فصل: (سورة آل عمران: آية 168)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة آل عمران: آية 168]

{الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (168)}

.الإعراب:

{الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا} الذين اسم موصول لك في إعرابه وجوه متساوية منها أن تعربه بدلا من اسم الموصول في الآية المتقدمة أي الذين نافقوا أو من الواو في نافقوا أو تنصبه على الذّمّ بفعل محذوف تقديره أذمّ وهو شائع في كلامهم ويدل على تجسيد وتصوير ولك أن ترفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف فتكون الجملة مستأنفة وجملة قالوا صلة ولاخوانهم جار ومجرور متعلقان بقالوا والواو يجوز فيها أن تكون حالية أو عاطفة والجملة اما حالية من الواو في قالوا وقد مقدرة واما معطوفة على جملة قالوا: {لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا} لو شرطية وأطاعونا فعل ماض وفاعل ومفعول به وما نافية وقتلوا فعل ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل وجملة ما قتلوا لا محل لها لانها جواب شرط غير جازم وجملة لو أطاعونا في محل نصب مقول القول: {قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} الجملة مستأنفة وقل فعل أمر والفاء هي الفصيحة أي إذا صحّت دعواكم فادرءوا عن أنفسكم أي ادفعوا وعن أنفسكم جار ومجرور متعلقان بادرءوا والموت مفعول به وإن شرطية وكنتم فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط والتاء اسمها وصادقين خبر كنتم وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي فادرءوا الموت إن كنتم صادقين في دعواكم ان القعود ينجي صاحبه ولا يقال إن الإنسان يدفع عن نفسه العارض قبل حلول الاجل إذا أخذ بأسباب التوقي فذلك إرجاف لا ينفق مع قوله تعالى: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.

.الفوائد:

{لَوْ} في الكلام ضربان: مصدرية وشرطبة.
آ- المصدرية هي التي يحسن في موضعها ان المصدرية وأكثر ما تقع بعد ودّ أو ما في معناه كقوله تعالى: {يود أحدهم لو يعمر ألف سنة}.
ب- الشرطية هي للتعليق في الماضي كما أن إن في المستقبل ومن ضرورة كون التعليق في الماضي أن يكون شرطها منفيّ الوقوع لأنه لو كان ثابتا لكان الجواب كذلك واما جوابها فان كان مساويا للشرط في العموم كما في قولك: لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا فلابد من انتفائه أيضا وإن كان أعم من الشرط كما في قولك: لو كانت الشمس طالعة لكان الضوء موجودا فلابد من انتفاء القدر المادي منه للشرط ولذلك تسمع النحاة يقولون: لو حرف امتناع لامتناع أي يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط ولا يرون انها تدل على امتناع الجواب مطلقا لتخلفه في نحو: لو ترك العبد سؤال ربه لأعطاه. وإنما يريدون انها تدل على انتفاء المساوي من جوابها للشرط والأولى أن يقال: لو حرف شرط يقتضي نفي ما يلزم من ثبوته ثبوت غيره فينبه على انها تقتضي لزوم شيء لشيء وكون الملزوم منفيا ولا يتعرض لنفي اللازم مطلقا ولا لثبوته لأنه غير لازم من معناها وسيرد بحث ممتع عند قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ} فانتظر واقرأ العجيب من هذه اللغة الشريفة.

.[سورة آل عمران: الآيات 169- 170]

{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتًا بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)}

.الإعراب:

{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتًا} كلام مستأنف مسوق لاخبار النبي صلى اللّه عليه وسلم وأمته بمصائر الشهداء ولئن كان الكلام خاصا بشهداء أحد فلا ينتفي عنه العموم وقد سبق القول في شهداء بدر وما نزل فيهم وهو قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل اللّه} الآية والواو استئنافية ولا ناهية وتحسبنّ فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وهو في محل جزم بلا الناهية وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت والذين اسم موصول مفعول به أول وأمواتا مفعول به ثان {بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} بل حرف عطف يعطف جملة على جملة وأحياء خبر لمبتدأ محذوف أي هم أحياء وليست بل التي تعطف مفردا على مفرد لأن المعنى يختل إذ يصير لا تحسبنهم أحياء بل الغرض الإعلام بحياتهم ترغيبا في الجهاد وحثّا عليه وعند ربهم ظرف متعلق بيرزقون ويجوز أن تعلقه بمحذوف خبر ثان ويجوز أن تعلقه بمحذوف صفة وهذه الوجوه متساوية الرجحان وجملة يرزقون في محل رفع خبر ثالث أو ثان {فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فرحين حال من الضمير في يرزقون وبما جار ومجرور متعلقان بفرحين وجملة آتاهم اللّه صلة ما الموصولية ومن فضله جار ومجرور متعلقان بآتاهم ولك أن تعتبر من تبضيعية فتعلقها مع مجرورها بمحذوف حال {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} الجملة معطوفة على فرحين من جهة المعنى فهي حال لأن الصفة المشبهة تشبه المضارع وبالذين جار ومجرور متعلقان بيستبشرون وجملة لم يلحقوا بهم صلة الذين ومن خلفهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الواو في لم يلحقوا {أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} أن هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن المحذوف والمصدر المؤول من ان وما في حيزها منصوب بنزع الخافض أي بأن لا خوف عليهم والجار والمجرور متعلقان بمحذوف بدل اشتمال من الذين أي ويستبشرون بما تبين لهم من حال من تركوهم خلفهم أحياء في الدنيا من المؤمنين ولا يخفى ما في هذا الاستبشار من إلهاب للرغبة في الجهاد ولا نافية للجنس مهملة وخوف مبتدأ وعليهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ولا هم يحزنون عطف عليه وقد تقدم اعراب نظائره فلذلك اجتزأنا بما تقدم.

.البلاغة:

1- الطباق بين أموات وأحياء وهي مطابقة بلغت الغاية في تصوير شهداء معركة أحد والشهداء الذين يستشهدون في معمعان الجهاد وقد خولف الاعراب بين المتعاطفين في الظاهر للدلالة على أنّ الموت أمر طارئ يعقبه الهمود والاندثار وعدم تجدد الذكر أما الرفع وجعله جملة اسمية فهو أبلغ في الدلالة على الديمومة وطروء الذكر وتجدده كل يوم وقد وردت أحاديث تجسد الموقف البديع.
2- مراعاة النظير وهو فن بديع جميل تفنن علماء البلاغة في تسميته فسماه بعضهم التناسب والتوفيق وسماه آخرون الائتلاف والمؤاخاة وحده أن يجمع الناظم والناثر بين أمر وما يناسبه سواء أكانت المناسبة لفظا أم معنى فقد ناسب سبحانه بين فرحين ويستبشرون وبين عدم الخوف وعدم الحزن وبين النعمة والفضل.

.[سورة آل عمران: الآيات 171- 172]

{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}

.الإعراب:

{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} كرر الفعل للتأكيد والجملة استئنافية مسوقة للتأكيد ولك أن تجعلها تأكيدا لسابقتها أو بدلا منها وبنعمة جار ومجرور متعلقان بيستبشرون ومن اللّه جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لنعمة وفضل عطف على نعمة {وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} الواو عاطفة وان واسمها وجملة لا يضيع خبرها {الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} اسم الموصول مبتدأ ولك أن تنصبه بفعل محذوف على المدح أو تجره على أنه صفة للمؤمنين وجملة استجابوا صلة الموصول وللّه جار ومجرور متعلقان باستجابوا والرسول عطف على اللّه {مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ} من بعد جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال وما مصدرية وأصابهم القرح فعل ومفعول به وفاعل وما المصدرية وما في حيزها في تأويل مصدر مضاف لبعد {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} للذين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وجملة أحسنوا صلة ومنهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال واتقوا عطف على أحسنوا وأجر مبتدأ مؤخر وعظيم صفة وجملة للذين خبر الذين في قوله: {الذين استجابوا}، إذا أعربت الذين مبتدأ، أو حالية.
غزوة حمراء الأسد:
الذين استجابوا للّه والرسول هم الذين خرجوا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم وهم المؤمنون الذين ساهموا في الحرب بمعركة أحد ويقول التاريخ: حمراء الأسد هي على ثمانية أميال من المدينة على يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة وكانت هذه الغزوة صبيحة يوم الأحد لست عشرة مضت أو ثمان خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة لطلب عدوهم بالأمس ونادى مؤذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن لا يخرج معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس أي من شهد معركة أحد فخرج معه جميع من شهدها من المؤمنين الخلّص، وكانوا ستمائة وثلاثين وأقام بها صلى اللّه عليه وسلم الاثنين والثلاثاء والأربعاء وكان قد أصابهم القرح بسبب ما نالهم في أحد فتسارعوا يحفزهم حبّ الثأر فتحاملوا على أنفسهم حتى لا يفوتهم الاجر ويحققوا الهدف المرجوّ وساور المشركين الرعب فلم ينهدوا لقتال ولم يبرزوا إلى ميدان بل قبعوا في مكة لائذين بأذيال الخوف والنجاة ثم رجع النبي وصحابته إلى المدينة يوم الجمعة ولم يستغرق نهوده للمشركين إلا خمسا.

.[سورة آل عمران: الآيات 173- 175]

{الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيمانًا وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}

.الإعراب:

{الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ} الذين بدل أو صفة ثانية ل: الذين استجابوا ولكن يشكل على هذا الاعراب أن الذين استجابوا للّه والرسول هم الذين حضروا معركة أحد وهؤلاء الذين وقع لهم هذا القول المذكور هم مطلق المؤمنين فتتعذر البدلية أو الوصفية وتفاديا لهذا الاشكال نرى من الأولى أن نعرب الموصول منصوبا بفعل محذوف على المدح والتقدير امدح وجملة قال صلة الموصول ولهم جار ومجرور متعلقان بقال والناس فاعل {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} الجملة مقول القول وإن واسمها وقد حرف تحقيق وجملة جمعوا خبر إنّ ولكم جار ومجرور متعلقان بجمعوا والفاء الفصيحة واخشوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به {فَزادَهُمْ إِيمانًا} الفاء عاطفة وزاد عطف على قال والفاعل ضمير مستتر مفهوم من قال لهم أي زادهم القول وايمانا مفعول به ثان ويجوز إعرابه تمييزا {وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} وقالوا عطف على زادهم وحسبنا خبر مقدم ونا مضاف اليه واللّه مبتدأ مؤخر ونعم الواو حالية ولك أن تجعلها استئنافية ونعم فعل ماض جامد لإنشاء المدح والوكيل فاعل والمخصوص بالمدح هو اللّه تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} الفاء عاطفة وجملة انقلبوا معطوفة على مقدر مفهوم من سياق الكلام أي وخرجوا مع النبي فانقلبوا وبنعمة جار ومجرور متعلقان بانقلبوا أو بمحذوف حال ومن اللّه جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة وفضل عطف على نعمة {لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الجملة حالية ويمسسهم فعل مضارع مجزوم بلم والهاء مفعول به وسوء فاعل {وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ} الجملة عطف على جملة انقلبوا {وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} الواو استئنافية واللّه مبتدأ وذو فضل خبر وعظيم صفة {إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ} كلام مستأنف مسوق لبيان القائل وانما كافة ومكفوفة وذلكم مبتدأ والشيطان مبتدأ ثان وجملة يخوف خبر الشيطان والمبتدأ الثاني وخبره خبر اسم الاشارة ويجوز أن نعرب ذلكم مبتدأ والشيطان بدلا من ذلكم وجملة يخوف خبر ذلكم ويجوز أيضا أن نعرب ذلكم مبتدأ والشيطان خبره وجملة يخوف أولياءه مستأنفة أو حالا. {فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} الفاء هي الفصيحة أي إذا وثقتم بهذا فلا تخافوهم وخافون عطف على لا تخافوهم والواو فاعل والنون للوقاية وحذفت ياء المتكلم جوازا باتفاق القراء السبعة في الرسم، وإن شرطية، كنتم كان واسمها وفعل الشرط في محل جزم بإن، والجواب محذوف دل عليه ما قبله، ومؤمنين خبر كنتم.

.البلاغة:

1- العموم والخصوص في ذكر الناس عامة بعد ذكر الخاصة وهم الذين استهموا في غزوة أحد من إطلاق العام وإرادة الخاص.
2- اللف والنشر المرتب في قوله: {بنعمة من اللّه وفضل} مع طي ذكر الملفوف والمنشور وهما السلامة بالأجسام التي تعود إلى النعمة والربح بالتجارة الذي يعود إلى الفضل.

.[سورة آل عمران: آية 176]

{ولا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (176)}

.اللغة:

{يَحْزُنْكَ} بفتح الياء وضم الزاي لغة في أحزنه وبهما قرئ ومثله فتنه وأفتنه فهما لغتان فاشيتان لثبوتهما بطريق التواتر.

.الإعراب:

{وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} كلام مستأنف مسوق للمبالغة في تسليته صلى اللّه عليه وسلم والواو استئنافية ولا ناهية ويحزنك فعل مضارع مجزوم بلا والكاف مفعول به والذين فاعل وجملة يسارعون صلة الموصول وفي الكفر جار ومجرور متعلقان بيسارعون لتضمينها معنى يقعون {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} الجملة تعليلية لا محل لها للايذان بأن مضارتهم للنبي صلى اللّه عليه وسلم بمثابة مضارّته سبحانه وفي ذلك مسلاة له ومدعاة له إلى اطراح الحزن جملة. ومن حق الرسول أن يحزن لنفاق من نافق وارتداد من ارتد وهذه عظة بالغة للاعتداد بالنفس والثقة والاحتفاظ بالشخصية ورباطة الجأش عند نزول المصيبة وإن واسمها وجملة لن يضروا اللّه خبرها وشيئا مفعول مطلق أي شيئا من الضرر {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} الجملة مستأنفة ويريد اللّه فعل وفاعل وان وما في حيزها مصدر مؤول مفعول به ليريد وحظا مفعول يجعل الاول ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول به ثان وفي الآخرة جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} الجملة مستأنفة أيضا للمبالغة في امتهانهم ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وعذاب مبتدأ مؤخر وعظيم صفة لعذاب.

.البلاغة:

التنكير في قوله شيئا فإن التنوين يزيد النكرة شياعا وتنكيرا وقلة وحقارة وذلك لتأكيد ما هم عليه من القلة والحقارة وضآلة الشأن.