فصل: قال ابن عادل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عادل:

قوله: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله} من باب المقابلة، أي: لا يجوز أن يوصف- تعالى- بالمكر إلاَّ لأجْل ما ذُكِرَ معه من لفظ آخر مسند لمن يليق به. هكذا قيل، وقد جاز ذلك من غير مقابلة في قوله: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ الله فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم} [الأعراف: 99] والمكر في اللغة أصله الستر، يقال: مكر اللَّيْلُ، أي أظلم وستر بظلمته ما فيه.
قال القرطبي: وأصل المكر في اللغة: الاحتيال والخِداع، والمكر: خَدَالةُ الساق، والمكر: ضَرْب من النبات ويقال: بل هو المَغْرَة، حكاه ابنُ فارس، قالوا: واشتقاقه من المكر، وهو شجر ملقف، تخيلوا منه أن المكر منه أن المكر يلتفّ بالممكور به ويشتمل عليه، وامرأة ممكورة الخَلْق، أي: ملتفة الجسم، وكذا ممكورة البَطْن.
ثم أطلق المكر على الخُبْث والخداع، ولذلك عبر عنه بعض أهل اللغة بأنه السعيُ بالفساد، قال الزّجّاجُ هو من مكر الليل وأمكر أي أظلم، وعب ربعضهم عنه فقال هو صرف الغير عما يقصده بحيلةٍ، وذلك ضربان: محمود، وهو أن يتحرَّى به فِعْلَ جَميلٍ، وعلى ذلك قوله: {والله خَيْرُ الماكرين}. ومذموم، وهو أن يتحرَّى به فعل قبيح، نحو: {وَلاَ يَحِيقُ المكر السيئ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43]. اهـ.

.قال الشنقيطي:

لم يبين هنا مكر اليهود بعيسى ولا مكر الله باليهود، ولكنه بين في موضع آخر أن مكرهم به محاولتهم قتله، وذلك في قوله: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ رَسُولَ الله} [النساء: 157] وبين أن مكره بهم إلقاؤه الشبه على غير عيسى وإنجاؤه عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وذلك في قوله: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ولكن شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]، وقوله: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ} [النساء: 157- 158] الآية. اهـ.

.قال الفخر:

المكر عبارة عن الاحتيال في إيصال الشر، والاحتيال على الله تعالى محال فصار لفظ المكر في حقه من المتشابهات وذكروا في تأويله وجوهًا أحدها: أنه تعالى سمى جزاء المكر بالمكر، كقوله: {وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا} [الشورى: 40] وسمى جزاء المخادعة بالمخادعة، وجزاء الاستهزاء بالاستهزاء.
والثاني: أن معاملة الله معهم كانت شبيهة بالمكر فسمي بذلك الثالث: أن هذا اللفظ ليس من المتشابهات، لأنه عبارة عن التدبير المحكم الكامل ثم اختص في العرف بالتدبير في إيصال الشر إلى الغير، وذلك في حق الله تعالى غير ممتنع والله أعلم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
عطف على جملة {فلما أحس عيسى منهم الكفر} فإنّه أحس منهم الكفر وأحس منهم بالغدر والمكر.
وضمير مكروا عائد إلى ما عاد إليه ضمير منهم وهم اليهود وقد بَيّن ذلك قوله تعالى، في سورة الصف (14): {قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة} والمكر فعل يُقصد به ضر ضُرُّ أحَد في هيئة تخفى عليه، أو تلبيس فعل الإضرار بصورة النفع، والمراد هنا: تدبير اليهود لأخذ المسيح، وسعيُهم لدى ولاة الأمور ليمكّنوهم من قتله.
ومَكْرُ الله بهم هو تمثيل لإخفاق الله تعالى مساعيَهم في حال ظنهم أن قد نجحت مساعيهم، وهو هنا مشاكلة.
وجَازَ إطلاق المكر على فعل الله تعالى دونَ مشاكلة كما في قوله: {أفأمنوا مكر الله} (99) في سورة الأعراف وبعض أساتذتنا يسمي مثل ذلك مشاكلة تقديرية.
ومعنى: {والله خير الماكرين} أي أقواهم عند إرادة مقابلة مكرهم بخذلانه إياهم.
ويجوز أن يكون معنى خير الماكرين: أنّ الإملاء والاستدراج، الذي يقدّره للفجّار والجبابرة والمنافقين، الشبيه بالمَكر في أنه حَسَن الظاهر سَيّء العاقبة، هو خير محض لا يترتّب عليه إلاّ الصلاح العام، وإن كان يؤذي شخصًا أو أشخاصًا، فهو من هذه الجهة مجرّد عما في المكر من القُبح، ولذلك كانت أفعاله تعالى منزّهة عن الوصف بالقبح أو الشناعة، لأنها لا تقارنها الأحوال التي بها تقبح بعض أفعال العباد؛ من دلالة على سفاهة رَأي، أو سوء طوية، أو جُبن، أو ضُعف، أو طَمع، أو نحو ذلك.
أي فإن كان في المكر قبْح فمكر الله خير محض، ولك على هذا الوجه أن تجعل {خَيْر} بمعنى التفضيل وبدونه. اهـ.

.قال ابن عطية:

المكر في اللغة، السعي على الإنسان دون أن يظهر له ذلك، بل أن يبطن الماكر ضد ما يبدي، وقوله: {والله خير الماكرين} معناه في أنه فاعل في حق في ذلك، والماكر من البشر فاعل باطل ففي الأغلب، لأنه في الأباطيل يحتاج إلى التحيل، والله سبحانه أشد بطشًا وأنفذ إرادة، فهو خير من جهات لا تحصى، لا إله إلا هو. اهـ.

.قال الثعالبي:

{وَمَكَرُواْ}، يريدُ في تحيُّلهم في قتله بزعمهم فهذا هو مَكْرُهُمْ، فجازاهم الله تعالى؛ بأنْ طرح شَبَهَ عيسى على أحد الحواريِّين؛ في قول الجمهور، أو على يهوديٍّ منهم كَانَ جَاسُوسًا، وأعقبَ بَنِي إسرائيل مذلَّةً وهَوَانًا في الدُّنيا والآخرة، فهذه العُقُوبة هي التي سَمَّاها الله تعالى مَكْرًا في قوله: {وَمَكَرَ الله}، وذلك مَهْيَعٌ أنْ تسمَّى العقوبةُ باسم الذنب.
وقوله: {والله خَيْرُ الماكرين}: معناه: فاعلُ حقٍّ في ذلك، وذكر أبو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ في تحبيره، قال: سُئِلَ مَيْمُونٌ، أحسبه: ابن مِهْرَانَ؛ عن قوله تعالى: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله} فقال: تخليتُهُ إياهم، مع مَكْرهم هو مَكْرُهُ بهم. انتهى. ونحوه عن الجُنَيْدِ، قال الفَرَّاء: المَكْرُ من المخْلُوقِ الْخِبُّ والحِيلَة، ومِنَ الإله الاِسْتِدْرَاجُ، قال الله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} [القلم: 44] قال ابن عبَّاس: كُلَّما أحْدَثُوا خطيئةً، أحدثنا لَهُمْ نعمة. انتهى. اهـ.

.قال في روح البيان:

أيها العبد خف من وجود إحسان مولاك إليك ودوام إساءتك معه في دوام لطفه بك وعطفه عليك أن يكون استدراجا لك حتى تقف معها وتغتر لها وتفرح لما أوتيت فتؤخذ بغتة قال الله تعالى: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}.
قال سهل رضى الله عنه في معنى هذه الآية نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها فإذا ركنوا إلى النعمة وحجبوا عن المنعم أخذوا.
وقال أبو العباس ابن عطاء يعنى كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه أن يسيئ الأدب بإظهار دعوى أو تورط في بلوى فتؤخر العقوبة عنه إمهالا له فيظنه إهمالا فيقول لو كان هذا سوء أدب لقطع الإمداد وأوجب الإبعاد اعتبارا بالظاهر من الأمر من غير تعريج على ما وراء ذلك وما ذاك إلا لفقد نور بصيرته أو ضعف نورها وإلا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن أنه متوفر في عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد إلا منع المزيد لكان قطعا لأن من لم يكن في زيادة فهو في نقصان.
ولو لم يكن من الإبعاد إلا أن يخليك وما تريد فيصرفك عنه بمرادك هذا والعياذ بالله مكر وخسران.
وعن ابن حنبل أنه كان يوصى بعض أصحابه فقال خف سطوة العدر وارج رقة الفضل ولا تأمن من مكره تعالى ولو أدخلك الجنة ففى الجنة وقع لأبيك آدم ما وقع. اهـ.

.قال الماوردي:

والفرق بين المكر والحيلة أن الحيلة قد تكون لإظهار ما يعسر من غير قصد إلى الإضرار، والمكر: التوصل إلى إيقاع المكروه به. اهـ.

.قال ابن عجيبة:

قيل للجنيد رضي الله عنه: كيف رَضِيَ المكرَ لنفسه، وقد عابه على غيره؟ قال: لا أدري، ولكن أنشدني فلان للطبرانية:
فديتُك قد جُبِلْتُ على هواكَ ** ونفْسِي ما تَحِنُّ إلى سِوَاكَ

أُحِبّك، لا بِبَعْضِي بل بكُلِّي ** وإن يُبْقِ حُبُّكَ لي حِرَاكَا

وَيَقْبُحُ مِنْ سِوَاكَ الْفِعْلُ عِنْدي ** وتَفْعَلُهُ فَيَحْسُنُ مِنْكَ ذَاكَ

فقال له السائل: أسألُك عن القرآن، وتجيبني بشعر الطبرانية؟ قال: ويحك، قد أجبتك إن كنت تعقل. إنَّ تخليته إياهم مع المكرية، مكرٌ منه بهم. ه.
قلت: وجه الشاهد في قوله: (وتفعله فيحسن منك ذاك)، ومضمن جوابه: أن فعل الله كله حسن في غاية الإتقان، لا عيب فيه ولا نقصان، كما قال صاحب العينية:
وَكلُّ قبِيح إنْ نَسَبْتَ لِحُسْنِهِ ** أَتَتْكَ مَعَانِي الْحُسْنِ فِيهِ تُسَارعُ

يُكَمِّلُ نُقصَانَ الْقَبِيحِ جَمَالُهُ ** فَما ثَمَّ نُقْصَانٌ وَلاَ ثَمَّ بَاشِعُ

وتخليته تعالى إياهم مع المكر، تسبب عنه الرفع إلى السماء، وإبقاء عيسى حيًّا إلى آخر الزمان، حتى ينزل خليفة عن نبينا- عليه الصلاة والسلام-، فكان ذلك في غاية الكمال والإتقان، لكن لا يفطن لهذا إلا أهل العرفان. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري:

وأما الباقون فجدُّوا في الشقاق، وبالغوا في العداوة، ودسُّوا له المكائد، ومكروا ولكن أذاقهم الله وبال مكرهم، فتوهموا أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه، وذلك جهل منهم، ولَبْسٌ عليهم. فاللهُ سبحانه رفع عيسى عليه السلام نبيَّه ووليَّه، وحُقُّ الطردُ واللَّعنُ على أعدائه، وهذا مَكْرُهُ بهم: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. اهـ.

.من فوائد الشعراوي:

قال رحمه الله:
{وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
إن الأشياء التي يدركها العقل هي مسميات ولها أسماء وتكون أولا بالحس؛ لأن الحس هو أول مصاحب للإنسأن لادراك الأشياء، وبعد ذلك تأتي المعاني عندما نكبر ونعرف الحقائق. إن البداية دائما تكون هي الأمور المحسة، ولذلك يقول الله عن المنهج الإيماني: أنه طريق مستقيم، أي أن نعرف الغاية والطريق الموصل إليها، وكلمة الطريق المستقيم من الأمور المحسة والتي يتعرف الناس عليها بالتطبيق لقواعد المنهج.
إن كلمة مكر، مأخوذة من الشجر، فساعة أن ترى الشجرة التي لا تلتف أغصانها على بعضها فإن الإنسان يستطيع أن يحكم أن ورقة ما، هي من فرع ما، ولكنْ هناك نوع من الأشجار تكون فروعه ملفوفة على بعضها بحيث لا يستطيع الإنسان أن يعرف أي ورقة من أي فرع هي، ومن هذا المعنى أخذنا كلمة المكر فالرجل الذي يلف ويدور، هو الذي يمكر، فالذي يلف على إنسان من أجل أن يستخلص منه حقيقة ما، والذي يحتال من أجل إبراز حقيقة، فإن كان ذلك بغير قصد الضرر نسميه حيلة، وإن كان بقصد الضرر فهذا هو المكر السيء. ولذلك فالحق يقول: {وَمَكْرَ السَّيِّئ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَحْوِيلًا} [فاطر: 43].
ومعنى ذلك أن هناك مكرًا غير سيء، أي أن المكر الذي لا يقصد منه إيقاع الضرر بأحد، فإننا نسميه مكرَ خير، أما المكر الذي يقصد منه إيقاع الضرر فهو المكر السيء.
ولنا أن نسأل: ما الذي يدفع إنسانا ما إلى المكر؟ إن الذي يمكر يداري نواياه، فقد يظهر لك الحب بينما هو مبغض، ويريد أن يزين لك عملا ليمكر بك، فيحاول مثلا أن يصحبك إلى مكان بعيد غير مأهول بالناس ويريد أن يوقع بك أبلغ الضرر، وقد يكون القتل.
إذن، فمن أسس المكر التبييت، والتبييت يحتاج إلى حنكة وخبرة، لأن الذي يحاول التبييت قد يجد قبالته من يلتقط خبايا التبييت بالحدس والتخمين، وما دام المكر يحتاج إلى التبييت، فإن ذلك علامة على الضعف في البشر لأن القوي لا يمكر ولا يكيد ولكن يواجه.
إن القوي لحظة أن يمسك بخصم ضعيف، فمن الممكن أن يطلقه، لأن القوي مطمئن إلى أن قوته تستطيع أن تؤذي هذا الضعيف. لكن الضعيف حين يملك قويا، فإنه يعتبر الأمر فرصة لم تتكرر، ولذلك فالشاعر يقول: وضعيفة فإذا أصابت فرصة قتلت كذلك قدرة الضعفاء.
إن الضعيف هو الذي يمكر ويبيت. والذي يمكر قد يضع في اعتباره أن خصمه أقوى منه حيلة وأرجح عقلا، وقد ينكل به كثيرا، لذلك يخفى الماكر أمر مكره أو تبييته.
فإذا ما أراد خصوم المنهج الإيماني أن يمكروا، فعلى من يمكرون؟ إن الرسول لا يكون في المعركة بمفرده ولكن معه الله.
{يُخَادِعُونَ الله وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9].
فالله يعلم ما يبيت أي إنسان، ولذلك فعندما يريد الله أن يبرز شيئا ويوجده فلن يستطيع أحد أن يواجه إرادة الله وأمره، إذن فمكر الله لا قبل لأحد لمواجهته.
{وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54].
وساعة تجد صفة تستبعد أن يوصف بها الله فاعلم أنما جاءت للمشاكلة فقط وليست من أسماء الله الحسنى، إن المؤمنين بإمكانهم أن يقولوا للكافرين: إنكم إن أردتم أن تبيتوا لنا، فإن الله قادر على أن يقلب المكر عليكم، أما أسماء الله وصفاته فهي توقيفية، نزل بها جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن إذا وجد فعل لله لا يصح أن نشتق نحن منه وصفا ونجعله اسما لله، {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، فليس من أسماء الله مخادع، أو ماكر، إياك أن تقول ذلك، لأن أسماء الله وصفاته توقيفية، وجاء القول هنا بمكر الله كمقابل لفعل من البشر، ليدلهم على أنهم لا يستطيعون أن يخدعوا الله، ولا يستطيعون أن يمكروا بالله، لأن الله إذا أراد أن يمكر بهم، فهم لا يستطيعون مواجهة ذلك. إن الحق يقول: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
إذن فهناك مكر خير.. وذلك دليل على أن هناك من يصنع المكر ليؤدي إلى الخير. ولماذا تأتي هذه الآية هنا؟ لأن هناك معركة سيدخلها عيسى ابن مريم عليه السلام، وعيسى عليه السلام لم يجيء ليقاتل بالسيف ليحمي العقيدة، إنما جاء واعظا ليدل الناس على العقيدة، إن النصرة لا تكون بالسيف فقط، ولكن بالحجة. ونحن نعرف أن السماء كانت لا تطلب من أي رسول أن يحارب في سبيل العقيدة لأن السماء هي التي كانت تتولى التأديب.