فصل: الإعراب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{كَالدِّهانِ} في الدهان قولان أحدهما أنه جمع دهن نحو قرط وقراط ورمح ورماح وهو في معنى قوله: يوم تكون السماء كالمهل وهو دردي الزيت والثاني أنه اسم مفرد، وقال الزمخشري: اسم لما يدهن به كالجزام والإدام. وقيل هو الأديم الأحمر.
{بِسِيماهُمْ} السيما مشتق من السوم وهو رفع الثمن عن مقداره والعلامة ترفع باظهارها لتقع المعرفة بها.
{بِالنَّواصِي} جمع ناصية وهي شعر مقدّم الرأس وأصله الاتصال فالناصية متصلة بالرأس.
{حَمِيمٍ}: ماء حار.
{آنٍ} شديد الحرارة وفعله أنّى يأني أنيا.

.الإعراب:

{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ} كلام مستأنف مسوق للتهديد والوعيد، والسين حرف استقبال ونفرغ فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره نحن و{لكم} متعلقان بنفرغ و{أيّه الثقلان} منادى نكرة مقصودة حذف منه حرف النداء و{الثقلان} بدل من {أيّه}.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا} {يا} حرف نداء و{معشر الجن} منادى مضاف و{الإنس} عطف على {الجن} و{إن} شرطية و{استطعتم} فعل ماض في محل جزم فعل الشرط و{أن} حرف مصدري ونصب و{تنفذوا} فعل مضارع منصوب بأن وأن وما في حيزها في موضع نصب مفعول {استطعتم} و{من أقطار السموات والأرض} متعلقان بتنفذوا، {فانفذوا}: الفاء رابطة لجواب الشرط لأن الجواب طلب وانفذوا فعل أمر والواو فاعل والمراد بالأمر هنا التعجيز.
{لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ} {لا} نافية و{تنفذون} فعل مضارع مرفوع والواو فاعل و{إلا} أداة حصر و{بسلطان} متعلقان بتنفذون.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ} الجملة مستأنفة و{يرسل} فعل مضارع مبني للمجهول و{عليكما} متعلقان بيرسل و{شواظ} نائب فاعل و{من نار} نعت لشواظ {ونحاس} عطف على {شواظ} وقرئ بالجر عطفا على {نار} وعبارة القرطبي: وقرأ ابن كثير وابن محيصن ومجاهد وأبو عمرو: {ونحاس} بالخفض عطفا على النار، قال المهدوي: من قال: إن الشواظ النار والدخان جميعا فالجر في نحاس هذا تبيين، فأما الجر على قول من جعل الشواظ اللهب الذي لا دخان فيه فبعيد لا يسوغ إلا على تقدير حذف موصوف فكأنه قال يرسل عليكما شواظ من نار وشيء من نحاس فشيء معطوف على شواظ ومن نحاس جار ومجرور صفة لشيء وحذفت من لتقدّم ذكرها في من نار فيكون نحاس على هذا مجرورا بمن المحذوفة والفاء عاطفة ولا نافية و{تنتصران} فعل مضارع مرفوع والألف فاعل أي فلا تمتنعان من ذلك ولا تجدان منجاة منه.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ} الفاء استئنافية وإذا انشقت السماء ظرف لما يستقبل من الزمن وفعل وفاعل والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها، {فكانت} عطف على {انشقّت} واسم كانت مستتر يعود على {السماء} و{وردة} خبرها و{كالدهان} نعت لوردة أو خبر ثان لكانت أو حال من اسم كانت وسيأتي مزيد بحث عن هذا التشبيه في باب البلاغة.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ} الفاء رابطة لجواب إذا وقيل جواب إذا محذوف أي فإذا انشقّت السماء رأيت أمرا عظيما، والفاء عاطفة عليه ولا داعي لهذا التكلّف، ويومئذ ظرف متعلق بيسأل وإذ ظرف مضاف إلى مثله والتنوين فيه عوض عن جملة أي فيوم إذا انشقت السماء ولا نافية و{يسأل} فعل مضارع مبني للمجهول و{عن ذنبه} متعلقان بيسأل و{إنس} نائب فاعل {ولا جان} عطف على {إنس}، والجان والإنس كلّ منهما اسم جنس يفرّق بينه وبين واحده بالياء كزنج وزنجي.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ} يعرف فعل مضارع مبني للمجهول و{المجرمون} نائب فاعل و{بسيماهم} متعلقان بيعرف والفاء عاطفة ويؤخذ فعل مضارع مبني للمجهول و{بالنواصي} هو نائب الفاعل ويؤخذ متعدّ ومع ذلك تعدّى بالباء لأن ضمن معنى يسحب كما قال أبو حيان، ويسحب إنما يتعدى بعلى، قال تعالى: {يوم يسحبون في النار على وجوههم} فالأولى أن يقال ضمن معنى يدفع أي يدفعون والمعنى تأخذ الملائكة بنواصيهم أي بشعورهم من مقدم رءوسهم وأقدامهم فيقذفونهم في النار، وقال الضحاك: يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره. وعنه يؤخذ برجلي الرجل فيجمع بينهما وبين ناصيته حتى يندقّ ظهره ثم يلقى في النار.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} {هذه} مبتدأ و{جهنم} خبر و{التي} صفة وجملة {يكذب بها المجرمون} صلة لا محل لها.
{يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} الجملة حال من {المجرمين} أو مستأنفة و{يطوفون} فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والظرف متعلق بيطوفون {وبين} عطف على الظرف الأول و{آن} نعت لحميم وهو منقوص فالكسرة مقدّرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.

.البلاغة:

في قوله: {فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان} تشبيه تمثيلي، أراد بالوردة الغرس، والوردة تكون في الربيع أميل إلى الصفرة فإذا اشتد البرد كانت وردة حمراء فإذا كان بعد ذلك كانت وردة أميل إلى الغبراء فشبّه تلوّن السماء حال انشقاقها بالوردة وشبّهت الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه.
فالتشبيه تمثيلي كما ترى مركب من قسمين أو صورتين متعاقبتين صورة السماء منشقة وصورة الوردة ثم صورة الدهان والصورتان الأخيرتان لتوضيع وجه الشبه وهو أحوال تلونها فهي في الربيع صفراء وفي الشتاء حمراء ثم غبراء داكنة عند الذبول وهذا التلوّن التدريجي من اللون الناصع إلى اللون الداكن يشبه أيضا لون الدهن وقد عملت فيه النار فاشتعل بلون أصفر ثم بدت ألسنته محمرّة إذ آذن بالانطفاء ثم يتحوّل إلى رماد داكن.
وقال الملحدون: ما وجه الشبه في {فكانت وردة كالدّهان} وتكرير {فبأي آلاء ربكما تكذبان} بعد ذكر العذاب مثل {يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس} وإنما حقّ ذلك أن يذكر بعد تعديد النعم، والجواب عن الأول أنه قيل: معناه أن السماء تتلوّن من الفزع الأكبر كما تتلوّن الدهان المختلفة وأن الدهان جمع دهن فهو كقوله تعالى: {يوم تكون السماء كالمهل} فيمن قال: المهل الزيت المغلي وقيل الدهان الجلد الأحمر، وأما الجواب عن الثاني فإن من أنذرك وخوفك من عاقبة ما تصير إليه فقد أنعم عليك، ألا تراه سبحانه قد قال: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، وقد علمنا أنه بعث بشيرا لمن آمن ونذيرا لمن كفر فجعل الإنذار رحمة كما جعل التبشير وكذا كل من عليها فان، فإذا انشقّت السماء، فيه إنعام على الخلق حيث أعلمهم بما كانوا يجهلونه وحذّرهم بما يصيرون إليه وقد جعل سبحانه التحذير رأفة بقوله: {ويحذركم اللّه نفسه واللّه رءوف بالعباد}.

.[الرحمن: الآيات 46- 61]:

{وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (46) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (47) ذَواتا أَفْنانٍ (48) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (49) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (50) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (51) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (52) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (55) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (58) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (59) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (60) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (61)}.

.اللغة:

{أَفْنانٍ} أغصان جمع فنن أو هي الأغصان الدقيقة التي تتفرغ من فروع الشجر، وخصّت بالذكر لأنها تورق وتثمر وتمدّ الظل.
{إِسْتَبْرَقٍ} ديباج غليظ والبطان جمع بطانة وهو باطن الظهارة وقيل إن الظهار من سندس وهو مارق من الديباج.
{جَنَى} الجنى: الثمرة التي قد أدركت على الشجرة.
{دانٍ} قريب يناله القائم والقاعد والنائم.
{قاصِراتُ الطَّرْفِ} المقصورة المحبوسة ويقال قصيرة وقصورة أي مخدّرة قال كثير:
وأنت التي حبّبت كل قصيرة ** إليّ ولم تشعر بذاك القصائر

عنيت قصيرات الحجال ولم أرد ** قصار الخطا شر النساء البحاتر

وقال امرؤ القيس:
من القاصرات الطرف لو دبّ محول ** من الذر فوق الأتب منها لأثرا

والطرف أصله مصدر فلذلك وحّد، والظاهر أنهنّ اللواتي يقصرن أعينهنّ على أزواجهنّ فلا ينظرن إلى غيرهم وقيل الطرف طرف غيرهنّ أي قصرن عيني من ينظر إليهنّ عن النظر إلى غيرهنّ.
{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} لم يفتضهن وهنّ من الحور أو من نساء الدنيا المنشآت وفي المصباح: طمث الرجل امرأته طمثا من بابي ضرب وقتل افتضّها وافترعها ولا يكون الطمث نكاحا إلا بالتدمية وعليه قوله تعالى: {لم يطمثهنّ}.
{الْياقُوتُ} جوهر نفيس أحمر اللون يقال أن النار لا تؤثر فيه قال:
ألقني في لظى فإن غيّرتني ** فتيقن أن لست بالياقوت

ومن خواصّه أنه يقطع جميع الحجارة إلا الماس فإنه يقطعه لصلابته وقلّة مائة وشدة الشعاع والثقل والصبر على النار، قال بعضهم في مليح اسمه ياقوت:
ياقوت ياقوت قلب المستهام به ** من المروءة أن لا يمنع القوت

سكنت قلبي وما تخشى تلهبه ** وكيف يخشى لهيب النار ياقوت

والمرجان صفار اللؤلؤ وهو أشدّ بياضا ويطلق على الآخر أيضا وسيأتي المزيد من سرّ هذا التشبيه في باب البلاغة.

.الإعراب:

{وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ} الواو عاطفة و{لمن} خبر مقدم وجملة {خاف} صلة من و{مقام ربه} مفعول به وهو يحتمل أن يكون اسم مكان وأن يكون مصدرا ميميا وعندئذ يحتمل معنيين الأول أنه بمعنى قيام اللّه عزّ وجلّ على الخلائق والثاني أنه بمعنى قيام الخلائق بين يديه تعالى و{جنتان} مبتدأ مؤخر والمراد جنة واحدة وإنما ثنّى مراعاة للفواصل، وعبارة الزمخشري فإن قلت لم قال: {جنتان} قلت: الخطاب للثقلين فكأنه قيل لكل خائفين منكما جنتان جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجنّي ويجوز أن يقال جنة لفعل الطاعات وجنة لترك المعاصي.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدّم إعرابها {ذَواتا أَفْنانٍ} {ذواتا} صفة لجنتان و{أفنان} مضاف إليه وخصّ الأفنان بالذكر لأنها هي التي تمرع وتورق ومنها تمتد الظلال وتجنى الثمار وقيل الأفنان أنواع النعيم وألوانه مما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين قال:
ومن كل أفنان اللذاذة والصبا ** لهوت به والعيش أخضر ناضر

وذات مؤنث ذو التي بمعنى صاحب، ولا تكون إلا مضافة.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدّم إعرابها.
{فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ} {فيهما} خبر مقدّم و{عينان} مبتدأ مؤخر وجملة {تجريان} نعت {عينان} أي في الأعالي والأسافل، والأقوال كثيرة في العينين ولعلّ ما أوردناه أقرب إلى المنطق.