو ينزع في زمزم قد ابتلّت أسافل ثيابه، فقلت له: قد تكلّم في القدر، فقال: أو قد فعلوها؟، قلت: نعم، قال: فوالله ما نزلت هذه الآية إلاّ فيهم {ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، أُولئك شرار هذه الأُمة، لا تعودوا مرضاهم ولا تصلّوا على موتاهم. إنْ أريتني أحدًا منهم فقأت عينيه بإصبعيَّ هاتين.
وأخبرني عقيل بن محمد الفقيه أن أبا الفرج البغدادي أخبرهم عن محمد بن جرير قال: حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيم قال: أخبرنا حصين عن سعيد بن عبيده عن أبي عبد الرَّحْمن السلمي قال: لمّا نزلت هذه الآية {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} قال رجل: يا رسول الله ففيم العمل في شيء يستأنفه أو في شيء قد فرغ منه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعملوا فكل ميسّر سنيسره لليسرى وسنيسره للعسرى».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا محمد بن الحسين بن صقلاب قال: حدّثنا أبو الحسن احمد بن محمد بن عبيد الطوابيقي قال: حدّثنا علي بن حرب الطائي قال: حدّثنا أبو مسعود يعني الزجاج. قال: حدّثنا أبو سعد عن طلق بن حبيب عن كعب قال: نجد في التوراة أن القدرية يسحبون في النار على وجوههم.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثني موسى بن محمد بن علي قال: حدّثنا عبد الله بن محمد ابن سنان قال: حدّثنا عمرو بن منصور أبو عثمان العيسي قال: حدّثني أبو أسيد الثقفي، قال: حدّثني ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: تمارينا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقدر حتى هذه» وأشار بأصبعه السبابة حتى ضرب على ذراعه الأيسر.
وأخبرني ابن السري النحوي في (درب حاجب) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد العماني قال: أخبرنا عبد الله بن احمد بن عامر قال: حدّثنا أبي قال: حدّثني علي بن موسى الرضا قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي جعفر بن محمد قال: حدّثني أبي محمد بن علي قال: حدّثني أبي علي بن الحسين قال: حدّثني أبي الحسين بن علي قال: حدّثني أبي علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله عزّوجل قدّر المقادير ودبر التدبر قبل أن يخلق آدم بألفي عام».
وأخبرني الحسين قال: حدّثنا عمر بن احمد بن القاسم النهاوندي قال: حدّثني أحمد بن حماد بن سفيان قال: حدّثنا السري بن عاصم الهمداني قال: حدّثنا محمد بن مصعب القرقساني عن الاوزاعي عن عبده بن أبي لبابة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان بالقدر يذهب الهمّ والحزن».
وأخبرني الحسين بن محمد قال: حدّثنا محمد بن علي بن الحسن الصوفي قال: حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي قال: حدّثنا محمد بن المثنى قال: حدّثني إبراهيم بن أبي الوزير قال: حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري عن سيف الكوفي عن أبي فزارة قال: قال ابن عباس: إذا كثرت القدرية بالبصرة ائتفكت بأهلها، وإذا كثرت السبائية بالكوفة ائتفكت بأهلها.
وبه عن الساجي قال: حدّثنا الحسن بن حميد قال: حدّثني عبد الله بن الحسن بن عبد الملك بن حسان الكلبي قال: حدّثني سعيد بن محمد الغساني قال: لما أخذ أبو شاكر الديصاني بالبصرة فأقرّ أنه ديصاني، وكان يجهر القول بالرفض والقدر، فقيل له: لِمَ اخترت القول بالقدر والرفض؟، قال: اخترت القول بالقدر لأُخرج أفعال العباد من قدرة الله، وأنه ليس بخالقها، فإذا جاز أن يخرج من قدرته شيء جاز أن تخرج الأشياء من قدرته كلها، واخترت القول بالرفض لاتصول بالطعن الى نقلة هذا الدين، فإذا بطل النقلة بطل المنقول.
وأخبرني الحسين بن محمد قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الرَّحْمن الدقاق قال: حدّثنا محمد ابن عبدالعزيز قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدّثنا الدراوردي قال: قال لي أبو سهيل: إذا سلم عليك القدرية فردّ عليهم كما ترد على اليهود قل: وعليك.
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ} أشباهكم في الكفر من الأُمم السالفة {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ} من خير أو شرع يعني الأشياع {فِي الزبر} في كتب الحفظة، وقيل: في اللوح المحفوظ.
{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ} منهم ومن أعمالهم {مُّسْتَطَرٌ} مكتوب محفوظ عليهم. يقال: كتبت واكتتبت وسطرت واستطرت، وقرأ واقترأت.
{إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ} بساتين {وَنَهَرٍ} أنهار، ووحّده لأجل رؤوس الآي. كقوله سبحانه: {وَيُوَلُّونَ الدبر} [القمر: 45]، وقال الضحاك: يعني في ضياء وسعة، ومنه النهار قال الشاعر:
ملكت بها كفي وانهرت فتقها ** يرى قائم من دونها ما وراءها

أي وسعت خرقها.
وقرأ الأعرج وطلحة (ونُهُر) بضمتين كأنها جمع نُهار يعني لا ليل لهم.
قال الفراء: أنشدني بعض العرب:
إن تك ليليًا فإني نهر ** متى أتى الصبح فلا أنتظر

أي صاحب نهار، وقال الآخر:
لولا الثريدان هلكنا بالضمر ** ثريد ليل وثريد بالنُهُر

{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} في مجلس حق لا لغو فيه ولا مأثم وهو الجنة {عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} ملك قادر و(عند) إشارة إلى القربة والرتبة.
قال الصادق: مدح الله المكان بالصدق فلا يقعد فيه إلاّ أهل الصدق.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا موسى بن محمد قال: حدّثنا الحسن بن علويه قال: حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال: حدّثنا المسيب بن إبراهيم البكري عن صالح بن حيان عن عبد الله بن بريده أنّه قال في قوله سبحانه وتعالى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} إنّ أهل الجنة يدخلون كل يوم على الجبار تبارك وتعالى فيقرأون عليه القرآن، وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي هو يجلسه على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة باعمالهم، فلم تقرّ أعينهم بشيء قط كما تقرّ أعينهم بذلك، ولم يسمعوا شيئًا أعظم ولا أحسن منه، ثم ينصرفون الى رحالهم ناعمين، قريرة أعينهم الى مثلها من الغد.
وأخبرني الحسين قال: حدّثنا سعد بن محمد بن أبي إسحاق الصيرفي قال: حدّثنا محمد ابن عثمان بن أبي شيبة قال: حدّثنا زكريا بن يحيى قال: حدّثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن عاصم بن ضمرة عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا في مسجد المدينة، فذكر بعض أصحابه الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله لواءً من نور وعمودًا من زبرجد خلقهما قبل أن يخلق السماوات بألفي عام، مكتوب على رداء ذلك اللواء: لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، محمد خير البرية، صاحب اللواء أمام القوم». فقال علي: الحمد لله الذي هدانا بك وكرّمنا وشرفنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا علي أما علمت أن من أحبنا وانتحل محبتنا أسكنه الله تعالى معنا». وتلا هذه الآية {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ}.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن ماجة قال: حدّثنا الحسن ين أيوب. قال: حدّثنا عبد الله بن أبي زياد. قال: حدّثنا سيار قال: حدّثنا رياح القيسي عن ثور قال: بلغنا أن الملائكة يأتون المؤمنين يوم القيامة فيقولون: يا أولياء الله انطلقوا، فيقولون: إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة، فيقولون: إنكم لتذهبون بنا الى غير بغيتنا، فيقال لهم: وما بغيتكم؟ فيقولون: المقعد مع الحبيب.
وسمعت أبا القاسم يقول: سمعت أبا محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم البلاذري يقول: سمعت بكر بن عبد الرَّحْمن يقول: كان ذو النون المصري يحضّ أصحابه على التهجّد وقيام الليل. فإذا أحسّ منهم فترة قال: كدّوا يا أولياء الله، فإن للأولياء في الجنة مقعد صدق يكشف حجب يوم يرون الجليل حقًّا. اهـ.

.قال الزمخشري:

سورة القمر مكية، إلا الآيات 44 و45 و46 فمدنية، وآياتها 55، نزلت بعد الطارق.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

.[سورة القمر: الآيات 1- 3]:

{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقولوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)}.
انشقاق القمر من آيات رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ومعجزاته النيرة. عن أنس بن مالك رضى اللّه عنه أن الكفار سألوا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم آية فانشق القمر مرتين.
وكذا عن ابن عباس وابن مسعود رضى اللّه عنهما، قال ابن عباس: انفلق فلقتين فلقة ذهبت وفلقة بقيت. وقال ابن مسعود: رأيت حراء بين فلقتى القمر. وعن بعض الناس: أن معناه ينشق يوم القيامة، وقوله: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقولوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} يردّه، وكفى به رادّا، وفي قراءة حذيفة: {وقد انشق القمر}، أي: اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق، كما تقول: أقبل الأمير وقد جاء المبشر بقدومه. وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال: ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشق على عهد نبيكم.
{مستمر}: دائم مطرد، وكل شيء قد انقادت طريقته ودامت حاله، قيل فيه: قد استمرّ. لما رأوا تتابع المعجزات وترادف الآيات: قالوا: هذا سحر مستمرّ. وقيل: مستمرّ قوى محكم، من قولهم: استمر مريره. وقيل: هو من استمر الشيء إذا اشتدّت مرارته، أي: مستبشع عندنا، مرّ على لهواتنا، لا نقدر أن نسيغه كما لا يساغ المر الممقر. وقيل: مستمر مارّ، ذاهب يزول ولا يبقى، تمنية لأنفسهم وتعليلا. وقرئ: {وإن يروا} {وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ} وما زين لهم الشيطان من دفع الحق بعد ظهوره {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} أي كل أمر لابد أن يصير إلى غاية يستقرّ عليها، وإن أمر محمد سيصير إلى غاية يتبين عندها أنه حق، أو باطل وسيظهر لهم عاقبته. أو وكل أمر من أمرهم وأمره مستقر، أي: سيثبت ويستقر على حالة خذلان أو نصرة في الدنيا، وشقاوة أو سعادة في الآخرة. وقرئ بفتح القاف، يعنى: كل أمر ذو مستقرّ، أى: ذو استقرار. أو ذو موضع استقرار أو زمان استقرار. وعن أبى جعفر: {مستقر}، بكسر القاف والجرّ عطفا على الساعة، أي: اقتربت الساعة واقترب كل أمر مستقر يستقر ويتبين حاله.

.[سورة القمر: الآيات 4- 7]:

{وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (7)}.