فصل: من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله}:

.قال ابن عادل:

قوله: {وأبرئ الأكمه} وأبرئ عطف على {أخْلُقُ} فهو داخل في خبر {أنِّي}.
يقال: أبرأت زيد عن العاهة ومن الدِّيْن، وبَرَّأتك من الدين- بالتضعيف. وبَرَأت من المرض أبْرأ وبَرِئْتُ- أيضا- وأما برئت من الدَّيْنِ ومن الذَّنْب، فبَرِئْتُ لا غَيْرُ.
وقال الأصمعيُّ: برئتُ من المرض لغةُ تَمِيم، وبَرَأتُ لغَةُ الحجازِ.
قال الراغبُ: بَرَأتُ من المرض وَبَرئْتُ، وَبَرَأت من فلان، فالظاهرُ من هذا أنه لا يقال الوجهان- أعني فتح الراء وكسرها- إلا في البراءة من المرض ونحوه. وأما الدَّيْنُ والذَّنْبُ ونحوهما، فالفتح ليس إلا.
والبراءة: التخلص من الشيء المكروه مجاورته؛ وكذلك التَّبَري والبراء.
فصل:
من وُلِدَ أعْمَى، يقال: كَمِه يَكْمَهُ فهو أكْمَه.
قال رؤبة: [الرجز]
فَارْتَدَّ عَنْهَا كَارْتِدَادِ الأكْمَهِ ** يقال: كمهتها، أي: أعميتها.

قال الزمخشريُّ والراغبُ وغيرُهما: الأكمهُ: من وُلِدَ مطموس العينين، وهو قول ابنِ عباس وقتادة.
قال الزمخشري: ولم يوجد في هذه الأمة أكمه غير قتادة صاحب التفسير.
قال الراغب: وقد يُقال لمن ذَهَبَتْ عينُه: أكمه.
قال سُوَيد: [الرمل]
كَمِهَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى ابْيَضّتَا

قال الحسنُ والسُّدِّيُّ: هو الأعمى.
وقال عكرمةُ: هو الأعمش.
وقال مجاهد: هو الذي يبصر بالنهار ولا يُبْصر بالليل.
والبرص: داء معروف، وهو بياضٌ يَعْتَري الإنسانَ، ولم تكن العربُ تنْفر من شيء نُفْرَتَها منه، ويُقال: برص يبرص بَرَصًا، أي: أصابه ذلك، ويقال له: الوَضَح، وفي الحديث: «وَكَانَ بِهَا وَضَحٌ». والوضَّاح من ملوك العرب هابوا أن يقولوا له: الأبرص. ويقال للقمر: أبْرَص؛ لشدة بياضِه.
وقال الراغب وللنكتة التي عليه وليس بِظَاهِرٍ، فَإنَّ النُّكْتَةَ التي عليه سوداء، والوزغ سامٌّ أبرص، سُمِّيَ بذلك؛ تشبيهًا بالبرص، والبريص: الذي يَلْمَع لمعان البرص ويقارب البصيص. اهـ.

.قال الفخر:

ذهب أكثر أهل اللغة إلى أن الأكمه هو الذي ولد أعمى، وقال الخليل وغيره هو الذي عمي بعد أن كان بصيرًا، وعن مجاهد هو الذي لا يبصر بالليل، ويقال: أنه لم يكن في هذه الأمة أكمه غير قتادة بن دعامة السدوسي صاحب التفسير، وروي أنه عليه الصلاة والسلام ربما اجتمع عليه خمسون ألفًا من المرضى من أطاق منهم أتاه، ومن لم يطق أتاه عيسى عليه السلام، وما كانت مداواته إلا بالدعاء وحده، قال الكلبي: كان عيسى عليه السلام يحيي الأموات بيا حي يا قيوم وأحيا عاذر، وكان صديقًا له، ودعا سام بن نوح من قبره، فخرج حيًا، ومرّ على ابن ميت لعجوز فدعا الله، فنزل عن سريره حيًا، ورجع إلى أهله وولد له، وقوله: {بِإِذُنِ الله} رفع لتوهم من اعتقد فيه الإلهية. اهـ.

.قال ابن عادل:

إنما خَصَّ هذين المرضَيْن لأنهما أعْيا الأطباء، وكان الغالب في زمن عيسى عليه السلام الطبَّ، فأراهم الله المعجزة من جنس ذلك. اهـ.

.قال الألوسي:

كان دعاؤه الذي يدعو للمرضى والزمنى والعميان والمجانين وغيرهم اللهم أنت إله من في السماء وإله من في الأرض لا إله فيهما غيرك وأنت جبار من في السماء وجبار من في الأرض لا جبار فيهما غيرك وأنت ملك من في السماء وملك من في الأرض لا ملك فيهما غيرك قدرتك في الأرض كقدرتك في السماء وسلطانك في الأرض كسلطانك في السماء أسألك باسمك الكريم ووجهك المنير وملكك القديم أنك على كل شيء قدير ومن خواص هذا الدعاء كما قال وهب أنه إذا قرئ على الفزع والمجنون وكتب له وسقى منه نفع إن شاء الله تعالى. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

قال في ملاك التأويل:
قوله سبحانه: {ورسولا إلى بنى إسرائيل أنى قد جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله وأنبئكم ما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم}، وقال في المائدة: {وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذنى فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذنى وتبرئ الأكمه والأبرص بإذنى وإذ تخرج الموتى بإذنى...} الآية، للسائل أن يسأل عن تذكير الضمير وتأنيثه وعن وجه تكرير قوله تعالى: {بإذنى} في آية المائدة مضافا إلى ضميره سبحانه في أربعة مواضع مع وجازة الكلام وتقارب ألفاظ الآية وقد جرى هذا الغرض في آية آل عمران فورد فيها ذلك في موضعين خاصة مضافا من اسمه سبحانه؟
والجواب عن السؤال الأول بعد تمهيد الجواز في تذكير الضمير في قوله: {فأنفخ فيه} في الآية الأولى وتأنيثه في الآية الثانية {فأنفخ فيها} مع اتحاد ما يعود عليه. فأقول وأسأل الله توفيقه: قال الزمخشرى في الأولى: الضمير للكاف أي في ذلك الشيء المماثل لهيئة الطير فيكون طيرا أي فيصير طائرا كبقية الطيور، وقال في قوله: {فتنتفخ فيها} الضمير للكاف لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى وينفخ فيها ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست من خلقه ولا نفخه في شيء قال وكذلك الضمير في تكون انتهى نص كلامه وهو بين.
وبقى السؤال عن وجه تخصيص كل من الموضعين بالوارد فيه وهو مقصودنا في هذا الكتاب، وعن وجه التكرار في قوله تعالى في سورة المائدة {بإذنى} في أربعة مواضع مع وجازة الكلام وتقارب ألفاظ الآية؟
الجواب عن وجه التخصيص والله أعلم: أن الترتيب الذي استقر عليه القرآن في سوره وآياته أصل مراعى وقد تقدم بعض إشارة إلى ذلك ولعلنا سنزيد في بيانه إن شاء الله وعودة الضمير على اللفظ وما يرجع إليه أولى وعودته على المعنى ثان عن ذلك وكلا التعبيرين عال فصيح فعاد في آية آل عمران على الكاف لأنها تعاقب مثل وهو مذكر فهذا لحظ لفظى ثم عاد في آية المائدة إلى الكاف من حيث هي في المعنى صفة لأن المثل صفة في التقدير المعنوى فحصل مراعاة المعنى ثانيا على ما يجب كما ورد في قوله تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله} بعودة الضمير من يقنت مذكرا رعيا للفظ {من}، ثم قال: وتعمل بالتاء رعيا للمعنى وهو كثير وقد بينا أن رعى اللفظ في ذلك هو الأولى فجرى في آية آل عمران على ذلك لأنها متقدمة في الترتيب وجرى في آية المائدة على ما هو ثان إذ هي ثانية في الترتيب وذلك على ما يجب.
وجواب ثان: وهو أنه قد ورد قبل ضمير آية آل عمران من لدن قوله تعالى: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم} إلى قوله: {فأنفخ فيه} نحو من عشرين ضميرا من ضمائر المذكر فورد الضمير في قوله: {فأنفخ فيه} ضمير مذكر ليناسب ما تقدمه ويشاكل الأكثر الوارد قبله.
أما آية العقود فمفتتحة بقوله تعالى: {اذكر نعمتى عليك} وخلقه الطائر ونفخه فيه من أجل نعمه تعالى عليه لتأييده بذلك فناسب ذلك تأنيث الضمير ولم تكثر الضمائر هنا ككثرتها هناك فجاء كل من الآيتين على أتم مناسبة.
والجواب عن السؤال الثانى: وهو تكرر قوله تعالى: {بإذنى} في آية المائدة أربع مرات مع تقارب الألفاظ؟ ووجه أن آية آل عمران إخبار وبشارة لمريم بما منح لبنها عيسى عليه السلام وبمقاله عليه السلام لبنى إسرائيل تعريفا برسالته وتحديا بمعجزاته وتبرئا من دعوى استبداد أو انفراد بقدرة في مقاله: {أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله} إلى قوله تعالى: {إن في ذلك لآية لكم} إلى ما بعده ولم تتضمن هذه الآية غير البشارة والإعلام وأما آية المائدة فقصد بها غير هذا وبنيت على توبيخ النصارى وتعنيفهم في مقالهم في عيسى عليه السلام فوردت متضمنة عده سبحانه إنعامه على نبيه عيسى عليه السلام على طريقة تجارى العتب وليس بعتب تقريرا يقطع بمن وقع في العظيمة ممن عبده ومثل ذلك فيما يجرى بيننا ولكلام الله سبحانه وتعالى المثل الأعلى قول القائل لعبده الأحب إليه المتبرئ من عصيانه: ألم أفعل لك كذا ألم أعطك كذا ويعدد عليه نعما ثم يقول: أفعل لك ذلك غيرى؟، هل أحسنت إلى فلان إلا بما أعطيتك؟، هل قهرت عدوك إلا بمعونتى لك؟ فيقصد السيد بهذا قطع تخيل من ظن أن ما كان من هذا العبد من إحسان إلى أحد أو إرغام عدو أن ذلك من قبل نفسه مستبدا به وليس من قبل سيده فإذا قرره السيد على هذا واعترف العبد بأن ذلك كما قال السيد انقطعت حجة من ظن خلافه وتوهم استقلال العبد فعلى هذا النحو والله أعلم وردت الآية الكريمة ولذلك تكرر فيها ما تكرر مع الآيات قوله تعالى: {بإذنى} وتكرر ذلك أربع مرات عقب أربع آيات مما خص به عليه السلام من خلق الطير والنفخ فيه فيحيا وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وهى من الآيات التي ضل بسببها من ضل من النصارى وحملتهم على قولهم بالتليث تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله} فأعلم الله سبحانه وتعالى أن تلك الآيات بإذنه.
وأكد ذلك تأكيدا يرفع توهم حول أو قوة لغير الله سبحانه أو استبداد ممن ظنه ونزه نبيه عيسى عليه السلام عن نسبة شيء من ذلك لنفسه مستقلا بإيجاده أو ادعاء فعل شيء إلا بقدرة ربه سبحانه وإذنه وبرأه من شنيع مقالتهم.
ويزيد هذا الغرض بيانا ما أعقبت به هذا الآية من قوله تعالى: {وإذ قال الله يا عيسى بن مريم ءأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهيين من دون الله...} الآيات فهل هذا للنصارى إلا أعظم توبيخ وتقريع والمقصود منه جواب عيسى عليه السلام بقوله في إخبار الله سبحانه عنه: {ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق} فافتتح بتنزيه ربه ثم نفى عن نفسه ما نسبوا إليه وأتبع بالتبرى والتسليم لربه فقال: {إن كنت قلته فقد علمته} فآية آل عمران بشارة وإخبار لمريم وآية المائدة واردة فيما يقوله سبحانه لعيسى عليه السلام توبيخا للنصارى كما بينا فلما اختلف القصدان اختلفت العبارتان. اهـ.

.سؤال وجواب:

فإن قال قائل: وكيف قيل: {فأنفخ فيه}، وقد قيل: {أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير}؟
قيل: لأن معنى الكلام: فأنفخ في الطير. ولو كان ذلك: {فأنفخ فيها}. كان صحيحًا جائزًا، كما قال في المائدة: {فَتَنْفُخُ فِيهَا)} [سورة المائدة: 110]: يريد: فتنفخ في الهيئة.
وقد ذكر أن ذلك في إحدى القراءتين: {فأنفخها}، بغير في. وقد تفعل العرب مثل ذلك فتقول: رب ليلة قد بتُّها، وبتُّ فيها، قال الشاعر:
مَا شُقَّ جَيْبٌ وَلا قَامَتْكَ نَائِحَةٌ ** وَلا بَكَتْكَ جِيَادٌ عِنْدَ أَسْلابِ

بمعنى: ولا قامت عليك، وكما قال الآخر:
إحْدَى بَنِي عَيِّذِ اللهِ اسْتَمَرَّ بِهَا ** حُلْوُ العُصَارَةِ حَتَّى يُنْفَخَ الصُّوَرُ

.اهـ.

.فائدة لغوية:

قال ابن عادل:
قوله: {بِمَا تَأْكُلُونَ} يجوز في ما أن تكون موصولةً- اسميَّة أو حرفيَّة- ونكرة موصوفة. فعلى الأول والثالث تحتاج إلى عامل بخلاف الثاني- عند الجمهور- وكذلك ما في قوله: {وَمَا تَدَّخِرُونَ} محتملة لما ذكر. وأتى بهذه الخوارق الأربع بلفظ المضارع؛ دلالةً على تجدُّد ذلك كلَّ وقتٍ طُلِبَ منه. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَأُنَبّئُكُم بِمَا تَأْكُلُون وَمَا تَدَّخِرُونَ في بُيُوتِكُمْ}:

.قال الفخر:

في هذه الآية قولان:
أحدهما: أنه عليه الصلاة والسلام كان من أول مرة يخبر عن الغيوب، روى السدي: أنه كان يلعب مع الصبيان، ثم يخبرهم بأفعال آبائهم وأمهاتهم، وكان يخبر الصبي بأن أمك قد خبأت لك كذا فيرجع الصبي إلى أهله ويبكي إلى أن يأخذ ذلك الشيء ثم قالوا لصبيانهم: لا تلعبوا مع هذا الساحر، وجمعوهم في بيت، فجاء عيسى عليه السلام يطلبهم، فقالوا له، ليسوا في البيت، فقال: فمن في هذا البيت، قالوا: خنازير قال عيسى عليه السلام كذلك يكونون فإذا هم خنازير.
والقول الثاني: إن الأخبار عن الغيوب إنما ظهر وقت نزول المائدة، وذلك لأن القوم نهوا عن الادخار، فكانوا يخزنون ويدخرون، فكان عيسى عليه السلام يخبرهم بذلك. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَأُنَبّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ في بُيُوتِكُمْ} ما في الموضعين موصولة، أو نكرة موصوفة والعائد محذوف أي تأكلونه وتدخرونه والظرف متعلق بما عنده وليس من باب التنازع، والادخار الخبء وأصل تدخرون تذتخرون بذال معجمة فتاء فأبدلت التاء ذالًا ثم أبدلت الذال دالًا وأدغمت، ومن العرب من يقلب التاء دالًا ويدغم، وقد كان هذا الأخبار بعد النبوة وإحيائه الموتى عليه السلام على ما في بعض الأخبار، وقيل: قبل، فقد أخرج ابن عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: كان عيسى عليه السلام وهو غلام يلعب مع الصبيان يقول لأحدهم: تريد أن أخبرك ما خبأت لك أمك؟ فيقول: نعم فيقول: خبأت لك كذا وكذا فيذهب الغلام منهم إلى أمه فيقول لها: أطعميني ما خبأت لي فتقول: وأي شيء خبأت لك؟ فيقول: كذا وكذا فتقول: من أخبرك؟ ا فيقول: عيسى ابن مريم فقالوا: والله لأن تركتم هؤلاء الصبيان مع عيسى ليفسدنهم فجمعوهم في بيت وأغلقوه عليهم فخرج عيسى يلتمسهم فلم يجدهم حتى سمع ضوضاهم في بيت فسأل عنهم فقال: ما هؤلاء أكان هؤلاء الصبيان؟ قالوا: لا إنما هي قردة وخنازير قال: اللهم اجعلهم قردة وخنازير فكانوا كذلك، وذهب بعضهم أن ذلك كان بعد نزول المائدة وأيد بما أخرجه عبد الرزاق وغيره عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه في الآية أنه قال: {وَأُنَبّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ} من المائدة {وَمَا تَدَّخِرُونَ} منها، وكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يدخروا فادخروا وخانوا فعلوا قردة وخنازير، ويمكن أن يقال: إن كل ذلك قد وقع وعلى سائر التقادير فالمراد الأخبار بخصوصية هذين الأمرين كما يشعر به الظاهر، وقيل: المراد الأخبار بالمغيبات إلا أنه قد اقتصر على ذكر أمرين منها ولعل وجه تخصيص الأخبار بأحوالهم لتيقنهم بها فلا يبقى لهم شبهة، والسر في ذكر هذين الأمرين بخصوصهما أن غالب سعي الإنسان.
وصرف ذهنه لتحصيل الأكل الذي به قوامه والادخار الذي يطمئن به أكثر القلوب ويسكن منه غالب النفوس فليفهم. اهـ.

.قال الفخر:

الأخبار عن الغيوب على هذا الوجه معجزة، وذلك لأن المنجمين الذين يدعون استخراج الخير لا يمكنهم ذلك إلا عن سؤال يتقدم ثم يستعينون عند ذلك بآلة ويتوصلون بها إلى معرفة أحوال الكواكب، ثم يعترفون بأنهم يغلطون كثيرًا، فأما الأخبار عن الغيب من غير استعانة بآلة، ولا تقدم مسألة لا يكون إلا بالوحي من الله تعالى. اهـ.