فصل: وصف خلق وتصوير الأمشاج في القرآن والسنة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



(صوره 7. خطوات التصالب).
(صورة 6. الانقسام الميوزى الأول).
2. الانقسام الاختزالي الثاني = المتساوي (الميوزى الثاني): (صورة 8).
يهدف إلى تضاعف الخليتين المشيجييتين الأوليتين الناتجتين من الانقسام الميوزى الأول إلى أربع خلايا مشيجيه ثانوية لها نفس التركيب الجينى للخليه المشيجيه الأولية، أي انقسام بدون تحسين وراثي. وحاصل الميوزى الثاني في الذكر هو أربع حيوانات منوية كل منها يحتوى على 23 كر وموسوم فردى كامل، أما في الأنثى فبويضة واحدة وثلاثة أجسام قطبيه كل منها يحتوى على 23 كروموسوم فردى كامل. وخطوات هذا الانقسام هي نفس خطوات الانقسام التضاعفي (الميتوزى) السابق شرحه (صوره 5).
(صورة 8. الانقسام الميوزى الثاني).

.وصف خلق وتصوير الأمشاج في القرآن والسنة:

1. وصف الانقسام التضاعفي = الميتوزى (Mitosis) الذي يؤدى إلى زيادة عدد الخلايا الجنسية.
لوصف هذا الانقسام نحتاج إلى الكلمات الآتية:
أ- الخلق لوصف الإيجاد والزيادة في عدد الخلايا (خلية تتحول إلى خليتين).
ب- التصوير لوصف تحول أنصاف الكروموسومات إلى كروموسومات كاملة كالموجوده في الخلية الأم، أي أنه تصوير بدون تحسين.
ت- وصف العلاقة بين الخلق والتصوير بأنهما منفصلين، فنربط بينهما بـ (ثم).
هذه المواصفات تجتمع في {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} 11 الأعراف.
وهذا النوع من التصوير حدث في أصلاب آدم وحواء والذرية.
2. وصف الانقسام الاختزالي الأول = التنصيفى (الميوزى الأول) الذي ينصف الخلية الجنسية.
لوصف هذا الانقسام نحتاج إلى الكلمات الآتية:
أ- الخلق لوصف الإيجاد والزيادة في عدد الخلايا (خليه واحده تتحول إلى خليتين).
ب- التصوير لوصف حدوث التصالب بين الكروموسومات وتبادل الجينات (وصف دقيق).
ت- ناتج عملية التصالب وهو حدوث تحسين في صور الأبناء عن الآباء.
ث- وصف العلاقة بين الخلق والتصوير بالمصاحبه فنربط بينهما بـ (الواو).
هذه المواصفات تجتمع في آية: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} التغابن2، 3. وفي الحديث الصحيح الموافق للآية (سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صورته) وفي رواية أخرى (سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صوره).
وهذا النوع من التصوير حدث في أصلاب آدم وحواء والذرية.
قال المفسرون {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} أي الصورة الشكلية الحسنه. وإذا كان هذا هو المعنى فماذا نقول في القبيح والأحدب والذي ينقصه عضو أو يزيد عليه عضو أو تأتى أعضائه في غير مكانها الأصلي كأن يأتي القلب في اليسار مثلا وهذه الاختلافات الشكلية ليست بقليلة، فاللون الأسود تمثله أمة الزنوج وقصر القامة صفة الأسيويين. والله يركب الإنسان في أي صوره شاء حسن أو قبيح {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ} الانفطار8. والأصل أن الله أحسن كل شيء خلقه وخلق الإنسان في أحسن تقويم بالنسبة لسائر الأجناس، وما كان لنا أن ندرك عظمة الله في فعله إلا بوجود القبيح.
اتفقنا على أن التصوير لا يخص الشكل الخارجي وإنما يخص الحامض النووي والتقدير الوراثي، وعليه {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} ليس حسن الشكل. وبالرجوع إلى لسان العرب وجدت أن معنى (أَحْسَنَ) بتسكين الحاء وفتح السين والنون هو (حَسَّن) بتشديد السين بمعنى التحسين، وعليه فان الآية جاءت لتصف التصوير الوراثي المسؤول عن تحسين صور الذرية بحيث لا تشابه الآباء والذي يحدث في الانقسام المنصف (الميوزى) الأول المشتمل على التصالب، وهذا القول تشهد له الأدلة الآتية:
1. الآية تخاطب الذرية ولا تخاطب آدم وحواء، وهذا ما لا يمكن أن يحدث في هذه الآية لأن آدم وحواء هما أصل الذرية وليسا بصورتين يدخل عليهما التحسين، ولذا فان الخطاب في الآية صريح في كونه موجه للذرية فقط {خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ}.
2. جاء الكلام عن التصوير في هذه الآية في سياق الكلام عن الخلق، فلابد أن الآية تتكلم عن التصوير أثناء عملية خلق ذرية آدم.
3. الفعل {صُوَرَكُم} على صيغة الماضي فلابد أن هذا الفعل حدث قبل الفعل {يُصَوِّرُكُمْ} المذكور في آية آل عمران {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ}، ولو قال قائل بأن صيغة الماضي هذه أيضا قد تصف الجنين بعد إتمام تصويره في الرحم فنرد بأن التصوير هنا يتكلم عن التقدير الوراثي وليس عن وصف الصورة الشكلية. وطالما أن الفعل {صُوَرَكُم} سابق في الزمن للفعل {يُصَوِّرُكُمْ} فلابد أن الكلام في {صوركم} عن خلق الأمشاج في الأصلاب لأنها المرحلة السابقة للنطفة التي تتكون في الرحم.
4. كلمة {صُوَرَكُم} يلزمها وجود مصور وهو الله، وشيء يتم إعطاءه الصورة، وشيء يتم أخذ صوره منه، والخطاب للذرية بـ {صُوَرَكُم} يدل على أن الصورة سوف تعطى للذرية وبالتالي فان الصورة سوف تأخذ من الآباء. وانتقال الصورة من الآباء إلى الأبناء لا يكون إلا في أثناء خلق الأمشاج.
5. اقترن الخلق بالتصوير في الآيتين بحرف العطف الواو الذي يدل على المصاحبة وتبعهما وصف النتيجة الفورية للتصوير بقوله: {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} لتدل على التحسين الوراثي الناتج عن التصالب وكأن الآية تكون هكذا {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ... وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} 3،2 التغابن.
6. لا توجد كلمه على وجه الأرض لوصف أحداث عملية التصالب ككلمة {صُوَرَكُم} التي تأحذ عدة معانى يكمل بعضها بعضا من أجل وصف التصالب وصفا دقيقا لا يقدر عليه البشر. فالصورة مشتقه من الصَّوَرُ وهو الميل وذلك ما نجده في معاجم اللغة العربية كلسان العرب وتاج العروس:
أ- الصَّوَرُ بالتحريك: المَيَل وصارَ الشيءَ صَوْرًا: أَماله فمال وخص بعضهم به إِمالة العنق والرجلُ يَصُور عُنُقَهُ إِلى الشيء إِذا مال نحوه بعنقه وصارَ وجَهَهُ يَصُورُ: أَقْبَل به.
ب- وفي حديث عكرمة: حَمَلَة العَرْشِ كلُّهم صُورٌ هو جمع أَصْوَر وهو المائل العنق لثقل حِمْلِهِ.
ت- وصارَ الشَّيْءَ يَصُورُه صَوْرًا: قَطَعَه وفَصَّلَه صُورَةً صُورَةً.
ث- وفي التنزيل {فَصُرْهُنَّ إلَيْك}َ قال بعضُهم: صُرْهُنّ: وَجِّهْههُنّ وصِرْهُنّ: قَطِّعْهُنّ وشَقِّقْهُنّ.
ومجموع هذه المعاني السابقة هو ملخص التصالب الذي يحدث فيه ميل وتعانق للكروموسومات مع تشقق وتقطع لبعض أجزاءها لثقل الحمل على بعض أجزائها، ثم التحسين بتبادل الأجزاء المتقطعة بين الكروموسومات المتعانقة (صوره 5).
7. تخيل لو أن الله قال: {وَصَوَّرَكُمْ} فقط ولم يقل {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} لكان المفروض وراثيا أن تكون الأبناء صوره طبق الأصل من الآباء. ولكن لما ذكر الله {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} دل هذا على حدوث تغيير معين في الصفة الجينية للأمشاج عن الصفة الجينية للآباء عن طريق التصالب. هذا التغيير في الصفة الجينية هو الذي يؤدى إلى الاختلاف العظيم الذي نراه في الصفات الشكلية للبشر كلهم. وهذا ما سجله العلم الحديث ليثبت عظمة القرآن وأنه ليس من كلام البشر فيقول العلم بأنه إذا فرضنا أن الخلية الجنسية تحوى زوج واحد من الكروموسومات فعند حدوث التصالب بينهما نحصل على نوعين مختلفين من الأمشاج، وإذا كانت الخلية الجسدية تحتوى على زوجين من الكروموسومات فان ناتج التصالب بينها هو أربع أنواع من الأمشاج المختلفة، وفي حالة وجود ثلاثة أزواج يكون الناتج ثمانية أنواع من الأمشاج المختلفة وهكذا نسير حتى نصل إلى العدد ثلاثة وعشرين زوج من الكروموسومات وبعد حدوث التصالب بينها تكون الاختلافات بين الأمشاج الناتجة هو (232) وهذا العدد يقترب من ثمانية ملايين من الاختلافات بين الأمشاج ولذا فإننا ندرك عظمة قول الله: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} فالاختلافات بين البشر بالملايين فهي لا تقتصر على الناس في زماننا ولكنها موجودة منذ أن خلق الله آدم ومستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولذا نجد الخطاب في الآية: {وَصَوَّرَكُمْ} موجه إلى كل ذرية آدم إلى قيام الساعة.
3. الانقسام الاختزالي الثاني = المتساوي (الميوزى الثاني) الذي يهدف إلى تضاعف الخلايا المشيجية.
وصف هذا الانقسام هو نفس وصف الانقسام التضاعفي = الميتوزى (Mitosis) الذي يؤدى إلى زيادة عدد الخلايا الجنسية حيث أن الميتوزى والميوزى الثاني يحدثان بنفس الكيفية. فتنقسم الخلية المشيجيه الأولية التي تحوى 23 كؤوموسوم كامل إلى خليتين مشيجيتين ثانويتين بكل منهما 23 نصف كروموسوم، ثم بعد الانقسام يحدث تصوير لأنصاف الكروموسومات لتكوين كروموسومات كاملة. ولذا فإنه يوصف بقول الله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} 11 الأعراف.
هذا النوع من التصوير يحدث في أصلاب آدم وحواء والذرية.

.خلاصة الكلام عن الخلق والتصوير في الأصلاب:

تتكون الأمشاج في الأصلاب من الخلايا الجنسية بثلاثة أنواع من الانقسامات لكل خليه (صورة 9):
الانقسام الأول: هدفه تضاعف عدد الخلايا الجنسية ويحدث بالانقسام التضاعفي (الميتوزى) وهو الخلق الذي يتبعه التصوير {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ}.
الانقسام الثاني: هدفه تحويل الخلية الجنسية إلى خليه مشيحيه أوليه مع تحسين الصفات الوراثية في الأبناء عن الآباء ويحدث بالانقسام الميوزى الأول وهو الخلق مصحوب بالتصوير {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالارْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} وحديث «خلقه وصوره فأحسن صورته».
الانقسام الثالث: وهدفه تضاعف كل خليه مشيحيه أوليه إلى مشيجين وبدون تحسين ويحدث بالانقسام الميوزى الثاني في الخلايا المشيجيه وهو الخلق ثم التصوير {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ}.
وأمام هذا الإبداع الذي لا نظير له لا أملك إلا أن أدع التعليق على هذا الإعجاز لله القائل عن نفسه {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} الواقعة 59،58،57، ولذا فإنه تحدى كل من دونه قائلا {هَذَا خَلْقُ الله فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} لقمان11.

.أخطاء العلم الحديث في وصف خلق وتصوير الأمشاج في الأًصلاب:

استخدم العلم الحديث بعض المسميات التي لا تدل على مسماها بالقدر الكافي لوصف أحداث خلق وتصوير الأمشاج في الأصلاب بما يدل على أنهم لا يملكون العلم المطلق بينما استطاع المولى تبارك وتعالى بعلمه المطلق من أن يصف أحداث خلق وتصوير الأمشاج في الأصلاب وصفا دقيقا من خلال استخدام المسميات التي تدل على مسماها بالقدر الكافي ومن أمثلة ذلك:
1- تكوين الأمشاج عند العلم الحديث (spermatogenesis {خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ}.