فصل: سورة الحشر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة الحشر:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه أَحاديث منكَرة، منها حديث أُبي: «مَن قرأ سورة الحشر لم يبق جنَّة، ولا نار، ولا عَرْش، ولا كُرْسي، ولا حجاب، ولا السّموات السّبع، والأَرضون السّبع، والهوامّ، والرّيح، والطَّير، والشجر، والدّواب، والجبال والشمس، والقمر، والملائكة- إِلاَّ صَلَّوْا عليه. فإِن مات مِن يومه أَو ليلته مات شهيدًا».
وحديث علي: «يا علي مَنْ قرأها قال الله عز وجلَّ له يوم القيامة: عبدي استظِلّ بظلّ عرشي، وكُلْ من ثمار جنَّتي حتى أَفرغ إِليك. فإِذا فرغ الله عزَّ وجلّ من حساب الخلائق وَجّهه إِلى الجنَّة، فيتعجّب منه أَهلُ الموقف. وله بكلّ آية قرأها مثلُ ثواب إِسحاق وإِبراهيم». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة الحشر:
مقصودها بيان ما دل عليه آخر المجادلة من التنزه عن شوائب النقص بإثبات القدرة الشاملة بدليل شهودي على أنه يغلب هو ورسله، ومن حاده في الأذلين، لأنه قوي عزيز، المستلزمة للعلم التام المستلزم الحكمة البالغة المستلزمة للحشر المظهر لفلاح المفلح وخسار الخاسر على زجه الثبات الكاشف أتم كشف لجميع صفات الكمال، وأدل ما فيها على ذلك تأمل قصة بني النضير المعلم بأول الحشر المؤذن بالحشر الحقيقي بالقدرة عليه بعد إطباق الولي والعدو على ظن أنه لا يكون، فلذا سميت الحشر وببني النضير لأنه سبحانه وتعالى حشرهم بقدرته من المدينة الشريفة إلى خيبر والشام والحيرة ثم حشرهم وغيرهم من اليهود الحشر الثاني من خيبر إلى الشام الذي هو آية الحشر الأعظم إلى أرض الحشر لقهر هذا النبي الكريم أهل الكتاب المدعين لأنهم أفضل الناس وأنهم مؤيدون بما لهم من الدين الذي أصله قويم بما لوحت إليه الحديد كما قهر أهل الأوثان الذين هم عالمون بأنهم بدلوا الدين الصحيح فثبتت بظهور دينه على كل دين على حد سواء كما وعد به سبحانه صدقه في كل ما جاء به بعد التوحيد- الإيمان بالبعث الآخر لأنه محط الحكمة وموضع إظهار النقمة والرحمة. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {سبح} الحشر:

السّورة مدنيّة بالاتِّفاق.
آياتها أَربع وعشرون.
كلماتها أَربعمائة وخمس وأَربعون.
حروفها أَلف وتسعمائة وثلاث عشرة.
فواصل آياتها (مَن برّ) على الباءِ آيتان: العقاب في موضعين.
سمّيت سورة الحشر؛ لقوله: {لأَوَّلِ الْحَشْرِ}.

.معظم مقصود السّورة:

الخبر عن جلاءِ بني النضير، وقَسْم الغنائم، وتفصيل حال المهاجرين والأَنصار، والشكاية من المنافقين في واقعة قُرَيظة، وذكر بَرْصِيصاء العابد، والنّظر إِلى العواقب، وتأْثير نزول القرآن، وذكر أَسماءِ الحقِّ تعالى وصفاته، وبيان أَنَّ جملة الخلائق في تسبيحه وتقديسه في قوله: {لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} إِلى آخر السّورة. ليس فيها منسوخ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة الحشر:
435- مسألة:
قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} قدم الغيب على الشهادة؟
جوابه:
لأن علم الغيب أمدح، لأن الغيب عنا أكثر من المشاهدة، ولأنه تعالى يعلمه قبل أن يكون. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ} وبعده: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ} بغير واو؛ لأَنَّ الأَوّل معطوف على قوله: {مَا قَطَعْتُمْ} والثاني استئناف ليس له به تعلُّق.
وقول من قال: إِنَّه بدل من الأَوّل مزيّف عند أَكثر المفسّرين.
قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} وبعده: {قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُوْنَ} لأَنَّ الأَوّل متّصل بقوله: {لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ اللَّهِ} لأَنَّهم يرون الظَّاهر، ولا يفقهون على ما استتر عليهم، والفقه معرفةُ ظاهر الشيء وغامضه بسرعة فِطنة، فنَ في عنهم ذلك.
والثاني متَّصل بقوله: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} أَي لو عَقَلوا لاجتمعوا على الحقِّ، ولم يتفرّقوا.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة الحشر:
اشتهرت تسمية هذه السورة (سورةَ الحشر). وبهذا الاسم دعاها النبي صلى الله عليه وسلم.
روى الترمذي عن معقل بن يسار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يصبح ثلاث مرات: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر» الحديث، أي الآيات التي أولها {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة} (الحشر: 22) إلى آخر السورة.
وفي (صحيح البخاري) عن سعيد بن جُبَير قال: قلت لابن عباس: سورة الحشر قال: (قل بني النضير)، أي سورة بني النضير فابن جُبَير سماها باسمها المشهور. وابن عباس يسميها سورة بني النضير. ولعله لم يبلغه تسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياها (سورة الحشر) لأن ظاهر كلامه أنه يرى تسميتها (سورة بني النضير) لقوله لابن جُبَير (قل بني النضير).
وتأول ابن حَجر كلام ابن عباس على أنه كره تسميتها بالحشر لئلا يُظن أن المراد بالحشر يوم القيامة. وهذا تأول بعيد. وأحسن من هذا أن ابن عباس أراد أن لها اسمين، وأن الأمر في قوله: قُل، للتخيير.
فأما وجه تسميتها (الحشر) فلوقوعِ لفظ (الحشر) (الحشر: 2) فيها. ولكونها ذكر فيها حشر بني النضير من ديارهم أي من قريتهم المسماة الزهرة قريبًا من المدينة. فخرجوا إلى بلاد الشام إلى أريحا وأذرعات، وبعضُ بيوتهم خرجوا إلى خيبر، وبعض بيوتهم خرجوا إلى الحِيرة.
وأما وجه تسميتها (سورة بني النضير) فلأن قصة بني النضير ذُكرت فيها.
وهي مدنية بالاتفاق. وهي الثامنة والتسعون في عداد نزول السور عند جابر بن زيد. نزلت بعد سورة البيّنة وقبل سورة النصر.
وكان نزولها عقب إخراج بني النضير من بلادهم سنة أربع من الهجرة. وعدد آيها أربع وعشرون باتفاق العادّين.
أغراض هذه السورة:
وقع الاتفاق على أنها نزلت في شأن بني النضير ولم يعينوا ما هو الغرض الذي نزلت فيه. ويظهر أن المقصد منها حكم أمْوال بني النضير بعد الانتصار عليهم، كما سنبينه في تفسير الآية الأولى منها. اهـ.

.قال سيد قطب:

مقدمة لسورة الحشر:
نزلت هذه السورة في حادث بني النضير- حي من أحياء اليهود- في السنة الرابعة من الهجرة. تصف كيف وقع؟ ولماذا وقع؟ وما كان في أعقابه من تنظيمات في الجماعة الإسلامية.. ترويها بطريقة القرآن الخاصة، وتعقب على الأحداث والتنظيمات بطريقة القرآن كذلك في تربية تلك الجماعة تربية حية بالأحداث والتوجيهات والتعقيبات.
وقبل أن نستعرض النصوص القرآنية في السورة، نعرض شيئا مما ذكرته الروايات عن ذلك الحادث الذي نزلت السورة بشأنه؛ لنرى ميزة العرض القرآني، وبعد آماده وراء الأحداث التي تتنزل بشأنها النصوص، فتفي بمقتضيات الأحداث، وتمتد وراءها وحولها في مجالات أوسع وأشمل من مقتضيات تلك الأحداث المحدودة بالزمان والمكان.
كانت وقعة بني النضير في أوائل السنة الرابعة من الهجرة بعد غزوة أحد وقبل غزوة الأحزاب. ومما يذكر عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب مع عشرة من كبار أصحابه منهم أبو بكر وعمر وعلي- رضي الله عنهم- إلى محلة بني النضير، يطلب منهم المشاركة في أداء دية قتيلين بحكم ما كان بينه وبينهم من عهد في أول مقدمه على المدينة. فاستقبله يهود بني النضير بالبشر والترحاب ووعدوا بأداء ما عليهم، بينما كانوا يدبرون أمرا لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه. وكان صلى الله عليه وسلم جالسا إلى جدار من بيوتهم. فقال بعضهم لبعض: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه. فمن رجل منكم يعلو هذا البيت، فيلقي عليه صخرة، فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب. فقال: أنا لذلك. فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال. فألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبيت اليهود من غدر. فقام كأنما ليقضي أمرا. فلما غاب استبطأه من معه، فخرجوا من المحلة يسألون عنه، فعلموا أنه دخل المدينة.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحرب بني النضير لظهور الخيانة منهم، ونقض عهد الأمان الذي بينه وبينهم. وكان قد سبق هذا إقذاع كعب بن الأشرف- من بني النضير- في هجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأليبه الأعداء عليه. وما قيل من أن كعبا ورهطا من بني النضير اتصلوا بكفار قريش اتصال تآمر وتحالف وكيد ضد النبي صلى الله عليه وسلم مع قيام ذلك العهد بينهم وبينه. مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأذن لمحمد بن مسلمة في قتل كعب بن الأشرف. فقتله.
فلما كان التبييت للغدر برسول الله في محلة بني النضير لم يبق مفر من نبذ عهدهم إليهم. وفق القاعدة الإسلامية: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين}.. فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصر محلة بني النضير، وأمهلهم ثلاثة أيام- وقيل عشرة- ليفارقوا جواره ويجلوا عن المحلة على أن يأخذوا أموالهم، ويقيموا وكلاء عنهم على بساتينهم ومزارعهم. ولكن المنافقين في المدينة- وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول رأس النفاق- أرسلوا إليهم يحرضونهم على الرفض والمقاومة، وقالوا لهم: أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم. وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم.
وفي هذا الله تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون...}.
فتحصن اليهود في الحصون؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع نخيلهم والتحريق فيها. فنادوه: أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه: فما بال قطع النخيل وتحريقها؟ وفي الرد عليهم نزل قوله تعالى: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين}..
ولما بلغ الحصار ستا وعشرين ليلة، يئس اليهود من صدق وعد المنافقين لهم، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم، كما سبق جلاء بني قينقاع- وقد ذكرنا سببه وظروفه في تفسير سورة الأحزاب في الجزء الحادي والعشرين- على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)}