فصل: (التكوير: الآيات 27- 29)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[التكوير: الآيات 27- 29]

{إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (27) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (29)}.

.الإعراب:

{إن} حرف نفي {إلّا} للحصر {لمن} بدل من العالمين بإعادة الجارّ {منكم} متعلق بحال من فاعل {شاء} (أن) حرف مصدريّ ونصب (الواو) استئنافيّة {ما} نافية {إلّا} للحصر {أن} حرف مصدريّ ونصب {ربّ} نعت للفظ الجلالة.
والمصدر المؤوّل: {أن يستقيم} في محلّ نصب مفعول به.
والمصدر المؤوّل: {أن يشاء..} في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف وهو الباء متعلق بـ: {تشاؤون}.
جملة: {إن هو إلّا ذكر...} لا محلّ لها تعليلية لمضمون النفي المتقدّم.
وجملة: {شاء...} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: {يستقيم...} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن).
وجملة: {ما تشاؤون...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {يشاء اللّه...} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن). اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

81 سورة التّكوير:
مكيّة.
وآياتها تسع وعشرون.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[التكوير: الآيات 1- 14]

{إِذَا الشَّمْسُ كورت (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكدرت (2) وَإِذَا الْجِبالُ سيرت (3) وَإِذَا الْعِشارُ عطلت (4) وَإِذَا الوحوش حشرت (5) وَإِذَا الْبِحارُ سجرت (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زوجت (7) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قتلت (9) وَإِذَا الصحف نشرت (10) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الجحيم سعرت (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (14)}

.اللغة:

{كورت} لفّت وذهب بضوئها وفي المصباح: كار الرجل العمامة كورا من باب قال أدارها على رأسه وكل دور كور تسميته بالمصدر والجمع أكوار مثل ثوب وأثواب، وكوّرها بالتشديد مبالغة ومنه يقال كورت الشيء إذا لففته على وجه الاستدارة وقوله تعالى: {إذا الشمس كورت} المراد به طويت كطي السجل وعبارة الزمخشري: في التكوير وجهان: أن يكون من كورت العمامة إذا لففتها أي يلف ضوءها لفّا فيذهب انبساطه وانتشاره في الآفاق وهو عبارة عن إزالتها والذهاب بها لأنها ما دامت باقية كان ضياؤها منبسطا غير ملفوف أو يكون لفّها عبارة عن رفعها وسترها لأن الثوب إذا أريد رفعه لفّ وطوي ونحوه قوله: {يوم نطوي السماء}، وأن يكون من طعنه فجوّره وكوّره إذا ألقاه أي تلقى وتطرح عن فلكها كما وصفت النجوم بالانكدار. ويتلخص مما أوردته معاجم اللغة ما يلي: كار يكور كورا العمامة على رأس لفّها وأدارها وكور اللّه الليل على النهار: أدخل هذا في هذا وكورت الشمس جمع ضوءها ولفّ كما تلف العمامة قيل: اضمحلت وذهبت.
{انكدرت} انقضت وتساقطت على الأرض والأصل في الانكدار الانصباب، وقال أبو عبيدة: {انكدرت} انصبت كما تنصب العقاب إذا كسرت، قال العجاج يصف صقرا:
أبصر حرمات فلاة فانكدر ** تقصي البازي إذا البازي كسر

{الْعِشارُ} النوق الحوامل جمع عشراء كالنفاس جمع نفساء وهي التي أتى على حملها عشرة أشهر ثم هو اسمها إلى أن تضع لتمام السنة وهي أنفس ما يكون عند أهلها، وروي أنه صلى الله عليه وسلم مرّ في أصحابه بعشار من النوق فغضّ بصره فقيل له: هذه أنفس أموالنا فلم لا تنظر إليها فقال: «قد نهاني اللّه عن ذلك ثم تلا: {ولا تمدنّ عينيك} الآية».
{سجرت} سجر يسجر سجرا من باب نصر التنور ملأه وقودا وأحماه وسجر الماء النهر ملأه وسجر البحر فاض وسجر الماء في حلقه صبّه وسجر الكلب شدّه بالساجور وسجر الشيء أرسله، هذا ما ذكرته معاجم اللغة بصدد هذه المادة وفي الأساس: كلب مسجور ومسجّر ومسوجر وقد سجرته وسجرته وسوجرته: طوقته الساجور وهو طوق من حديد مسمّر بمسامير حديدة الأطراف، وبحر مسجور ومسجّر، وعين مسجورة ومسجّرة: مفعمة وسجر السيل الآبار والأحساء ومررنا بكل حاجر وساجر وهو كل مكان مرّ به السيل فملأه وسجر التنور ملأه سجورا وهو وقوده وسجره بالمسجرة وهي المسعر. ومن المجاز:
سجرت الناقة سجرا وسجرت تسجيرا: مدّت حنينتها في إثر ولدها وملأت به فاها قال: حنّت إلى برك فقلت لها: قرّي بعض الحنين فإن سجرك شائقي ومنه ساجرته مساجرة وهي المخالّة والمخالطة وهو سجيري وهم سجرائي لأن كل واحد منهما يسجر إلى صاحبه: يحنّ ومنه ماء أسجر وهو الذي خالطته كدرة وحمرة من ماء السماء يقال: إن فيه لسجرة وإنه لأسجر وقطرة سجراء وعين سجراء قال الحويدرة:
بغريض سارية أدرّته الصبا ** من ماء أسجر أطيب المستنقع

وعين سجراء: خالطت بياضها حمرة وإن في عينك لسجرة وفي أعناقهم السواجير أي الأغلال.
وقد مرّ شيء من معنى هذه المادة في الطور وعلى هذا كثرت الأقوال في المراد بها هنا وقد أحصى القرطبي كعادته الأقوال فيه ونشير إليها بإيجاز:
{وإذا البحار سجرت}:
1- أي ملئت من الماء فيفيض بعضها إلى بعض فتصير شيئا واحدا.
2- وقيل أرسل عذبها على مالحها حتى امتلأت.
3- وقيل صارت بحرا واحدا.
4- وقيل يبست فلا يبقى من مائها قطرة.
5- وقيل أوقدت فصارت نارا.
6- وقيل: هي حمرة مائها حتى تصير كأنها الدم.
{الْمَوْؤُدَةُ} قال في الأساس: وأد ابنته أثقلها بالتراب {وإذا الموءودة سئلت} وقال الفرزدق:
وجدي الذي منع الوائدات ** وأحيا الوئيد فلم يوأد

ووأد ابنته يئدها من باب ضرب: دفنها في التراب وهي حيّة فالابنة وئيد ووئيدة وموءودة.
وقال الزمخشري في الكشاف: وأد يئد مقلوب من آد يئود إذا أثقل، قال اللّه تعالى: ولا يئوده حفظهما لأنه إثقال بالتراب. وتعقبه أبو حيان في البحر فقال: لا يدعى في وأد أنه مقلوب من آد لأن كلّا منهما كامل التصرّف في الماضي والأمر والمضارع والمصدر واسم الفاعل واسم المفعول وليس فيه شيء من مسوّغات ادّعاء القلب والذي تعلم به الأصالة من القلب أن يكون أحد النظمين فيه حكم يشهد له بالأصالة والآخر ليس كذلك أو كونه مجردا من حروف الزيادة والآخر فيه مزيد أو كونه أكثر تصرفا والآخر ليس كذلك أو أكثر استعمالا من الآخر وهذا على ما قرر وأحكم في علم التصريف فالأول كيئس وأيس والثاني كطأمن واطمأن والثالث كشوائع وشواع والرابع كلعمري ورعملي.

.الإعراب:

{إِذَا الشَّمْسُ كورت} {إذا} ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجوابها في الإثني عشر موضعا التي وقعت فيها قوله: {علمت نفس} كما سيأتي وهي متعلقة بجوابها و{الشمس} نائب فاعل بفعل مقدّر يفسره ما بعده وإلى هذا جنح الزمخشري ومنع أن يرتفع بالابتداء لأن إذا تتقاضى الفعل لما فيها من معنى الشرط ولكن ما منعه الزمخشري من وقوع المبتدأ بعدها أجازه الكوفيون والأخفش من البصريين وجملة {كورت} مفسرة لا محل لها.
{وَإِذَا النُّجُومُ انكدرت} عطف على ما تقدم مماثلة لها في الإعراب ولكن {النجوم} هنا فاعل بفعل يفسّره قوله: {انكدرت}.
{وَإِذَا الْجِبالُ سيرت وَإِذَا الْعِشارُ عطلت} عطف أيضا و{الجبال} و{العشار} نائبا فاعل بفعل محذوف ومعنى تعطيلها تركها بلا راع ولا حلب لما دهاهم من الأمر.
{وَإِذَا الوحوش حشرت} عطف أيضا.
{وَإِذَا الْبِحارُ سجرت وَإِذَا النُّفُوسُ زوجت} عطف أيضا والمعنى ردّت الأرواح إلى أجسادها وهذا بناء على أن التزويج بمعنى جعل الشيء زوجا والنفوس على هذا بمعنى الأرواح، وقيل: يقرن كل امرئ بشيعته وكل مشاكل بمشاكله فيقرن بين الرجل الصالح والرجل الصالح في الجنة.
{وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قتلت} عطف أيضا و{بأي} متعلقان بـ: {قتلت} والجملة سدّت مسدّ مفعول {سئلت} الثاني وكان العرب إذا ولد لأحدهم بنت واستحياها ألبسها جبّة من صوف أو شعر وتركها ترعى الإبل والغنم وإذا أراد قتلها تركها حتى إذا صارت سداسية قال لأمها: طيّبيها وزيّنيها حتى أذهب بها إلى أحمائها وقد حفر حفرة أو بئرا في الصحراء فيذهب بها إليها ويقول لها: انظري فيها ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تستوي البئر بالأرض، وقد افتخر الفرزدق وهو أبو فراس همّام بن غالب بن صعصعة بجدّه صعصعة إذ كان منع وأد البنات كما تقدم.
{وَإِذَا الصحف نشرت وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ وَإِذَا الجحيم سعرت وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ} عطف على ما تقدم أيضا.
{عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ} الجملة لا محل لها لأنها جواب {إذا} كما تقدم و{علمت نفس} فعل ماض وفاعل و{ما} مفعول به وجملة {أحضرت} لا محل لها لأنها صلة ما.

.البلاغة:

التنكير:
في قوله: {علمت نفس ما أحضرت} التنكير في نفس وفائدته العموم، وقد يعترض معترض بأن النكرة لا تفيد العموم إلا إذا كانت في سياق النفي، وعلى هذا فهي هنا واقعة في سياق الإثبات وهي فيه تكون للإفراد أو النوعية فكيف يتفق الإفراد والنوعية مع المقام الذي يناسبه العموم، والجواب عن هذا الاعتراض أن ما ذكر من كونها في سياق النفي والإثبات أكثري لا كلّي فلا ينافي أنه قد يقصد بها العموم بمعونة المقام وثمّة جواب آخر عن هذا الاعتراض وهو أن النكرة هنا وقعت في سياق الشرط وسياق الشرط كسياق النكرة في أن النكرة للعموم إذا وقعت في كلّ منهما.

.[التكوير: الآيات 15- 29]

{فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الجوار الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقول رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَما هُوَ على الغيب بضنين (24) وَما هُوَ بِقول شَيْطانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (27) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (29)}.

.اللغة:

{بِالْخُنَّسِ} الخنس: الكواكب كلها والسيارات منها فقط أو بعضها من الخنس وهو الرجوع لأنها ترجع في مجراها وراءها والفعل خنس يخنس من باب دخل، وفي الصحاح: الخنس الكواكب كلها لأنها تخنس في المغيب ولأنها تخفى نهارا ويقال: هي الكواكب السيّارة منها دون الثابتة، وقال الفرّاء في قوله تعالى: {فلا أقسم بالخنس الجواري الكنس} أنها النجوم الخمسة زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد لأنها تخنس في مجراها وتكنس كما تكنس الظباء في المغار، والخنس أيضا مأوى الظباء والظباء نفسها والبقر الوحشية.
{الْكُنَّسِ} في المصباح: وكناس الظبي بالكسر بيته وكنس الظبي كنوسا من باب نزل دخل كناسه، وتكنس الظبي تغيب واستتر في كناسه وتكنس الرجل: دخل في الخيمة وتكنست المرأة دخلت في الهودج.
{عَسْعَسَ} أقبل بظلامه أو أدبر قال العجاج:
حتى إذا الصبح لها تنفسا ** وانجاب عنها ليلها وعسعسا

.الإعراب:

{فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الجوار الْكُنَّسِ وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ} الفاء استئنافية ولا تقدم القول فيها فجدد به عهدا و{أقسم} فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره أنا و{بالخنس} متعلق بـ: {أقسم} و{الجواري} نعت أو بدل و{الكنس} نعت للجواري، {والليل}: الواو للقسم أيضا والليل مجرور بواو القسم والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم و{إذا} ظرف متعلق بفعل القسم وجملة {عسعس} في محل جر بإضافة الظرف إليها، {والصبح إذا تنفس} عطف على الجملة السابقة وإنما لم نعطف {الليل} على {الخنس} لأن الواو ابتداء قسم.
فإن قيل فقد خالفتم سيبويه فإنه لا يرى الواو المتعقبة للقسم ابتداء قسم بل عاطفة وقد جعلتم الواو الأولى وهي متعقبة للقسم ابتداء قسم؟
قلنا: إنما تكلم سيبويه في الواو وأما الآية فالقسم الأول فيها بالباء والفعل فجعلنا الواو بعد ذلك قسما وتبعا وهو أبلغ كأنه أقسم بشيئين مختلفين فإن قيل أجل إنما تكلم سيبويه على الواو المتعقبة للقسم فما الفرق بين الواو المتعقبة للقسم بالواو والواو المتعقبة للقسم بالباء وما هما إلا سواء فإن كل واحد منهما آلة له والتاء تدل على الباء فحكمهما واحد قلنا ليستا سواء فإن القسم متى صدر بالواو ولم تله واو أخرى فجعلها قسما الآخر فيه تكرار مستكره إذ الآلة واحدة ولا كذلك الآية إذ اختلفت الآلة فإن عاملة التكرار مأمونة إذا ألا ترى أنه لو صدر القسم بالواو ثم تلاه قسم بالباء لتحتم جعلهما قسمين مستقلين فكذلك لو خولف هذا الترتيب وأيضا فإنه إن كان المانع لسيبويه من جعل الواو الثانية قسما مستقلا فجيء الجواب واحدا واحتياج الواو الأولى إلى محذوف فالعطف يغني عن تقدير محذوف فلا يلزم اطّراد الباء لأنها أصل القسم لاسيما مع التصريح بفعل القسم ثم تأكيده بزيادة لا فإن في مجموع ذلك ما يغني عن إفراده بجواب مذكور ولا كذلك الواو فإنها ضعيفة المكنة في القسم بالنسبة إلى الباء فلا يلزم من حذف جواب تمكنت الدلالة عليه حذف جواب دونه في الوضوح.
ونختم الكلام على هذا السؤال بنكتة بديعة: وهي أنه إنما خصصت إيراد السؤال بالواو الثانية في قوله: {والليل إذا عسعس} دون الثالثة لأنه غير متوجه عليها، ألا تراك لو جعلتها عاطفة لم يلزمك العطف على عاملين لأنك تجعلها نائبة عن الباء وتجعل إذا فيها منصوبة بالفعل مباشرة إذا لم يتقدم في جملة الفعل ظرف تعطف عليه إذا فتصير بمثابة قولك مررت بزيد وعمرو اليوم فاليوم منصوب بالفعل مباشرة وفهم من المثال أن مرورك بزيد مطلق غير مقيد بظرف وإنما المقيد باليوم مرورك بعمرو خاصة لكن يطابق الآية فإن الظرف فيها وإن عمل فيه الفعل مباشرة فهو مقيد للقسم بالليل لا للقسم بالخنس.
{إِنَّهُ لَقول رَسُولٍ كَرِيمٍ} الجملة لا محل لها لأنها جواب القسم وإن واسمها واللام المزحلقة وقول خبرها و{رسول} مضاف إليه و{كريم} نعت، وسيأتي المراد به في باب الفوائد.
{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} {ذي قوة} صفة ثانية لـ: {رسول} و{عند ذي العرش} حال من {مكين} لأنه كان في الأصل صفة له فلما قدم نصب حالا، و{مكين} صفة ثالثة و{مطاع} صفة رابعة و{ثم} ظرف بمعنى هناك متعلق بـ: {مطاع} و{أمين} صفة خامسة.
{وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} الواو عاطفة والجملة عطف على {إنه لقول رسول كريم} و{ما} نافية حجازية و{صاحبكم} اسمها والباء حرف جر زائد ومجنون مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر {ما}.
{وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} عطف على قوله: {إنه لقول} إلخ فهو داخل في حيز المقسم به واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق و{رآه} فعل ماض وفاعل مستتر و{بالأفق} متعلقان بـ: {رآه} و{المبين} نعت للأفق.
{وَما هُوَ على الغيب بضنين} عطف أيضا و{ما} نافية حجازية وهو اسمها و{على الغيب} متعلقان بضنين والباء حرف جر زائد وضنين مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما وعلى بمعنى الباء أي فلا يبخل به عليكم بل يخبركم به وقرئ {بظنين} بالظاء المعجمة أي بمتهم.
وفي المصباح: والظنة بالكسر التهمة وهي اسم من ظننته من باب قتل إذا اتهمته فهو ظنين فعيل بمعنى مفعول وفي السبعة {وما هو على الغيب} بظنين أي بمتهم.
وفي المصباح أيضا: ضن بالشيء يضنّ من باب تعب ضنا وضنّة بالكسر وضنانة بالفتح بخل فهو بخيل ومن باب ضرب لغة فيه.
{وَما هُوَ بِقول شَيْطانٍ رَجِيمٍ} عطف أيضا وهو نفي لقولهم أنه كهانة وسحر.
{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} الفاء عاطفة وأين اسم استفهام في محل نصب ظرف مكان مبهم لا مختص متعلق بـ: {تذهبون}، و{تذهبون} فعل مضارع مرفوع وفاعل أي فأي طريق تسلكون.
{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} {إن} نافية و{هو} مبتدأ و{إلا} أداة حصر و{ذكر} خبر و{للعالمين} متعلقان بـ: {ذكر} أو نعت له و{لمن} بدل من قوله: {للعالمين} بإعادة العامل وهو اللام وجملة {شاء} لا محل لها لأنها صلة من و{منكم} حال وأن وما في حيّزها مفعول به لـ: {شاء}.
{وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ} الواو عاطفة و{ما} نافية و{تشاءون} فعل مضارع مرفوع والواو فاعل و{إلا} أداة حصر و{أن} وما بعدها في موضع نصب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان بـ: {تشاءون} و{اللّه} فاعل و{رب العالمين} بدل أو نعت للّه واختار البيضاوي نصب المصدر المؤول على الظرفية وعبارته: وما تشاءون الاستقامة يا من تشاءونها إلا أن يشاء اللّه أي إلا وقت أن يشاء اللّه مشيئتكم فله الفضل والحق عليكم باستقامتكم.