فصل: من فوائد الجصاص في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أي لا يشوبها ما يشوب الحياة في هذه الدار فيكون الحيوان مصدرا على هذا الثاني أن يكون المعنى أنها الدار التي تفنى ولا تنقطع ولا تبيد كما يفنى الأحياء في هذه الدنيا فهي أحق بهذا الاسم من الحيوان الذي يفنى ويموت.
فصل:
الاسم الثامن الفردوس قال تعالى: {أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها} والفردوس اسم يقال على جميع الجنة ويقال على أفضلها وأعلاها كأنه أحق بهذا الاسم من غيره من الجنات وأصل الفردوس البستان والفراديس البساتين قال كعب هو البستان الذي فيه الاعناب وقال الليث الفردوس جنة ذات كروم يقال كرم مفردس أي معرش وقال الضحاك هي الجنة الملتفة بالأشجار وهو اختيار المبرد وقال الفردوس فيما سمعت من كلام العرب الشجر الملتف والأغلب عليه العنب وجمعه الفراديس قال ولهذا سمى باب الفراديس بالشام وانشد لجرير:
فقلت للركب إذ جد المسير بنا ** يا بعد من باب الفراديس

وقال مجاهد هذا البستان بالرومية واختاره الزجاج فقال هو بالرومية منقول إلى لفظ العربية قال وحقيقتة أنه البستان الذي يجمع كل ما يكون في البساتين قال حسان:
وأن ثواب الله كل مخلد ** جنان من الفردوس فيها يخلد

فصل:
الاسم التاسع جنات النعيم قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم} وهذا ايضا آسم جامع لجميع الجنات لما تضمنته من الأنواع التي يتنعم بها من المأكول والمشروب والملبوس والصور والرائحة الطيبة والمنظر البهيج والمساكن الواسعة وغير ذلك من النعيم الظاهر والباطن.
فصل:
الاسم العاشر المقام الأمين قال تعالى: {إن المتقين في مقام أمين} والمقام الأمين موضع الإقامة والأمين الآمن من كل سوء وآفة ومكروه وهو الذي قد جمع صفات الأمن كلها فهو آمن من الزوال والخراب وأنواع النقص واهله آمنون فيه من الخروج والنغص والنكد والبلد الأمين الذي قد أمن من أهله فيه مما يخالف منه سواهم وتأمل كيف ذكر سبحانه الأمن في قوله تعالى: {إن المتقين في مقام أمين} وفي قوله تعالى: {يدعون فيها بكل فاكهة آمنين} فجمع لهم بين أمن المكان وأمن الطعام فلا يخافون انقطاع الفاكهة ولا سوء عاقبتها ومضرتها وأمن الخروج منها فلا يخافون ذلك وأمن من الموت فلا يخافون فيها موتا.
فصل:
الاسم الحادي عشر والثاني عشر مقعد الصدق وقدم الصدق قال تعالى: {إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق} فسمى جنته مقعد صدق لحصول كل ما يراد من المقعد الحسن فيها كما يقال مودة صادقة إذا كانت ثابتة تامة وحلاوة صادقة وحملة صادقة ومنه الكلام الصدق لحصول مقصوده منه وموضع هذه اللفظة في كلامهم الصحة والكمال ومنه الصدق في الحديث والصدق في العمل والصديق الذي يصدق قوله بالعمل والصدق بالفتح الصلب من الرماح ويقال للرجل الشجاع أنه لذو مصدق أي صادق الحملة وهذا مصداق هذا اي ما يصدقه ومنه الصداقة لصفاء المودة والمخالة ومنه صدقني القتال وصدقني المودة ومنه قدم صدق ولسان صدق ومدخل صدق ومخرج صدق وذلك كله للحق الثابت المقصود الذي يرغب فيه بخلاف الكذب الباطل الذي لا شيء تحته وهو لا يتضمن أمرا ثابتا قط وفسر قوم صدق بالجنة وفسر بالأعمال التي تنال بها الجنة وفسر بالسابقة التي سبقت لهم من الله وفسر بالرسول الذي على يده وهدايته نالوا ذلك والتحقيق أن الجميع حق فأنهم سبقت لهم من الله الحسنى بتلك السابقة أي بالأسباب التي قدرها لهم على يد رسوله وأدخر لهم جزاءها يوم القيامة ولسان الصدق وهو لسان الثناء الصادق بمحاسن الأفعال وجميل الطرائق وفي كونه لسان صدق اشارة إلى مطابقته للواقع وأنه أثناء بحق لا بباطل ومدخل الصدق ومخرج الصدق هو المدخل والمخرج الذي يكون صاحبه فيه ضامنا على الله وهو دخوله وخروجه بالله ولله وهذه الدعوة من أنفع الدعاء للعبد فإنه لا يزال داخلا في أمر وخارجا من أمر فمتى كان دخوله لله وبالله وخروجه كذلك كان قد أدخل مدخل صدق وأخرج مخرج صدق والله المستعان. اهـ.

.من فوائد الجصاص في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
وَمِنْ سُورَةِ الرَّحْمَنِ:
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}.
قوله تَعالى: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ}.
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ أَنَّ الْعَصْفَ التِّبْنُ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ: الرَّيْحَانُ الْوَرَقُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ الرَّيْحَانَ الْحَبُّ وَقال الْحَسَنُ: هُوَ الرَّيْحَانُ الَّذِي يُشَمُّ.
قال أَبُو بَكْرٍ: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ ذَلِكَ مُرَادًا؛ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ الرَّيْحَانِ أَنَّهُ الْمَشْمُومُ، وَلَمَّا عَطَفَ الرَّيْحَانَ عَلَى الْحَبِّ ذِي الْعَصْفِ وَالْعَصْفُ هُوَ سَاقُهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّيْحَانَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَهُ رَائِحَةٌ مُسْتَلَذَّةٌ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ لَهُ سَاقٌ، وَذَلِكَ نَحْوُ الضَّيْمَرَانِ وَالنَّمَّامِ وَالْآسِ الَّذِي يُخْرِجُ وَرَقُهُ رَيْحَانًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ ذَا سَاقٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
وقوله تَعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} مُرَادُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ الْمِلْحِ دُونَ الْعَذْبِ، وَهُوَ كَقولهِ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}، وَإِنَّمَا أُرْسِلَ مِنْ الْإِنْسِ وَقال ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: الْمَرْجَانُ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ. وَقِيلَ: الْمَرْجَانُ الْمُخْتَلِطُ مِنْ الْجَوَاهِرِ، مِنْ مَرَجْت أَيْ خَلَطْت. وَقِيلَ: إنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الْجَوَاهِرِ كَالْقُضْبَانِ يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ.
وَقِيلَ: إنَّمَا قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا} لِأَنَّ الْعَذْبَ وَالْمِلْحَ يَلْتَقِيَانِ فَيَكُونُ الْعَذْبُ لِقَاحًا لِلْمِلْحِ، كَمَا يُقال يَخْرُجُ الْوَلَدُ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَإِنَّمَا تَلِدُهُ الْأُنْثَى، وَقال ابْنُ عَبَّاسٍ: إذَا جَاءَ الْقَطْرُ مِنْ السَّمَاءِ تَفَتَّحَتْ الْأَصْدَافُ فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ.
وقوله تَعالى: {فَإِذَا انْشَقَّتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}، رُوِيَ أَنَّهَا تَحْمَرُّ وَتَذُوبُ كَالدُّهْنِ، رُوِيَ أَنَّ سَمَاءَ الدُّنْيَا مِنْ حَدِيدٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صَارَتْ مِنْ الْخُضْرَةِ إلَى الِاحْمِرَارِ مِنْ حَرِّ نَارِ جَهَنَّمَ كَالْحَدِيدِ إذَا أُحْمِيَ بِالنَّارِ.
وقوله تَعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ وَلَا جَانٌّ}؛ قِيلَ فِيهِ: لَا يُسْأَلُ سُؤَالَ اسْتِفْهَامٍ لَكِنْ سُؤَالَ تَقْرِيرٍ وَتَوْقِيفٍ وَقِيلَ فِيهِ: لَا يُسْأَلُ فِي أَوَّلِ أَحْوَالٍ حُضُورِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنْ الدَّهَشِ وَالذُّهُولِ ثُمَّ يُسْأَلُونَ فِي وَقْتٍ آخَرَ.
وقوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} يُحْتَجُّ بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ الرُّطَبَ وَالرُّمَّانَ لَيْسَا مِنْ الْفَاكِهَةِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ إنَّمَا يُعْطَفُ عَلَى غَيْرِهِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْكَلَامِ.
وَمَفْهُومُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّهُ انْفَرَدَ بِالذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ لِضَرْبٍ مِنْ التَّعْظِيمِ وَغَيْرِهِ، كَقولهِ تَعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}.
آخِرُ سُورَةِ الرَّحْمَنِ. اهـ.

.من فوائد ابن العربي في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
سورة الرحمن فِيهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ: قولهُ تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إلَّا الْإِحْسَانُ}.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَديث الصَّحِيحِ {أَنَّ جِبْرِيلَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْإِحْسَانِ فَقال أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك}.
فَهَذَا إحْسَانُ الْعَبْدِ.
وَأَمَّا إحْسَانُ اللَّهِ فَهُوَ دُخُولُ الْحُسْنَى وَهِيَ الْجَنَّةُ، وَلِلْحُسْنَى دَرَجَاتٌ بَيَّنَّاهَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ؛ وَهَذَا مِنْ أَجَلِّهَا قَدْرًا، وَأَكْرَمِهَا أَمْرًا، وَأَحْسَنِهَا ثَوَابًا، فَقَدْ قال اللَّهُ تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} فَهَذَا تَفْسِيرُهُ. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
سورة الرحمن:
{الرَّحْمَنُ (1)}.
قوله: {الرحمن} فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ، أي: اللَّهُ الرحمنُ. الثاني: أنه مبتدأٌ، وخبرُه مضمرٌ، أي: الرحمنُ ربُّنا. وهذان الوجهان عند مَنْ يرى أنَّ {الرحمن} آيةٌ مع هذا المضمرِ معه، فإنهم عَدُّوا {الرحمن} آيةً ولا يُتَصَوَّرُ ذلك إلاَّ بانضمامِ خبرٍ أو مُخْبَرٍ عنه إليه، إذ الآيةُ لابد أَنْ تكونَ مفيدةً، وسيأتي ذلك في قوله: {مُدْهامَّتان}. الثالث أنه ليس بآيةٍ، وأنه مع ما بعده كلامٌ واحدٌ، وهو مبتدأٌ خبرُه {عَلَّم القرآن}.
{عَلَّمَ القرآن (2)}.
قوله: {عَلَّمَ القرآن}: فيه وجهان، أظهرُهما: أنها عَلَّم المتعديةُ إلى اثنين أي: عَرَّف، من التعليم، فعلى هذا المفعولُ الأولُ محذوف فقيل: تقديره: عَلَّم جبريلَ القرآن. وقيل: علَّم محمدًا. وقيل: عَلَّم الإِنسانَ. وهذا أَوْلَى لعُمومِه، ولأنَّ قوله: {خَلَق الإِنسانَ} دالٌّ عليه. والثاني: أنها من العلامةِ. فالمعنى: جَعَله علامةً وآيةً يُعْتنى بها.
وهذه الجملُ التي جيْءَ بها من غيرِ عاطفٍ لأنها سِيْقَتْ لتعديدِ نعمةٍ كقولك: فلانٌ أَحْسَنَ إلى فلانٍ: أكرمه، أشاد ذِكْرَه، رَفَعَ مِنْ قَدْرِه، فلشِدَّةِ الوصلِ تَرَكَ العاطفَ. والظاهر أنها أخبارٌ. وقال أبو البقاء: و{خَلَق الإِنسان} مستأنفٌ وكذلك {عَلَّمه} يجوزُ أَنْ يكونَ حالًا من الإِنسان مقدرةً و(قد) معها مرادةٌ. انتهى. وهذا ليس بظاهرٍ بل الظاهرُ ما قدَّمتهُ ولم يذكُرْ الزمخشريُّ غيرَه. فإن قيل: لِمَ قَدَّم تعليمَ القرآن للإِنسان على خَلْقِه وهو متأخرٌ عنه في الوجودِ؟ قيل: لأنَّ التعليمَ هو السببُ في إيجادِه وخَلْقِه.
{الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5)}.
قوله: {بِحُسْبَانٍ}: فيه ثلاثة أوجه، أحدُها: أن {الشمس} مبتدأ و{بحُسْبان} خبرُها على حَذْفِ مضافٍ تقديره: جَرْيُ الشمس والقمر بحُسْبانٍ، أي: كائن أو مستقر أو استقرَّ بحُسْبان. الثاني: أنَّ الخبرَ محذوفٌ يتعلَّق به هذا الجارُّ تقديره: يَجْريان بحسبان، وعلى هذين القوليْن فيجوز في الحُسْبان وجهان، أحدهما: أنه مصدرٌ مفردٌ بمعنى الحُسْبان، فيكونُ كالشُّكران والكُفْران. والثاني: أنه جمعُ حِساب كشِهاب وشُهْبان.
والثالث: أنَّ الحُسْبَانَ خبرُه، والباءُ ظرفيةٌ بمعنى في، أي: كائنان في حُسْبان، وحُسْبان، وحُسْبان على هذا اسمٌ مفرد، اسمٌ للفَلَكِ المستدير، شَبَّهه بحُسْبان الرَّحى الذي باستدارته تستدير الرحى، قاله مجاهد.
{وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)}.
قوله: {والسماء رَفَعَهَا}: العامَّةُ على النصب على الاشتغال مراعًا لعَجُزِ الجملةِ التي يُسَمِّيها النحاةُ ذاتَ وجهين. وفيها دليلٌ لسيبويه حيث يُجَوِّزُ النصبَ، وإنْ لم يكنْ في جملةِ الاشتغالِ ضميرٌ عائدٌ على المبتدأ الذي تضمَّنَتْه الجملةُ ذاتُ الوجهين. والأخفشُ يقول: لابد من ضميرٍ، مثالُه: (هند قامَتْ وعمرًا أكرمْتُه لأجلها) قال: لأنك راعَيْتَ الخبرَ، وعَطَفْتَ عليه، والمعطوفُ على الخبرِ خبرٌ فيُشْترط فيه ما يُشْترط فيه، ولم يَشْتَرِطِ الجمهورُ ذلك وهذا دليلُهم، قال الفراء: كلهم نَصَبُوا مع عدم الرابط إلاَّ مَنْ شذَّ منهم. وقد تقدَّمَ هذا محررًا في سورة يس عند قوله تعالى: {والقمر قَدَّرْنَاهُ} [يس: 39] فهناك اختلف السبعةُ في نَصْبِه ورفعِه ولله الحمدُ.
قوله: {وَوَضَعَ الميزان} العامَّةُ على {وَضَع} فعلًا ماضيًا. و{الميزانَ} نُصِبَ على المفعولِ به. وقرأ إبراهيم. {ووَضْعَ الميزانِ} بسكون الضاد وخفض {الميزانِ}. وتخريجُها: على أنه معطوفٌ على مفعولِ {رَفَعَها}، أي: وَرَفَعَ وَضْعَ الميزان، أي: جَعَلَ له مكانةً ورِفْعَةً لأَخْذِ الحقوق به، وهو مِنْ بديعِ اللفظِ، حيث يصير التقديرُ: ورَفَعَ وَضْعَ الميزان.