فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ} {فيهما} خبر مقدّم و{من كل فاكهة} حال لأنه كان في الأصل صفة لزوجان وتقدم و{زوجان} مبتدأ مؤخر أي صنفان وكلاهما مستلذ معذوذب.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ} {متكئين} منصوب على المدح بفعل محذوف أو حال من قوله: {ولمن خاف} لأن من فيها معنى الجمع وقيل العامل محذوف أي يتنعمون متكئين و{على فرش} متعلقان بمتكئين و{بطائنها} مبتدأ و{من إستبرق} خبر والجملة صفة لفرش والواو حالية أو عاطفة و{جنى} مبتدأ و{الجنتين} مضاف إليه و{دان} خبر وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} {فيهنّ} خبر مقدّم والضمير يعود على {الجنتين} وما اشتملتا عليه من قصور ومقاصير أو على الجنات المدلول عليها بقوله: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} وإذا كان لكل فرد من الخائفين جنتان فصحّ أنها جنات كثيرة، و{قاصرات الطرف} مبتدأ مؤخر و{لم} حرف نفي وقلب وجزم و{يطمثهنّ} فعل مضارع مجزوم بلم والجملة صفة لقاصرات الطرف لأن الإضافة لفظية فلا تتعرف ويجوز أن تكون حالية لأن النكرة قد تخصصت بالإضافة و{إنس} فاعل و{قبلهم} ظرف زمان متعلق بيطمثهنّ، {ولا جان} عطف على {إنس}.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدّم إعرابها.
{كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ} الجملة نعت لقاصرات الطرف أو حال منها وكأن واسمها و{الياقوت} خبرها {والمرجان} عطف على {الياقوت}.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ} {هل} حرف استفهام معناه الجحد والنفي و{جزاء} مبتدأ و{الإحسان} مضاف إليه و{إلا} أداة حصر و{الإحسان} خبر {جزاء}.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.

.البلاغة:

1- في قوله: {فيهنّ قاصرات الطرف} فن الإرداف وقد تقدم أنه أن يريد المتكلم معنى فلا يعبّر عنه بلفظه الموضوع له بل بلفظ هو ردف المعنى الخاص وتابعه قريب من لفظ المعنى الخاص قرب الرديف من الردف، والمعنى في الآية- كما قلنا- فيهنّ عفيفات قد قصرت عفّتهنّ طرفهن على بعولتهنّ، وعدل عن المعنى الخاص إلى لفظ الإرداف لأن كلّ من عفّ غضّ الطرف عن الطموح، فقد يمتد نظر الإنسان إلى شيء وتشتهيه نفسه ويعفّ عنه مع القدرة عليه لأمر آخر، وقصر طرف المرأة على بعلها أو قصر طرفها حياء وخفرا أو قصر عيني من ينظر إليهنّ عن النظر إلى غيرهنّ أمر زائد على العفّة لأن من لا يطمح طرفها لغير بعلها أو لا يطمح حياء وخفرا فإنها ضرورة تكون عفيفة، فكل قاصرة الطرف عفيفة وليست كل عفيفة قاصرة الطرف فلذلك عدل عن اللفظ الخاص إلى لفظ الإرداف.
2- في قوله: {كأنهنّ الياقوت والمرجان} تشبيه مرسل مجمل لوجود الأداة، أما وجه الشبه فهو الصفاء، وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلّة حتى يرى مخها وذلك بأن اللّه عزّ وجلّ يقول: {كأنهنّ الياقوت والمرجان} فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لأريته من ورائه».
وعن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «في قوله: {كأنهنّ الياقوت والمرجان} قال: ينظر إلى وجهه في خدّها أصفى من المرآة وإن أدنى لؤلؤة عليها لتضيء ما بين المشرق والمغرب وإنه ليكون عليها سبعون حلّة ينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك». وسيأتي مزيد من وصف نساء الجنة في سورة الواقعة.

.الفوائد:

(هَلْ) ترد في الكلام على أربعة أوجه:
1- تكون بمعنى (قد) كقوله: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا}.
2- وبمعنى الاستفهام كقوله: {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا}.
3- وبمعنى الأمر كقوله: {فهل أنتم منتهون}.
4- وبمعنى الجحد كقوله: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}.

.[الرحمن: الآيات 62- 78]:

{وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (62) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (63) مُدْهامَّتانِ (64) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (65) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (66) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (67) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (69) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (70) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (71) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (72) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (76) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (77) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (78)}.

.اللغة:

{مُدْهامَّتانِ} في المختار: دهمهم الأمر غشيهم وبابه فهم وكذا دهمتهم الخيل، ودهمهم بفتح الهاء لغة والدهمة السواد يقال فرس أدهم وبعير أدهم وناقة دهماء وإدهام ادهيماما أي اسودّ قال اللّه تعالى: {مدهامتان} أي سوداوان من شدّة الخضرة من الري والعرب تقول لكل شيء أخضر أسود وسمّيت قرى العراق سوادا لكثرة خضرتها، والشاة الدهماء الحمراء الخالصة الحمرة ويقال للقيد أدهم. وفي القاموس: وحديقة دهماء ومدهامة خضراء تضرب إلى السواد نعمة وربا ومنه مدهامتان.
{نضَّاخَتانِ}: فوارتان بالماء لا تنقطعان والنضخ أكثر من النضح لأن النضح بالحاء المهملة الرش وبالخاء المعجمة كالبزل والنضاخة الفوارة التي ترمي بالماء صعدا.
{مَقْصُوراتٌ} قصرن في خدورهنّ، يقال امرأة قصيرة وقصورة ومقصورة أي مخدّرة.
{الْخِيامِ} في القاموس: الخيمة أكمة فوق أبانين، وكل بيت مستدير أو ثلاثة أعواد أو أربعة يلقى عليها الثمام ويستظل بها في الحر أو كل بيت يبنى من عيدان الشجر والجمع خيمات وخيام وخيم وخيم بالفتح وكعنب، وأخامها وأخيمها: بناها، وخيّموا دخلوا فيها وبالمكان أقاموا والشيء غطاه بشيء كي يعبق وخام عنه يخيم خيما وخيمانا وخيوما وخيومة وخيمومة وخياما نكص وجبن، وكاد كيدا فرجع عليه. وفي القرطبي وقال عمر رضي اللّه عنه: الخيمة درّة مجوفة.
{رَفْرَفٍ} جمع رفرفة أي بسط أو وسائد فهو اسم جمع أو اسم جنس جمعي وفي القاموس: والرفرف ثياب خضر تتخذ منها المحابس وتبسط، وكسر الخباء وجوانب الدرع وما تدلى منها وما تهدّل من أغصان الأيكة، وفضول المحابس والفرش وكل ما فضل فثني، والفراش، وسمك بحري وشجر ينبت باليمن والروشن والوسادة والبظر والشجر الناعم المسترسل والرياض والبسط وخرقة تخاط في أسفل السرادق والفسطاط والرقيق من ثياب الديباج.
{عَبْقَرِيٍّ} منسوب إلى عبقر وتزعم العرب أنه اسم لبلد الجن فينسبون إليه كل شيء عجيب، قال في القاموس: عبقر موضع كثير الجن وقرية بناؤها في غاية الحسن. والعبقري الكامل من كل شيء وقال الخليل: النفيس من الرجال وغيرهم. وقال قطرب: ليس هو من المنسوب بل هو بمنزلة كرسي وبختي.

.الإعراب:

{وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ} {من دونهما} خبر مقدم و{جنتان} مبتدأ مؤخر أي من دون تينك الجنتين المتقدمين جنتان في المنزلة وحسن المنظر وهذا على رأي من جعل الأولتين أفضل من الآخرتين وقيل بالعكس ورجحه الزمخشري وقال الكسائي: {ومن دونهما} أي أمامهما وقبلهما فلا فاضل ثم ولا مفضول.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{مُدْهامَّتانِ} نعت {جنتان}.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابهاِ.
{فيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ} الجملة نعت ثان لجنتان و{فيهما} خبر مقدّم و{عينان} مبتدأ مؤخر و{نضاختان} نعت {عينان}.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} {فيهما} خبر مقدّم و{فاكهة} مبتدأ مؤخر {ونخل} عطف على {فاكهة} {ورمان} عطف على {نخل}، وسيأتي معنى التخصيص في باب البلاغة.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ} {فيهنّ} خبر مقدم و{خيرات} مبتدأ مؤخر و{حسان} صفة.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ} {حور} بدل من {خيرات} لأن {خيرات} فيه وجهان أحدهما أنه جمع خيرة بوزن فعلة بسكون العين يقال امرأة خيرة وأخرى شرّة والثاني أنه جمع خيرة المخفّف من خيرة بالتشديد ويدل على ذلك قراءة {خيرات} بتشديد الياء ويجوز لك أن تعرب {حورا} خبرا لمبتدأ مضمر أي هنّ حور أو مبتدأ حذف خبره أي فهنّ حور و{مقصورات} نعت لحور و{في الخيام} متعلقان بمقصورات.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها من قبل.
{مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ} حال حذف عامله أي يتنعمون أو نصب على المدح واقتصر عليه الزمخشري، وهو عائد على من خاف مقام ربه، و{على رفرف} متعلقان بمتكئين و{خضر} نعت {وعبقري} عطف على {رفرف} و{حسان} نعت لرفرف خضر وعبقري.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} {تبارك} فعل ماض و{اسم ربك} فاعله و{ذي} صفة لرب و{الجلال} مضاف إليه {والإكرام} عطف على {الجلال} وقيل أن اسم صلة لمعنى تبارك ربك قال لبيد:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ** ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

.البلاغة:

في قوله: {فيهما فاكهة ونخل ورمان} فإنما فصلهما بالواو لتخصيصها بالمزايا والفضل، وعبارة الزمخشري: فإن قلت: لم عطف النخل والرمان على الفاكهة وهما منها؟ قلت اختصاصا لهما وبيانا لفضلهما فإنهما كأنهما من المزية جنسان آخران كقوله تعالى: {وجبريل وميكائيل} أو لأن النخل ثمرة فاكهة وطعام والرمان فاكهة ودواء فلم يخلصا للتفكه ومنه قال أبو حنيفة رحمة اللّه إذا حلف لا يأكل فاكهة فأكل رمانا أو رطبا لم يحنث وخالفه صاحباه. وحكى الزجّاج عن يونس النحوي وهو من قدماء النحويين أن النخل والرمان من أفضل الفواكه وإنما فصلا بالواو لفضلهما، وقال الأزهري: ما علمت أن أحدا من العرب قال في النخل والرمان وثمارها أنها ليست من الفاكهة وإنما قال ذلك من قال لقلة علمه بكلام العرب وتأويل القرآن العربي المبين والعرب تذكر الأشياء جملة ثم تختصّ شيئا منها بالتسمية تنبيها على فضل فيه. وعبارة الكرخي: وهما من الفاكهة وبه قال الشافعي رضي اللّه عنه وأكثر العلماء فيحنث بأكل أحدهما من حلف لا يأكل فاكهة وحينئذ فعطفهما عليها من عطف الخاص على العام تفصيلا وقيل إنهما ليسا من الفاكهة وعليه أبو حنيفة حيث قال: من حلف لا يأكل فاكهة لم يحنث بأكل النخل والرمان. وهل هو من عطف الخاص على العام أم هو عطف ما تضمنه الأول، والظاهر أن الآية ليست من عطف الخاص على العام لأن النكرة في سياق الإثبات لا تعمّ عموما شموليا. اهـ.