فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد قدمنا أن إضافة الشيء إلى نفسه مع اختلاف اللفظين أسلوب عربي، وذكرنا كثرة وروده في القرآن وفي كلام العرب، ومنه في القرآن قوله تعالى: {وَلَدَارُ الآخرة} [يوسف: 109] ولدار هي الآخرة وقوله: {وَمَكْرَ السيىء} [فاطر: 43]، والمكر هو السيىء بدليل قوله بعده: {وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43].
وقوله: {مِنْ حَبْلِ الوريد} [ق: 16] والحبل هو الوريد، وقوله: {شَهْرُ رَمَضَانُ} [البقرة: 185] والشهر هو رمضان.
ونظير ذلك من كلام العرب قول امرئ القيس.
كبكر المقانات البياض بصفرة ** غذاها نمير الماء غير المخلل

والبكر هي المقانات.
وقول عنترة:
ومشك سابغة هتكت فروجها ** بالسيف عن حامي الحقيقة معلم

لأن مراده بالمشك هنا الدرع بدليل قوله: هتكت فروجها، يعني الدرع، وإن كان أصل المشك لغة السير الذي تشد به الدرع، لأن السير لا تمكن إرادته في بيت عنترة هذا خلافًا لما ظنه صاحب تاج العروس، بل مراد عنترة بالمشك الدرع، وأضافه إلى السابغة التي هي الدرع كا ذكرنا، وإلى هذا يشير ما ذكروه في باب العلم: وعقده في الخلاصة بقوله:
وإن يكونا مفردين فأضف ** حتمًا وإلا أتبع الذي ردف

لأن الإضافة المذكورة من إضافة الشيء إلى نفسه مع اختلاف اللفظين، وقد بينا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب أن قوله في الخلاصة:
ولا يضاف اسم لما به اتحد ** معنى وأول موهما إذا ورد

أن الذي يظهر لنا من استقراء القرآن والعربية أن ذلك أسلوب عربي، وأن الاختلاف بين اللفظين كاف في المغايرة بين المضاف والمضاف إليه، وأنه لا حاجة إلى التأويل مع كثرة ورود ذلك في القرآن والعربية.
ويدل له تصريحهم بلزوم إضافة الاسم إلى اللقب إن كانا مفردين نحو سعيد كرز، لأن ما لابد له من تأويل لا يمكن أن يكون هو اللازم كما ترى، فكونه أسلوبًا أظهر.
وقوله: {فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم} التسبيح: أصل الإبعاد عن السوء، وتسبيح الله وتنزيهه عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله، وذلك التنزيه واجب له في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، والظاهر أن الباء في قوله: {باسم رَبِّكَ} داخلة على المفعول، وقد قدمنا في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: {وهزى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النخلة} [مريم: 25] أدلة كثيرة من القرآن وغيره على دخول الباء على المفعول الذي يتعدى إليه الفعل بنفسه، كقوله: {وهزى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النخلة}.
[مريم: 25] والمعنى: وهزي جذع النخلة.
وقوله: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} [الحج: 25] أي إلحادًا إلى آخر ما قدمنا من الأدلة الكثيرة، وعليه، فالمعنى: سبح اسم ربك العظيم كما يوضحه قوله في الأعلى {سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى} [الأعلى: 1].
وقال القرطبي: الاسم هنا بمعنى المسمى، أي سبح ربك، وإطلاق بمعنى المسمى معروف في كلام العرب، ومنه قول لبيد:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ** ومن بين حولًا كاملًا فقد اعتذر

ولا يلزم في نظري أن الاسم بمعنى المسمى هنا لإمكان كون المراد نفس الاسم، لأن أسماء الله ألحد فيها قوم ونزهها آخرون عن كل ما لا يليق، ووصفها الله بأنها بالغة غاية الحسن، وفي ذلك أكمل تنزيه لها لأنها مشتملة على صفاته الكريمة، وذلك في قوله: {وَللَّهِ الأسماء الحسنى فادعوه بِهَا} [الإسراء: 180] وقوله تعالى: {أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسماء الحسنى} [الإسراء: 111].
ولسنا نريد أن نذكر كلام المتكلمين في الاسم والمسمى، هل الاسم هو المسمى أولا؟ لأن مرادنا هنا بيان معنى الآية، والعلم عند الله تعالى. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41)}.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} قال: ماذا لهم وماذا أعد لهم؟
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وظل من يحموم} قال: من دخان أسود، وفي لفظ: من دخان جهنم.
وأخرج هناد وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم، وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وظل من يحموم} قال: من دخان.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي مالك رضي الله عنه {وظل من يحموم} قال: الدخان، وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه قال: النار سوداء وأهلها سود وكل شيء فيها أسود.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {لا بارد ولا كريم} قال: لا بارد المنزل ولا كريم المنظر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إنهم كانوا قبل ذلك مترفين} قال: منعمين {وكانوا يصرون على الحنث العظيم} قال: على الذنب العظيم، وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي رضي الله عنه {وكانوا يصرون على الحنث العظيم} قال: هي الكبائر.
وأخرج ابن عدي والشيرازي في الألقاب والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب في تالي التلخيص وابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الواقعة {فشاربون شرب الهيم} بفتح الشين من شرب.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ {شرب الهيم}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {شرب الهيم} قال: الإِبل العطاش.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {فشاربون شرب الهيم} قال: الإِبل يأخذها داء يقال له الهيم، فلا تروى من الماء، فشبه الله تعالى شرب أهل النار من الحميم بمنزلة الإِبل الهيم، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:
أجزت إلى معارفها بشعب ** واطلاح من العبديّ هيم

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أبي مجلز رضي الله عنه {فشاربون شرب الهيم} قال: كان المراض تمص الماء مصًّا ولا تروى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه {فشاربون شرب الهيم} قال: الإِبل المراض تمصّ الماء مصًّا ولا تروى.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {فشاربون شرب الهيم} قال: ضراب الإِبل دواب لا تروى.
وأخرج سفيان بن عيينة في جامعه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فشاربون شرب الهيم} قال: هيام الأرض يعني الرمال. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال: {الهيم} الإِبل العطاش.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {شرب الهيم} قال: الإِبل الهيم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه {شرب الهيم} قال: داء يأخذ فإذا أخذها لم ترو.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {شرب الهيم} برفع الشين.
{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58)}.
أخرج عبد الرزاق وابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن حجر المرادي رضي الله عنه قال: كنت عند عليّ رضي الله عنه فسمعته وهو يصلي بالليل يقرأ فمر بهذه الآية {أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} قال: بل أنت يا رب ثلاثًا ثم قرأ {أأنتم تزرعونه} قال: بل أنت يا رب ثلاثًا، ثم قرأ {أأنتم أنزلتموه من المزن} قال: بل أنت يا رب ثلاثًا، ثم قرأ {أأنتم أنشأتم شجرتها} قال: بل أنت يا رب ثلاثًا.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {نحن قدرنا بينكم الموت} قال: تقدير أن جعل أهل الأرض وأهل السماء فيه سواء شريفهم وضعيفهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {نحن قدرنا بينكم الموت} قال: المتأخر والمعجل وأي في قوله: {وننشئكم فيما لا تعلمون} قال: في خلق شئنا وفي قوله: {ولقد علمتم النشأة الأولى} إذ لم تكونوا شيئًا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولقد علمتم النشأة الأولى} قال: خلق آدم عليه السلام.
وأخرج البزار وابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في شعب الإِيمان وضعفه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقولن أحدكم زرعت ولكن ليقل حرثت، قال أبو هريرة رضي الله عنه: ألم تسمعوا الله يقول: {أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون}».
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه أنه كره أن يقول: زرعت، ويقول: حرثت.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أأنتم تزرعونه} قال: تنبتونه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فظلتم تفكهون} قال: تعجبون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه {فظلتم تفكهون} قال: تندمون.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إنا لمغرمون} قال: ملقون للشر {بل نحن محرومون} قال: محدودون، وفي قوله: {أأنتم أنزلتموه من المزن} قال: السحاب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {أأنتم أنزلتموه من المزن} قال: السحاب.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وقتادة رضي الله عنهما مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا شرب الماء قال: الحمد لله الذي سقانا عذبًا فراتًا برحمته ولم يجعله ملحًا أجاجًا بذنوبنا».
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {نحن جعلناها تذكرة} قال: هذه لنا تذكرة للنار الكبرى {ومتاعًا للمقوين} قال: للمستمتعين الناس أجمعين وفي لفظ للحاضر والبادي.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما {نحن جعلناها تذكرة} قال: تذكرة للنار الكبرى {ومتاعًا للمقوين} قال: للمسافرين.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {نحن جعلناها تذكرة} قال: تذكرة للنار الكبرى {ومتاعًا للمقوين} قال: للمسافرين، كم من قوم قد سافروا ثم أرملوا فأحجبوا نارًا فاستدفؤوا بها، وانتفعوا بها.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه {ومتاعًا للمقوين} قال: للمسافرين، وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا عباد الله فضل الله الماء ولا كلأ ولا نارًا، فإن الله تعالى جعلها متاعًا للمقوين وقوة للمستضعفين، ولفظ ابن عساكر وقوامًا للمستمتعين».