فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القرطبي:

قال المهدوِيّ وقال بعض العلماء: هذه الآية ناسخةٌ لما كان في الجاهلية من بيع مَنْ أعْسَر.
وحكى مكيّ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر به في صدر الإسلام.
قال ابن عطية: فإن ثبت فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو نَسْخٌ وإلاَّ فليس بنسخ.
قال الطحاويّ: كان الحر يُباع في الديْن أوّل الإسلام إذا لم يكن له مال يقضيه عن نفسه حتى نسخ الله ذلك فقال جلّ وعزّ: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ}.
واحتجوا بحديث رواه الدّارقطنيّ من حديث مسلم بن خالد الزنجيّ أخبرنا زيد بن أسلم عن ابن البَيْلَمَانِيّ عن سُرَّق قال: كان لرجل عليّ مالٌ أو قال ديْنٌ فذهب بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يِصب لي مالًا فباعني منه، أو باعني له.
أخرجه البَزّار بهذا الإسناد أطول منه.
ومسلم بن خالد الزنجي وعبد الرحمن بن البيلماني لا يحتج بهما.
وقال جماعة من أهل العلم: قوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ} عامّةٌ في جميع الناس، فكل من أعسر أنْظِر؛ وهذا قول أبي هريرة والحسن وعامة الفقهاء.
قال النحاس: وأحسن ما قيل في هذه الآية قول عطاء والضحاك والربيع بن خيثم.
قال: هي لِكل مُعْسِرٍ يُنْظَر في الرّبا والديْن كله.
فهذا قول يجمع الأقوال؛ لأنه يجوز أن تكون ناسخة عامة نزلت في الربا ثم صار حكم غيره كحكمه، ولأنّ القراءة بالرفع بمعنًى وإن وقع ذو عسرة من الناس أجمعين. ولو كان في الربا خاصة لكان النصب الوجه، بمعنى وإن كان الذي عليه الربا ذا عسرة.
وقال ابن عباس وشريح: ذلك في الربا خاصةً؛ فأما الديون وسائر المعاملات فليس فيها نَظِرَةٌ بل يؤدي إلى أهلها أو يحبس فيه حتى يُوفِّيَه؛ وهو قول إبراهيم.
واحتجوا بقول الله تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأمانات إلى أَهْلِهَا} [النساء: 58] الآية.
قال ابن عطية: فكان هذا القول يترتب إذا لم يكن فقرٌ مُدْقِع، وأما مع العُدْم والفقر الصرِيح فالحكم هو النظِرة ضرورة. اهـ.

.قال الفخر:

إذا علم الإنسان أن غريمه معسر حرم عليه حبسه، وأن يطالبه بما له عليه، فوجب الإنظار إلى وقت اليسار، فأما إن كانت له ريبة في إعساره فيجوز له أن يحبسه إلى وقت ظهور الإعسار، واعلم أنه إذا ادعى الإعسار وكذبه الغريم، فهذا الدين الذي لزمه إما أن يكون عن عوض حصل له كالبيع والقرض، أو لا يكون كذلك، وفي القسم الأول لابد من إقامة شاهدين عدلين على أن ذلك العوض قد هلك، وفي القسم الثاني وهو أن يثبت الدين عليه لا بعوض، مثل إتلاف أو صداق أو ضمان، كان القول قوله وعلى الغرماء البينة لأن الأصل هو الفقر. اهـ.
وقال الفخر:
في التصدق قولان الأول: معناه: وأن تصدقوا على المعسر بما عليه من الدين إذ لا يصح التصدق به على غيره، وإنما جاز هذا الحذف للعلم به، لأنه قد جرى ذكر المعسر وذكر رأس المال فعلم أن التصدق راجع إليهما، وهو كقوله: {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ للتقوى} [البقرة: 237].
والثاني: أن المراد بالتصدق الإنظار لقوله عليه السلام: «لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة» وهذا القول ضعيف، لأن الإنظار ثبت وجوبه بالآية الأولى، فلابد من حمل هذه الآية على فائدة جديدة، ولأن قوله: {خَيْرٌ لَّكُمْ} لا يليق بالواجب بل بالمندوب. اهـ.

.قال القرطبي:

ندب الله تعالى بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعُسِر وجعل ذلك خيرًا من إنْظاره؛ قاله السدي وابن زيد والضحاك.
وقال الطبريّ: وقال آخرون: معنى الآية وأن تصدّقوا على الغنِيّ والفقير خير لكم.
والصحيح الأوّل، وليس في الآية مَدْخل للغنِيّ. اهـ.

.قال الفخر:

فيه وجوه:
الأول: معناه إن كنتم تعلمون أن هذا التصدق خير لكم إن عملتموه، فجعل العمل من لوازم العلم، وفيه تهديد شديد على العصاة.
والثاني: إن كنتم تعلمون فضل التصدق على الإنظار والقبض.
والثالث: إن كنتم تعلمون أن ما يأمركم به ربكم أصلح لكم. اهـ.

.أسئلة وأجوبة:

.سؤال: ما المراد بالخير في الآية؟

الجواب: المراد بالخير حصول الثناء الجميل في الدنيا والثواب الجزيل في الآخرة. اهـ.

.سؤال: فإن قيل: إنظار المعسر فرض بالنص والتصدق عليه تطوع، فكيف قال: {وأن تصدقوا خير لكم}؟

قلنا: كل تطوع كان محصلا للمقصود من الفرض بوصف الزيادة كان أفضل من الفرض؛ كما أن الزهد في الحرام فرض وفى الحلال تطوع، والزهد في الحلال أفضل لما بينا كذلك هنا. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

إذا تقرر عند القاضي إفلاس المحبوس فلا تحل له استدامة حَبْسه، وإن ظهرت لذي الحق حجة المفلس فذلك مرتهن بحق خصمه، ولكنه في إمهال وإنظار. والرب لا يحكم بهذا علينا؛ فمع علمه بإعسارنا وعجزنا، وصدق افتقارنا إليه وانقطاعنا له- يرحمنا.
قوله: {إِلَى مَيْسَرَةٍ}. ليس للفقير المفلس وجه يحصل له منه شيء إلا من حيث ما جعل الله سبحانه من سهم الغارمين، فأمَّا من جهة الغلات فالغلة تدخل من رقاب الأموال والعقد.. وأنَّى للمفلس به؟!
وأمَّا الربح في التجارة من تقليب رأس المال والتصرُّف فيه.. فأنَّى للمفلس به؟!
أما المفلس عن قوته- كما هو مفلس عن ماله- ما بقي له وجه إلا ما يسبب له مولاه. اهـ. بتصرف يسير.

.قال القرطبي:

روى أبو جعفر الطحاوي عن بُريْدة بن الحُصَيْب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنظر معسرًا كان له بكل يوم صدقة» ثم قلت: بكل يوم مثله صدقة؛ قال فقال «بكل يوم صدقة مالم يحِل الدّيْن فإذا أنْظَره بعد الحِل فله بكل يوم مثله صدقة» وروى مسلم عن أبي مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حوسِب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلاَّ أنه كان يخالط الناس وكان موسِرًا فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسِر قال قال الله عزّ وجلّ نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه» وروي عن أبي قتادة أنه طلب غِريمًا له فتوارى عنه ثم وجده فقال: إني معسِر.
فقال: آلله؟ قال: أللَّهِ.
قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن ينجِيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسِرٍ أو يضع عنه»، وفي حديث أبي اليَسَر الطويلِ واسمه كعب بن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أنظر معسِرًا أو وضع عنه أظلَّه الله في ظِلِّه» ففي هذه الأحاديث من الترغيب ما هو منصوص فيها.
وحديث أبي قتادة يدل على أن رب الدين إذا علِم عسرة غريمه أو ظنها حرمتّ عليه مطالبتُه، وإن لم تثبت عُسْرته عند الحاكم.
وإنْظار المعسِر تأخيره إلى أن يُوسِر.
والوضع عند إسقاط الدين عن ذمته.
وقد جمع المعنيين أبو اليسر لغريمه حيث محا عنه الصحيفة وقال له: إن وجدت قضاء فاقضِ وإلاَّ فأنت في حِل. اهـ.

.من فوائد ابن عرفة في الآية:

قوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ}.
قال ابن عرفة: تقرر من كلام الإمام عياض في كتاب الوصايا من الإكمال في حديث سعد بن أبي وقاص أن قولك: زيد ذو مال أبلغ من قولك: زيد له مال، ونحوه للزمخشري في أول سورة آل عمران في قوله: {والله عَزِيزٌ ذُو انتقام} وفي سورة غافر: {إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} ونحوه لابن الخطيب في سورة الروم في قوله: {فَآتِ ذَا القربى حَقَّهُ} وخالفهم الشيخ ابن عطية فقال في سورة الرعد في قوله: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ} إنها دالة على تغليب جانب الخوف على جانب الرجاء لأن قولك ذو مغفرة مقتض لتقليل المغفرة.
قال ابن عرفة: وقال بعضهم قولك: زيد صاحب مال، أبلغ من: ذو مال، لأن ذو مال إنما يقتضي مطلق النسبة سواء اتّصف به أم لا، بخلاف قولك: صاحب، فإذا بنينا على كلام الجماعة الصحيح فإنما قال: {ذُو عُسْرَة} ولم يقل: وإن كان معسرا، إشارة لما تقرر في الفقه من أنّ من له دار وخادم وفرس لا فضل في ثمنهن على ما سواهن يجوز له أخذ الزكاة ويسمى فقيرا، مع أنه إذا كان عليه دين يباع عليه داره وخادمه في دينه فليس مجرد الإعسار موجبا لإنظاره بالدين، فإنّ الموجب لذلك الإعسار البين الكثير فناسب إدخال ذو.
قال ابن عطية: وكان هنا عند سيبويه تامة بمعنى وجد وحدث.
ومن هنا يظهر أنّ الأصل الغنى لأن إدخال إن يدل على أنّ الإعسار لم يكن موجودا.
ورده ابن عرفة بأن ذلك في الدّين الذي كان عن عوض يقول فيه: الأصل المَلاَء، واستصحاب الحال ببقاء ذلك العوض وذهابه على خلاف الأصل، وأما الدين الذي لا عن عوض كنفقة الزوجات والبنين والأبوين فليس الأصل فيه المَلاَءُ.
ابن عطية: حكى المهدوي عن بعضهم أن الآية ناسخة لما كان في الجاهلية من بيع من أعسر بدين.
وحكى مكي: أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم أمر به في صدر الإسلام.
ابن عطية: فإن قلنا: فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو نسخ وإلاّ فليس نسخا.
قال ابن عرفة: يريد أنه على الأول يكون نسخا لغويا وعلى الثاني يكون نسخا في اصطلاح الأصوليين.
قال: وهنا أورد القرافي في قواعده سؤالا قال: ثواب الواجب أعظم من ثواب المندوب مع أن تأخير الغريم بالدّين واجب والتصدق عليه مندوب والآية نص في أنّ التصدق عليه أفضل، ثم أجاب التصدق به يستلزم التأخير وزيادة. اهـ.

.قال ابن كثير:

قوله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} يأمر تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء، فقال: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة} أي: لا كما كان أهل الجاهلية يقول أحدهم لمدينه إذا حل عليه الدين: إما أن تقضي وإما أن تربي.
ثم يندب إلى الوضع عنه، ويعد على ذلك الخير والثواب الجزيل، فقال: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: وأن تتركوا رأس المال بالكلية وتضعوه عن المدين. وقد وردت الأحاديث من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بذلك:
فالحديث الأول: عن أبي أمامة أسعد بن زرارة النقيب، قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن محمد بن شعيب الرجاني حدثنا يحيى بن حكيم المقوم، حدثنا محمد بن بكر البرساني، حدثنا عبد الله بن أبي زياد، حدثني عاصم بن عبيد الله، عن أبي أمامة أسعد بن زرارة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، فَلْيُيَسِّر على معسر أو ليضع عنه».
حديث آخر: عن بريدة، قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن جحادة، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة». قال: ثم سمعته يقول: «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثلاه صدقة». قلت: سمعتك- يا رسول الله- تقول: «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة». ثم سمعتك تقول: «من أنظر معسرا فله بكل يوم مثلاه صدقة»؟! قال: «له بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين فأنظره، فله بكل يوم مثلاه صدقة».
حديث آخر: عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري، قال الإمام أحمد: حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا أبو جعفر الخطمي، عن محمد بن كعب القرظي: أن أبا قتادة كان له دين على رجل، وكان يأتيه يتقاضاه، فيختبئ منه، فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه، فقال: نعم، هو في البيت يأكل خزيرة فناداه: يا فلان، اخرج، فقد أخبرت أنك هاهنا فخرج إليه، فقال: ما يغيبك عني؟ فقال: إني معسر، وليس عندي. قال: آلله إنك معسر؟ قال: نعم. فبكى أبو قتادة، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من نفس عن غريمه- أو محا عنه- كان في ظل العرش يوم القيامة». ورواه مسلم في صحيحه.
حديث آخر: عن حذيفة بن اليمان، قال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا الأخنس أحمد بن عمران حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن رِبْعي بن حراش، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتى الله بعبد من عبيده يوم القيامة، قال: ماذا عملت لي في الدنيا؟ فقال: ما عملت لك يا رب مثقال ذرة في الدنيا أرجوك بها، قالها ثلاث مرات، قال العبد عند آخرها: يا رب، إنك أعطيتني فضل مال، وكنت رجلا أبايع الناس وكان من خلقي الجواز، فكنت أيسر على الموسر، وأنظر المعسر. قال: فيقول الله، عز وجل: أنا أحق من ييسر، ادخل الجنة».
وقد أخرجه البخاري، ومسلم، وابن ماجه- من طرق- عن ربعي بن حراش، عن حذيفة. زاد مسلم: وعقبة بن عامر وأبي مسعود البدري عن النبي صلى الله عليه وسلم. بنحوه. ولفظ البخاري.
حدثنا هشام بن عمار، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثنا الزهري، عن عبد الله بن عبد الله أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسرا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعل الله يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه».
حديث آخر: عن سهل بن حنيف، قال الحاكم في مستدركه: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، حدثنا عمرو بن ثابت، حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الله بن سهل بن حنيف، أن سهلا حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أعان مجاهدًا في سبيل الله أو غازيا، أو غارما في عسرته، أو مكاتبًا في رقبته، أظله الله يوم لا ظل إلا ظله» ثم قال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
حديث آخر: عن عبد الله بن عمر، قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيد، عن يوسف بن صهيب، عن زيد العمي، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن تستجاب دعوته، وأن تكشف كربته، فليفرج عن معسر»، انفرد به أحمد.
حديث آخر: عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو مالك، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، أن رجلا أتى به الله عز وجل، فقال: ماذا عملت في الدنيا؟ فقال له الرجل: ما عملت مثقال ذرة من خير أرجوك بها، فقالها له ثلاثا، وقال في الثالثة: أي رب كنت أعطيتني فضلا من المال في الدنيا، فكنت أبايع الناس، فكنت أتيسر على الموسر، وأنظر المعسر. فقال تبارك وتعالى نحن أولى بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي. فغفر له. قال أبو مسعود: هكذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا رواه مسلم من حديث أبي مالك سعد بن طارق به.
حديث آخر: عن عمران بن حصين، قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا أبو بكر، عن الأعمش، عن أبي داود، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له على رجل حق فأخره كان له بكل يوم صدقة».
غريب من هذا الوجه وقد تقدم عن بريدة نحوه.
حديث آخر: عن أبي اليسر كعب بن عمرو، قال الإمام أحمد: حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، قال: حدثني أبو اليسر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله، عز وجل، في ظله يوم لا ظل إلا ظله».
وقد أخرجه مسلم في صحيحه من وجه آخر، من حديث عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه غلام له معه ضمامة من صحف، وعلى أبي اليسر بردة ومعافري، وعلى غلامه بردة ومعافري فقال له أبي: يا عم، إني أرى في وجهك سفعة من غضب؟ قال أجل، كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال، فأتيت أهله فسلمت، فقلت: أثم هو؟ قالوا: لا فخرج علي ابن له جفر فقلت: أين أبوك؟ فقال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي. فقلت: اخرج إلي فقد علمت أين أنت؟ فخرج، فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك؛ خشيت- والله- أن أحدثك فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت- الله- معسرًا قال: قلت: آلله؟ قال: قلتُ: آلله، قال: اللهِ. قلتُ: آلله؟ قال: الله. قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده، ثم قال: فإن وجدت قضاء فاقضني، وإلا فأنت في حل، فأشهد بصر عيني- ووضع أصبعيه على عينيه- وسمع أذني هاتين، ووعاه قلبي- وأشار إلى مناط قلبه- رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «من أنظر معسرًا، أو وضع عنه أظله الله في ظله». وذكر تمام الحديث.
حديث آخر: عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، قال عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه حدثني أبو يحيى البزاز محمد بن عبد الرحيم، حدثنا الحسن بن بشر بن سلم الكوفي، حدثنا العباس بن الفضل الأنصاري، عن هشام بن زياد القرشي، عن أبيه، عن محجن مولى عثمان، عن عثمان، قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «أظل الله عينا في ظله، يوم لا ظل إلا ظله من أنظر معسرًا، أو ترك لغارم».
حديث آخر: عن ابن عباس، قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا نوح بن جعونة السلمي الخراساني، عن مقاتل بن حيان، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، وهو يقول بيده هكذا- وأومأ عبد الرحمن بيده إلى الأرض-: «من أنظر معسرًا أو وضع له، وقاه الله من فيح جهنم، ألا إن عمل الجنة حزن بربوة- ثلاثًا- ألا إن عمل النار سهل بسهوة، والسعيد من وقي الفتن، وما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد، ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيمانًا» تفرد به أحمد.
طريق أخرى: قال الطبراني: حدثنا أحمد بن محمد البُورَاني قاضي الحَدِيَثة من ديار ربيعة، حدثنا الحُسَين بن علي الصُّدَائي، حدثنا الحكم بن الجارود، حدثنا ابن أبي المتئد- خال ابن عيينة- عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنظر معسرًا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته». اهـ.