فصل: مطلب في الحسد والتعاويذ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب في الحسد والتعاويذ:

والحاسد الذي يتمنى زوال نعمة الغير أو يسعى في زوالها، وهو أول ذنب عصي اللّه فيه في السماء من إبليس، وأول ذنب عصي اللّه فيه في الأرض من قابل وقصتهما ستأتي، الأولى في الآية 10 فما بعدها من سورة الأعراف الآتية وهي مكررة في القرآن كثيرا والثانية في الآية 21 من سورة المائدة.
واعلم إن دواء المحسود لداء الحاسد هو الصبر لا غير قال:
اصبر على مضض الحسود ** فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل بعضها ** إن لم تجد ما تأكله

وهو في الحقيقة اعتراض على اللّه لأن الحاسد يحسد المحسود على ما أولاه ربه من النعم وحرمه منها، أما الغبطة وهي تمني مثل ما عند الآخر مع بقائها عنده فهي جائزة.
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه اللّه القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار ورجل آتاه اللّه مالا فهو ينفق منه آناء الليل وأطراف النهار».
والحكم الشرعي أنه يجوز النفخ في الرقى والتعاويذ الشرعية المستحبة بدليل حديث عائشة رضي اللّه عنها وعن أبيها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات»، وأما التفل فهو منكر.
وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري «أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد اشتكيت؟ قال نعم.
قال: بسم اللّه أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد اللّه يشفيك، بسم اللّه أرقيك»
.
وجاء في حديث آخر، جواز أخذ الأجرة على الرقيا.
وقالوا إن العين والحاسد يشتركان في أن كلا منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من تريد أذاه إلا أن المعاين تتكيف نفسه عند مقابلة المعيون، والحاسد يحصل حسده في الحضور والغيبة وقد مر بحث إصابة العين آخر سورة القلم وكررت كلمة الحسد في الآية 109 من البقرة والآية 53 من النساء والآية 15 من الفتح فقط.
هذا، واللّه أعلم وأستغفر اللّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا آمين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة الفلق:
ليس فيها وقف كاف ولا تام إلا آخرها تام. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

الفلق والناس ليس فيهما وقف دون آخرهما وإن وقفت على رأس كل آية فحسن لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يقف على رأس كل آية منهما وسبب نزول السورتين أنَّه كان غلام من اليهود يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل به اليهود حتى أخذ مشاطة رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسنان مشطه فأعطاه لليهود فسحروا رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي تولى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي ثمَّ دسها في بئر بني زريق يقال لها ذروان فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر شعر رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يرى أنَّه يأتي النساء وما يأتيهن ويخيل إليه أنَّه يفعل الشيء وما يفعله فبينما هو نائم ذات يوم أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أحدهما لصاحبه ما بال الرجل قال طُبَّ قال وما طُبَّ قال سحر ورى ما وجع الرجل فقال مطبوب فقال ومن سحره قال لبيد بن أعصم قال فيماذا قال في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر جف الطلعة وعاؤها قال وأين هو قال في ذروان تحت راعوفة البئر والراعوفة صخرة تترك في أسفل البئر إذا احترقت فإذا أرادوا تنقية البئر جلس عليها المنقى ويقال لها أرعوفة فانتبه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «يا عائشة أما شعرت أنَّ الله أخبرني بدائي» ثم بعث عليًا والزبير وعمارًا وثوبان فأخرجوا الجف وإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان مشطه وإذا وتر معقد فيه إحدى عشرة عقدة وروى أنَّها كانت مغروزة بالإبر. أهـ كواشي.
وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ونفث فيهما وقرأ {قل هو الله أحد} والمعوَّذتين ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ برأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاثًا ومن قرأ المعوَّذتين قبل طلوع الشمس وقبل غروبها تولى عنه الشيطان وله نباح كنباح الكلب وفي الحديث أنَّه كان صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن عفان «عليك بالمعوَّذتين فما تعوَّذ بأفضل منهما» وقال: «التمائم والرقى والتولة شرك يكفيك أن تقرأ المعوَّذتين».
والتولة بكسر التاء وفتحها ما يشبه السحر.
(اللَّهم) كما وفقتنا لجمعه تفضل علينا بستر هفواتنا واجعل لنا به في الدنيا ذكرًا جميلًا وفي الآخرة أجرًا جزيلًا اللَّهم لا تؤاخذنا بما كان منَّا من تأويل على غير ما أنزلته أو فهم على غير وجه ترضاه اللَّهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وذهاب همومنا وغمومنا وغمومنا واجعله أنيسًا لنا في قبورنا ودليلنا إليك وإلى جنَّاتك جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والمرسلين اللَّهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا واستعملنا في تلاوته آناء الليل وأطراف النَّهار على النحو الذي يرضيك عنَّا والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(أنهاه) جامعه العبد الفقير القائم على قدمي العجز والتقصير أحمد بن الشيخ عبد الكريم بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد الكريم ولكل واحد من هؤلاء الثلاثة حكاية فقد شاهدت من الوالد رحمه الله عليه أنَّه مرة قصد زيارة الإمام الشافعي ثم ذهب لزيارة الليث فوضع حرامه فوق الحنفية وتوضأ وتركه فوق الحنفية نسيانًا ودخل وزار الأستاذ قبل العشاء فلم يتذكر الحرام حتى عاد لزيارة الشافعي بمدَّة تزيد على ثلاثين درجة بعد العشاء فجلس تجاه سيدي يحيى الشبيه وقال لي يا ولدي لا أذهب من هذا المكان إلاَّ بِحِرامي فذهبت إلى الحنفية فوجدت الحرام فوق الحنفية ورجل واقف على قبقاب يحرسه فأخذته والوالد واقف تجاه الأستاذ سيدي يحيى الشبيه نفعنا الله ببركاته.
(وحكى) عن الجد الشيخ محمد أنَّه كان مؤذنًا بالشافعيِّ وكان متزوجًا بثلاث واحدة في الشافعيَّ وواحدة في طولون وواحدة في زاوية البقلي في المنوفية وكان يقرأ في كل يوم ختمةً كاملةً وهو يشتغل في الحياكة ويقرئ أولاد صنجق في القاعة ولم يذهب إلى بيت صنجق ولا مرة.
(وحكى) عن الجد الأعلى أعني الشيخ عبد الكريم أنَّه حجَّ سنةً مع شيخه وأستاذه سيدي أحمد بن عثمان الشرنوبي صاحب الكرامات الظاهرة من جملة الفُقراء فتاه الجد عن طريق الحجِّ ثلاث ليال لم يدر أين يتوجه فسار في الجبال ثم وجد جملًا صغيرًا عريانًا باركًا فركبه فقام بسرعة كالطير إلى أن جاء لمقدم الحج وبرك فضربه ضربًا شديدًا ليقوم فلم يتحرك فتركه فلمَّا قدم على الأستاذ قال لتلامذته سلِّموا على أخيكم الشيخ عبد الكريم الذي علقته ألف وأرى جماعته أثر الضرب على أضلاعه سامح الله الجميع وغفر لهم من فيض جوده العميم وأسكن الله الجميع بحبوحة جنات النعيم أنَّه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
وإنما ذكرت هؤلاء الثلاثة تحدثًا بنعمة الله مولى الموالي واقتداء بقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه تعلموا من أنسبائكم ما تصلون به أرحامكم والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأميّ وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا دائمًا إلى يوم الدين. اهـ.

.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال الدمياطي:

سورة الفلق:
مكية.
وقيل مدنية قيل وهو الصحيح.
وآيها خمس.
واختلف في {النفاثات} الآية 4 فرويس من طريق النخاس بالمعجمة والجوهري كلاهما عن التمار عنه {النافثات} بألف بعد النون وكسر الفاء مخففة بلا ألف بعدها وهي قراءة عاصم عن الجحدري وغيره ورويت عن الكسائي وقطع بها لرويس في المبهج والتذكرة وانفرد أبو الكرم في مصباحه عن روح بضم النون وتخفيف الفاء نفاثة وهو ما تنفثه من فيك وعن الحسن بضم النون وتشديد الفاء وفتحها وألف بعدها بلا ألف بعد النون كالتفاحات والباقون كذلك لكن بفتح النون جمع نفاثة وهي رواية ما في أصحاب التمار عنه عن رويس والرسم محتمل للقرآت الأربع لحذف الألفين في جميع المصاحف والكل مأخوذ عن النفث وهو شبه النفخ يكون في الدقية ولا ريق معه فإن كان معه ريق فهو الثفل. اهـ.

.قال عبد الفتاح القاضي:

سورة الفلق:
{قل أعوذ} لا يخفى ما فيه من النقل لورش مطلقا وما فيه لحمزة وصلا ووقفا من السكت وغيره. اهـ.

.فصل في حجة القراءات: في السورة الكريمة:

قال ابن خالويه:
ومن سورة الفلق:
لا خلاف فيها الا ما رواه أحمد بن موسى عن أبي عمرو حاسد بالامالة والمشهور عنه التفخيم. اهـ.

.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

.قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم:

سورة الفلق:
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة الفلق: الآيات 1- 5]

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)}

.الإعراب:

{بربّ} متعلّق بـ: {أعوذ}، {من شرّ} متعلّق بـ: {أعوذ} في المواضع الأربعة {ما} اسم موصول في محلّ جرّ مضاف إليه، والعائد محذوف {إذا} ظرف في محلّ نصب مجرّد من الشرط متعلّق بالمصدر {شرّ غاسق}، {في العقد} متعلّق بـ: {النفّاثات}، {إذا} مثل الأول متعلّق بالمصدر {شر حاسد}..
جملة: {قل...} لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: {أعوذ...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {خلق...} لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: {وقب...} في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: {حسد...} في محلّ جرّ مضاف إليه.

.الصرف:

(1) {الفلق} اسم بمعنى الصبح، وزنه فعل بفتحتين.
(3) {غاسق} اسم فاعل من الثلاثيّ غسق أي أظلم، وزنه فاعل وهو الليل.
(4) {النفّاثات} جمع النفّاثة مؤنّث النفّاث، مبالغة اسم الفاعل أي النافخات في العقد للسحر، مأخوذ من الثلاثيّ نفث باب نصر وباب ضرب، وزنه فعّال.
(5) {حاسد} اسم فاعل من الثلاثيّ حسد، وزنه فاعل.

.الفوائد:

- الحسد والغبطة:
الحسد: هو تمني زوال النعمة عن الغير، وهذا شيء مذموم. وكان اليهود لعنهم اللّه يحسدون النبي لما أنزل عليه من القرآن ونعمة الإسلام أما الحسد، إن كان معناه التنافس والتسابق بالخيرات، فهذا شيء محمود، للحديث الشريف القائل: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه اللّه ما لا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه اللّه علما يعلمه الناس» أما الغبطة، فهي أن تتمنى أن تصير مثل صاحب النعمة، دون تمني زوالها عنه، وهذا غير مذموم. اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

(113) سورة الفلق:
مكيّة.
وآياتها خمس.
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة الفلق: الآيات 1- 5]

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)}

.اللغة:

{الْفَلَقِ}: الصبح قال الزمخشري: الفلق والفرق: الصبح لأن الليل يفلق عنه ويفرق فعل بمعنى مفعول يقال في المثل: هو أبين من فلق الصبح ومن فرق الصبح ومنه قولهم سطح الفرقان إذا طلع الفجر. وقال الشاعر:
يا ليلة لم أنمها بتّ مرتقبا ** أرعى النجوم إلى أن قدر الفلق

وقال آخر يصف الثور الوحشي:
حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق ** هاديه في أخريات الليل منتصب

وهناك أقوال أخرى في المراد به يرجع فيها إلى المطولات، والأول أولى ولهذا ضربنا صفحا عنها.
{غاسِقٍ} الغاسق: الليل إذا اعتكر ظلامه قال الشاعر:
يا طيف هند لقد أبقيت لي أرقا ** إذ جئتنا طارقا والليل قد غسقا

{وَقَبَ} دخل ظلامه كل شيء ويقال وقبت الشمس إذا غابت وفي الحديث: «لما رأى الشمس قد وقبت قال هذا حين حلّها» يعني صلاة المغرب وهناك أقوال أخرى ليس هذا موضعها.
{النَّفَّاثاتِ} السواحر اللواتي تنفث في العقد التي تعقدها والنفث كما في المختار شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل وقد نفث الراقي من باب ضرب ونصر والنفاثات في العقد السواحر. وسيأتي المزيد من معناها في باب الفوائد.