فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله عز وجل: {وكان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب} قال قتادة حتى يميز الكافر من المؤمن.
وقال إن أبى نجيح عن مجاهد حتى يميز المؤمن من المنافق وكان هذا يوم أحد بين فيه المؤمن من المنافق حتى قتل من المسلمين من قتل ثم قال تعالى: {وما كان الله ليطلعكم على الغيب} أي ليس يخبركم من يسلم ومن يموت على الكفر ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء قال مجاهد أي يخلصهم لنفسه.
وقوله عز وجل: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} في الآية قولان أحدهما أنه يراد به اليهود لانهم بخلوا ان يخبروا بصفة النبي صلى الله عليه وسلم فهي على هذا للتمثيل أي سيد طوقون عمر الاثم والقول الاخر هو الذي عليه اهل الحديث أنه روى أبو وائل عن عبد الله ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من رجل له مال ثم بخل بالحق في ماله إلا طوق الله يوم القيامة شجاعا أقرع ثم تلا مصداق ذلك: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} إلى قوله: {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة}».
ثم قال عز وجل: {ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير} العرب تسمي كل ما صار إلى الانسان مما قد كان في يد غيره ميراثا فخوطبوا على ما يعرفون لأن الله يغني الخلق وهو خير الوارثين.
وقوله عز وجل: {لقد سمع الله قول الذين قالوا ان الله فقير ونحن اغنياء} قال الحسن لما نزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة قالت اليهود أو هو فقير يستقرض يموهون بذلك على ضعفائهم فأنزل الله عز وجل: {لقد سمع الله قول الذين قالوا ان الله فقبر ونحن أغنياء}.
المعنى أنه على قول محمد فقير لأنه اقترض منا فكفروا بهذا القول لانهم أرادوا تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم به وتشكيكا النبي للمؤمنين في الإسلام.
ثم قال تعالى: {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق} سنحصيه وإن ويجوز سيكتب ما قالوا أي سيكتب الله ما قالوا.
ثم قال تعالى: {ونقول ذوقوا عذاب الحريق} أي عذاب النار لأن من العذاب ما لا يحرق.
وقوله عز وجل: {فان كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير} الزبر جمع البور وهو الكتاب يقال زبرت إذا كتبت.
ثم قال تعالى: {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة} وهذا تمثيل والمعنى كل نفس كل نفس ميتة وأنشد أهل اللغة:
من لم يمت عبطه كما يمتهر ما هو ** للموت كاس فالمرء ذائقها

ثم قال جل وعز: {فمن زحزج} وسلم {عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} زحرج عنه نحي وفاز إذا نجا واغتبط بما هو فيه فأما قولهم مفازة فانما هو على التفاؤل كما يقال للاعمى بصير وقد قيل ان مفازة من قوله فوز الرجل إذا مات وهذا القول ليس بشئ لأن قولهم فوز الرجل انما هو على التفاؤل أيضا.
وقوله عز وجل: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم} قيل معناه لتختبران إن وقيل معناه لتصابن إلا والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد.
ثم قال تعالى: {ولتسمعن من الذين أتوا الكتاب من قبلهم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا} روي ان ابا بكر رحمة الله عليه سمع رجلا من اليهود يقول أو هو فقير يستقرض فلطمه فشكاه اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا أذى} وأذى مصور أذي يأذي صلى إذا تأوى.
وقوله عز وجل: {واذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} قال سعيد بن جبير يعني النبي صلى الله عليه وسلم والمعنى على هذا لتبين أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تكتمونه وقال قتادة هذا ميثاق أخذه الله عز وجل على أهل العلم فمن علم سيئا فليعلمه واياكم وكتمان العلم.
ثم قال تعالى: {فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا} فنبذوه وراء ظهورهم أي تركوه ثم بين لم فعلوا ذلك فقال واشتروا به ثمنا قليلا أي أخذ الرشا وكرهوا ان يتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم فتبطل رياستهم.
وقوله عز وجل: {لا يحسبن الذين يفرحون بما أوتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا} روي عن مروان أنه وجه إلى ابن عباس يقول أكل من فرح بما أتى واحب ان يحمد بما لم يفعل يعذب فقال ابن عباس هذا في اليهود لأن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم عن شيء فلم يخبروه به واخبروه بغيره واحبوا أن يحمدوا بذلك وفرحوا بما اتوا من كتمانهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا ويحبون} وقال: {ان يحمدوا بما لم يفعلوا} الايه.
وروى سعيد بن جبير أنه قرأ {لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا} قال اليهود فرحوا بما أوتي ال ابراهيم من الكتاب والحكم والنبوة ثم قال سعيد بن جبير {ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا} قولهم نحن على دين ابراهيم.
ثم قال عز وجل: {فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب} أي بمنجاة ولهم عذاب اليم أي مؤلم.
ثم قال عز وجل: {ولله ملك السموات والأرض والله على كل شيء قدير} هو خالقهما وخالق ما فيهما وهذا تكذيب للذين قالوا ان الله فقير ونحن اغنياء.
ثم قال عز وجل: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} أي لعلامات دالة عليه والألباب العقول.
وقوله عز وجل: {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} في معنى الآية قولان أحدهما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال من لم يستطيع ان يصلي قائما صلى قاعدا والا وضجعا أنه والقول الاخر انهم الذين يوحدن والله عز وجل على كل حال ويذكونه وهو والقول الاول ليس بصحيح الاسناد وأيضا فان الله تعالى إنما وصف أولي الألباب بالذكر له على كل الاحوال التي يكون الناس عليها ويبين لك هذا حديث ابن عباس حين بات عند النبي صلى الله عليه وسلم قال فاستوى على فراشه قاعدا ثم رفع رأسه إلى السماء ثم قال سبحان الملك القدوس ثلاث مرات وقرأ ان في خلق السموات والارض حتى ختم السورة.
ثم قال عز وجل: {ويتفكرون في خلق السموات والأرض} أي ليكون ذلك أزيد في بصيرتهم.
ثم قال عز وجل: {ربنا ما خلقت هذا باطلا} أي يقولون ربنا ما خلقت هذا باطلا فحذف يقولون.
ثم قال عز وجل: {سبحانك فقنا عذاب النار} روي عن طلحة بن عبيد الله أنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن سبحان فقال تنزيه الله عن السوء.
وأصل التنزيه في اللغة صلى الله عليه وسلم البعد أي التنزيه الله عز وجل عن الانداد والاولاد.
وقوله عز وجل: {ربنا أنك من تدخل النار فقد أخزيته} حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السلام قال حدثنا أبو الازهر إملأ قال حدثنا مؤمل بن أسماعيل قال حدثنا أبو هلال عن قتادة عن أنس في قوله عز وجل: {انك تدخل النار فقد اخريته} إذا قال من خلد في النار فقد اخزيته قال أبو الازهر وحدثنا روح حدثنا حماد بن زيد عن جويبر عن الضحاك أنه تلا حديث الشفاعة فقال له رجل أنك من تدخل النار فقد اخزيته قال ذلك لهم خزي فمن ادخل النار فقد خزي وان أخرج منها لأن الخزي انما هو هتك ستر المخزى وفضيحته يقال خزي يخزى إذا ذل وأخزيته فقال إذا أذللته اذلالا يبين عليه.
وقوله عز وجل: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} قال محمد ابن كعب هو القرآن وليس كلهم سمع النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله عز وجل: {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} لأنه وعد من وحده وآمن الجنة.
وقوله عز وجل: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو انثى} ويقرا اني لا اضيع عمل عامل منكم على معنى فقال اني والفتح بمعنى باني لا اضيع عمل عامل منك من ذكر أو انثى وروي ان سلمة قالت يارسول الله ما سمعت الله ذكر النساء في الهجرة.
فنزل الله عز وجل: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض}.
وقوله عز وجل: {ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب} أي جزاء وأصله من ثاب يثوب إذا رجع والتثويب في النداء ترجيع الصوت.
وقوله عز وجل: {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد} أي يغرنك تصرفهم وسلامتهم فان اخر مصيرهم إلى النار فمن كان آخر مصير إلى النار لم يغبط.
وقوله عز وجل: {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم} روي عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي وترحم عليه فقال قوم من المنافقين أي صلى عليه وليس من أهل دينه فانزل الله عز وجل: {وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل إليهم خاشعين لله} أي متواضعين ومنه قال الشاعر:
وإذا افتقرت لا تكن متخشعا وتجمل

ثم قال عز وجل: {لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا} لأنه قد اخبر ان منهم من يثبت على دينه لاخذ الرشا ولئلا تبطل رياسته.
قوله عز وجل: {يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا} تبطل رياسته.
قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا} أي اصبروا على دينكم وصابروا قال قتادة أي صابروا المشركين ورابطوا قال قتادة أي جاهدوا وأصل الرباط والمرابطة عند اهل اللغة ان العدو يربطون خيولهم ويربط المسلمون تحزرا ثم كثر استعمالهم لها حتى قيل لكل من اقام بالثغر مرابط حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السلام قال حدثنا الدرامي قال حدثنا يحيى ابن أبى بكير قال حدثنا جسر عن الحسن يا ايها الذين امنوا اصبروا قال عن المصائب وصابروا قال الصلوات الخمس ورابطوا اعداء الله في سبيل الله.
ثم قال عز وجل: {واتقوا الله} أي لم تؤمروا بالجهاد فقط فاتقوا الله عز وجل فيما امركم به ونهاكم عنه.
ثم قال عز وجل: {لعلكم تفلحون} أي لتكونوا على رجاء من الفلاح واصل الفلاح البقاء والخلود وقد بيناه فيما تقدم. تمت سورة ال عمران. اهـ.

.قال الفراء:

ومن سورة آل عمران
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}.
قوله تعالى: {اللَّهُ لا إله إلا هو الْحَيُّ الْقَيُّومُ... (2)}.
حدثنا محمد بن الجهم عن الفراء الْحَيُّ الْقَيُّومُ قراءة العامة، وقرأها عمر بن الخطاب وابن مسعود القيّام وصورة القيّوم: الفيعول، والقيّام الفيعال، وهما جميعا مدح. وأهل الحجاز أكثر شيء قولا: الفيعال من ذوات الثلاثة. فيقولون للصوّاغ: الصيّاغ.
وقوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ... (7)}.
{مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ} يعنى: مبيّنات للحلال والحرام ولم ينسخن. وهنّ الثلاث الآيات في الأنعام أوّلها: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} والآيتان بعدها.
وقوله: {هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ}. يقول: هنّ الأصل.
{وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ} وهنّ: المص، والر، والمر اشتبهن على اليهود لأنهم التمسوا مدّة أكل هذه الأمّة من حساب الجمّل، فلمّا لم يأتهم على ما يريدون قالوا: خلّط محمد صلى الله عليه وسلم وكفروا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم.
فقال اللّه: {فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ} يعنى تفسير المدّة.
ثم قال: {وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} ثم استأنف {وَالرَّاسِخُونَ} رفعهم ب {يَقُولُونَ} لا بإتباعهم إعراب اللّه. وفى قراءة أبىّ {ويقول الراسخون} وفى قراءة عبد اللّه {إن تأويله إلا عند اللّه والراسخون في العلم يقولون}. وقوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} يقول: كفرت اليهود ككفر آل فرعون وشأنهم. وقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ}.
تقرأ بالتاء والياء. فمن جعلها بالياء فإنه ذهب إلى مخاطبة اليهود، وإلى أن الغلبة على المشركين بعد يوم أحد. وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لمّا هزم المشركين يوم بدر وهم ثلاثمائة ونيّف والمشركون ألف إلا شيئا قالت اليهود: هذا الذي لا تردّ له راية، فصدّقوا. فقال بعضهم: لا تعجلوا بتصديقه حتى تكون وقعة أخرى.
فلما نكب المسلمون يوم أحد كذّبوا ورجعوا. فأنزل اللّه: قل لليهود سيغلب المشركون ويحشرون إلى جهنم. فليس يجوز في هذا المعنى إلا الياء.
ومن قرأ بالتاء جعل اليهود والمشركين داخلين في الخطاب. فيجوز في هذا المعنى سيغلبون وستغلبون كما تقول في الكلام: قل لعبد اللّه أنه قائم، وإنك قائم.
وفى حرف عبد اللّه قل للذين كفروا إن تنتهوا يغفر لكم ما قد سلف وفى قراءتنا: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ} وفى الأنعام {هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائهم} وفى قراءتنا: {لِشُرَكائِنا}.
وقوله: {قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا... (13)}. يعنى النبي صلى اللّه عليه وآله وأصحابه وسلم، والمشركين يوم بدر.
{فِئَةٌ تُقاتِلُ} قرئت بالرفع وهو وجه الكلام على معنى: إحداهما تقاتل {في سبيل اللّه وَأُخْرى كافِرَةٌ} على الاستئناف كما قال الشاعر:
فكنت كذى رجلين رجل صحيحة ** ورجل رمى فيها الزّمان فشلّت

ولو خفضت لكان جيدا: تردّه على الخفض الأوّل كأنك قلت: كذى رجلين: كذى رجل صحيحة ورجل سقيمة. وكذلك يجوز خفض الفئة والأخرى على أوّل الكلام.
ولو قلت: {فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ} كان صوابا على قولك: التقتا مختلفتين. وقال الشاعر في مثل ذلك مما يستأنف:
إذا متّ كان الناس نصفين شامت ** وآخر مثن بالذي كنت أفعل

ابتدأ الكلام بعد النصفين ففسّره. وأراد: بعض شامت وبعض غير شامت.
والنصب فيهما جائز، يردّهما على النصفين. وقال الآخر:
حتى إذا ما استقلّ النجم في غلس ** وغودر البقل ملوىّ ومحصود

ففسر بعض البقل كذا، وبعضه كذا. والنصب جائز.
وكل فعل أوقعته على أسماء لها أفاعيل ينصب على الحال الذي ليس بشرط ففيه الرفع على الابتداء، والنصب على الاتصال بما قبله من ذلك: رأيت القوم قائما وقاعدا، وقائم وقاعد لأنك نويت بالنصب القطع، والاستئناف في القطع حسن.
وهو أيضا فيما ينصب بالفعل جائز فتقول: أظنّ القوم قياما وقعودا، وقيام وقعود، وكان القوم بتلك المنزلة. وكذلك رأيت القوم في الدار قياما وقعودا، وقيام وقعود، وقائما وقاعدا، وقائم وقاعد فتفسّره بالواحد والجمع قال الشاعر:
وكتيبة شعواء ذات أشلّة ** فيها الفوارس حاسر ومقنّع

فإذا نصبت على الحال لم يجز أن تفسّر الجمع بالاثنين، ولكن تجمع فتقول: فيها القوم قياما وقعودا.
وأمّا الذي على الشرط مما لا يجوز رفعه فقوله: اضرب أخاك ظالما أو مسيئا، تريد: اضربه في ظلمه وفى إساءته. ولا يجوز هاهنا الرفع في حاليه لأنهما متعلقتان بالشرط. وكذلك الجمع تقول: ضربت القوم مجرّدين أو لابسين، ولا يجوز: مجردون ولا لابسون إلا أن تستأنف فتخبر، وليس بشرط للفعل ألا ترى أنك لو أمرت بضربهم في هاتين الحالين لم يكن فعلهم إلا نصبا فتقول: اضرب القوم مجرّدين أو لابسين لأن الشرط في الأمر لازم. وفيما قد مضى يجوز أن تجعله خبرا وشرطا. فلذلك جاز الوجهان في الماضي.