فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الأول: وهو قول مقاتل بن سليمان إنها هي المعجزات الظاهرة والدلائل القاهرة والثاني: وهو قول مقاتل بن حيان: أي أرسلناهم بالأعمال التي تدعوهم إلى طاعة الله وإلى الإعراض عن غير الله، والأول هو الوجه الصحيح لأن نبوتهم إنما ثبتت بتلك المعجزات.
ثم قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب والميزان لِيَقُومَ الناس بالقسط وَأَنزْلْنَا الحديد فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ومنافع لِلنَّاسِ}.
واعلم أن نظير هذه الآية قوله: {الله الذي أَنزَلَ الكتاب بالحق والميزان} [الشورى: 17] وقال: {والسماء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الميزان} [الرحمن: 7] وههنا مسائل:
المسألة الأولى:
في وجه المناسبة بين الكتاب والميزان والحديد وجوه.
أحدها: وهو الذي أقوله أن مدار التكليف على أمرين: أحدهما: فعل ما ينبغي فعله والثاني: ترك ما ينبغي تركه، والأول هو المقصود بالذات، لأن المقصود بالذات لو كان هو الترك لوجب أن لا يخلق أحد، لأن الترك كان حاصلًا في الأزل، وأما فعل ما ينبغي فعله، فإما أن يكون متعلقًا بالنفس، وهو المعارف، أو بالبدن وهو أعمال الجوارح، فالكتاب هو الذي يتوسل به إلى فعل ما ينبغي من الأفعال النفسانية، لأن يتميز الحق من الباطل، والحجة من الشبهة، والميزان هو الذي يتوسل به إلى فعل ما ينبغي من الأفعال البدنية، فإن معظم التكاليف الشاقة في الأعمال هو ما يرجع إلى معاملة الخلق، والميزان هو الذي يتميز به العدل عن الظلم والزائد عن الناقص، وأما الجديد ففيه بأس شديد، وهو زاجر للخلق عما لا ينبغي، والحاصل أن الكتاب إشارة إلى القوة النظرية، والميزان إلى القوة العملية، والحديد إلى دفع مالا ينبغي، ولما كان أشرف الأقسام رعاية المصالح الروحانية، ثم رعاية المصالح الجسمانية، ثم الزجر عما لا ينبغي، روعي هذا الترتيب في هذه الآية وثانيها: المعاملة إما مع الخالق وطريقها الكتاب أو مع الخلق وهم: إما الأحباب والمعاملة معهم بالسوية وهي بالميزان، أو مع الأعداء والمعاملة معهم بالسيف والحديد وثالثها: الأقوام ثلاثة: أما السابقون وهم يعاملون الخلق بمقتضى الكتاب، فينصفون ولا ينتصفون، ويحترزون عن مواقع الشبهات، وإما مقتصدون وهم الذين ينصفون وينتصفون، فلابد لهم من الميزان، وإما ظالمون وهم الذين ينتصفون ولا ينصفون ولا بد لهم من الحديد والزجر ورابعها: الإنسان، إما أن يكون في مقام الحقيقة وهو مقام النفس المطمئنة ومقام المقربين، فههنا لا يسكن إلا إلى الله، ولا يعمل إلا بكتاب الله، كما قال: {أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب} [الرعد: 28] وإما أن يكون في مقام الطريقة وهو مقام النفس اللوامة، ومقام أصحاب اليمين، فلابد له من الميزان في معرفة الأخلاق حتى يحترز عن طرفي الإفراط والتفريط، ويبقى على الصراط المستقيم وإما أن يكون في مقام الشريعة وهو مقام النفس الأمارة، وههنا لابد له من حديد المجاهدة والرياضات الشاقة وخامسها: الإنسان إما أن يكون صاحب المكاشفة والوصول فلا أنس له إلا بالكتاب، أو صاحب الطلب والاستدلال فلابد له من ميزان الدليل والحجة أو صاحب العناد واللجاج، فلابد وأن ينفى من الأرض بالحديد وسادسها: أن الدين هو إمالأصول وإما الفروع، وبعبارة أخرى: إما المعارف وإما الأعمال، فالأصول من الكتاب، وأما الفروع: فالمقصود الأفعال التي فيها عدلهم ومصلحتهم وذلك بالميزان فإنه إشارة إلى رعاية العدل، والحديد لتأديب من ترك ذينك الطريقين وسابعها: الكتاب إشارة إلى ما ذكر الله في كتابه من الأحكام المقتضية للعدل والإنصاف، والميزان إشارة إلى حمل الناس على تلك الأحكام المبنية على العدل والإنصاف وهو شأن الملوك، والحديد إشارة إلى أنهم لو تمردوا لوجب أن يحملوا عليهما بالسيف، وهذا يدل على أن مرتبة العلماء وهم أرباب الكتاب مقدمة على مرتبة الملوك الذين هم أرباب السيف، ووجوه المناسبات كثيرة، وفيما ذكرناه تنبيه على الباقي.
المسألة الثانية:
ذكروا في: إنزال الميزان وإنزال الحديد، قولين: الأول: أن الله تعالى أنزلهما من السماء، روي أن جبريل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح، وقال: مر قومك يزنوا به، وعن ابن عباس نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من الحديد السندان والكلبتان والمقمعة والمطرقة والإبرة، والمقعمة ما يحدد به، ويدل على صحة هذا ما روى ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال: «إن الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: أنزل الحديد والنار والماء والملح» والقول الثاني: أن معنى هذا الإنزال الإنشاء والتهيئة، كقوله تعالى: {وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الأنعام ثمانية أزواج} [لزمر: 6] قال قطرب: {أنزلناها} [النور: 1] أي هيأناها من النزل، يقال: أنزل الأمير على فلان نزلًا حسنًا، ومنهم من قال هذا من جنس قوله: علفتها تبنًا وماء باردًا، وأكلت خبزًا ولبنًا.
المسألة الثالثة:
ذكر في منافع الميزان أن يقوم الناس بالقسط، والقسط والإقساط هو الإنصاف وهو أن تعطى قسط غيرك كما تأخذ قسط نفسك، والعادل مقسط قال الله تعالى: {إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين} [الحجرات: 9] والقاسط الجائر قال تعالى: {وَأَمَّا القاسطون فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن: 15] وأما الحديد ففيه البأس الشديد فإن آلات الحروب متخذة منه، وفيه أيضًا منافع كثيرة منها قوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ} [الأنبياء: 80] ومنها أن مصالح العالم، إما أصول، وإما فروع، أما الأصول فأربعة: الزراعة والحياكة وبناء البيوت والسلطنة، وذلك لأن الإنسان مضطر إلى طعام يأكله وثوب يلبسه وبناء يجلس فيه، والإنسان مدني بالطبع فلا تتم مصلحته إلا عند اجتماع جمع من أبناء جنسه يشتغل كل واحد منهم بمهم خاص، فحينئذ ينتظم من الكل مصالح الكل، وذلك الانتظام لابد وأن يفضي إلى المزاحمة، ولا بد من شخص يدفع ضرر البعض عن البعض، وذلك هو السلطان، فثبت أنه لا تنتظم مصلحة العالم إلا بهذه الحروف الأربعة، أما الزراعة فمحتاجة إلى الحديد، وذلك في كرب الأراضي وحفرها، ثم عند تكون هذه الحبوب وتولدها لابد من خبزها وتنقيتها، وذلك لا يتم إلا بالحديد، ثم الحبوب لابد من طحنها وذلك لا يتم إلا بالحديد، ثم لابد من خبزها ولا يتم إلا بالنار، ولا بد من المقدحة الحديدية، وأما الفواكه فلابد من تنظيفها عن قشورها، وقطعها على الوجوه الموافقة للأكل ولا يتم ذلك إلا بالحديد، وأما الحياكة فمعلوم أنه يحتاج في آلات الحياكة إلى الحديد ثم يحتاج في قطع الثياب وخياطتها إلى الحديد، وأما البناء فمعلوم أن كمال الحال فيه لا يحصل إلا بالحديد، وأما أسباب السلطنة فمعلوم أنها لا تتم ولا تكمل إلا بالحديد، وعند هذا يظهر أن أكثر مصالح العالم لا تتم إلا بالحديد، ويظهر أيضًا أن الذهب لا يقوم مقام الحديد في شيء من هذه المصالح فلو لم يوجد الذهب في الدنيا ما كان يختل شيء من مصالح الدنيا، ولو لم يوجد الحديد لاختل جميع مصالح الدنيا، ثم إن الحديد لما كانت الحاجة إليه شديدة، جعله سهل الوجدان، كثير الوجود، والذهب لما قلت الحاجة إليه جعله عزيز الوجود، وعند هذا يظهر أثر وجود الله تعالى ورحمته على عبيده، فإن كل ما كانت حاجتهم إليه أكثر، جعل وجدانه أسهل، ولهذا قال بعض الحكماء إن أعظم الأمور حاجة إليه هو الهواء، فإنه لو انقطع وصوله إلى القلب لحظة لمات الإنسان في الحال، فلا جرم جعله الله أسهل الأشياء وجدانًا، وهيأ أسباب التنفس وآلاته، حتى إن الإنسان يتنفس دائمًا بمقتضى طبعه من غير حاجة فيه إلى تكلف عمل، وبعد الهواء الماء، إلا أنه لما كانت الحاجة إلى الماء أقل من الحاجة إلى الهواء جعل تحصيل الماء أشق قليلًا من تحصيل الهواء، وبعد الماء الطعام، ولما كانت الحاجة إلى الطعام أقل من الحاجة إلى الماء، جعل تحصيل الطعام أشق من تحصيل الماء، ثم تتفاوت الأطعمة في درجات الحاجة والعزة فكل ما كانت الحاجة إليه أشد، كان وجدانه أسهل، وكل ما كان وجدانه أعسر كانت الحاجة إليه أقل، والجواهر لما كانت الحاجة إليها قليلة جدًا، لا جرم كانت عزيزة جدًا، فعلمنا أن كل شيء كانت الحاجة إليه أكثر كان وجدانه أسهل، ولما كانت الحاجة إلى رحمة الله تعالى أشد من الحاجة إلى كل شيء فنرجو من فضله أن يجعلها أسهل الأشياء وجدانًا، قال الشاعر:
سبحان من خص العزيز بعزه ** والناس مستغنون عن أجناسه

وأذل أنفاس الهواء وكل ذي ** نفس فمحتاج إلى أنفاسه

ثم قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الله مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بالغيب إِنَّ الله قَوِىٌّ عَزِيزٌ} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
المعنى وليعلم الله من ينصره، أي ينصر دينه، وينصر رسله باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين بالغيب أي غائبًا عنهم.
قال ابن عباس: ينصرونه ولا يبصرونه، ويقرب منه قوله تعالى: {إِن تَنصُرُواْ الله يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7].
المسألة الثانية:
احتج من قال بحدوث علم الله بقوله: {وَلِيَعْلَمَ الله} والجواب عنه أنه تعالى أراد بالعلم المعلوم، فكأنه تعالى قال: ولتقع نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام ممن ينصره.
المسألة الثالثة:
قال الجبائي: قوله تعالى: {لِيَقُومَ الناس بالقسط} فيه دلالة على أنه تعالى أنزل الميزان والحديد، ومراده من العباد أن يقوموا بالقسط وأن ينصروا الرسول، وإذا كان هذا مراده من الكل فقد بطل قول المجبرة أنه أراد من بعضهم خلاف ذلك جوابه: أنه كيف يمكن أن يريد من الكل ذلك مع علمه بأن ضده موجود، وأن الجمع بين الضدين محال، وأن المحال غير مراد.
المسألة الرابعة:
لما كانت النصرة قد تكون ظاهرة، كما يقع من منافق أو ممن مراده المنافع في الدنيا، بين تعالى أن الذي أراده النصرة بالغيب، ومعناه أن تقع عن إخلاص بالقلب، ثم بين تعالى أنه قوي على الأمور عزيز لا يمانع.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وإبراهيم وَجَعَلْنَا في ذُرّيَّتِهِمَا النبوة والكتاب} واعلم أنه تعالى لما ذكر أنه أرسل الرسل بالبينات والمعجزات، وأنه أنزل الميزان والحديد، وأمر الخلق بأن يقوموا بنصرتهم أتبع ذلك ببيان سائر الأشياء التي أنعم بها عليهم، فبين أنه تعالى شرف نوحًا وإبراهيم عليهما السلام بالرسالة، ثم جعل في ذريتهما النبوة والكتاب فما جاء بعدهما أحد بالنبوة إلا وكان من أولادهما، وإنما قدم النبوة على الكتاب، لأن كمال حال النبي أن يصير صاحب الكتاب والشرع.
ثم قال تعالى: {فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فاسقون} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
{فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ} أي فمن الذرية أو من المرسل إليهم، وقد دل عليهم ذكر الإرسال والمرسلين، والمعنى أن منهم مهتد ومنهم فاسق، والغلبة للفساق، وفي الفاسق هاهنا قولان: الأول: أنه الذي ارتكب الكبيرة سواء كان كافرًا أو لم يكن، لأن هذا الاسم يطلق على الكافر وعلى من لا يكون، كذلك إذا كان مرتكبًا للكبيرة، والثاني: أن المراد بالفاسق هاهنا الكافر، لأن الآية دلت على أنه تعالى جعل الفساق بالضد من المهتدين، فكأن المراد أن فيهم من قبل الدين واهتدى، ومنهم من لم يقبل ولم يهتد، ومعلوم أن من كان كذلك كان كافرًا، وهذا ضعيف، لأن المسلم الذي عصى قد يقال فيه: إنه لم يهتد إلى وجه رشده ودينه. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بالبينات} أي بالمعجزات البيّنة والشرائع الظاهرة.
وقيل: الإخلاص لله تعالى في العبادة، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة؛ بذلك دعت الرسل: نوح فمن دونه إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
{وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب} أي الكتب؛ أي أوحينا إليهم خبر ما كان قبلهم {والميزان} قال ابن زيد: هو ما يوزن به ويتعامل {لِيَقُومَ الناس بالقسط} أي بالعدل في معاملاتهم.
وقوله: {بالقسط} يدل على أنه أراد الميزان المعروف.
وقال قوم: أراد به العدل.
قال القشيري: وإذا حملناه على الميزان المعروف، فالمعنى أنزلنا الكتاب ووضعنا الميزان فهو من باب:
عَلَفْتُهَا تِبنًا وماءً باردًا

ويدل على هذا قوله تعالى: {والسماء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الميزان} [الرحمن: 7] ثم قال: {وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط} [الرحمن: 9] وقد مضى القول فيه.
{وَأَنزْلْنَا الحديد فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} روى عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: الحديد والنار والماء والملح».
وروى عكرمة عن ابن عباس قال: ثلاثة أشياء نزلت مع آدم عليه السلام: الحجر الأسود وكان أشد بياضًا من الثلج، وعصا موسى وكانت من آس الجنة، طولها عشرة أذرع مع طول موسى، والحديد أنزل معه ثلاثة أشياء: السندان والكَلْبَتَان والمِيقَعة وهي المِطرقة؛ ذكره الماوردي.
وقال الثعلبي: قال ابن عباس نزل آدم من الجنة ومعه من الحديد خمسة أشياء من آلة الحدّادين: السَّنْدَان، والْكَلْبَتَان، والمِيقَعة، والمِطْرقة، والإبرة.
وحكاه القشيريّ قال: والمِيقَعة ما يحدّد به؛ يقال وَقَعْتُ الحديدةَ أقعها أي حددتها.
وفي الصحاح: والمِيقَعة الموضع الذي يألفه البازِي فيقع عليه، وخشبة القَصّار التي يَدقّ عليها، والمِطْرقة والمِسنّ الطويل.
وروي أن الحديد أنزل في يوم الثلاثاء.
{فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} أي لإهراق الدماء.
ولذلك نهى عن الفصد والحِجامة في يوم الثلاثاء؛ لأنه يوم جرى فيه الدم.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «في يوم الثلاثاء ساعةً لا يرقأ فيها الدم».
وقيل: {وَأَنزْلْنَا الحديد} أي أنشأناه وخلقناه؛ كقوله تعالى: {وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} وهذا قول الحسن.
فيكون من الأرض غير منزل من السماء.
وقال أهل المعاني: أي أخرج الحديد من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه.
{فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} يعني السلاح والكُرَاع والجُنة.
وقيل: أي فيه من خشية القتل خوف شديد.
{وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} قال مجاهد: يعني جُنَّة.
وقيل: يعني انتفاع الناس بالماعون من الحديد، مثل السكين والفأس والإبرة ونحوه.
{وَلِيَعْلَمَ الله مَن يَنصُرُهُ} أي أنزل الحديد ليعلم من ينصره.
وقيل: هو عطف على قوله تعالى: {لِيَقُومَ الناس بالقسط} أي أرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم الكتاب، وهذه الأشياء؛ ليتعامل الناس بالحق، {وَلِيَعْلَمَ الله مَن يَنصُرُهُ} وليرى الله من ينصر دينه {وَ} ينصر {رُسُلَهُ بالغيب} قال ابن عباس: ينصرونهم لا يكذبونهم، ويؤمنون بهم {بِالْغَيْبِ} أي وهم لا يرونهم.
{إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ} {قَوِيُّ} في أخذه {عَزِيزٌ} أي منيع غالب.
وقد تقدّم.
وقيل: {بالغيب} بالإخلاص.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ} فصّل ما أجمل من إرسال الرّسل بالكتب، وأخبر أنه أرسل نوحًا وإبراهيم وجعل النبوّة في نسلهما {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النبوة والكتاب} أي جعلنا بعض ذريتهما الأنبياء، وبعضهم أممًا يتلون الكتب المنزلة من السماء: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.