فصل: تفسير الآية رقم (75):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في قوله: {لمَ تلبسون الحق بالباطل} يقول: لمَ تخلطون اليهودية والنصرانية بالإسلام، وقد علمتم أن دين الله الذي لا يقبل من أحد غيره الإسلام {وتكتمون الحق} يقول: تكتمون شأن محمد صلى الله عليه وسلم وأنتم تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة. مثله.
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال عبدالله بن الضيف، وعدي بن زيد، والحرث بن عوف، بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية، حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع فيرجعون عن دينهم. فأنزل الله فيهم {يا أهل الكتاب لمَ تلبسون الحق بالباطل} إلى قوله: {والله واسع عليم}.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن أبي مالك قال: قالت اليهود بعضهم لبعض: آمنوا معهم بما يقولون أول النهار وارتدوا آخره لعلهم يرجعون معكم. فاطلع الله على سرهم، فأنزل الله تعالى: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وقالت طائفة من أهل الكتاب} الآية. قال: كان أحبار قرى عربية إثنى عشر حبرًا فقالوا لبعضهم: أدخلوا في دين محمد أول النهار وقولوا: نشهد أن محمدًا حق صادق، فإذا كان آخر النهار فاكفروا، وقولوا: إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم فحدثونا: أن محمدًا كاذب، وإنكم لستم على شيء، وقد رجعنا إلى ديننا فهو أعجب إلينا من دينكم لعلهم يشكون فيقولون: هؤلاء كانوا معنا أول النهار فما بالهم! فأخبر الله رسوله بذلك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عت ابن عباس في قوله: {وقالت طائفة} الآية. قال: أن طائفة من اليهود قالت: إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا، وإذا كان آخره فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون هؤلاء أهل الكتاب، وهم أعلم منا لعلهم ينقلبون عن دينهم.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله: {وقالت طائفة} الآية. قال: كانوا يكونون معهم أول النهار ويجالسونهم ويكلمونهم، فإذا أمسوا وحضرت الصلاة كفروا به وتركوه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار} يهود تقوله، صلت مع محمد صلاة الفجر، وكفروا آخر النهار مكرًا منهم ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد إذ كانوا اتبعوه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع في قوله: {وجه النهار} قالا: أول النهار.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} قال: هذا قول بعضهم لبعض.
وأخرج ابن جرير عن الربيع. مثله.
وأخرج ابن جرير عن السدي {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} قال: لا تؤمنوا إلا لمن تبع اليهودية.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: كانت اليهود تقول أحبارها للذين من دينهم: ائتوا محمدًا وأصحابه أول النهار فقولوا نحن على دينكم، فإذا كان بالعشي فأتوهم فقولوا لهم: إنا كفرنا بدينكم ونحن على ديننا الأول، إنا قد سألنا علماءنا فأخبرونا أنكم لستم على شيء. وقالوا لعل المسلمين يرجعون إلى دينكم فيكفرون بمحمد {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} فأنزل الله: {قل إن الهدى هدى الله}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} حسدًا من يهود أن تكون النبوّة في غيرهم، وإرادة أن يتابعوا على دينهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك وسعيد بن جبير {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} قالا: أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال الله لمحمد {قل إن الهدى هدى الله}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: قال الله لمحمد {قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} يا أمة محمد {أو يحاجوكم عند ربكم} يقول اليهود: فعل الله بنا كذا وكذا من الكرامة حتى أنزل علينا المن والسلوى، فإن الذي أعطاكم أفضل فقولوا: {إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة {قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} يقول: لما أنزل الله كتابًا مثل كتابكم، وبعث نبيًا كنبيكم حسدتموه على ذلك {قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء}.
وأخرج ابن جرير عن الربيع. مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} يقول: هذا الأمر الذي أنتم عليه مثل ما أوتيتم {أو يحاجُّوكم عند ربكم} قال: قال بعضهم لبعض: لا تخبروهم بما بينَّ الله لكم في كتابه {ليحاجُّوكم} قال: ليخاصموكم به ربكم، فتكون لهم حجة عليكم {قل إن الفضل بيد الله} قال: الإسلام {يختص برحمته من يشاء} قال: القرآن والإسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {يختص برحمته من يشاء} قال: النبوّة يختص بها من يشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {يختص برحمته من يشاء} قال: رحمته الإسلام. يختص بها من يشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ذو الفضل العظيم} يعني الوافر. اهـ..

.تفسير الآية رقم (75):

قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بأنهمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
فلما تقرر أن الأمر كله له ذكر دليل ذلك فيهم بأنه فضل فريقًا منهم فأعلاه، ورذل فريقًا منهم فأرداه، فلم يردهم الكتاب- وهم يتلونه- إلى الصواب، فقال عاطفًا على ما مضى من مخازيهم مقررًا لكتمانهم للحق مع علمهم بأنه الحق بأنه الخيانة ديدنهم في الأعيان الدنيوية والمعاني الدينية منبهًا على أنهم وإن شاركوا الناس في انقسامهم إلى أمين وخائن فهم يفارقونهم من حيث إن خائنهم يتدين بخيانته ويسندها- مروقًا من ربقة الحياء- إلى الله، مادحًا للأمين منهم: {ومن أهل الكتاب} أي الموصوفين {من إن تأمنه بقنطار} أي من الذهب المذكور في الفريق الآتي {يؤده إليك} غير خائن فيه، فلا تسوقوا الكل مساقًا واحدًا في الخيانة {ومنهم من إن تأمنه بدينار} أي واحد {لا يؤده إليك} في زمن من الأزمان دناءة وخيانة {إلا ما} أي وقت ما {دمت عليه قائمًا} تطالبه به غالبًا له بما دلت عليه أداة الاستعلاء، ثم استأنف علة الخيانة بقوله: {ذلك} أي الأمر البعيد من الكمال {بأنهم قالوا} كذبًا على شرعهم {ليس علينا في الأميين} يعني من ليس له كتاب فليس على دينهم {سبيل}.
ولما كان الكذب من عظم القباحة بمكان يظن بسببه أنه لا يجترئ عليه ذو عقل فكيف على الله سبحانه وتعالى قال: {وهم يعلمون} أي ذوو علم فيعلمون أنه كذب. اهـ.

.اللغة:

{قنطار} القنطار المال الكثير وقد تقدم.
{قائما} ملازما ومداوما على مطالبته.
{الأميين} المراد بهم العرب، واصل الامي الذي لا يقرأ ولا يكتب، والعرب كانوا كذلك.
{يلوون} من اللي وهو اللف والفتل تقول: لويت يده إذا فتلتها، والمراد انهم يفتلون السنتهم ليميلوا عن الآيات المنزلة الى العبارات المحرفة.
{لا خلاق} أي لا نصيب لهم من رحمة الله.
{ربانيين} جمع رباني وهو المنسوب الى الرب، قال الطبري معناه: كونوا حلماء علماء فقهاء، وهذا القول مروى عن ابن عباس رضي الله عنه. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

اعلم أن تعلق هذه الآية بما قبلها من وجهين، الأول: أنه- تعالى- حكى عنهم في الآية المتقدمة أنهم ادعوا أنهم أوتوا من المناصب الدينية، ما لم يؤتَ أحد غيرُهم مثلَه، ثم أنه تعالى بيّن أن الخِيانة مستقبحة عند جميع أرباب الأديان، وهم مصرون عليها، فدل هذا على كذبهم.
والثاني: أنه تعالى لما حكى عنهم في الآية المتقدمة قبائح أحوالهم فيما يتعلق بالأديان وهو أنهم قالوا: {لاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ} [آل عمران: 73] حكى في هذه الآية بعض قبائح أحوالهم فيما يتعلق بمعاملة الناس، وهو إصرارهم على الخيانة والظلم وأخذ أموال الناس في القليل والكثير. اهـ.

.قال ابن عاشور:

قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}.
عطف على قوله: {وقالت طائفة من أهل الكتاب} [آل عمران: 72] أو على قوله: {ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم} [آل عمران: 69] عطف القصة على القصة والمناسبة بيان دخائل أحوال اليهود في معاملة المسلمين الناشئة عن حسدهم وفي انحرافهم عن ملة إبراهيم مع ادّعائهم أنهم أولَى الناس به، فقد حكى في هذه الآية خيانة فريق منهم. اهـ.

.قال الفخر:

الآية دالة على انقسامهم إلى قسمين: بعضهم أهل الأمانة، وبعضهم أهل الخيانة وفيه أقوال:
الأول: أن أهل الأمانة منهم هم الذين أسلموا، أما الذين بقوا على اليهودية فهم مصرون على الخيانة لأن مذهبهم أنه يحل لهم قتل كل من خالفهم في الدين وأخذ أموالهم ونظير هذه الآية قوله تعالى: {لَيْسُواْ سَوَاء مّنْ أَهْلِ الكتاب أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءايات الله ءَانَاء الليل وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] مع قوله: {مّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون} [آل عمران: 110].
الثاني: أن أهل الأمانة هم النصارى، وأهل الخيانة هم اليهود، والدليل عليه ما ذكرنا، أن مذهب اليهود أنه يحل قتل المخالف ويحل أخذ ماله بأي طريق كان.
الثالث: قال ابن عباس: أودع رجل عبد الله بن سلاّم ألفًا ومائتي أوقية من ذهب فأدى إليه، وأودع آخر فنحاص بن عازوراء دينارًا فخانه فنزلت الآية. اهـ.

.قال القرطبي:

أخبر تعالى أن في أهل الكتاب الخائنَ والأمينَ، والمؤمنون لا يميزون ذلك، فينبغي اجتناب جميعهم.
وخصّ أهل الكتاب بالذّكر وإن كان المؤمنون كذلك؛ لأنّ الخيانة فيهم أكثر، فخرج الكلام على الغالب. والله أعلم.
وقد مضى تفسير القنطار.
وأما الدينار فأربعة وعشرون قيراطًا والقيراط ثلاث حبات من وسط الشعير، فمجموعة اثنتان وسبعون حبة، وهو مُجْمَع عليه.
ومن حفِظ الكثير وأدّاه فالقليل أوْلى، ومن خان في اليسير أو منعه فذلك في الكثير أكثر.
وهذا أدلّ دليل على القول بمفهوم الخطاب.
وفيه بين العلماء خلاف (كثير) مذكور في أُصول الفقه.
وذكر تعالى قسمين: من يؤدّي ومن لا يؤدّي إلا بالملازمة عليه؛ وقد يكون من الناس من لا يؤدِّي وإن دُمت عليه قائمًا.
فذكر تعالى القسمين لأنه الغالب والمعتاد والثالث نادر؛ فخرج الكلام على الغالب. اهـ.

.قال الفخر:

المراد من ذكر القنطار والدينار هاهنا العدد الكثير والعدد القليل، يعني أن فيهم من هو في غاية الأمانة حتى لو اؤتمن على الأموال الكثيرة أدى الأمانة فيها، ومنهم من هو في غاية الخيانة حتى لو اؤتمن على الشيء القليل، فإنه يجوز فيه الخيانة، ونظيره قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُّمُ استبدال زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَءاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] وعلى هذا الوجه، فلا حاجة بنا إلى ذكر مقدار القنطار وذكروا فيه وجوهًا الأول: إن القنطار ألف ومائتا أوقية قالوا: لأن الآية نزلت في عبد الله بن سلاّم حين استودعه رجل من قريش ألفًا ومائتي أوقية من الذهب فرده ولم يخن فيه، فهذا يدل على القنطار هو ذلك المقدار.
الثاني: روي عن ابن عباس أنه ملء جلد ثور من المال.
الثالث: قيل القنطار هو ألف ألف دينار أو ألف ألف درهم، وقد تقدم القول في تفسير القنطار. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا}:

.قال الفخر:

في لفظ (القائم) وجهان: منهم من حمله على حقيقته، قال السدي: يعني إلا ما دمت قائمًا على رأسه بالاجتماع معه والملازمة له، والمعنى: أنه إنما يكون معترفًا بما دفعت إليه ما دمت قائمًا على رأسه، فإن أنظرت وأخرت أنكر، ومنهم من حمل لفظ (القائم) على مجازه ثم ذكروا فيه وجوهًا:
الأول: قال ابن عباس المراد من هذا القيام الإلحاح والخصومة والتقاضي والمطالبة، قال ابن قتيبة: أصله أن المطالب للشيء يقوم فيه والتارك له يقعد عنه، دليل قوله تعالى: {أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: 113] أي عامله بأمر الله غير تاركه، ثم قيل: لكل من واظب على مطالبة أمر أنه قام به وإن لم يكن ثم قيام.
الثاني: قال أبو علي الفارسي: القيام في اللغة بمعنى الدوام والثبات، وذكرنا ذلك في قوله تعالى: {يُقِيمُونَ الصلاة} [البقرة: 3] ومنه قوله: {دِينًا قِيَمًا} [الأنعام: 161] أي دائمًا ثابتًا لا ينسخ فمعنى قوله: {إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} أي دائمًا ثابتًا في مطالبتك إياه بذلك المال. اهـ.

.قال السمرقندي:

{إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} أي مُلِحًّا متقاضيًا و{ذلك} يعني الاستحلال {بأنهمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا في الاميين سَبِيلٌ} يعني يقولون ليس علينا في مال العرب مأثم.
ويقال: من لم يكن على ديننا، فَمَالُه لنا حلال، بمنزلة مذهب الخوارج أنهم يستحلون مال من كان على خلاف مذهبهم. اهـ.

.قال الطبري:

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: {إلا ما دمت عليه قائمًا}.
فقال بعضهم: إلا ما دمت له متقاضيًا.
وقال آخرون: معنى ذلك: إلا ما دمتَ قائمًا على رأسه. اهـ.
ثم قال رحمه الله:
وأولى القولين بتأويل الآية، قول من قال: معنى ذلك: إلا ما دمت عليه قائمًا بالمطالبة والاقتضاء.
من قولهم: قام فلان بحقي على فلان حتى استخرجه لي، أي عمل في تخليصه، وسَعى في استخراجه منه حتى استخرجه. لأن الله عز وجل إنما وصفهم باستحلالهم أموال الأميين، وأنّ منهم من لا يقضي ما عليه إلا بالاقتضاء الشديد والمطالبة. وليس القيام على رأس الذي عليه الدين، بموجب له النقلة عما هو عليه من استحلال ما هو له مستحلّ، ولكن قد يكون- مع استحلاله الذهابَ بما عليه لربّ الحقّ- إلى استخراجه السبيلُ بالاقتضاء والمحاكمة والمخاصمة. فذلك الاقتضاء، هو قيام ربِّ المال باستخراج حقه ممن هو عليه. اهـ.