فصل: قال بيان الحق الغزنوى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولو نصبت قوله: {والسارق والسارقة} بالفعل كان صوابا.
وقوله: {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} العرب في كل تختار الرفع، وقع الفعل على راجع الذكر أو لم يقع. وسمعت العرب تقول: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ} بالرفع وقد رجع ذكره. وأنشدونى فيما لم يقع الفعل على راجع ذكره:
فقالوا تعرّفها المنازل من منى ** وما كلّ من يغشى منى أنا عارف

ألفنا ديارا لم تكن من ديارنا ** ومن يتألّف بالكرامة يألف

فلم يقع عارف على كلّ وذلك أن في كل تأويل: وما من أحد يغشى منى أنا عارف، ولو نصبت لكان صوابا، وما سمعته إلا رفعا. وقال الآخر:
قد علقت أمّ الخيار تدّعى ** علىّ ذنبا كلّه لم أصنع

رفعا، وأنشدنيه بعض بنى أسد نصبا.
وقوله: {قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ لِلَّهِ} فمن رفع جعل كل اسما فرفعه باللام في للّه كقوله: {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} ومن نصب كله جعله من نعت الأمر.
وقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ... (156)}.
كان ينبغى في العربية أن يقال: وقالوا لإخوانهم إذ ضربوا في الأرض لأنه ماض كما تقول: ضربتك إذ قمت، ولا تقول ضربتك إذا قمت. وذلك جائز، والذي في كتاب اللّه عربىّ حسن لأن القول وإن كان ماضيا في اللفظ فهو في معنى الاستقبال لأن {الذين} يذهب بها إلى معنى الجزاء من من وما. فأنت تقول للرجل: أحبب من أحبّك، وأحبب كلّ رجل أحبّك، فيكون الفعل ماضيا وهو يصلح للمستقبل إذ كان أصحابه غير موقّتين، فلو وقّته لم يجز. من ذلك أن تقول: لأضربن هذا الذي ضربك إذ سلّمت عليك، لأنك قد وقّته فسقط عنه مذهب الجزاء. وتقول: لا تضرب إلا الذي ضربك إذ سلمت عليه، فتقول إذا لأنك لم توقته. وكذلك قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} فقال: {وَيَصُدُّونَ} فردّها على {كفروا} لأنها غير موقّتة، وكذلك قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} المعنى: إلا الذين يتوبون من قبل أن تقدروا عليهم.
واللّه أعلم. وكذلك قوله: {إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا} معناه: إلا من يتوب ويعمل صالحا. وقال الشاعر:
فإني لآتيكم تشكّر ما مضى ** من الأمر واستيجاب ما كان في غد

يريد به المستقبل: لذلك قال كان في غد ولو كان ماضيا لقال: ما كان في أمس، ولم يجز ما كان في غد. وأمّا قول الكميت:
ما ذاق بؤس معيشة ونعيمها ** فيما مضى أحد إذا لم يعشق

فمن ذلك إنما أراد: لم يذقها فيما مضى ولن يذوقها فيما يستقبل إذا كان لم يعشق.
وتقول: ما هلك امرؤ عرف قدره، فلو أدخلت في هذا إذا كانت أجود من إذ لأنك لم تخبر بذلك عن واحد فيكون بإذا، وإنما جعلته كالدأب فجرى الماضي والمستقبل. ومن ذلك أن يقول الرجل للرجل: كنت صابرا إذا ضربتك لأن المعنى: كنت كلّما ضربت تصبر. فإذا قلت: كنت صابرا إذ ضربت، فإنما أخبرت عن صبره في ضرب واحد.
وقوله: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ... (159)}.
العرب تجعل ما صلة في المعرفة والنكرة واحدا.
قال اللّه: {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ} والمعنى فبنقضهم، {وعَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ} والمعنى: عن قليل. واللّه أعلم. وربما جعلوه اسما وهى في مذهب الصلة فيجوز فيما بعدها الرفع على أنه صلة، والخفض على إتباع الصلة لما قبلها كقول الشاعر:
فكفى بنا فضلا على من غيرنا ** حبّ النبي محمد إيانا

وترفع غير إذا جعلت صلة بإضمار هو، وتخفض على الإتباع لمن، وقال الفرزدق:
إني وإياك إن بلّغن أرحلنا ** كمن بواديه بعد المحل ممطور

فهذا مع النكرات، فإذا كانت الصلة معرفة آثروا الرفع، من ذلك {فَبِما نَقْضِهِمْ} لم يقرأه أحد برفع ولم نسمعه. ولو قيل جاز. وأنشدونا بيت عدىّ:
لم أر مثل الفتيان في غير الـ ** أيام ينسون ما عواقبها

والمعنى: ينسون عواقبها صلة لما. وهو مما أكرهه لأن قائله يلزمه أن يقول:
{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} فأكرهه لذلك ولا أردّه. وقد جاء، وقد وجّهه بعض النحويين إلى: ينسون أي شيء عواقبها، وهو جائز، والوجه الأوّل أحبّ إلىّ.
والقرّاء لا تقرأ بكل ما يجوز في العربية، فلا يقبحنّ عندك تشنيع مشنّع مما لم يقرأه القرّاء مما يجوز.
وقوله: {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ... (161)}.
يقرأ بعض أهل المدينة أن يغلّ يريدون أن يخان. وقرأه أصحاب عبد اللّه كذلك: {أن يغلّ} يريدون أن يسرّق أو يخوّن. وذلك جائز وإن لم يقل: يغلّل فيكون مثل قوله: {فَإِنَّهُمْ لا يكذّبونك} {ويُكَذِّبُونَكَ} وقرأ ابن عباس وأبو عبد الرحمن السلمىّ {أن يغل}، وذلك أنهم ظنّوا يوم أحد أن لن تقسم لهم الغنائم كما فعل يوم بدر. ومعناه: أن يتّهم ويقال قد غلّ.
وقوله: {هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ... (163)}.
يقول: هم في الفضل مختلفون: بعضهم أرفع من بعض.
وقوله: {وَيُزَكِّيهِمْ... (164)}.
يأخذ منهم الزكاة كما قال تبارك وتعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها}.
وقوله: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ... (165)}.
يقول: تركتم ما أمرتم به وطلبتم الغنيمة، وتركتم مراكزكم، فمن قبلكم جاءكم الشرّ.
وقوله: {قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا (167)} يقول: كثّروا، فإنكم إذا كثّرتم دفعتم القوم بكثرتكم.
وقوله: {بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} وقوله: {فَرِحِينَ... (170)}.
لو كانت رفعا على بل أحياء فرحون لجاز. ونصبها على الانقطاع من الهاء في {ربهم}. وإن شئت يرزقون فرحين {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} من إخوانهم الذين يرجون لهم الشهادة للذي رأوا من ثواب اللّه فهم يستبشرون بهم.
وقوله: {أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} يستبشرون لهم بأنهم لا خوف عليهم ولا حزن.
وقوله: {وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} تقرأ بالفتح والكسر. من فتحها جعلها خفضا متبعة للنعمة. ومن كسرها استأنف. وهى قراءة عبد اللّه {واللّه لا يضيع} فهذه حجّة لمن كسر.
وقوله: {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ... (173)}.
و{الناس} في هذا الموضع واحد، وهو نعيم بن مسعود الأشجعىّ. بعثه أبو سفيان وأصحابه فقالوا: شبّط محمدا صلى الله عليه وسلم أو خوّفه حتى لا يلقانا ببدر الصغرى، وكانت ميعادا بينهم يوم أحد. فأتاهم نعيم فقال: قد أتوكم في بلدتكم فصنعوا بكم ما صنعوا، فكيف بكم إذا وردتم عليهم في بلدتهم وهم أكثر وأنتم أقلّ؟
فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ... (175)}.
يقول: يخوّفكم بأوليائه {فلا تخافوهم} ومثل ذلك قوله: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ} معناه: لينذركم يوم التلاق. وقوله: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} المعنى: لينذركم بأسا شديدا البأس لا ينذر، وإنما ينذر به.
وقوله: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ... (178)}.
ومن قرأ: {ولا تحسبن} قال: {إنما} وقد قرأها بعضهم {ولا تحسبن الذين كفرا أنما} بالتاء والفتح على التكرير: لا تحسبنهم لا تحسبن أنما نملى لهم، وهو كقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ} على التكرير: هل ينظرون إلا أن تأتيهم.
وقوله: {ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ... (179)}.
قال المشركون للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم: مالك تزعم أن الرجل منا في النار، فإذا صبأ إليك وأسلم قلت: هو في الجنة، فأعلمنا من ذا يأتيك منّا قبل أن يأتيك حتّى نعرفهم، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ على ما تقولون} أيها المشركون {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} ثم قال: لم يكن اللّه ليعلمكم ذلك فيطلعكم على غيبه.
وقوله: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ... (180)}.
يقال: إنما هو هاهنا عماد، فأين اسم هذا العماد؟ قيل: هو مضمر، معناه: فلا يحسبن الباخلون البخل هو خيرا لهم فاكتفى بذكر يبخلون من البخل.
كما تقول في الكلام: قدم فلان فسررت به، وأنت تريد: سررت بقدومه، وقال الشاعر:
إذا نهى السفيه جرى إليه ** وخالف، والسفيه إلى خلاف

يريد: إلى السفه. وهو كثير في الكلام.
وقوله: {سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ}. يقال: هي الزكاة، يأتى الذي منعها يوم القيامة قد طوّق شجاعا أقرع بفيه زبيبتان يلدع خدّيه، يقول: أنا الزكاة التي منعتنى.
وقوله: {وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}. المعنى: يميت اللّه أهل السموات وأهل الأرض ويبقى وحده، فذلك ميراثه تبارك وتعالى: أنه يبقى ويفنى كل شىء.
وقوله: {سَنَكْتُبُ ما قالُوا... (181)}.
وقرئ {سيكتب ما قالوا} قرأها حمزة اعتبارا لأنها في مصحف عبد اللّه.
وقوله: {حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ... (183)}.
كان هذا. والقربان نار لها حفيف وصوت شديد كانت تنزل على بعض الأنبياء.
فلمّا قالوا ذلك للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال اللّه تبارك وتعالى: {قُلْ} يا محمد {قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ} وبالقربان الذي قلتم {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}.
وقوله: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا... (188)}.
يقول: بما فعلوا كما قال: {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} وكقوله: {وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ} وفى قراءة عبد اللّه «فمن أتى فاحشة فعله». وقوله: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا} قالوا: نحن أهل العلم الأوّل والصلاة الأولى، فيقولون ذلك ولا يقرّون بمحمد صلى اللّه عليه وسلم، فذلك قوله: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا}.
وقوله: {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ}. يقول: ببعيد من العذاب.
قال قال الفراء: من زعم أن أو في هذه الآية على غير معنى بل فقد افترى على اللّه لأن اللّه تبارك وتعالى لا يشكّ، ومنه قول اللّه تبارك وتعالى: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}.
وقوله: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيامًا وَقُعُودًا وَعَلى جُنُوبِهِمْ} يقول القائل: كيف عطف بعلى على الأسماء؟ فيقال: إنها في معنى الأسماء ألا ترى أن قوله: {وَعَلى جُنُوبِهِمْ}: ونياما، وكذلك عطف الأسماء على مثلها في موضع آخر، فقال: {دعانا لجنبه}، يقول: مضطجعا {أو قاعدا أو قائما} فلجنبه، وعلى جنبه سواء.
وقوله: {يُنادِي لِلْإِيمانِ}. كما قال: {الَّذِي هَدانا لِهذا} و{أَوْحى لَها} يريد إليها، وهدانا إلى هذا.
وقوله: {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196)} كانت اليهود تضرب في الأرض فتصيب الأموال، فقال اللّه عزّ وجلّ: لا يغرّنك ذلك.
وقوله: {مَتاعٌ قَلِيلٌ... (197)}. في الدنيا.
وقوله: {نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ... (198)}. و{ثوابا} خارجان من المعنى: لهم ذلك نزلا وثوابا، مفسّرا كما تقول: هو لك هبة وبيعا وصدقة.
وقوله: {خاشِعِينَ لِلَّهِ... (199)}. معناه: يؤمنون به خاشعين.
وقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا... (200)}. مع نبيكم على الجهاد {وصابروا} عدوّكم فلا يكوننّ أصبر منكم. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوى:

سورة آل عمران:
{نزل عليك الكتب} بالتشديد لتكرير تنزيل القرآن وأنزل التوراة والإنجيل لأنهما أنزلا دفعة كل واحد منهما وأعاد ذكر الفرقان وهو الكتاب لما في معني الفرق بين الحق والباطل من زيادة الفائدة والتوراة والإنجيل والفرقان من الأسماء المختلفة المباني المؤتلفة المعاني لأن التوراة فوعلة من ورى الزند فيكون وورية فانقلبت الواو تاء وقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها والإنجيل إفعيل من نجل ينجل إذا أبان واستخرج ونجل الرجل ولده لأنه مستخرج من صلبه وبطن امرأته فلإنجيل لاستخراج علم الحلال والحرام منه.
والفرقان فعلان من الفرق بين الحق والباطل فاختلفت المباني واتفقت المعاني من إظهار الأحكام وإبرازها والفرق بين أشباهها محكمت المحكم ما تبين واتفق تفسيره فيقطع على مراد الله به والمتشابه ما اشتبه واختلف تأويله فلا ينقطع المراد على واحد منها بعينه وقيل المحكم ما يعلم على التفصيل والوقت والمقداروالمتشابه بخلافه مثل وقت الساعة وأشراطها ومعرفة الصغائر بأعيانها ومقادير الثواب والعقاب وصفة الحساب إلى غير ذلك.
فيكون الوقف على هذا عند قوله وما يعلم تأويله إلا الله ومن وقف على قوله والراسخون في العلم كان يقولون في موضع الحال أي يعلمون تأويله قائلين ءامنا به كل من عند ربنا وهذا هو المدح الموجه والغاية في الإحماد لهم لأنهم إذا علموه وصدقوا به فقد بلغوا في الإيمان كل مبلغ ونظيره من كلام العرب قول يزيد بن المفرغ:
وشريت بردا ليتني ** من بعد برد كنت هامه

أو هامة تدعو صدى ** بين المشقر واليمامة

الريح تبكي شجوه ** والبرق يلمع في غمامه

كأنه قال والبرق أيضا يبيكيه لامعا في غمامه أي في لمعانه وإلا لم يكن للكلام معنى وإنما كان الكلام المحكم أم الكتاب لأنه كالأصل في رد المتشابه إليه واستخراج علمه منه وذلك كالاستواء في المتشابه إذ يكون بمعني الجلوس على السرير وبمعني القدرة والاستيلاء وهذا يجوز على الله والأول لا يجوز بدليل المحكم وهو قوله ليس كمثله شيء والحكمة في المتشابه البعث على النظر والبحث في علم القرآن لئلا تهمل الأدلة العقلية يرونهم مثليهم في قصة بدر وكان المسلمون ثلاث مائة وبضعة عشر والمشركون زهاء ألف فأراهم الله في أعين المسلمين مثليهم وقللهم لتثبيت قلوبهم والقنطار من الدينار ألف ومائتا مثاقيل.
وقيل ملء مسك ثور ذهبًا المقنطرة المعدة المنضدة على قياس الدنانير والدراهم المدرهمة في إرادة الكثرة والمبالغة قال رؤبة وجامع القطرين مطرخم بيض عينيه العمي المعمي.
المسومة المعلمة وقيل السائمة الراعية وقيل إنها من الحسن إذ السيما يكون بالحسن كما يكون بالعلامة شهد الله قضى الله.