فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ الجمهور: {في جنات}، جمعًا؛ وطلحة: في جنات مفردًا.
وقسم السابقين المقربين إلى {ثلة من الأولين وقليل من الآخرين}.
وقال الحسن: السابقون من الأمم، والسابقون من هذه الأمة.
وقالت عائشة: الفرقتان في كل أمة نبي، في صدرها ثلة، وفي آخرها قليل.
وقيل: هما الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كانوا في صدر الدنيا، وفي آخرها أقل.
وفي الحديث: «الفرقتان في أمتي، فسابق في أول الأمة ثلة، وسابق سائرها إلى يوم القيامة قليل»، وارتفع ثلة على إضمارهم.
وقرأ الجمهور: {على سرر} بضم الراء؛ وزيد ابن علي وأبو السمال: بفتحها، وهي لغة لبعض بني تميم وكلب، يفتحون عين فعل جمع فعيل المضعف، نحو سرير، وتقدم ذلك في والصافات.
{موضونة}، قال ابن عباس: مرمولة بالذهب.
وقال عكرمة: مشبكة بالدر والياقوت.
{متكئين عليها}: أي على السرر، ومتكئين: حال من الضمير المستكن في {على سرر}، {متقابلين}: ينظر بعضهم إلى بعض، وصفوا بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق وصفاء بطائنهم من غل إخوانًا.
{يطوف عليهم ولدان مخلدون}: وصفوا بالخلد، وإن كان من في الجنة مخلدًا، ليدل على أنهم يبقون دائمًا في سن الولدان، لا يكبرون ولا يتحولون عن شكل الوصافة.
وقال مجاهد: لا يموتون.
وقال الفراء: مقرطون بالخلدات، وهي ضروب من الأقراط.
{وكأس من معين}، قال: من خمر سائلة جارية معينة.
{لا يصدعون عنها}، قال الأكثرون: لا يلحق رؤوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا.
وقرأت على أستاذنا العلامة أبي جعفر بن الزبير، رحمه الله تعالى، قول علقمة في صفة الخمر:
تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبها ** ولا يخالطها في الرأس تدويم

فقال: هذه صفة أهل الجنة، وقيل: لا يفرقون عنها بمعنى: لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب، كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق، كما جاء: فتصدع السحاب عن المدينة: أي فتفرق.
وقرأ مجاهد: {لا يصدعون}، بفتح الياء وشد الصاد، أصله يتصدعون، أدغم التاء في الصاد: أي لا يتفرقون، كقوله: {يومئذٍ يصدعون} والجمهور؛ بضم الياء وخفة الصاد؛ والجمهور: بجر {وفاكهة}؛ ولحم وزيد بن علي: برفعهما، أي ولهم؛ والجمهور: {ولا ينزفون} مبنيًا للمفعول.
قال مجاهد وقتادة وجبير والضحاك: لا تذهب عقولهم سكرًا؛ وابن أبي إسحاق: بفتح الياء وكسر الزاي، نزف البئر: استفرغ ماءها، فالمعنى: لا تفرغ خمرهم.
وابن أبي إسحاق أيضًا وعبد الله والسلمي والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى: بضم الياء وكسر الزاي: أي لا يفنى لهم شراب، {مما يتخيرون}: يأخذون خيره وأفضله، {مما يشتهون}: أي يتمنون.
وقرأ الجمهور: {وحور عين} برفعهما؛ وخرج عليّ على أن يكون معطوفًا على {ولدان}، أو على الضمير المستكن في {متكئين}، أو على مبتدأ محذوف هو وخبره تقديره: لهم هذا كله، {وحور عين}، أو على حذف خبر فقط: أي ولهم حور، أو فيهما حور.
وقرأ السلمي والحسن وعمرو بن عبيد وأبو جعفر وشيبة والأعمش وطلحة والمفضل وأبان وعصمة والكسائي: بجرهما؛ والنخعي: وحير عين، بقلب الواو ياء وجرهما، والجر عطف على المجرور، أي يطوف عليهم ولدان بكذا وكذا وحور عين.
وقيل: هو على معنى: وينعمون بهذا كله وبحور عين.
وقال الزمخشري: عطفًا على {جنات النعيم}، كأنه قال: هم في جنات وفاكهة ولحم وحور. انتهى، وهذا فيه بعد وتفكيك كلام مرتبط بعضه ببعض، وهو فهم أعجمي.
وقرأ أبي وعبد الله: {وحورًا عينًا} بنصبهما، قالوا: على معنى ويعطون هذا كله وحورًا عينًا.
وقرأ قتادة: {وحور عين} بالرفع مضافًا إلى عين؛ وابن مقسم: بالنصب مضافًا إلى عين؛ وعكرمة: {وحوراء عيناء} على التوحيد اسم جنس، وبفتح الهمزة فيهما؛ فاحتمل أن يكون مجرورًا عطفًا على المجرور السابق؛ واحتمل أن يكون منصوبًا؛ كقراءة أبي وعبد الله {وحورًا عينًا}.
ووصف اللؤلؤ بالمكنون، لأنه أصفى وأبعد من التغير.
وفي الحديث: «صفاؤهنّ كصفاء الدر الذي لا تمسه الأيدي» وقال تعالى: {كأنهن بيض مكنون}.
وقال الشاعر، يصف امرأة بالصون وعدم الابتذال، فشبهها بالدرة المكنونة في صدفتها فقال:
قامت تراأى بين سجفي كلة ** كالشمس يوم طلوعها بالأسعد

أو درّة صدفية غواصها ** بهج متى يرها يهل ويسجد

{جزاء بما كانوا يعملون}: روي أن المنازل والقسم في الجنة على قدر الأعمال، ونفس دخول الجنة برحمة الله تعالى وفضله لا بعمل عامل، وفيه النص الصحيح الصريح: «لا يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني بفضل منه ورحمة» {لغوًا}: سقط القول وفحشه، {ولا تأثيمًا}: ما يؤثم أحدًا والظاهر أن {إلا قيلًا سلامًا سلامًا} استثناء منقطع، لأنه لم يندرج في اللغو ولا التأثيم، ويبعد قول من قال استثناء متصل.
وسلامًا، قال الزجاج: هو مصدر نصبه {قيلًا}، أي يقول بعضهم لبعض {سلامًا سلامًا}.
وقيل: نصب بفعل محذوف، وهو معمول قيلًا، أي قيلًا أسلموا سلامًا.
وقيل: {سلامًا} بدل من {قيلًا}.
وقيل: نعت لقيلا بالمصدر، كأنه قيل: إلا قيلًا سالمًا من هذه العيوب.
{في سدر}: في الجنة شجر على خلقه، له ثمر كقلال هجر طيب الطعم والريح.
{مخضود}: عار من الشوك.
وقال مجاهد: المخضود: الموقر الذي تثني أغصانه كثرة حمله، من خضد الغصن إذا أثناه.
وقرأ الجمهور: {وطلحٍ} بالحاء؛ وعليّ وجعفر بن محمد وعبد الله: بالعين، قرأها على المنبر.
وقال عليّ وابن عباس وعطاء ومجاهد: الطلح: الموز.
وقال الحسن: ليس بالموز، ولكنه شجر ظله بارد رطب.
وقيل: شجر أم غيلان، وله نوّار كثير طيب الرائحة.
وقال السدّي: شجر يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل.
والمنضود: الذي نضد من أسفله إلى أعلاه، فليست له ساق تظهر.
{وظل ممدودٍ}: لا يتقلص.
بل منبسط لا ينسخه شيء.
قال مجاهد: هذا الظل من سدرها وطلحها.
{وماء مسكوبٍ}، قال سفيان وغيره: جار في أخاديد.
وقيل: منساب لا يتعب فيه بساقية ولا رشاء.
{لا مقطوعة}: أي هي دائمة لا تنقطع في بعض الأوقات، كفاكهة الدنيا، {ولا ممنوعة}: أي لا يمنع من تناولها بوجه، ولا يحظر عليها كالتي في الدنيا.
وقرئ: {وفاكهة كثيرة} برفعهما، أي وهناك فاكهة، وفرش: جمع فراش.
وقرأ الجمهور: بضم الراء؛ وأبو حيوة: بسكونها مرفوعة، نضدت حتى ارتفعت، أو رفعت على الأسرة.
والظاهر أن الفراش هو ما يفترش للجلوس عليه والنوم.
وقال أبو عبيدة وغيره: المراد بالفرش النساء، لأن المرأة يكنى عنها بالفراش، ورفعهن في الأقدار والمنازل.
والضمير في {أنشأناهن} عائد على الفرش في قول أبي عبيدة، إذ هنّ النساء عنده، وعلى ما دل عليه الفرش إذا كان المراد بالفرش ظاهر ما يدل عليه من الملابس التي تفرش ويضطجع عليها، أي ابتدأنا خلقهن ابتداء جديدًا من غير ولادة.
والظاهر أن الإنشاء هو الاختراع الذي لم يسبق بخلق، ويكون ذلك مخصوصًا بالحور اللاتي لسن من نسل آدم، ويحتمل أن يريد إنشاء الإعادة، فيكون ذلك لبنات آدم.
{فجعلناهن أبكارًا عربًا}: والعرب، قال ابن عباس: العروب المتحببة إلى زوجها، وقاله الحسن، وعبر ابن عباس أيضًا عنهن بالعواشق، ومنه قول لبيد:
وفي الخدور عروب غير فاحشة ** ريا الروادف يغشى دونها البصر

وقال ابن زيد: العروب: المحسنة للكلام.
وقرأ حمزة، وناس منهم شجاع وعباس والأصمعي، عن أبي عمرو، وناس منهم خارجة وكردم وأبو حليد عن نافع، وناس منهم أبو بكر وحماد وأبان عن عاصم: بسكون الراء، وهي لغة تميم؛ وباقي السبعة: بضمها.
{أترابًا} في الشكل والقد، وأبعد من ذهب إلى أن الضمير في {أنشأناهن} عائد على الحور العين المذكورة قبل، لأن تلك قصة قد انقطعت، وهي قصة السابقين، وهذه قصة أصحاب اليمين.
واللام في {أصحاب} متعلقة بأنشأناهن.
{ثلة من الأولين}: أي من الأمم الماضية، {وثلة من الآخرين}: أي من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تنافي بين قوله: {وثلة من الآخرين} وقوله قبل: {وقليل من الآخرين}، لأن قوله: {من الآخرين} هو في السابقين، وقوله: {وثلة من الآخرين} هو في أصحاب اليمين. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)}.
أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: نزلت سورة الواقعة بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله، وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الضريس والحرث بن أبي أسامة وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا».
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا».
وأخرج ابن مردويه عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سورة الواقعة سورة الغنى فاقرأوها وعلموها أولادكم».
وأخرج الديلمي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علموا نساءكم سورة الواقعة فإنها سورة الغنى».
وأخرج أبو عبيد عن سليمان التيمي قال: قالت عائشة للنساء: لا تعجز إحداكن أن تقرأ سورة الواقعة.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والطبراني في الأوسط عن جابر بن سمرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقرأ في الفجر الواقعة ونحوها من السور».
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: «ألظ رسول الله صلى الله عليه وسلم الواقعة والحاقة وعم يتساءلون والنازعات وإذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت فاستطار فيه الفقر فقال له أبو بكر: قد أسرع فيك الفقر، قال: شيبتني هود وصواحباتها هذه».