فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري:

بيَّن فضيلة أهل التقوى على أرباب الدنيا، فقال: هؤلاء لهم متابعة المنى وموافقة الهوى وأولئك لهم الدرجات العُلى، والله بصير بالعباد؛ أنزل كل قوم مَنْزِلَه، وأوصله إلى ما لَهُ أَهَّله. اهـ.

.قال ابن رجب الحنبلي:

ذكر وصف الجنة وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة حين سأله عن بناء الجنة فقال: «لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران» وقد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر مرفوعا أخرجه الطبراني فهذه أربعة أشياء:
أحدها: بناء الجنة: ويحتمل أن المراد بنيان قصورها ودورها ويحتمل أن يراد بناء حائطها وسورها المحيط بها وهو أشبه وقد روي من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا وهو أشبه: «حائط الجنة لبنة من فضة ولبنة من ذهب ودرجها الياقوت واللؤلؤ قال: وكنا نتحدث: أن رضراض أنهارها اللؤلؤ وترابها الزعفران».
وفي مسند البزار عن أبي سعيد مرفوعا: «خلق الله الجنة لبنة من فضة ولبنة من ذهب وملاطها المسك فقال لها: تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون فقالت الملائكة: طوبى لك منزل الملوك» ومما يبين أن المراد ببناء الجنة في هذه الأحاديث بناء سورها المحيط بها ما في الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جنتان من ذهب وآنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة وآنيتهما وما فيهما».
وقد روي عن أبي موسى مرفوعا: «جنتان من ذهب للمقربين وجنتان من فضة لأصحاب اليمين».
وفي الصحيح أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنها جنان كثيرة».
وقد روي: «أن بناء بعضها من در وياقوت».
خرج ابن أبي الدنيا من حديث أنس مرفوعا: «خلق الله جنة عدن بيده لبنة بيضاء ولبنة من ياقوتة حمراء ولبنة من زبرجد خضراء ملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ وحشيشها الزعفران ثم قال لها: انطقي قالت: قد أفلح المؤمنون قال وعزتي لا يجاورني فيك بخيل».
وروى عطية عن أبي سعيد قال: «إن الله خلق جنة عدن من ياقوتة حمراء ثم قال لها: تزيني فتزينت ثم قال لها: تكلمي فقالت: طوبى لمن رضيت عنه ثم أطبقها وعلقها بالعرش فهي تفتح في كل سحر فذلك برد السحر».
وعن ابن عباس قال: «كان عرش الله على الماء ثم اتخذ دونها أخرى وطبقهما بلؤلؤة واحدة لا تعلم الخلائق ما فيهما وهما اللتأن لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون وذكر صفوان بن عمرو عن بعض مشايخه قال: الجنة مائة درجة أولها: درجة فضة أرضها فضة ومساكنها فضة وترابها المسك والثانية: ذهب وأرضها ذهب وآنيتها ذهب وترابها المسك والثالثة: لؤلؤ وأرضها لؤلؤ وآنيتها لؤلؤ وترابها المسك وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم تلا {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}».
وفي صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة يرفعه: «سأل موسى ربه قال: يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ادخل الجنة فيقول: يا رب كيف وقد أخذ الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول رضيت يا رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة: رضيت يا رب فيقال: هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول: رضيت يا رب قال: فأعلاهم منزلة قال: أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر قال: ومصداقه في كتاب الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}».
الثاني: ملاط الجنة: وأنه المسك الأذفر وقد تقدم مثل ذلك في غير حديث والملاط: هو الطين ويقال: الطين الذي يبنى منه البنيان والأذفر الخالص ففي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك».
والجنابذ: مثل القباب وقد قيل: أنه أراد بترابها ما خالطه الماء وهو طينها كما في صحيح البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الكوثر: «طينه المسك الأذفر».
وقد قيل في تأويل قوله تعالى: {ختامه مسك}: إن المراد بالختام: ما يبقى في سفل الشراب من التفل وهذا يدل على أن أنهارها تجري على المسك ولذلك يرسب منه في الإناء في آخر الشراب كما يرسب الطين في آنية الماء في الدنيا.
الثالث: حصباء الجنة: وأنه اللؤلؤ والياقوت والحصباء: الحصي الصغار وهو الرضراض وفي المسند عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الكوثر: «أن رضراضه اللؤلؤ».
وفي رواية: «حصباؤه اللؤلؤ».
وفي الترمذي من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن مجراه على الدر والياقوت».
وفي الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حاله المسك الأبيض ورضراضه الجوهر وحصباؤه اللؤلؤ».
وفي المسند من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حاله المسك ورضراضه التوم».
والتوم: الجوهر والحال: الطين قال أبو العالية: قرأت في بعض الكتب: يا معشر الربانيين من أمة محمد انتدبوا لدار أرضها زبرجد أخضر تجري عليها أنهار الجنة فيها الدر واللؤلؤ والياقوت وسورها زبرجد أخضر متدليا عليها أشجار الجنة بثمارها.
الرابع: تراب الجنة: وأنه الزعفران وقد سبق في رواية أخرى: «الزعفران والورس».
وقد قيل: إن المراد بالتراب هاهنا: تربة الأرض التي لا ماء عليها فأما ما كان عليه ماء فإنه مسك كما سبق وسبق أيضا في بعض الروايات حشيشها الزعفران وهو نبات أرضها وترابها فأما حديث ترابها المسك: فقد قيل: أنه محمول على تراب يخالطه الماء كما تقدم وقيل: إن المراد: أن ريح ترابها ريح مسك ولونه لون الزعفران ويشهد لهذا حديث الكوثر: «إن حاله المسك الأبيض» فريحه ريح المسك ولونه مشرق لا يشبه لون مسك الدنيا بل هو أبيض وقد يكون منه أبيض ومنه أصفر والله أعلم وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد: «أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ابن الصياد عن تربة الجنة: فقال: درمكة بيضاء مسك خالص فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم».
ورواية: أن ابن صياد سأل النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه.
وفي المسند والترمذي عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تربة الجنة درمكة» ثم سأل اليهود؟ فقالوا: خبزة. فقال: «الخبز من الدرمك» والتي تجتمع به هذه الأحاديث كلها أن تربة الجنة في لونها بيضاء ومنها ما يشبه لون الزعفران في بهجته وإشراقه وريحها ريح المسك الأذفر الخالص وطعمها طعم الخبز الحواري الخالص وقد يختص هذا بالأبيض منها فقد اجتمعت لها الفضائل كلها لا حرمنا الله ذلك برحمته وكرمه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «من يدخلها ينعم لا يبأس ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم» إشارة إلى بقاء الجنة وبقاء جميع ما فيها من النعيم وإن صفات أهلها الكاملة من الشباب لا تتغير أبدا وملابسهم التي عليهم من الثياب لا تبلى أبدا وقد دل القرآن على مثل هذا في مواضع كثيرة كقوله: {وجنات لهم فيها نعيم مقيم} وقوله تعالى: {أكلها دائم وظلها} وقوله تعالى: {خالدين فيها أبدا} في مواضع كثيرة وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يدخل الجنة ينعم لا يبأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه».
وفيه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد أن لكم أن تنعموا ولا تبأسوا أبدا وأن لكم أن تصحوا وتسقموا أبدا وأن لكم أن تشبوا ولا تهرموا أبدا ونودوا أن تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون».
وفي رواية لغيره زيادة: «وأن تحيوا فلا تموتوا أبدا».
وفي الترمذي مرفوعا: «أهل الجنة جرد مرد كحل لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم».
وعن أبي سعيد مرفوعا: «يدخل أهل الجنة أبناء ثلاثين لا يزيدون عليها أبدا».
ومن حديث علي مرفوعا: «إن في الجنة مجتمعا للحور العين يرفعن بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كان لنا وكنا له».
وخرج الطبراني من حديث ابن عمر مرفوعا: «إن مما يتغنين به الحور العين: نحن الخالدات فلا نمتنه نحن الآمنات فلا نخفنه نحن المقيمات فلا نظعنه».
ومن حديث أم سلمة مرفوعا: «أن نساء أهل الجنة يقلن: نحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا طوبى لمن كنا له وكان لنا».
وفيما ذكره صلى الله عليه وسلم في صفة من يدخل الجنة تعريض بذم الدنيا الفانية.
فإنه من يدخلها وإن نعم فيها فإنه يبأس ومن أقام فيها فإنه يموت ولا يخلد ويفنى شبابهم وتبلى ثيابهم وتبلى أجسامهم وفي القرآن نظير هذا وهذا التعريض بذم الدنيا وفنائها مع مدح الآخرة وذكر كمالها وبقائها كما قال تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد} وقال الله تعالى: {إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها} الآية ثم قال: {والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} وقال الله تعالى: {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة} الآية وقال الله تعالى: {واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} وقال الله تعالى: {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته} إلى قوله: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله} وقال الله تعالى: {بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى} وقال الله تعالى: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} وقال الله تعالى عن مؤمن آل فرعون أنه قال لقومه: {يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار} والمتاع: هو ما يتمتع به صاحبه برهة ثم ينقطع ويفنى فما عيبت الدنيا بأكثر من ذكر فنائها وتقلب أحوالها وهو أدل دليل على انقضائها وزوالها فتتبدل صحتها بالسقم ووجودها بالعدم وشبيبتها بالهرم ونعيمها بالبؤس وحياتها بالموت فتفارق الأجسام النفوس وعمارتها بالخراب واجتماعها بفرقة الأحباب وكل ما فوق التراب تراب قال بعض السلف في يوم عيد وقد نظر إلى كثرة الناس وزينة لباسهم: هل ترون إلا خرقا تبلى أو لحما يأكله الدود غدا كان الإمام أحمد رضي الله عنه يقول: يا دار تخربين ويموت سكانك وفي الحديث: «عجبا لمن رأى الدنيا وسرعة تقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها».
قال الحسن: إن الموت قد فضح الدنيا فلم يدع لذي لب بها فرحا.
وقال مطرف: إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فالتمسوا نعيما لا موت فيه وقال يونس بن عبيد: ما ترك ذكر الموت لنا قرة عين في أهل ولا مال.
وقال يزيد الهاشمي: أمن أهل الجنة الموت فطاب لهم العيش وأمنوا الاسقام فهنيئا لهم في جوار الله طول المقام عيوب الدنيا بادية وهي تغيرها ومواعظها منادية لكن حبها يعمي ويصم فلا يسمع محبها نداءها ولا يرى كشفها للغير وإيذاءها.
قد نادت الدنيا على نفسها ** لو كان في العالم من يسمع

كم واثق بالعمر أفنيته ** وجامع بددت ما يجمع

كم قد تبدل نعيمها بالضر والبؤس كم أصبح من هو واثق بملكها وأمسى وهو منها قنوط بؤوس.
قالت بعض بنات ملوك العرب الذين نكبوا: أصبحنا وما في الأرض أحد إلا وهو يحسدنا ويخشانا وأمسينا وما في العرب أحد إلا وهو يرحمنا.
دخلت أم جعفر بن يحيى البرمكي على قوم في عيد أضحى تطلب جلد كبش تلبسه وقالت: هجم علي مثل هذا العيد وعلى رأسي أربعمائة وصيفة قائمة وأنا أزعم أن ابني جعفرا عاق لي.
كانت أخت أحمد بن طولون صاحب مصر كثيرة السرف في إنفاق المال حتى أنها زوجت بعض لعبها فأنفقت على وليمة عرسها مائة ألف دينار فما مضى إلا قليل حتى رؤيت في سوق من أسواق بغداد وهي تسأل الناس.
اجتاز بعض الصالحين بدار فيها فرح وقائلة تقول في غنائها:
ألا يا دار لا يدخلك حزن ** ولا يزري بصاحبك الزمان

ثم اجتاز بها عن قريب وإذا الباب مسود وفي الدار بكاء وصراخ فسأل عنهم؟ فقيل: مات رب الدار فطرق الباب وقال: سمعت من هذه الدار قائلة تقول: كذا وكذا فبكت امرأة وقالت: يا عبد الله إن الله يغير ولا يتغير والموت غاية كل مخلوق فانصرف من عندهم باكيا.
بعث أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خلافته وفدا إلى اليمن فاجتازوا في طريقهم بماء من مياه العرب عنده قصور مشيدة وهناك مواش عظيمة ورقيق كثير ورأى نسوة كثيرة مجتمعات في عرس لهن وجارية بيدها دف تقول:
معاشر الحساد موتوا كمدا ** كذا نكون ما بقينا أبدا

فنزلوا بقربهم فأكرمهم سيد الماء واعتذر إليهم باشتغاله بالعرس فدعوا له وارتحلوا ثم إن بعض أولئك الوفد أرسلهم معاوية إلى اليمن فمروا بالقرب من ذلك الماء فعدلوا إليه لينزلوا فيه فإذا القصور المشيدة قد خربت كلها وليس هناك ماء ولا أنيس ولم يبق من تلك الآثار إلا تل خراب فذهبوا إليه فإذا عجوز عمياء تأوي إلى نقب في ذلك التل فسألوها عن أهل ذلك الماء فقالت: هلكوا كلهم فسألوها عن ذلك العرس المتقدم فقالت: كانت العروس أختي وأنا كنت صاحبة الدف فطلبوا أن يحملوها معهم فأبت وقالت: عزيز علي أن أفارق هذه العظام البالية حتى أصير إلى ما صارت إليه فبينما هي تحدثهم إذ مالت فنزعت نزعا يسيرا ثم ماتت فدفنوها وانطلقوا.
حمل إلى سليمان بن عبد الملك في خلافته من خراسان ستة أحمال مسك إلى الشام فأدخلت على ابنه أيوب وهو ولي عهده فدخل عليه الرسول بها في داره فدخل إلى دار بيضاء وفيها غلمان عليهم ثياب بياض وحليتهم فضة ثم دخل إلى دار صفراء فيها غلمان عليهم ثياب صفر وحليتهم الذهب ثم دخل إلى دار خضراء فيها غلمان عليهم ثياب خضر وحليتهم الزمرد ثم دخل على أيوب وهو وجاريته على سرير فلم يعرف أحدهما من الآخر لقرب شبههما فوضع المسك بين يديه فانتهبه كله الغلمان ثم خرج الرسول فغاب بضعة عشر يوما ثم رجع فمر بدار أيوب وهي بلاقع فسأل عنهم؟ فقيل له: أصابهم الطاعون فماتوا.