فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه {فَلاَ أُقْسِمُ بمواقع النجوم} قال: القرآن {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} قال: القرآن.
وأخرج ابن مردويه عنه أيضًا في الآية قال: نجوم القرآن حين ينزل، وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في المعرفة من طرق عن ابن عباس أيضًا {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون} قال: الكتاب المنزل في السماء لا يمسه إلاّ الملائكة.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن أنس {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون} قال: الملائكة.
وأخرج عبد الرّزاق، وابن المنذر عن علقمة قال: أتينا سلمان الفارسي، فخرج علينا من كنيف، فقلنا له: لو توضأت يا أبا عبد الله، ثم قرأت علينا سورة كذا، وكذا، قال: إنما قال الله: {فِى كتاب مَّكْنُونٍ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون} وهو الذي في السماء لا يمسه إلاّ الملائكة، ثم قرأ علينا من القرآن ما شئنا.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي داود، وابن المنذر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه قال: في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: «لا تمس القرآن إلاّ على طهر» وأخرجه مالك في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر.
وأخرجه أبو داود في المراسيل من حديث الزهري قال: قرأت في صحيفة عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمس القرآن إلاّ طاهر» وقد أسنده الدارقطني عن عمرو بن حزم، وعبد الله بن عمر، وعثمان بن أبي العاص، وفي أسانيدها نظر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر أنه كان لا يمس المصحف إلاّ متوضئًا. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة في المصنف، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن زيد قال: كنا مع سلمان فانطلق إلى حاجة، فتوارى عنا، ثم خرج إلينا، فقلنا: لو توضأت، فسألناك عن أشياء من القرآن، فقال: سلوني، فإني لست أمسه إنما يمسه المطهرون، ثم تلا: {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون}.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يمس القرآن إلاّ طاهر» وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن كتب له في عهده: «أن لا يمس القرآن إلاّ طاهر» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ} قال: مكذبون.
وأخرج مسلم، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر»، قالوا: هذه رحمة وضعها الله.
وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا، وكذا، فنزلت هذه الآية: {فَلاَ أُقْسِمُ بمواقع النجوم} حتى بلغ {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذّبُونَ} وأصل الحديث بدون ذكر أنه سبب نزول الآية ثابت في الصحيحين من حديث زيد بن خالد الجهني، ومن حديث أبي سعيد الخدري، وفي الباب أحاديث.
وأخرج أحمد، وابن منيع، وعبد بن حميد، والترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والضياء في المختارة عن عليّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم «في قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذّبُونَ} قال: شكركم، تقولون: مطرنا بنوء كذا، وكذا، وبنجم كذا وكذا» وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن عائشة قالت: ما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن إلاّ آيات يسيرة.
قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذّبُونَ} قال: {شكركم}.
وأخرج ابن مردويه عن عليّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: {وتجعلون شكركم}.
وأخرج أبو عبيد في فضائله، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يقرأ: {وتجعلون شكركم} قال: يعني: الأنواء، وما مطر قوم إلاّ أصبح بعضهم كافرًا كانوا، يقولون مطرنا بنوء كذا، وكذا، فأنزل الله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذّبُونَ}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عليّ أنه قرأ: {وتجعلون شكركم} وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله، {غَيْرَ مَدِينِينَ} قال: غير محاسبين، وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن خيثم {فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ المقربين} الآية قال: هذا له عند الموت {وَجَنَّة نَعِيم} تخبأ له الجنة إلى يوم يبعث {وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ المكذبين الضالين فَنُزُلٌ مّنْ حَمِيمٍ} قال: هذا عند الموت {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} قال: تخبأ له الجحيم إلى يوم يبعث.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {فَرَوْحٌ} قال: رائحة {وَرَيْحَانٌ} قال: استراحة، وأخرج ابن جرير عنه قال: يعني بالريحان: المستريح من الدنيا {وَجَنَّة نَعِيم} يقول: مغفرة ورحمة.
وأخرج ابن المنذر عنه أيضًا قال: الريحان: الرزق، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضًا في قوله: {فسلام لَّكَ مِنْ أصحاب اليمين} قال: تأتيه الملائكة بالسلام من قبل الله تسلم عليه، وتخبره أنه من أصحاب اليمين.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضًا {إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اليقين} قال: ما قصصنا عليك في هذه السورة، وأخرج عنه أيضًا {فَسَبّحْ باسم رَبّكَ العظيم} قال: فصلّ لربك.
وأخرج سعيد بن منصور، وأحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَسَبّحْ باسم رَبّكَ العظيم} قال: «اجعلوها في ركوعكم»، فلما نزلت {سَبِّحِ اسم رَبّكَ الأعلى} [الأعلى: 1] قال: «اجعلوها في سجودكم». اهـ.

.قال القاسمي:

سورة الواقعة:
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}.
{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} أي: نزلت وجاءت. و{الْوَاقِعَةُ} علم بالغلبة على القيامة، أو منقول سميت بذلك لتحقق وقوعها، وكأنه قيل: إذا وقعت التي لابد من وقوعها، واختيار {إذَا} مع صيغة المضي، للدلالة على ما ذكر.
{لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} أي: كذب وتكذيب. وقد جاء المصدر على زنة فاعلة كالعاقبة، والعافية. واللام للاختصاص. أو المعنى: ليس حين وقعتها نفس كاذبة، أي: تكذب على الله، أو تكذب في نفيها. واللام للتوقيت.
قال الشهاب: و{الْوَاقِعَةُ} السقطة القوية، وشاعت في وقوع الأمر العظيم، وقد تخص بالحرب، ولذا عبر بها هنا.
{خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ} أي: تخفض الأشقياء إلى الدركات، وترفع السعداء إلى الدرجات. وقيل، الجملة مقررة لعظمة الواقعة على طريق الكناية؛ لأن من شأن الوقائع العظام أنها تخفض قومًا وترفع آخرين.
{إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا} [4-6].
{إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} أي: زلزلت زلزالًا شديدًا.
{وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} أي: فتّتت، أو سيقت وأذهبت، كقوله: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ} [النبأ: 20] {فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا} أي: متفرقًا. قال قتادة: الهباء ما تذروه الريح من حطام الشجر. وقال غيره: هو ما يرى من الكوة كهيئة الغبار.
{وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [7- 12].
{وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا} أي: أصنافًا ثَلَاثَةً.
{فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} تقسيم وتنويع للأزواج الثلاثة، مع الإشارة الإجمالية إلى أحوالهم قبل تفصيلها. وإطلاق {الْمَيْمَنَةِ} و{الْمَشْأَمَةِ} اللتين هما الجهتان المعروفتان على منزلة السعداء الذين هم الأبرار والمصلحون من الناس، وعلى دركة الأشقياء الذين هم الأشرار والمفسدون من الناس، أصله من تيمُّنِ العرب باليمين، وتشاؤمهم بالشمال، كما في السانح والبارح، وقولهم للرفيع: هو منى باليمين، وللوضيع: هو منى بالشمال، تجوزًا به، أو كناية به عما ذكر.
وقيل: الميمنة والمشأمة بمعنى اليمين والشؤم، فليس بمعنى الجهة، بل بمعنى البركة وضدها، لما عاد عليهم من أنفسهم وأفعالهم. وفي جملتي الاستفهام إشارة إلى ترقّي أحوالهما في الخير والشر، تعجُّبًا منه.
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} أي: الذين سبقوا إلى الإيمان والطاعة، بعد ظهور الحق، وأوذوا لأجله، وصبروا على ما أصابهم، وكانوا الدعاة إليه.
فإن قيل: لم خولف بين المذكورين في السابقين، وفي أصحاب اليمين، مع أن كل واحد منهما إنما أريد به التعظيم والتهويل لحال المذكورين؟
فنقول: التعظيم المؤدي بقوله: {السَّابِقُونَ} أبلغ من قرينه، وذلك أن مؤدى هذا أن أمر السابقين، وعظمة شأنه، مسابق. كاد يخفى. وإنما تحير فهم السامع فيه مشهور. وأما المذكور في قوله: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} فإنه تعظيم على السامع بما ليس عنده منه علم سابق، ألا ترى كيف سبق بسط حال السابقين بقوله: {أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} فجمع بين اسم الإشارة المشار به إلى معروف، وبين الإخبار عنه بقوله: {الْمُقَرَّبُونَ} معرفًا بالألف واللام العهدية؟ وليس مثل هذا مذكورًا في بسط حال أصحاب اليمين، فإنه مصدر بقوله: {فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ} ٍ أفاده الناصر.
و {السَّابِقُونَ} الثاني إما خبر، أي: الذين عرفت حالهم واشتهرت أوصافهم على حدّ: وشعري شعري، أو تأكيد، والخبر قوله: {أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} أي: الذين يقربهم الله منه بإعلاء منازلهم {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}.
{ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ} [13- 14].
{ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ} أي: هم جماعة كثيرة من الذين سبقوا، لرسوخ إيمانهم وظهور أثره في أعمالهم من العمل الصالح، والدعوة إلى الله، والصبر على الجهاد في سبيله، إلى غير ذلك من المناقب التي كانت ملكات لهم.
{وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ} أي: الذين جاؤوا من بعدهم في الأزمنة التي حدثت فيها الغيَر، وتبرّجت الدنيا لخطَّابها، ونسي معها سر البعثة، وحكمة الدعوة؛ فما أقلّ الماشين على قّدّم النبي صلى الله عليه وسلم وصحابه! لا جَرمَ أنهم وقتئذ الغُرَباء، لقّلتهم.
القول في تأويل قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [15-26].
{عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ} أي: مصفوفة، أو مشبكة بالدرِّ والياقوت أو الذهب. والوَضْنُ التشبيك والنسج.
{مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ} أي: بوجوههم، متساوين في الرتب، لا حجاب بينهم أصلًا.
{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ} أي: للخدمة {وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ} أي: مبْقَونَ على سنّ واحدة لا يموتون.
{بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} أي: حال الشرب. والكوب إناء لاعروة ولا خرطوم له، والإبريق: إناء له ذلك.
{وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ} أي: خمر جارية.
ثم أشار إلى أنها لَذّة كلها، لا ألم معها ولا خمار {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} أي: لا يصدر عنها صداعهم لأجل الخمار، كخمور الدنيا، والصداع: وجع الرأس. وقرئ بالتشديد من التفعل، أي: لا يتفرقون {وَلَا يُنزِفُونَ} بكسر الزاي وفتحها أي: لا تذهب عقولهم بسكرها.