فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{يفصل} ثلاثيًا معلومًا: عاصم غير المفضل وسهل ويعقوب {يفصل} بالتشديد: حمزة وعلي وخلف. مثله ولكن مجهولًا: ابن ذكوان. الآخرون: ثلاثيًا مجهولًا {في إبراهام} كنظائره {أن تولوهم} بتشديد التاء: البزي وابن فليح {تمسكوا} بالتشديد: أبو عمرو وسهل ويعقوب.

.الوقوف:

{من الحق} ج لأن ما بعده يحتمل الحال من ضمير {كفروا} والاستئناف {بالله ربكم} ط {أعلنتم} ط {السبيل} o {تكفرون} o {أولادكم} ج لاحتمال تعلق الظرف بـ: {لن تنفعكم} أو يفصل {يوم القيامة} ج بناء على المذكور {بينكم} ط {بصير} o {والذين معه} ج لأن الظرف قد يتعلق باذكر محذوفًا أو أسوة {من دون الله} ط لأن ما بعد مستأنف في النظم وإن كان متصلًا في المعنى {من شيء} ط {المصير} o {لنا ربنا} o للابتداء بأن مع أن التقدير فإنك {الحكيم} o {الآخر} ط {الحميد} o {مودة} ط {قدير} o {رحيم} o {إليهم} ط {المقسطين} o {تولوهم} ج للشرط مع العطف {الظالمون} o {فامتحنوهنّ} ط {بإيمانهنّ} ط {الكفار} ط {لهنّ} ط {ما أنفقوا} ط {أجورهنّ} ط {ما أنفقوا} ط {حكم الله} ط {بينكم} ط {حكيم} o ز {ما أنفقوا} ط {مؤمنون} o {لهنّ الله} ط {رحيم} o {القبور} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بالمودة} وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
اعلم أن من جملة ما يتحقق به التعلق بما قبلها هو أنهما يشتركان في بيان حال الرسول صلى الله عليه وسلم مع الحاضرين في زمانه من اليهود والنصارى وغيرهم، فإن بعضهم أقدموا على الصلح واعترفوا بصدقه، ومن جملتهم بنو النضير، فإنهم قالوا: والله إنه النبي الذي وجدنا نعته وصفته في التوراة، وبعضهم أنكروا ذلك وأقدموا على القتال، إما على التصريح وإما على الإخفاء، فإنهم مع أهل الإسلام في الظاهر، ومع أهل الكفر في الباطن، وأما تعلق الأول بالآخر فظاهر، لما أن آخر تلك السورة يشتمل على الصفات الحميدة لحضرة الله تعالى من الوحدانية وغيرها، وأول هذه السورة مشتمل على حرمة الاختلاط مع من لم يعترف بتلك الصفات.
المسألة الثانية:
أما سبب النزول فقد روي أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، لما كتب إلى أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز للفتح ويريد أن يغزوكم فخذوا حذركم، ثم أرسل ذلك الكتاب مع امرأة مولاة لبني هاشم، يقال لها سارة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، فقال عليه السلام: «أمسلمة جئت؟ قالت: لا، قال: أمهاجرة جئت؟ قالت: لا، قال:فما جاء بك؟ قالت: قد ذهب الموالي يوم بدر أي قتلوا في ذلك اليوم فاحتجت حاجة شديدة فحث عليها بني المطلب فكسوها وحملوها وزودوها، فأتاها حاطب وأعطاها عشرة دنانير وكساها بردًا واستحملها ذلك الكتاب إلى أهل مكة، فخرجت سائرة، فأطلع الله الرسول عليه السلام على ذلك، فبعث عليًا وعمر وعمارًا وطلحة والزبير خلفها وهم فرسان، فأدركوها وسألوها عن ذلك فأنكرت وحلفت، فقال علي عليه السلام: والله ما كذبنا، ولا كذب رسول الله، وسل سيفه، فأخرجته من عقاص شعرها، فجاءوا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرضه على حاطب فاعترف، وقال: إن لي بمكة أهلًا ومالًا فأردت أن أتقرب منهم، وقد علمت أن الله تعالى ينزل بأسه عليهم، فصدقه وقبل عذره، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال صلى الله عليه وسلم: ما يدريك يا عمر لعل الله تعالى قد اطلع على أهل بدر فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، ففاضت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم فنزلت» وأما تفسير الآية فالخطاب في: {يا أيها الذين آمنوا} قد مر، وكذلك في الإيمان أنه في نفسه شيء واحد وهو التصديق بالقلب أو أشياء كثيرة وهي الطاعات، كما ذهب إليه المعتزلة، وأما قوله تعالى: {لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ} فاتخذ يتعدى إلى مفعولين، وهما {عدوي} و{أولياء}، والعدو فعول من عدا، كعفو من عفا، ولكونه على زنة المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد، والعداوة ضد لصداقة، وهما لا يجتمعان في محل واحد، في زمان واحد، من جهة واحدة، لكنهما يرتفعان في مادة الإمكان، وعن الزجاج والكرابيسي {عَدُوّي} أي عدو ديني، وقال عليه السلام: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» وقال عليه السلام لأبي ذر: «يا أبا ذر أي عرا الإيمان أوثق، فقال الله ورسوله أعلم، فقال:الموالاة في الله والحب في الله والبغض في الله» وقوله تعالى: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بالمودة} فيه مسألتان:
المسألة الأولى:
قوله: {تُلْقُونَ} بماذا يتعلق، نقول: فيه وجوه الأول: قال صاحب النظم: هو وصف النكرة التي هي أولياء، قاله الفراء والثاني: قال في الكشاف: يجوز أن يتعلق بلا تتخذوا حالًا من ضميره، وأولياء صفة له الثالث: قال ويجوز أن يكون استئنافًا، فلا يكون صلة لأولياء، والباء في المودة كهي في قوله تعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25] والمعنى: تلقون إليهم أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وسره بالمودة التي بينكم وبينهم، ويدل عليه: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بالمودة}.
المسألة الثانية:
في الآية مباحث الأول: اتخاذ العدو وليًا كيف يمكن، وقد كانت العداوة منافية للمحبة والمودة، والمحبة المودة من لوازم ذلك الاتخاذ، نقول: لا يبعد أن تكون العداوة بالنسبة إلى أمر، والمحبة والمودة بالنسبة إلى أمر آخر، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّ مِنْ أزواجكم وأولادكم عَدُوًّا لَّكُمْ} [التغابن: 14] والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «أولادنا أكبادنا» الثاني: لما قال: {عَدُوّى} فلم لم يكتف به حتى قال: {وَعَدُوَّكُمْ} لأن عدو الله إنما هو عدو المؤمنين؟ نقول: الأمر لازم من هذا التلازم، وإنما لا يلزم من كونه عدوًا للمؤمنين أن يكون عدوًا لله، كما قال: {إِنَّ مِنْ أزواجكم وأولادكم عَدُوًّا لَّكُمْ}، الثالث: لم قال: {عَدُوّي وَعَدُوَّكُمْ} ولم يقل بالعكس؟ فنقول: العداوة بين المؤمن والكافر بسبب محبة الله تعالى ومحبة رسوله، فتكون محبة العبد من أهل الإيمان لحضرة الله تعالى لعلة، ومحبة حضرة الله تعالى للعبد لا لعلة، لما أنه غني على الإطلاق، فلا حاجة به إلى الغير أصلًا، والذي لا لعلة مقدم على الذي لعلة، ولأن الشيء إذا كان له نسبة إلى الطرفين، فالطرف الأعلى مقدم على الطرف الأدنى، الرابع: قال: {أَوْلِيَاء} ولم يقل: وليًا، والعدو والولي بلفظ، فنقول: كما أن المعرف بحرف التعريف يتناول كل فرد، فكذلك المعرف بالإضافة الخامس: منهم من قال: الباء زائدة، وقد مر أن الزيادة في القرآن لا تمكن، والباء مشتملة على الفائدة، فلا تكون زائدة في الحقيقة.
ثم قال تعالى: {وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادًا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل}.
{وَقَدْ كَفَرُواْ} الواو للحال، أي وحالهم أنهم كفروا: {بِمَا جَاءكُمْ مّنَ} الدين {الحق}، وقيل: من القرآن {يُخْرِجُونَ الرسول وَإِيَّاكُمْ} يعني من مكة إلى المدينة {أَن تُؤْمِنُواْ} أي لأن تؤمنوا {بالله رَبّكُمْ} وقوله: {إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ} قال الزجاج: هو شرط جوابه متقدم وهو: لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء، وقوله: {جِهَادًا في سَبِيلِي وابتغاء مَرْضَاتِي} منصوبان لأنهما مفعولان لهما، {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بالمودة} عن مقاتل بالنصيحة، ثم ذكر أنه لا يخفى عليه من أحوالهم شيء، فقال: {وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ} من المودة للكفار {وَمَا أَعْلَنتُمْ} أي أظهرتم، ولا يبعد أن يكون هذا عامًا في كل ما يخفى ويعلن، قال بعضهم: هو أعلم بسرائر العبد وخفاياه وظاهره وباطنه، من أفعاله وأحواله، وقوله: {وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ} يجوز أن تكون الكناية راجعة إلى الإسرار، وإلى الإلقاء، وإلى اتخاذ الكفار أولياء، لما أن هذه الأفعال مذكورة من قبل، وقوله تعالى: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السبيل} فيه وجهان: الأول: عن ابن عباس: أنه عدل عن قصد الإيمان في اعتقاده، وعن مقاتل: قد أخطأ قصد الطريق عن الهدى، ثم في الآية مباحث:
الأول: {إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ} متعلق بلا تتخذوا، يعني لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي، {وتسرون} استئناف، معناه: أي طائل لكم في إسراركم وقد علمتم أن الإخفاء والإعلان سيان في علمي.
الثاني: لقائل أن يقول: {إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ} الآية، قضية شرطية، ولو كان كذلك فلا يمكن وجود الشرط، وهو قوله: {إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ} بدون ذلك النهي، ومن المعلوم أنه يمكن، فنقول: هذا المجموع شرط لمقتضى ذلك النهي، لا للنهي بصريح اللفظ، ولا يمكن وجود المجموع بدون ذلك لأن ذلك موجود دائمًا، فالفائدة في ابتغاء مرضاتي ظاهرة، إذ الخروج قد يكون ابتغاء لمرضاة الله وقد لا يكون.
الثالث: قال تعالى: {بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ} ولم يقل: بما أسررتم وما أعلنتم، مع أنه أليق بما سبق وهو {تُسِرُّونَ}، فنقول فيه من المبالغة ما ليس في ذلك، فإن الإخفاء أبلغ من الإسرار، دل عليه قوله: {يَعْلَمُ السر وَأَخْفَى} [طه: 7] أي أخ في من السر.
الرابع: قال: {بِمَا أَخْفَيْتُمْ} قدم العلم بالإخفاء على الإعلان، مع أن ذلك مستلزم لهذا من غير عكس.
فنقول هذا بالنسبة إلى علمنا، لا بالنسبة إلى علمه تعالى، إذ هما سيان في علمه كما مر، ولأن المقصود هو بيان ما هو الأخ في وهو الكفر، فيكون مقدمًا.
الخامس: قال تعالى: {وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ} ما الفائدة في قوله: {مّنكُمْ} ومن المعلوم أن من فعل هذا الفعل {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السبيل} نقول: إذا كان المراد من {مّنكُمْ} من المؤمنين فظاهر، لأن من يفعل ذلك الفعل لا يلزم أن يكون مؤمنًا.
ثم إنه أخبر المؤمنين بعداوة كفار أهل مكة فقال: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}
{يَثْقَفُوكُمْ} يظفروا بكم ويتمكنوا منكم {يَكُونُواْ لَكُمْ} في غاية العداوة، وهو قول ابن عباس، وقال مقاتل: يظهروا عليكم يصادقوكم {وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} بالضرب {وَأَلْسِنَتَهُمْ} بالشتم {وَوَدُّواْ} أن ترجعوا إلى دينهم، والمعنى أن أعداء الله لا يخلصون المودة لأولياء الله لما بينهم من المباينة {لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ} لما عوتب حاطب على ما فعل اعتذر بأن له أرحامًا، وهي القرابات، والأولاد فيما بينهم، وليس له هناك من يمنع عشيرته، فأراد أن يتخذ عندهم يدًا ليحسنوا إلى من خلفهم بمكة من عشيرته، فقال: {لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أولادكم} الذين توالون الكفار من أجلهم، وتتقربون إليهم مخافة عليهم، ثم قال: {يَوْمَ القيامة يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} وبين أقاربكم وأولادكم فيدخل أهل الإيمان الجنة، وأهل الكفر النار {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} أي بما عمل حاطب، ثم في الآية مباحث:
الأول: ما قاله صاحب الكشاف: {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء} كيف يورد جواب الشرط مضارعًا مثله، ثم قال: {وَوَدُّواْ} بلفظ الماضي نقول: الماضي وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب فإن فيه نكتة، كأنه قيل: وودوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم.
الثاني: {يَوْمُ القيامة} ظرف لأي شيء، قلنا لقوله: {لَن تَنفَعَكُمْ} أو يكون ظرفًا ليفصل وقرأ ابن كثير: {يُفَصّلُ} بضم الياء وفتح الصاد، و{يفصل} على البناء للفاعل وهو الله، و{نفصل} و{نفصل} بالنون.
الثالث: قال تعالى: {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ولم يقل: خبير، مع أنه أبلغ في العلم بالشيء، والجواب: أن الخبير أبلغ في العلم والبصير أظهر منه فيه، لما أنه يجعل عملهم كالمحسوس بحس البصر، والله أعلم. اهـ.