فصل: فائدة في بدل البعض من الكل وبدل المصدر من الاسم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فائدة في بدل البعض من الكل وبدل المصدر من الاسم:

في بدل البعض من الكل وبدل المصدر من الاسم وهما جميعا يرجعان في المعنى والتحصيل إلى بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة إلا أن البدل في هذين الموضعين لابد من إضافته إلى ضمير المبدل منه بخلاف بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة أما اتفاقهم في المعنى فإنك إذا قلت: رأيت القوم أكثرهم أو نصفهم فإنما تكلمت بالعموم وأنت تريد الخصوص وهو كثير شائع فأردت بعض القوم وجعلت أكثرهم أو نصفهم تبيينا لذلك البعض وأضفته إلى ضمير القوم كما كان الاسم المبدل مضافا إلى القوم فقد آل الكلام إلى أنك أبدلت شيئا من شيء وهما لعين واحدة وكذلك بدل المصدر من الاسم لأن الاسم من حيث كان جوهرا لا يتعلق به المدح والذم والإعجاب والحب والبغض إنما متعلق ذلك ونحوه صفات وأعراض قائمة به فإذا قلت: نفعني عبد الله علمه دل أن الذي نفعك منه صفة وفعل من أفعاله ثم بينت ذلك الوصف فقلت علمه أو إرشاده أو رويته فأضفت ذلك إلى ضمير الاسم كما كان الاسم المبدل منه مضافا إليه في المعنى فصار التقدير نفعني صفة زيد أو خصلة من خصاله ثم بينتها بقولك علمه أو إحسانه أو لقاؤه فآل المعنى إلى بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة وإذا تقرر هذا فلا يصح في بدل الاشتمال أن يكون الثاني جوهرا لأنه لا يبدل جوهر من عرض ولابد من إضافته إلى ضمير الاسم لأنه بيان لما هو مضاف إلى ذلك الاسم في التقدير والعجب من الفارسي يقول في قوله تعالى: {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} أنها بدل من الأخدود بدل اشتمال والنار جوهر قائم بنفسه ثم ليست مضافة إلى ضمير الأخدود وليس فيها شرط من شرائط الاشتمال وذهل أبو علي عن هذا وترك ما هو أصح في المعنى وأليق بصناعة النحو وهو حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فكأنه قيل أصحاب الأخدود أخدود النار ذات الوقود فيكون من بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة كما قال الشاعر:
رضيعي لبان ثدي أم تحالفا

على رواية الجر في ثدي أم أراد لبان ثدي فحذف المضاف. اهـ.

.فصل في قراءة: {صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين}:

قال السيوطي:
{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} أخرج وكيع وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري كلاهما في المصاحف من طرق عن عمر بن الخطاب. أنه كان يقرأ: {صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين}.
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن أبي داود وابن الأنباري عن عبد الله بن الزبير قرأ: {صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين} في الصلاة.
وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ: {عليهمي} بكسر الهاء والميم، واثبات الياء.
وأخرج ابن الأنباري عن الأعرج أنه كان يقرأ: {عليهمو} بضم الهاء والميم، وإلحاق الواو.
وأخرج ابن الأنباري عن عبد الله بن كثير أنه كان يقرأ: {أنعمت عليهمو} بكسر الهاء وضم الميم مع إلحاق الواو.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن إسحاق أنه قرأ: {عليهم} بضم الهاء والميم من غير إلحق واو.
وأخرج ابن أبي داود عن ابراهيم قال: كان عكرمة والأسود يقرآنها: {صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين}.
وأخرج الثعلبي عن أبي هريرة قال: {أنعمت عليهم} الآية السادسة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {صراط الذين أنعمت عليهم} يقول: طريق من أنعمت عليهم من الملائكة، والنبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين الذين أطاعوك وعبدوك.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {صراط الذين أنعمت عليهم} قال: المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في قوله: {صراط الذين} قال: النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه.
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله: {صرط الذين أنعمت عليهم} قال: النبيون: {غير المغضوب عليهم} قال: اليهود: {ولا الضالين} قال: النصارى.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد: {غير المغضوب عليهم} قال: اليهود: {ولا الضالين} قال: النصارى.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: اليهود والنصارى.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والبغوي في معجم الصحابة وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن شقيق قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى على فرس له، وسأله رجل من بني العين فقال: من المغضوب عليهم يا رسول الله؟ قال: «اليهود قال: فمن الضالون؟ قال: النصارى».
وأخرج ابن وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاصر أهل وادي القرى فقال له رجل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء: {المغضوب عليهم} يعني اليهود قال: يا رسول الله فمن هؤلاء الطائفة الأخرى؟ قال: هؤلاء: {الضالون} يعني النصارى.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الله بن شقيق عن أبي ذر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن: {المغضوب عليهم} قال: «اليهود. قلت: {الضالين} قال: النصارى».
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق عبد الله بن شقيق عن رجل من بلعين عن ابن عم له أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى فقلت: من هؤلاء عندك؟ قال: «{المغضوب عليهم} اليهود: {ولا الضالين} النصارى».
وأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره وسعيد بن منصور عن اسمعيل بن أبي خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «{المغضوب عليهم} اليهود: {والضالون} هم النصارى».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن {المغضوب عليهم} اليهود وإن: {الضالين} النصارى».
وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه والطبراني عن الشريد قال: مَرَّ بِي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري، واتكأت على الية يدي قال: «أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟».
وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود قال: {المغضوب عليهم} اليهود و: {الضالين} النصارى.
وأخرج ابن جريج عن مجاهد. مثله. قال ابن أبي حاتم: لا أعلم خلافًا بين المفسرين في تفسير: {المغضوب عليهم} باليهود: {والضالين} بالنصارى. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله تعالى: {صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} {صِرَاطَ الذِيْنَ} بدل منه، بدل كُلِّ مِنْ كُلّ، وهو بَدَلُ مَعْرِفَةٍ مِنْ مَعْرِفَةٍ.
والبدلُ سبعةُ أَقْسَامٍ على خلاف في بعضها: بدلُ كُلَ من كُلّ، ولد بَعْضٍ من كُلّ، وبدلُ اشتِمَالٍ، وبدلُ غَلَطٍ، وبدل نِسْيَان، وبدل بَدَاء، وبدل كُلّ من بعض. أما الأقسامُ الثلاثَةُ الأُوَلُ، فلا خلاَف فِيها.
وأما بدلُ البدَاء، فأثبته بعضُهم؛ مستدلًا بقوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «وإنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصلاَة، وما كتب له نِصْفُهَا ثُلُثُهَا رُبعُها إلى العُشُرِ» ولا يَرِدُ هذا القرآن الكريمِ.
وأما الغَلَطُ والنسْيَانُ: فأثبتهما بعضُهم؛ مُسْتَدِلًا بقول ذي الرُّمَّةِ: البسيط:
لَمْيَاءُ فِي شَفَتَيْهَا حُوَّة لَعَس ** وَفِي اللِّثاتِ وَفِي أَنْيَابِهَا شَنَبُ

قال: لأنَّ الحُوّة السّوادُ الخالِصُ، واللَّعَسُ سواد يشوبه حُمْرَة، ولا يرِدُ هذان البدلان في كَلاَمٍ فصيحٍ.
وأما بدل الكُلّ من البعض، فأثبته بعضهُم، مُسْتَدِلاَّ بظاهِر قوله: الخفيف:
نَضَرَ اللهُ أَعْظُمًا دَفَنُوهَا ** بِسِجِسْتَانَ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ

في رواية مَنْ نَصَبَ طَلْحَةَ، قال: لأنَّ الأَعْظُمَ بعضُ طَلْحَةَ، وطَلْحَةَ كُلّ وقد أُبْدِلَ منها؛ واستدلّ- أيضًا- بقول امرئ القيس الطويل:
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا ** لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

فغَدَاةَ بعضُ اليوم، وقد أُبْدِلَ اليوم منها.
ولا حُجَّةَ في البيتَيْنِ، أما الأولُ: فإنَّ الأَصْلَ أعظمًا دفنوها أَعْظَمَ طلحة ثم حُذِفَ المضافُ، وأُقيم المضافُ إليهِ مُقَامه؛ ويدلُّ على ذلك الروايةُ المشهورةُ وهي جَرُّ طَلْحَةَ على أن الأصل: أعظم طلحة ولم يَقُم المضاف إليه مقامَ المضاف.
وأما الثاني: فإنَّ اليَوْمَ يُطلقُ على القطعةِ من الزمان، كما تقدّم، وليس هذا موضعَ البَحْثِ عَن دَلائِلِ المذهبيْن.
وقيل: {الصراط} الثاني غير الأول، والمرادُ به: العلمُ بالله تعالى.
قاله جَعْفَرُ بنُ محمد رحمه الله تعالى: وعلى هذا فتخريجته أن يكونَ مَعْطُوفًا حُذِفَ منه حَرْفُ العَطْفِ، وبالجملة فهو مُشْكل.
والبدلُ ينقسمُ أيضًا إلى: بدل ظاهِر من ظاهرٍ: ومُضْمَرٍ مِنْ مُضْمَرٍ، وظاهرٍ مٍنْ مضمر، ومضمرٍ من ظاهر.
وفائدةُ البَدَلِ: الإيضاحُ بعد الإبْهَامِ؛ لأنهُ يُفِيدُ تأكيدًا من حَيْثُ المعنى، إذ هو على نيّةِ تَكْرَار العامل.
و {الذين} في مَحَلِّ جرٍّ بالإضافة، وهو اسمُ موصولٍ، لافتقاره إلى صلةٍ وعائدٍ، وهو جمع الذي في المعنى، والمشهورُ فيه أن يكونَ بالياءِ، رفعًا، ونصبًا، وجرًّا؛ وبعضُهم يرفعُه بالواوِ؛ جَرْيًا له مَجْرَى جَمْعِ المذكَّر السَّالم؛ ومنه: الرجز:
نَحْنُ الَّذُونَ صَبَّحُوا الصَّبَاحا ** يَومَ الفَسَادِ غَارَةً مِلْحَاحَا

وقد تُحْذَفُ نُونُه استِطَالةً بصلته؛ كقوله: الطويل:
وَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دمَاؤُهُمْ ** هُمُ الْقَوْمَ كُلُّ القَوْمِ يَا أُمِّ خَالِدِ

ولا يقع إلاّ على أولي العلم، ولا يقع مجرى جمع المذكر السَّالم، بخلاف مجرده فإنه يقع على أولي العلم وغيرهم.
و{أَنْعَمْتَ} فِعْل، وفاعل، صِلَة المَوْصُولِ.
والتاء في: {أنعمتَ} ضمير مرفوع مُتَّصل.
و{عليهم} جار ومجرور متعلّق ب: {أنعمتَ} والضميرُ هو العائدُ، وهو ضمير جمع المذكرين العقلاء، ويستوي فيه لفظ مُتَّصِلِهِ ومُنْفَصِلِهِ.
والهمزةُ في: {أنعمتَ} لجَعْلِ الشيءِ صَاحِبَ ما صِيَغَ منه، فحقُّه أن يَتَعَدَّى بِنَفْسِه، ولكن ضُمِّنَ معنى تَفَضَّلَ فَتَعَدَّى تَعْدِيَتُهُ.
وقرأ عمر بنُ الخَطّاب، وابنُ الزُّبَيْرِ رضي الله تعالى: {صِرَاطَ مَنْ أَنْعَمْتَ}.
ولأَفْعَلَ أربعة وعشرُونَ مَعْنى، تقدّمَ وَاحِد. والتعدِيَةُ؛ نحو: أَخْرَجْتُه.
والكثرةُ؛ نحو: أظْبَى المَكَانُ أَيْ: كَثُرَ ظِبَاؤُه.
والصَّيرورة؛ نحو: اَغَدَّ البَعِيرُ صار ذا غُدّة.
والإعانةُ؛ نحو: أَحْلَبْتُ فُلاَنًا أي: أعنتُه على الحَلْبِ.
والتَّشْكِيَةُ؛ نحو: أَشكيته أي: أزلتُ شِكَايَتَهُ.
والتَّعرِيضُ؛ نحوك أبعتُ المبتاعَ، أي: عرضتُه للبيع.
وإصابةُ الشيءِ بمعنى ما صيغ منه؛ نحو: أحمدتُه أي: وجدتُه محمودًا.
وبلوغُ عَدَدٍ؛ نحو: أعشَرتِ الدَّرَاهِمُ، أي: بلغتِ العَشَرَة.
أو بلوغُ زَمانٍ؛ نحو أصبح، أو مَكَانٍ؛ نحو أَشْأَمَ.
وموافقَةُ الثّلاثي؛ نحو: أحزتُ المكانَ بمعنى: حُزْتُهُ.
أَوْ أَغْنَى عن الثلاثي؛ نحو: أَرْقَلَ البعيرُ.
ومطاوعةُ فَعَلَ؛ نحو قَشَعَ الريح، فَأَقْشَع السّحابُ.
ومطاوعةُ فَعَّلَ؛ نحو: فَطَّرْتُهُ، فَأَفْطَرَ.
ونَفْيُ الغريزَةِ؛ نحو: أسرع.
والتَّسميةُ؛ نحو: أخطأتهُ، أَيْ: قلتُ له: سَقَاكَ الله تعالى.