فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
فى ناصب {يوم} أوجه:
أحدها: أنه منصوب بـ {قَدِيرٌ}، أي: قدير في ذلك اليوم العظيم، لا يقال: يلزم من ذلك تقييد قدرته بزمان؛ لأنه إذا قدر في ذلك اليوم الذي يُسْلَب فيه كلُّ أحدٍ قدرته، فلأنْ يقدرَ في غيره بطريق الأولى. وإلى هذا ذهب ابو بكر ابن الأنباري.
الثاني: أنه منصوب بـ {يُحَذِّرُكُمْ}، أي: يخوفكم عقابه في ذلك اليوم، وإلى هذا نحا أبو إسحاق، ورجحه.
ولا يجوز أن ينتصب بـ {يُحَذِّرُكُمْ} المتأخرة.
قال ابن الأنباري: لا يجوز أن يكون اليوم منصوبًا بـ {يُحَذِّرُكُمْ} المذكور في هذه الآية؛ لأن واو النسق لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
وعلى ما ذكره أبو إسحاق يكون ما بين الظرفِ وناصبه معترضًا، وهو كلامٌ طويلٌ، والفصل بمثله مستبعد، هذا من جهة الصناعة، وأما من جهة المعنى، فلا يصح؛ لأن التخويف لم يقع في ذلك اليوم؛ لأنه ليس زمانَ تكليف؛ لأن التخويف موجود، واليوم موعود، فكيف يتلاقيان؟
قال: أن يكون منصوبًا بالمصير، والتقدير: وإلى الله المصير يومَ تَجِدُ، وإليه نحا الزّجّاجُ- أيضا- وابن الأنباري ومكيٌّ، وغيرُهم، وهذا ضعيف على قواعد البصريين؛ للزوم الفصل بين المصدر ومعموله بكلامٍ طويلٍ.
وقد يقال: إن جُمَل الاعتراضِ لا يُبَالَى بها في الفصل، وهذا من ذاك.
الرابع: أن يكون منصوبًا باذكر مقدرًا، فيكون مفعولًا به لا ظرفًا، وقدر الطبريُّ الناصب له اتَّقُوا، وفي التقدير ما فيه من كونه على خلاف الأصلِ، مع الاستغناء عنه.
الخامس: أن العامل فيه ذلك المضاف المقدر قبل {نفسه}، أي: يحذركم اللهُ عقاب نفسه يوم تجد، فالعامل فيه {عقاب} لا {يحذركم} قاله أبو البقاء، وفي قوله: {لا يُحَذِّرُكُمْ} فرار عما أورد على أبي إسحاقَ كما تقدم.
السادس: أنه منصوب بـ {تَوَدُّ}.
قال الزمخشريُّ: {يَوْمَ تَجِدُ} منصوب بـ {تَوَدُّ} والضمير في {بينه} لليوم، أي: يوم القيامة حين تجد كل نفس خيرها وشرها تتمنى لو أن بينها، وبين ذلك اليوم، وهَوْله أمدًا بعيدًا.
وهذا ظاهر حسنٌ، ولكن في هذه المسألة خلافٌ ضعيف؛ جمهور البصريين والكوفيين على جوازها، وذهب الأخفشُ الفرّاءُ إلى مَنْعِهَا.
وضابط هذه المسألة أنه إذا كان الفاعلُ ضميرًا عائدًا إلى شيء مُتَّصِلٍ بمعمولِ الفعلِ نحو: ثَوْبَيْ أخَوْيك يلبسان، فالفاعل هو الألف، وهو ضمير عائد على أخويك المتصلين بمفعول يلبسان ومثله: غلام هندٍ ضربَتْ، ففاعل ضربت ضمير عائد على هند المتصلة بغلام المنصوب بضربت والآية من هذا القبيل؛ فإن فاعل {تَوَدُّ} ضميرٌ عائدٌ على نَفْس المتصلة بـ {يَوْمَ} لأنها في جملة أضِيفَ الظرفُ إلى تلك الجملةِ، والظرف منصوب بـ {تَوَدُّ}، والتقدير: يوم وُجدان كل نفس خيرها وشرها مُحْضَرَيْنِ تَوَدُّ كذا.
احتج الجمهور على الجواز بالسماع.
وهو قول الشاعر: [الخفيف]
أجَلَ الْمَرْءِ يَسْتَحِثُّ وَلاَ يَدْ ** ري إذَا يَبْتَغِي حصولَ الأمَانِي

ففاعل يستحثَ ضمير عائد على المرء المتصل بأجل المنصوب بيستحث.
واحتج المانعون بأن المعمول فضلة، يجوز الاستغناء عنه، وعَوْد الضمير عليه في هذه المسائل يقتضي لزوم ذكره، فيتنافى هذان السببان، ولذلك أجمع على منع زيدًا ضرب، وزيدًا ظن قائمًا، أي: ضرب نفسه، وظنها، وهو دليلٌ واضح للمانع لولا ما يرده من السماع كالبيت المتقدم وفي الفرق عُسْر بين: غلامَ زَيدٍ ضَرَبَ، وبين: زيدًا ضَرَبَ، حيث جاز الأول، وامتنع الثاني، بمقتضى العلة المذكورة.
قوله: {تجد} يجوز أن تكون المتعدية لواحد بمعنى تصيب، ويكون {محضرًا} على هذا منصوبًا على الحال، وهذا هو الظاهر، ويجوز أن تكون علمية، فتتعدى لاثنين:
أولهما {مَا عَمِلَتْ}.
والثاني {مُحْضَرًا} وليس بالقويّ في المعنى، وما يجوز فيها وجهان:
أظهرهما: أنها بمعنى الذي فالعائد- على هذا- مقدَّر، أي: ما عملته، وقوله: {مِنْ خَيْرٍ} حال، إما من الموصول، وإما من عائده، ويجوز أن تكون {مِنْ} لبيان الجنسِ.
ويجوز أن تكون ما مصدرية، ويكون المصدر- حينئذ- واقعًا موقع مفعول، تقديره: يوم تجد كلُّ نفس عملها- أي: معمولها- فلا عائد حينئذ عند الجمهور.
قوله: {وَمَا عَمِلَتْ مِن سواء تَوَدُّ} يجوز في ما هذه أن تكون منسوقة على ما التي قبلها بالاعتبارين المذكورَيْن فيها- أي: وتجد الذي عملته، أو وتجد عملها- أي: معمولها- من سوء. فإن جعلنا {تَجِدُ} متعديًا لاثنين، فالثاني محذوف، أي: وتجد الذي عملته من سوء محضرًا، أو وتجد عملها مُحْضَرًا، نحو علمت زيدًا ذاهبًا وبكرًا- أي: وبكرًا ذاهبًا- فحذفت مفعوله الثاني؛ للدلالة عليه بذكره مع الأول. وإن جعلناها متعدية لواحد، فالحال من الموصول أيضا- محذوفة، أي: تجده محضرًا- أى: في هذه الحال- وهذا كقولك: أكرمت زيدًا ضاحكًا وعمرًا- أي: وعمرًا ضاحكًا- حذفت حال الثاني؛ لدلالة حال الأول عليه-، وعلى هذا فيكون في الجملة من قوله: {تَوَدُّ} وجهان:
أحدهما: أن تكون في محل نصب على الحال من فاعل {عَمِلَتْ}، أي: وما عملته حال كونها وَادَّةً، أي: متمنّي البعد من السوءِ.
والثاني: أن تكون مستأنفةً، أخبر الله تعالى عنها بذلك، وعلى هذا لا تكونُ الآية دليلًا على القطع بوعيد المذنبين.
ووضع الكرم، واللطف هذا؛ لأنه نَصَّ في جانب الثوابِ على كونه مُحْضَرًا، وأما في جانب العقاب فلم ينصّ على الحضورِ، بل ذكر أنهم يودون الفرار منه، والبعد عنه، وذلك بَيِّنٌ على أن جانب الوعد أولى بالوقوع من جانب الوعيدِ.
ويجوز أن تكون ما مرفوعة بالابتداء، والخبر الجملة في قوله: {تَوَدُّ}، أي: والذي عملته وعملها تود لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا.
والضمير في {بَيْنَهُ} فيه وجهان:
أحدهما- وهو الظاهر- عوده على {مَا عَمِلَتْ}، وأعاده الزمخشري على {الْيَوْم}.
قال أبو حيّان: وأبعد الزمخشري في عوده على اليوم؛ لأن أحد القسمين اللذين أحْضِروا له في ذلك اليوم هو الخير الذي عمله، ولا يطلب تباعد وقت إحضار الخير، إلا بتجوُّز إذا كان يشتمل على الخير والشر، فتود تباعده؛ لتسلم من الشرِّ، ودعه لا يحصل له الخير. والأولى عوده على {وَمَا عَمِلَتْ مِن سواء}؛ لأنه أقربُ مذكورٍ؛ ولأن المعنى أن السوء تَتَمَنَّى في ذلك اليوم التباعُدَ منه.
فإن قيل: هل يجوز أن تكون ما هذه شرطية؟
فالجواب: أن الزمخشريَّ، وابن عطية مَنَعَا من ذلك، وَجَعَلا علة المنع عدم جزم الفعل الواقع جوابًا، وهو {تَوَدُّ}.
قال شهاب الدينِ: وهذا ليس بشيءٍ؛ لأنهم نَصُّوا على أنه إذا وقع فعلُ الشرطِ ماضيًا، والجزاء مضارعًا جاز في ذلك المضارع وجهان- الجزم والرفع- وقد سُمِعَا من لسان العرب، ومنه بيت زُهَيْر: [البسيط]
وَإنْ أتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْألةٍ ** يَقُولُ: لاَ غَائِبٌ مَالِي وَلاَ حَرمُ

ومن الجزم قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ} [هود: 15]، وقوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ} [الشورى: 20]، وقوله: {وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا} [الشورى: 20] فدل ذلك على أن المانع من شرطيتها ليس هو رَفْعَ تَودُّ.
وأجاب ابو حيّان بأنها ليست شرطية- لا لما ذكر الزمخشريُّ وابن عطيّة- بل لعلَّةٍ أخرى، قال: كنت سُئِلت عن قول الزمخشريِّ: فذكره ثم قال: ولنذكر هاهنا ما تمس إليه الحاجة بعد أن تقدم ما ينبغي تقديمه، فنقول: إذا كان فعل الشرط ماضيًا، وبعده مضارع تتم به جملة الشرط والجزاء جاز في ذلك المضارع، الجَزْمُ، وجاز فيه الرفعُ، مثال ذلك: إن قام زيد يَقُمْ- ويقوم عمرو، فأما الجزم فعلى جواب الشرط ولا نعلم في جواز ذلك خلافًا، وأنه فصيح، إلا ما ذكره صاحب كتاب الإعراب عن بعض النحويين أنه لا يجيء في الكلام الفصيح، وإنما يجيء مع {كان} كقوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} [هود: 15]، لأنها أصل الأفعال، ولا يجوز ذلك مع غيرها، وظاهر كلام سيبويه، وكلام الجماعة، أنه لا يختص ذلك بـ {كان} بل سائر الأفعال في ذلك مثل كأن.
وأنشد سيبويه للفرزدق: [البسيط]
دَسَّتْ رَسُولًا بِأنَّ الْقَوْمَ إنْ قَدَرُوا ** عَلَيْكَ يَشْفُوا صُدُورًا ذَاتَ تَوغِيرِ

وقال أيضا: [الطويل]
تَعَالَ فَإنْ عَاهَدتنِي لا تَخُونُنِي ** نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئْبُ يَصْطَجِبَانِ

وأما الرفع فإنه مسموع من لسان العرب كثيرًا.
قال بعض أصحابنا: هو أحسن من الجزم، ومنه بيت زهير السابق. ومثله- أيضا- قوله: [الطويل]
وَإنْ شُلَّ رَيْعَانُ الْجَمِيع مَخَافَةً ** نَقُولُ- جِهَارًا- وَيْلَكُمْ لا تُنَفِّرُوا

وقال أبو صخر: [الطويل]
وَلاَ بِالَّذِي إنْ بَانَ عَنْهُ حَبِيبُهُ ** يَقُول- وَيُخْفِي- الصَّبْرَ- إنِّي لَجَازعُ

وقال الآخر: [الطويل]
وَإنْ بَعُدُوا لا يَأمَنُونَ اقْتِرَابَهُ ** تَشَوُّفَ أهْلِ الْغَائِبِ الْمُتَنَظَّرِ

وقال الآخر: [الطويل]
فَإنْ كَأن لا يُرْضِيكَ حَتَّى تَرُدَّنِي ** إلَى قَطَرِيٍّ لا إخَالُكَ رَاضِيا

وقال الآخر: [البسيط]
إنْ يُسْألُوا الْخَيْرَ يُعْطُوهُ وَإنْ خُبِرُوا ** فِي الجَهْدِ أدْرَكَ مِنْهُمْ طيبُ أخْبَارِ

قال شهاب الدين: هكذا ساق هذا البيتَ في جملة الأبيات الدالة على رفع المضارع، ويدل على ذلك أنه قال- بعد إنشاده هذه الأبيات كلَّها-: فهذا الرفع- كما رأيت- كثير.
وهذا البيتُ ليس من ذلك؛ لأن المضارع فيه مجزوم- وهو يُعْطُوه- وعلامة جزمهِ سقوط النون فكان ينبغي أن ينشده حين أنشد: دَسَّتْ رَسُولًا، وقوله: تعال فإن عاهدتني.
وقال: فهذا الرفع كثير- كما رأيت- ونصوص الأئمة على جوازه في الكلام- وإن اختلفت تأويلاتُهم كما سنذكره- وقال صاحبنا أبو جعفر أحمد بن عبد النور بن رشيد المالقي- وهو مصنف كتاب رصف المباني- رحمه الله-: لا أعلم منه شيئًا جاء في الكلام، وإذا جاء فقياسه الجزم؛ لأنه أصل العمل في المضارع- تقدم الماضي أو تأخَّر- وتأوَّل هذا المسموعَ على إضْمَار الفاء، وجملة مثل قول الشاعر: [الرجز]
.............................. ** أنك إنْ يُصْرَعْ أخُوكَ تُصْرَعُ

على مذهب من جعل الفاءَ منه محذوفة.
وأما المتقدمون فاختلفوا في تخريج الرَّفعِ.
فذهب سيبويه إلى أن ذلك على سبيل التقديم، وأنَّ جوابَ الشرط ليس مذكورًا عِنْدَه، وذهب المبردُ والكوفيون إلى أنه هو الجواب، وإنما حُذِفَ منه الفاءُ، والفاء يُرْفَع ما بعدها، كقوله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ الله مِنْهُ} [المائدة: 95] فأعْطِيَتْ- في الإضمار- حكمَها في الإظهار.
وذهب غيرهما إلى أن المضارعَ هو الجوابُ بنفسه- أيضا- كالقول قبله، إلا أنه ليس معه فاء مقدرة قالوا: لكن لما كان فعلُ الشرط ماضيًا، لا يظهر لأداة الشرط فيه عملٌ ظاهِرٌ استضعفوا أداةَ الشرط، فلم يُعْمِلُوها في الجواب؛ لضَعْفِها، فالمضارع المرفوع- عند هذا القائل- جواب بنفسه من غير نية تقديم، ولا على إضمار الفاء، وإنما لم يُجْزَم لما ذُكِر، وهذا المذهب والذي قبله ضعيفان.
وتلخص من هذا الذي قلناه- أن رَفْعَ المضارع لا يمنع أن يكون ما قبله شرطًا، لكن امتنع أن يكون {وما عملت} شرطًا لعلة أخرى- لا لكون {تَوَدُّ} مرفوعًا، وذلك على ما تقرَّر من مذهب سيبويه أن النية بالمرفوع التقديم، وأنه- إذ ذاك- دليل على الجواب لا نفس الجواب، فنقول: لما كان {تَوَدُّ} مَنويًا به التقديم أدَّى إلَى تقديم المُضْمَ رعلى ظاهرهِ في غير الأبوابِ المستثناة في العربية، ألا ترى أن الضمير في قوله: {وَبَيْنَه} عائد على اسم الشرط- الذي هو ما- فيصير التقدير: تَوَدُّ كلُّ نفسٍ لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا ما عملت من سوء، فلزم هذا التقدير تقديم المضمر على الظاهر، وذلك لا يجوز.
فإن قلت: لم لا يجوز ذلك والضمير قد تأخَّر عن اسم الشرط وإن كانت نيتُه التقديمَ فقد حصل عَوْدُ الضمير على الاسم الظاهر قَبْلَه، وذلك نظير: ضرب زيدًا غلامُه، فالفاعل رُتْبته التقديمُ، ووجب تأخيره لصحة عود الضمير؟
فالجواب: أن اشتمال الدليل على ضمير اسم الشرط يوجب تأخيره عنه؛ لعود الضمير، فيلزم من ذلك اقتضاء جملة الشرط لجملة الدليل، وجملة الشرط إنما تقتضي جملة الجزاء- لا دليله- ألا ترى أنها ليست بعاملة في جملة الدليل؟ بل إنها تعمل في جملة الجزاء، وجملة الدليل لا موضع لها من الإعراب، وإذا كان كذلك تدافَع الأمر؛ لأنها من حيث هي جملة دليل لا يقتضيها فعل شرط، ومن حيث عَوْد الضمير على اسم الشرط اقتضاها، فتدافَعَا، وهذا بخلاف: ضرب زيد أخاه؛ فإنها جملة واحدة، والفعل عامل في الفاعل والمفعول معًا، فكل واحد منهما يقتضي صاحبه، ومن ذلك جاز- عند بعضهم- ضرب غلامُها هندًا، لاشتراك الفاعل- المضاف إلى الضمير- والمفعول الذي عاد عليه الضمير- في العامل، وامتنع ضرب غلامُها جازَ عنده؛ لعدم الاشتراك في العامل، ففرق ما بين المسألتين، ولا يُحْفَظ من لسان العربِ: أوَدُّ لو أني أكْرمه أبا ضربتُ هِندٍ؛ لأنه يلزم منه تقديم المُضْمَر على مفسِّره- في غير المواضع التي ذكرها النحويون- فلذلك لا يجوز تأخيره. انتهى.
وقد جوَّز ابو البقاء كونَها شرطية، ولم يلتفت لما مَنَعُوا به ذلك، فقال: والثاني- أنها شرط وارتفع {تَوَدُّ} على إرادة الفاء، أي: فهو تود.
ويجوز أن يرتفع من غير تقدير حذف؛ لأن الشرط- هنا- ماضٍ، وإذا لم يظهر في الشرط لفظ الجزم جاز في الجزاء الوجهان: الجزم والرفع.
[وقد تقدم تحقيق القول في ذلك، فالظاهر موافقته للقول الثالث من تخريج الرفع في المضارع كما تقدم تحقيقه وقرأ...] عبد الله وابن أبي عبلة: {ودت}- بلفظ الماضي- وعلى هذه القراءة يجوز في ما وجهان:
أحدهما: أن تكون شرطية، وفي محلها- حينئذ- احتمالان.