فصل: مطلب مس المصحف والحديث المرسل والموصول:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وكنا إذا الجبار في الجيش ضافنا ** جعلنا القنا والمرهفات له نزلا

بتخفيف الزاي بدل ضمه، وهي قراءة أيضا، وهذا وما يأتي وإن كان المخاطب به كفار قريش فهو عام في جميع الكفرة المنكرين للبعث المكذبين الرسل، ثم بادر يخاطبهم على طريق الإلزام والتبكيت بقوله جل قوله: {نَحْنُ خَلَقْناكُمْ} كما تعلمون من نطفة وخلقنا أباكم من تراب {فلولا} هلا {تُصَدِّقُونَ} 57 أن من يخلق ابتداء من غير شيء بطريق الإبداع، ألا يقدر على إعادة ما خلقه ثانيا على نمط الأول؟ بلى وهو أهون عليه، وكل شيء عنده هين {أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ} 58 من النطف في أرحام النساء {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} أي لجنين المكون من تلك النطفة فتصيرونه بشرا سويا {أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ} 59 له منها بل هو هو، فيا أيها الناس تدبّروا هذا واعلموا أنا {نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ} أي أجله كما قدرنا الحياة في الرحم والدنيا والبقاء في البرزخ فمنكم من يموت في بطن أمه ومنكم من يموت طفلا وصبيا وشابا وكهلا وشيخا وهرما، بمقتضى تقديرنا الأزلي لآجالكم {وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} 60 عن شيء نريده بل الغالبون أبدا في كل شيء، ولا يفوتنا شيء، ولا يقع في الملك والملكوت شيء ما إلا بمقتضى تقديرنا، واعلموا أيها الناس أنا نحن القادرون (الرفع بعد نحن على البدلية، والنصب على الاختصاص) تأمل هذا واعلم أن من يعرف العربية فقد لا يغلط أحدا حيث يجد له طريقا وخاصة ما بعد أن وكان.
{عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ} فنغير صفاتكم هذه التي أنتم عليها من الخلق والخلق، أو نذهبكم وناتي بدلكم أشباهكم من الخلق الآخر {وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ} 61 من الصور خلقا جديدا لا يشبه خلقكم الذي أنتم عليه، مما لم يكن في حسبانكم {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ} أيها الناس {النَّشْأَةَ الْأُولى} وكيفيتها من العدم لا من شيء سابق ولا مثال متقدم {فلولا تَذَكَّرُونَ} 62 بأني قادر على النشأة الثانية لأنها على مثال سابق، ومن كان قادرا على الإنشاء من لا شيء فهو أقدر على إعادة ما أنشأه بعد هلاكه، والبون شاسع بين الوجود والعدم {أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ} 63 في الأرض وتبذرون فيها من أنواع البذور {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ} فتنبتونه وتنشئونه وتصيرونه زرعا قائما على سوقه، وتجعلون فيه الحب {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} 64 الفاعلون لذلك كله وأنكم لم ولن تفعلوا شيئا غير أقدارنا لكم على طرح الحب في الأرض، فإذا شئنا أنبتناه وإذا شئنا لم ننبته، وأنا {لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطامًا} هشيما مكسرا تبنا ناعما لا قمح فيه عفوا بلا سبب أو نسلط عليه شيئا من الآفات الأرضية كالسوس والجراد والسمائية كالحر والبرد، أو نغرقه بالماء، أو نحرقه بصاعقة فنتلفه بما نشاء {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} 65 تتعجبون فيما نزل فيه وتندمون على تعبكم عليه وانفاقكم المال لأجله، وتتلاومون على زرعه أو التقصير في مراعاته.
وأصل التفكه التنقل بصنوف الفواكه، ثم استعبر للننقل بالحديث، وكني فيه هنا عن التعجب والندم والتلاوم، أو عن اتلافه وحرمانكم منه، هذا وإذا أريد المعنى الظاهر من تفكهون فيكون ويجعلكم تقتصرون على أكل الفواكه فقط وتعدمون لذة القمح الذي لا يغني عنه شيء بحيث لا تعافه النفس مهما أدمن عليه بخلاف غيره من الأطعمة، وعند ما يجعله اللّه كذلك تقولون {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} 66 ذهب مالنا بغير عوض وتعبنا بغير أجر وأملنا دون حظوة وتقولون {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} 67 من ربح زرعنا الذي كنا نأمله لا حظ لنا فيه {أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} 68 منه أنتم وأنعامكم ودوابكم وتغتسلون منه وتغسلون ثيابكم وأوانيكم {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} السحب واحده مزنة قال الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها ** ولا أرض أبقلت ابقالها

{أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} 69 له بقدرتنا إذ ننزله لكم بقدر حاجتكم إليه على أنا {لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجًا} شديد الملوحة مرا لا يشرب ولا ينفع الزرع، فتهلكون عطشا وتنلف زروعكم وأشجاركم، لأنا قادرون على اتلافكم بأنواع شتى، فلو سكنا عنكم الهواء ساعة لهلكتم جميعا {فَلَوْلا تَشْكُرُونَ} 70 نعم اللّه عليكم التي من جملتها تأمين ضرورياتكم وما تصلحون به مأكولكم وما تتقون به شدة الحر المنوه عنه بقوله: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} 71 تقدحون لها الزناد فتتقّد فتستضيؤن بها وتنضجون طعامكم عليها {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها} التي توقد منها أو شجر المرخ والعقار المار ذكره في الآية 80 من سورة يس المارة {أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ} 72 لها بل نحن أنشأنا شجرها لنفعكم و{نَحْنُ جَعَلْناها} أي تلك النار لكم في الدنيا {تَذْكِرَةً} لنار الآخرة الكبرى ليتعظ بها من له عقل كلما رآها، فيذكر عذابها ويرتدع عما نهي عنه، ولذلك عممنا الحاجة إليها {وَ} جعلناها {مَتاعًا لِلْمُقْوِينَ} 73 المسافرين والفقراء الذين ينزلون (القواء) الأرض القفرة وللأغنياء المقيمين أيضا، إذ لا غنى لأحد عنها، إلا أن المسافر أشد حاجة لها من غيره، لأنه بوقدها للتدفئة ولهروب الهوام عنه لأنها لا تقربه ما دامت النار عنده خشية منها، وإلا افترسته حالا وفيها منفعة أخرى وهي اهتداء الضال بها والاستضاءة بها ليلا وللطبخ والخبز، وتسخين الماء ليلا ونهارا، وكونها تذكرة لنار الآخرة لا يقتضى أن تكون مثلها وقد ذكرنا في الآية 135 من سورة طه المارة أن المشبه لا يكون كالمشبه به من كل وجه.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «ناركم هذه الذي توقدون جزء من ستين جزءا من نار جهنم، قالوا واللّه إن كانت لكافية يا رسول اللّه، قال فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها».
أعاذنا اللّه منها ولو أن نارنا هذه مثل تلك لما انتفعنا بها أبدا، لأن أجسامنا هذه لا تطيق مقابلتها، ولأن ما يوضع عليها للنضج يحرق حالا، لأنها تذيب الحديد وتفتت الحجارة حالا، ولكانت نقمة علينا لا نعمة لنا.
ثم التفت جل شأنه إلى حبيبه صلى الله عليه وسلم وقال له {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}.
74 نزه عما يقول هؤلاء الظالمون من اتخاذ الآلهة من دونه وانكار إعادة خلقه بعد الموت ومن سائر ما يصمونه به من الولد والشريك والصاحبة، ثم أقسم قائلا {فَلا أُقْسِمُ} تقدم البحث فيه مفصلا أول سورة القيامة فراجعه ففيه بحث نفيس {بِمَواقِعِ النُّجُومِ} 75 مساقطها عند غروبها بالنسبة لما نرى قال ابن عباس النجوم نجوم القرآن ومواقعها أوقات نزولها على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه مشى الشيخ الأكبر وقال يا لها من أوقات! وقد أخرج النسائي وابن جرير والحاكم والبيهقي في الشعب أنه قال: أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين.
وفي لفظ ثم نزل من سماء الدنيا إلى الأرض نجوما ثم قرأ هذه الآية، ويستحيل على هذا القول عرد الضمير في {وَإِنَّهُ} للقرآن بالنظر إلى ما يفهم من مواقع النجوم حتى يعد كأنه مذكور أي وأن هذا القسم الذي ذكره اللّه بعد أن فرغ من ذكر البراهين المسكة الآنفة الذكر التي يخرس عندها كل بليغ ويحجم عنها كل فصيح {لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} 76 لأن في سقوط النجوم بالنسبة لما نراه زوال أثرها ودلالة على وجود مؤثرها الدائم وقد استدل الخليل عليه السلام بأقوالها على صانعها جل جلاله، كما سيأتي في الآية 76 فما بعدها من سورة الأنعام، وفي هذه الآية دالة على جواز الفعل بين الصفة والموصوف بكلام آخر، لأن عظيما هنا جاء صفة لقسم، واللّه تعالى يقول هو عظيم جدا لو تعلمون ما يترتب عليه من المصالح فضلا عن أنه وقت قيام المجتهدين المبتهلين إلى اللّه، وآن نزول رحمته، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له»، وجواب القسم في قوله تعالى: {إِنَّهُ} أي المنزل عليك يا سيد الرسل {لقرآن كَرِيمٌ} 77 لما فيه من النور والهدى والبيان والعلم والحكم والحكمة، لأن الفقيه يستدل به والحكيم يستمد به والأديب يقتبس منه والأريب يتقوى به، والمتعلم يستفيد منه، وكل عالم يطلب أصل علمه من فيضه، ليس بسحر ولا كهانة كما يقولون، بل هو مثبت عند اللّه {فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ} 78 محفوظ مصون {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} 79 الملائكة المقربون والسفرة الكرام البررة.
ولا هنا نافيه والضمير يعود للأقرب وهو الكتاب أي اللوح المحفوظ، فلو أريد عوده للبعيد وهو القرآن لقال المتطهرون أو المطهرون بتشديد الطاء والهاء، وعلى قول من أعاد الضمير للقرآن وهو ضعيف جدا فيراد منه الإنسان أي لا يمسه منهم إلا المتطهرون، والصواب الأول وعليه المعول، وبه قال أكثر المفسرين والعارفين.

.مطلب مس المصحف والحديث المرسل والموصول:

وأما المنع من مس المصحف لغير المتطهر فقد ثبت بالحديث الآتي لا بنص هذه الآية، وعليه يشمل أهل الدنيا فلا يمسه منهم إلا المتطهرون المتوضئون بالطهارة الحيّة، وعليه فتكون (لا) هنا بمعنى النهي (الحكم الشرعي) المنع من مسه أو مس حرف منه لغير المتوضئ، ويحرم على المحدث أن يمسه بدون غلاف، ولا بأس بمس غير المكتوب منه، وقال الشافعي رحمه اللّه لا يجوز حمله لغير المتوضئ ولو كان بغلاف ولا يجوز مس شيء منه سواء كان فيه كتابة أم لا.
روى مالك في الموطأ عن عبد اللّه بن أبي بكر بن عمر بن حزم «أن في الكتاب الذي كتبه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهرين» أخرجه مالك مرسلا- المرسل أحد أقسام الحديث وهو ما سقط منه الصحابي بعد ذكر التابعي وهو من قسم المقبول، وقد احتج به مالك وأبو حنيفة، وهو موصولا، والموصول ما اتصل سنده بحضرة الرسول بغير انقطاع وهو صالح للاحتجاج به بلا خلاف- وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بهذا والصحيح فيه الإرسال أيضا، وروى الدار قطني بسنده عن سالم عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «لا يمس القرآن إلا طاهر».
والمراد بالقرآن المصحف سماه قرآنا على قرب الجوار والاتساع، كما روى أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو كما أشرنا إليه، في المقدمة وأراد به المصحف، اما المحفوظ بالصدر فلا لأن القصد حفظه عن الامتهان بسبب.
لمس غير المتطهر، أما ما هو محفوظ بالصدر فهو في أمن من ذاك، وله أن يقرأه عن صدر الغيب ما لم يكن جنبا، وهذا القرآن الموصوف بما تقدم {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} 80 منزل تنزيلا على اتساع اللغة إذ يقال للمقدور قدر وللمخلوق خلق فليس بمفترى من قبل محمد، ولا تعلمه من قبل الغير ولا هو من خرافات الأولين كما زعم كفرة قريش، وهذه الآية كالرد ضمنا على هؤلاء المتقولين بذلك {أَفَبِهذَا الْحَديث} الحديث الشيء الجديد وإن نزوله بالنسبة للمنزل عليهم جديد، لذلك سماه حديثا، وإلا فهو كلام اللّه القديم القائم بذاته المقدسة مبرأ عن الحدوث كذاته المنزهة عنه {أَنْتُمْ} يا أهل مكة ويا كفار العرب أجمع {مُدْهِنُونَ} 81 متهاونون بهذا القرآن مكذبون به، لأن من كذب بالشيء فقد تهاون فيه، ومن قال أن معنى مدهنون منافقون لا يتجه لأن الآية مكية ولا نفاق فيها، وإنما حدث النفاق في المدينة ولم يكن في مكة إلا المكايدة والمجاهرة بالعداوة والمكابرة في الحق وعلى الحق، وكانوا متسلطين لا يحتاجون إلى النفاق ولا يعرفونه، ولم تكن كلمة النفاق مستعملة عندهم، أما من قال إن هذه الآية والتي تليها مدنيتان كما أشرنا إليه أول السورة، فيتجه قوله بأن معنى مدهنون منافقون، ويريد بذلك قولهم للمؤمنين آمنا به، ولإخوانهم المنافقين إنا مستهزئون، كما قصه اللّه في الآية 18 من سورة البقرة، ومعنى الإدهان الجري في الظاهر على خلاف الباطن، وقد حدث النفاق بالمدينة {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} أيها الكفرة على القول بأنها مكية، وعلى أنها مدينة تجعلون شكر رزقكم أيها المنافقون المتلونون أي حظكم ونصيبكم من هذا القرآن {أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} 82 به ولا تصدقونه وتجحدونه ولا تشكرونه، قال الحسن: خسر عبد لا يكون حظه من كتاب اللّه إلا التكذيب انتهت الآيتان المدينتان على قول، وقال في الإتقان أن آية {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} مدينة وهو قول ضعيف لم بعضده ما يقويه لذلك لم نستثنها مع هاتين الآيتين، قال تعالى: {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ} النفس أو الروح عند الموت {الْحُلْقُومَ} 83 مجرى الطعام والشراب {وَأَنْتُمْ} يا أهل المحتضر {حِينَئِذٍ} حين بلوغ الحلقوم.
{تَنْظُرُونَ} 84 ذلك لما تشاهدون من حال المحتضر فقط، وإلا لا يمكن أن تبصروا شيئا ماديّا، لأن الروح من أمر اللّه لا تشاهد ولا يسعكم إلا البكاء، لأنه لا يمكنكم دفع ما حل به ولا تأخيره ولا صرفه أبدا {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ} ولو أنكم معه {وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ} 85 قربنا منه ولا تعلمون كيف نقبض روحه ولا ترون أملاكنا المحيطين به، لأنكم لا تفقهون معنى الروح ولا تعقلونه، لكونه من خصائص الإلهية، وأنتم لا ترون إلا شخوص بصره نحو السماء عند خروج روحه هذا إذا كان الخطاب لمن حضر المحتضر، وإذا كان الخطاب له يكون المعنى وانكم أيها المحتضرون ترون منزلتكم في الجنة أو النار حين خروج روحكم، ولذلك تشخص أبصاركم نحوها ونحن عندكم ومعكم، ولكن لا تبصرون وجودنا {فلولا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} 86 مجزيين على تقصيركم، يقال وإنه إذا ثبت عليه الجرم والأولى أن يكون معناه غير مربوبين، وإن السلطان للرعية إذا ساسهم وتعبدهم ومنه قولهم للعبد مدين وللأمة مدينة قال الأخطل: