فصل: بحث نفيس: حديث القرآن والسنة عن الحامض النووى في الأمشاج شكل توضيحي لجزيء (DNA):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.بحث نفيس: حديث القرآن والسنة عن الحامض النووى في الأمشاج شكل توضيحي لجزيء (DNA):

بقلم الدكتور محمود عبد الله إبراهيم نجا
مدرس مساعد بقسم الفارماكولوجيا الاكلينيكيه- كلية طب- جامعة المنصورة- مصر.
إن الحمد لله تعالى نحمده سبحانه ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فهو المهتدى ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد:
يتناول هذا البحث قضية الجينات التي تمثل الجزء الأساسي من خلق وتصوير ذرية آدم في الأصلاب وفي الأرحام. ومع أن كل الكائنات الحية مختلفة في الأشكال والصفات إلا أنها بالإجماع تعتمد على وجود الحامض النووي في كل خلاياها مما يدفعنا إلى الاستنتاج بأن من أوجد هذه الكائنات لابد وأن يكون واحدًا. ومع ذلك فقد خرج علينا من زعم بأن الحياة نشأت صدفة، وحتى الآن لم يستطع هؤلاء الْمُضِلِّينَ أن يقدموا دليلا واحدا على أباطيلهم. فالخلق والتصوير من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ والأرض وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} الكهف51. والله قد شهد لنفسه بالوحدانية وبأنه خلق كل ما في الكون {قُلِ الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} الرعد16، ولا يدعى الخلق إلا من علم سر المخلوقات {إِنَّ الله لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} آل عمران6،5. وحين ينسب الله التصوير في الأرحام لنفسه فإنه بذلك يقدم دليلا عمليا على أنه يعلم سر المخلوقات بما في ذلك الحامض النووي الذي ينقل الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء عبر النطفة التي منها يتم تصوير وخلق الذرية في الأرحام. فالله قد أخبرنا أنه بدأ خلق الإنسان بخلق آدم من الطين {وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِن طِينٍ} السجدة7، وخلق حواء من آدم {خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء} النساء1، فكأن الإنسان كله قد خلقه الله من الطين باعتبار مادة الأصل {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ} المؤمنون12، ثم جعل الله نسل آدم من الماء المهين {وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ} السجدة 7، 8، أي من الأمشاج الذكرية والأنثوية التي تخلق وتصور في الأصلاب ثم تجتمع لتعطى ألنطفه (زيجوت = Zygot) في الرحم {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} المؤمنون 13،12، ونلاحظ أن الهاء في {جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} عائده على الإنسان بكل صفاته. وفي هذا الأخبار الرباني عن جعل الإنسان نطفه إعجاز علمي غاية في الدقة، إذ كيف تتساوى النطفة التي تمثل خليه واحده لا ترى بالعين المجردة مع الإنسان الذي يتركب من بلايين الخلايا. وهذا الإعجاز لم يعرفه العلم إلا منذ فتره بسيطة عندما فحص النطفة ليكتشف وجود إنسان كامل يعرف باسم الحامض النووي (دنا (DNA = لا يكاد يذكر في الحجم ولكنه يحمل شفره وراثية كاملة للإنسان ويمكن أن نسميه بالإنسان الجيني أو النطفة الأمشاج {هلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} الإنسان 1، 2. والنطفة هي المسؤله عن نقل البرنامج الوراثي (Genetic programming) من الآباء إلى الأبناء {مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} عبس19.
والسؤال الآن، هل اكتفى الله بذكر المكان الذي تتكون فيه الأمشاج وهو الأصلاب كما في قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} الطارق 6،5، 7، أم أن الله قد بين لنا في قرآنه وعلى لسان نبيه كيفية خلق الأمشاج في الأصلاب على وجه التفصيل كما هو معلوم الآن في العلوم الحديثة. والحقيقة أن المتدبر لآيات الله التي تتكلم عن الخلق والتصوير سوف يكتشف أن الله بهاتين الكلمتين قد وصف كيفية خلق الأمشاج في الأصلاب بدقة شديدة تفوق قدرة العلوم الحديثة، ولما لا والله يقول عن نفسه {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1].

.تركيب الحامض النووي وكيفية التقدير الوراثي:

DNA structure and Genetic Programming:
وحدة بناء الإنسان هي الخلية التي تحوى صوره للإنسان تعرف باسم الحامض النووي (دنا = DNA) الذي يحمل الشفرة الوراثية لكل صفات الإنسان المرئية وغير المرئية (كاللون والطول والعقل)، وكأني بالله قد جعل للإنسان تمثالا (صورة) متناهي في الصغر يتكدس داخل نواة الخلية في حيز لا يزيد عن واحد على المليون من المليمتر المكعب ولكنه إذا فُرِدَ يزيد طوله على المترين. وفي بعض مراحل الخلية نجد الحامض النووي مقسم إلى ستة وأربعين جسيم صبغي تعرف بالكروموسومات التي يشبه كل منها حرف إكس (X) وهى مرتبه في أزواج عددها ثلاثة وعشرين زوجا متماثل في الشكل ومختلف في التركيب الجيني. والحامض النووي يتكون من حلزونيين ملتفين حول بعضهما وهو بدوره يحمل الجينات المسؤولة عن الصفات الوراثية الخاصة بكل إنسان. وكل جين يتركب من تتابع معين من القواعد الأمينية (Nucleotides) والتي تنحصر في أربعة أنواع وهي (إيه= A) و(جي= G) و(تي= T) و(سي= C) بحيث أن القواعد الموجودة على أحد الحلزونين تكون مكمله للقواعد الموجودة على الحلزون الأخر كما لو كان أحد الحلزونين يمثل صورة الحلزون الأخر في المرآة بحيث تكون القاعدة (إيه) مكمله للقاعدة (تي) والقاعدة (جي) مكمله للقاعدة (سي) (صوره 1).
(صوره 1: تركيب الحامض النووى).
ومن آيات الله أن كافة خلايا الجسد تحوى 46 كروموسوم فردى إلا خلايا الأمشاج فإنها تحوى نصف هذا العدد أي 23 كروموسوم فردى. وبعد التلقيح بين الذكر والأنثى تلتقي الأمشاج في الرحم لتتكون النطفة التي تحمل الشفرة الوراثية للذرية مع العلم بأن نصف الصفة الوراثية يأتي من الذكر والنصف الأخر يأتي من الأنثى. والشفرة الوراثية في النطفة هي المسؤله عن تكوين الذرية في الأرحام وذلك من خلال تصوير كل جين في الشفرة الوراثية لخلق البروتين المماثل لذلك الجين. وكأن تمثال الشفرة الوراثية الموجود في النطفة يعمل كقالب لصب الذرية عليه في الأرحام.

.التقدير الوراثي في القرآن والسنة:

لاحظنا مدى دقة كلمة التصوير في وصف انتقال الصفات الوراثية من الخلايا الجسدية إلى الأمشاج ومن النطفة إلى الجنين في الرحم. وعليه فان الآيات والأحاديث التي تتناول التقدير الوراثي لابد وأنها تتحدث عن التصوير مقرونا بالخلق أو منفصلا عنه.

.أولا: آيات التصوير بترتيب المصحف:

1. {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرحام كَيْفَ يَشَاءُ} 6 آل عمران.
2. {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ}11 الأعراف.
3. {الله الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} 64 غافر.
4. {هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسماء الْحُسْنَى} 24 الحشر.
5. {هُوَ الذي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالارْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [التغابن: 2- 3].
6. {يَا أَيُّهَا الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} 6، 7، 8 الانفطار.

.ثانيا: أحاديث التصوير:

1. «خلق الله آدم على صورته» أحمد والبخاري ومسلم.
2. «إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعين ليله بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يا رب اذكر أم أنثى فيقضى ربك ما يشاء ويكتب الملك» مسلم.
3. «اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين» مسلم والنسائي والدراقطنى والبيهقى. وفي رواية أخرى جاء الحديث بزيادة فأحسن صورته موافقة لما في القرآن «سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صورته» مسلم وسنن أبى داود والنسائي.
وفي رواية أخرى جاء الحديث بزيادة فأحسن صوره «سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صوره» مسلم وأحمد وابن حبان والدار قطني وأبو داود.

.الهدف من البحث:

1. إثبات إعجاز القرآن والسنة في وصف الحامض النووي والتقدير الوراثي بكلمتين هما الخلق والتصوير.
2. شرح دورة الخلية (cell cycle) وما يحدث فيها من انقسام منصف (ميوزى) أو تضاعفي (ميتوزى).
3. شرح كيفية تحسين النسل في أثناء تكوين الأمشاج وفي أثناء التقدير الوراثي للنطفة.
4. شرح العلاقة بين الخلق والتصوير في الأصلاب وفي الأرحام.

.العلاقة بين الخلق والتصوير:

إذا أخذنا بترتيب سور المصحف نجد أن أول مره يجتمع فيها الخلق مع التصوير في آية واحده هي {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} 11 الأعراف. وبالرجوع إلى كتب المفسرين نجد أنهم قد اختلفوا في تأويل هذه الآية، واختلاف العلماء في تفسير هذه الآية يرجع إلى اختلافهم في فهم الجمع في {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} هل هو لتعظيم آدم أم أنه جمع حقيقي يشمل آدم وحواء والذرية. أيضا اختلفوا حول زمان خلق وتصوير الذرية هل هو قبل السجود لآدم أم بعد السجود. كما اختلفوا أيضا حول مكان خلق وتصوير الذرية، هل هو في الأصلاب أم في الأرحام أم في الاثنين معا.
فذهب بعض العلماء كالطبري وابن كثير إلى أن المقصود في هذه الآية هو آدم وأن التصوير حدث بعد الخلق لإيجاد الشكل الخارجي لآدم وقبل سجود الملائكة، فقال الطبري وابن كثير نقلا عن الزجاج وابن قتيبة {خَلَقْنَاكُمْ} أي خلقنا آدم و{صَوَّرْنَاكُمْ} بتصويرنا آدم وإنما قيل ذلك بالجمع لأنه أبو البشر، فالعرب قد تخطاب الرجل بالأفعال تضيفها إليه والمراد في ذلك سلفه كما قال الله لليهود على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم {وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة} فالخطاب موجه إلى الأحياء من اليهود والمراد به سلفهم المعدوم، فكذلك {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} أي خلقنا أباكم آدم ثم صورناه.
وحيث أن أصحاب هذا القول لم يعرفوا ما وصل إليه العلم الحديث من أن التصوير الوراثي للأبناء يمر بثلاثة مراحل، الأولى في الأصلاب أثناء تكوين الأمشاج، والثانية عند اجتماع الأمشاج لتكوين النطفة، أما الثالثة فهي تصوير الجنين من النطفة في الأرحام. ولما اقتصر علم أصحاب هذا القول على معرفة تصوير الأرحام {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ} آل عمران6، قالوا باستحالة أن يكون هناك تصوير للذرية قبل السجود لآدم وفات عليهم أن الإنسان قبل أن يخلق في الأرحام يخلق في الأصلاب {فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} الطارق7،6،5. والأمشاج خلقت في صلب آدم وحواء من قبل السجود لآدم ومنها أخذ الله الذرية حين الميثاق {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} الأعراف172، وفي الحديث: «أخذ الله تبارك وتعالى الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال: ألست بربكم قالوا: بلى شهدنا» رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني.
واذا كان الإنسان على ضعف قدراته إذا أراد أن يبنى بيتا واجتمعت لديه مقدرات البناء تكلم عن البيت قبل اكتمال البناء كأنه موجود، فيقول مثلا أنا ذاهب إلى البيت على اعتبار ما سوف يكون. فكيف بالله القادر لا يتكلم عن الذرية قبل السجود لآدم وهو قد خلق الأمشاج (أصل الذرية) في صلب آدم قبل السجود، ولا يعقل أن آدم كان بدون خصية وأمشاج قبل السجود وآدم قد خلق كاملا قبل السجود كما نص على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «خلق الله آدم على صورته» وقول الله تعالى: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}.
وقد كنت أظن أنني أول من ذهب إلى أن الجمع في {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} قد يمتد ليدل على الجنس البشرى آدم وحواء والذرية، وأن التصوير قد يمتد أيضا ليشمل تصوير الذرية من آدم. إلا أنني وبفضل الله قد وجدت أن هذا الرأي قد سبقني إليه بعض كبار المفسرين كالقرطبي والشوكانى وأبو جعفر النحاس نقلا عن أقوال العديد من السلف الصالح:
1. عن ابن عباس {خَلَقْنَاكُمْ} آدم و{صَوَّرْنَاكُمْ} فذريته خلقوا في أصلاب الرجال وصوروا في الأرحام.
2. عن قتادة والسدي والضحاك قال: {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} أي خلقنا آدم ثم صورنا الذرية في الأرحام.
3. عن عكرمة والأعمش: {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} خلقناكم في أصلاب الرجال وصورناكم في الأرحام.
4. عن مجاهد {خَلَقْنَاكُمْ} قال: آدم. و{صَوَّرْنَاكُمْ} قال: خلقناكم في ظهر آدم ثم صورناكم حين الميثاق.
5. عن الحسن {خَلَقْنَاكُمْ} يريد آدم وحواء فآدم من التراب وحواء من ضلع من أضلاعه {ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} ثم وقع التصوير بعد فالمعنى: ولقد خلقنا أبويكم ثم صورناهما.
فأقوال أصحاب هذا القول تدل على أن التصوير في {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} يمتد ليشمل الذرية. والاختلاف بينهم على مكان تصوير الذرية فمنهم من قال خلقوا وصوروا في الأصلاب ومنهم من قال في الأرحام ومنهم من قال خلقوا في الأصلاب وصوروا في الأرحام. قال القرطبي كل هذه الأقوال محتمل وأصحها ما يعضده التنزيل قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ} يعني آدم و{َخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} حواء {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} أي جعلنا ذريته نطفا خلقوا في أصلاب الآباء وصوروا في الأرحام. فيكون معنى الآية، بدأ الله خلقكم أيها الناس بآدم وحواء وخلقكم منهما بخلق الأمشاج التي تحمل التقدير (البرنامج الوراثي) لخلقكم وتصويركم في الأرحام ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم.