فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الوجه الخامس: أن أصلها {لَمّا}- بالتشديد- فخُفِّفَتْ، وهذا قول أبي إسحاق وسيأتي في قراءة التشديد، وقرأ حمزة لما- بكسر اللام، خفيفة الميم- أيضا- وفيها أربعة أوجه:
أحدها: وهو أغربها- أن تكون اللام بمعنى بَعْد.
كقول النابغة: [الطويل]
تَوَهَّمْتُ آيَاتٍ لها فعَرفْتُهَا ** لِسِتّةِ أعْوَامٍ وَذَا الْعَامُ سَابِعُ

يريد: فعرفتها بعد ستة أعوام، وهذا منقول عن صاحب النَّظْم.
قال شهاب الدين: ولا أدري ما حمله على ذلك؟ وكيف ينتظم هذا كلامًا؟ إْ يصير تقديره: وإذْ أخذ الله ميثاق النبيين بعدما آتيتكم، ومَن المخاطب بذلك؟.
الثاني: أن اللام للتعليل- وهذا الذي ينبغي أن لا يُحَاد عنه- وهي متعلِّقة بـ {لتؤمنن} وما حينئذٍ- مصدرية.
قال الزمخشري: ومعناه: لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة، ثم لمجيء رسول مصدق لتؤمنن به على أن ما مصدرية، والفعلان معها- أعني: {آتيناكم} و{جاءكم}- في معنى المصدرين، واللام داخلة للتعليل، والمعنى: أخذ اللهُ ميثاقهم ليؤمنن بالرسول، ولينصرنه، لأجل أن آتيتكم الكتابَ والحكمةَ، وأن الرسول الذي آمركم بالإيمان به ونُصْرَتِهِ موافق لكم، غير مخالف لكم.
قال أبو حيّان: وظاهر هذا التعليل الذي ذكره، والتقدير الذي قدره أنه تعليلٌ للفعل المقسَم فإن عنى هذا الظاهر، فهو مخالفٌ لظاهر الآية؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أن يكون تعليلًا لأخْذ الميثاق، لا لمتعلِّقه- وهو الإيمان- فاللام متعلقة بأخَذَ وعلى ظاهر تقدير الزمخشريِّ تكون متعلقة بقوله: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} ويمتنع ذلك من حيث إن اللام المتلَقَّى بها القسم لا يعمل ما بعدها فيما قبلها تقول: والله لأضربن زيدًا، ولا يجوز: والله زيدًا لأضربن، فعلى هذا لا يجوز أن تتعلق اللام في {لَمَا} بقوله: {لتؤمنن}.
وأجاز بعض النحويين في معمول الجواب- إذا كان ظرفًا أو مجرورًا- تَقَدُّمَه، وجعل من ذلك قوله: {عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: 40].
وقوله: [الطويل]
......................... ** بِأسْحَم دَاجٍ عَوْضُ لا نتفَرَّقُ

فعلى هذا يجوز أن يتعلق بقوله: {لَتُؤْمِنُنَّ}.
قال شهاب الدين: أما تعلُّق اللام بـ {لَتُؤْمِنُنَّ}- من حيث المعنى- فإنه أظهر من تعلُّقِها بـ {أخذ} فلم يَبْقَ إلا ما ذكر من منع تقديم معمول الجواب المقترن بالام عليه، وقد يكون الزمخشريُّ ممن يرى جوازه.
والثالث: أن تتعلق اللام بـ {أخَذَ}، أي لأجل إيتائي إياكم كيت وكيت، أخذت عليكم الميثاقَ، وفي الكلام حذفُ مضاف، تقديره: رعاية ما آتيتكم.
الرابع: أن تتعلق بالمِيثاق، لأنه مصدر، أي: توثقنا عليهم لذلك.
هذه الأوجه بالنسبة إلى اللام، وأما ما ففيها ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: أن تكون مصدرية كما تقدم عن الزمخشريِّ.
والثاني: أنها موصولة بمعنى الذي وعائدها محذوف، و{ثُمَّ جَاءَكُمْ}، عطف على الصلة، والرابط بالموصول إما محذوف، تقديره: به، وإما قيام الظاهر مقام المضمر، وهو رأي الأخفشِ، وإما ضمير الاستقرار الذي تضمنه {مَعَكُمْ}.
والثالث: أنها نكرة موصوفة، والجملة بعدها صفتها، وعائدها محذوف، {ثُمَّ جَاءَكُمْ} عطف على الصفة، والكلام في الرابط كما تقدم فيها وهي صلة، إلا أن إقامة الظاهر مُقَامه في الصفة ممتنع، لو قلت: مررت برجل قام أبو عبد الله- على أن يكون قام أبو عبد الله صفة لرجل، والرابط أبو عبد الله، إذ هو الرجلُ في المعنى- لم يجز ذلك، وإن جاز في الصلة والخبر- عند من يرى ذلك- فيتعين عود ضمير محذوف وجواب قوله: {وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ} قوله: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} والضمير في {بِهِ} عائد على {رَسُولٌ} ويجوز الفصل بين القسم والمقسم عليه بمثل هذا الجار والمجرور، فلو قلت أقسمت لَلْخَبر الذي بلغني عن عمرو لأحْسِنَنَّ إليه، جاز.
وقوله: {مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} إما حالٌ من الموصول، أو من عائده، وإمّا بيانٌ له فامتنع في قراءة حمزة أن تكون ما شرطية، كما امتنع- في قراءة الجمهورِ- أن تكون مصدرية.
وأما قراءة التشديد ففيها أوجهٌ:
أحدها: أن {لَمَّا} هنا- ظرفية، بمعنى حين ثم القائل بظرفيتها اختلف تقديره في جوابها، فذهب الزمخشري إلى أن الجواب مقدَّر من جنس جواب القسم، فقال: {لَمَّا}- بالتشديد- بمعنى حين أي حين آتيتكم الكتاب والحكمة، ثم جاءكم رسول، وجب عليكم الإيمان به، ونُصْرَتُه.
وقال ابن عطية: ويظهر أن {لَمَّا} هذه هي الظرفية، أي: لما كنتم بهذه الحال رؤساء الناس وأمثالهم أخذ عليكم الميثاق؛ إذ على القادة يُؤخَذ، فيجيء على هذا المعنى كالمعنى في قراءة حمزةَ فقدر ابن عطية جوابها من جنس ما سبقها، وهذا الذي ذهب إليه مذهبٌ مرجوحٌ، قال به الفارسيُّ والجمهور وسيبويه وأتباعه والجمهور.
وقال الزجَّاجُ: أي: لما ىتاكم الكتاب والحكمة، أي: أخذ عليكم الميثاق وتكون لما يؤول إلى الجزاء، كما تقول: لما جئتني أكرمتك.
وهذه العبارة لا يؤخذ منها كون {لما} ظرفية، ولا غير ذلك، إلا أن فيها عاضدًا لتقدير ابن عطية جوابها من جنس ما تقدمها، بخلاف تقدير الزمخشريِّ.
الثاني: أن {لَمَّا} حرف وجوب لوجوب، وهو مذهب سيبويه، وجوابها كما تقدم من تقديري ابن عطيةَ والزمخشري، وفي قول ابن عطيةَ: فيجيء على هذا المعنى كالمعنى في قراءة حمزةَ- نظر؛ إذ قراءة حمزة فيها تعليل، وهذه القراءة لا تعليل فيها، اللهم إلا أن يقال: لما كانت {لَمَّا} تحتاج إلى جواب أشبه ذلك العلة ومعمولها؛ لأنك إذا قلت: لما جئتني أكرمتك؛ في قوة: أكرمتك لأجل مجيئي إليه، فهي من هذه الجهة كقراءة حمزة.
والثالث: أن الأصل: لمن ما، فأدغمت النون في الميم، لأنها تقاربها، والإدغام- هنا- واجبٌ، ولما اجتمع ثلاث ميمات: ميم من وميم ما والميم التي انقلبت من نون- من أجل الإدغام- فحصل ثقل في اللفظ، قال الزمخشريُّ: فحذفوا إحداها.
قال أبو حيّان: وفيه إبهام، وقد عيَّنها ابنُ جني بأن المحذوف هي الأولى، وفيه نظرٌ؛ لأن الثقل إنما حصل بما بعد الأولى، ولذلك كان الصحيحُ في نظائره إنما هو حذف الثاني، في نحو: {تَنَزَّلُ الملائكة} [القدر: 4] وقد ذكر أبو البقاء أن المحذوفة هي النافية، قال: لضعفها بكونها بدلًا، وحصول التكرير بها ومِنْ هذه التي في لمن ما زائدة في الواجب على رأي الأخفشِ- وهذا تخريج أبي الفتح، وفيه نظر بالنسبة إلى ادِّعائه زيادة من، فإن التركيب يقلق على ذلك، ويبقى المعنى غير ظاهر.
الرابع: أن الأصل- أيضا- لِمَنْ ما، ففُعِل به ما تقدم من القلبِ والإدغامِ، ثم الحذف، إلا أن من ليست زائدة، بل هي تعليلية، قال الزمخشريُّ: ومعناه: لمن أجل ما آتيتكم لتؤمنن به، وهذا نحو من قراءة حمزة في المعنى.
وهذا الوجه أوجه مما تقدمه؛ لسلامته من ادِّعاء زيادة من ولوضوح معناه. اهـ.

.قال الفخر:

قرأ نافع {ءاتيناكم} بالنون على التفخيم، والباقون بالتاء على التوحيد، حجة نافع قوله: {وَءَاتَيْنَا دَاوُود زَبُورًا} [النساء: 163] {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيًّا} [مريم: 12] {وءاتيناهما الكتاب المستبين} [الصافات: 117] ولأن هذا أدل على العظمة فكان أكثر هيبة في قلب السامع، وهذا الموضع يليق به هذا المعنى، وحجة الجمهور قوله: {هُوَ الذي يُنَزّلُ على عَبْدِهِ ءايات بينات} [الحديد: 9] و{الحمد لِلَّهِ الذي أَنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتاب} [الكهف: 1] وأيضا هذه القراءة أشبه بما قبل هذه الآية وبما بعدها لأنه تعالى قال قبل هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ الله} وقال بعدها {إِصْرِى} وأجاب نافع عنه بأن أحد أبواب الفصاحة تغيير العبارة من الواحد إلى الجمع ومن الجمع إلى الواحد قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لّبَنِى إسرائيل أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى} [الإسراء: 2] ولم يقل من دوننا كما قال: {وجعلناه}، والله أعلم. اهـ.

.قال الطبري:

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءةُ من قرأ: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم}، بفتح اللام.
لأن الله عز وجل أخذ ميثاقَ جميع الأنبياء بتصديق كل رسول له ابتعثه إلى خلقه فيما ابتعثه به إليهم، كان ممن آتاه كتابًا أو ممن لم يؤته كتابًا. وذلك أنه غير جائز وصف أحد من أنبياء الله عز وجل ورسله، بأنه كان ممن أبيح له التكذيب بأحد من رسله. فإذْ كان ذلك كذلك، وكان معلومًا أن منهم من أنزل عليه الكتابَ، وأنّ منهم من لم ينزل عليه الكتاب كان بينًا أن قراءة من قرأ ذلك: {لِما آتيتكم}، بكسر اللام، بمعنى: من أجل الذي آتيتكم من كتاب، لا وجه له مفهومٌ إلا على تأويل بعيد، وانتزاع عميق. اهـ.

.قال ابن عادل:

وفي قوله: {آتيتكم} و{آتيناكم} على كلتا القراءتين- التفاتان:
الأول: الخروج من الغيبة إلى التكلم في قوله: آتينا أو آتيت لأن قبله ذكر الجلالة المعظمة في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ الله}.
والثاني: الخروج من الغيبة إلى الخطاب في قوله: {آتيناكم} لأنه قد تقدمه اسم ظاهر، وهو {النبيين} إذ لو جرى على مقتضي تقدُّم الجلالة والنبيين لكان الترتيب: وإذْ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتاهم من كتاب. كذا قال بعضهم، وفيه نظرٌ؛ لأن مثل هذا لا يُسَمَّى التفاتًا في اصطلاحهم، وإنما يسمى حكاية الحال، ونظيره قولك: حلف زيد ليفعلن، ولأفعلن، فالغيبة مراعاة لتقدم الاسم الظاهر، والتكلُّم حكاية لكلام الحالف. والآية الكريمة من هذا. اهـ.

.قال الفخر:

إنه تعالى ذكر النبيّين على سبيل المغايبة ثم قال: {ءَاتَيْتُكُم} وهو مخاطبة إضمار والتقدير: وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين فقال مخاطبًا لهم لما آتيتكم من كتاب وحكمة، والإضمار باب واسع في القرآن، ومن العلماء من التزم في هذه الآية إضمارًا آخر وأراح نفسه عن تلك التكلفات التي حكيناها عن النحويين فقال تقدير الآية: وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين لتبلغن الناس ما آتيتكم من كتاب وحكمة، قال إلا أنه حذف لتبلغن لدلالة الكلام عليه لأن لام القسم إنما يقع على الفعل فلما دلت هذه اللام على هذا الفعل لا جرم حذفه اختصارًا ثم قال تعالى بعده {ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدّقٌ لّمَا مَعَكُمْ} وهو محمد صلى الله عليه وسلم {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ} وعلى هذا التقدير يستقيم النظم ولا يحتاج إلى تكليف تلك التعسفات، وإذا كأن لابد من التزام الإضمار فهذا الإضمار الذي به ينتظم الكلام نظمًا بينًا جليًا أولى من تلك التكلفات. اهـ.
فصل:
قال الفخر:
في قوله: {لَمَا ءَاتَيْتُكُم مّن كتاب} إشكال، وهو أن هذا الخطاب إما أن يكون مع الأنبياء أو مع الأمم، فإن كان مع الأنبياء فجميع الأنبياء ما أوتوا الكتاب، وإنما أوتي بعضهم وإن كان مع الأمم، فالإشكال أظهر، والجواب عنه من وجهين:
الأول: أن جميع الأنبياء عليهم السلام أوتوا الكتاب، بمعنى كونه مهتديًا به داعيًا إلى العمل به، وإن لم ينزل عليه.
والثاني: أن أشرف الأنبياء عليهم السلام هم الذين أوتوا الكتاب، فوصف الكل بوصف أشرف الأنواع. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدّقٌ لّمَا مَعَكُمْ}:

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ}:

قال الفخر:
أما قوله: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ} فالمعنى ظاهر، وذلك لأنه تعالى أوجب الإيمان به أولًا، ثم الاشتغال بنصرته ثانيًا، واللام في {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} لام القسم، كأنه قيل: والله لتؤمنن به. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ على ذلكم إِصْرِى}:

.قال الفخر:

إن فسرنا قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق النبيين} بأنه تعالى أخذ المواثيق على الأنبياء كان قوله تعالى: {أأقررتم} معناه: قال الله تعالى للنبيّين أأقرتم بالإيمان به والنصرة له وإن فسرنا أخذ الميثاق بأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أخذوا المواثيق على الأمم كان معنى قوله: {قَالَ أأقررتم} أي قال كل نبي لأمته أأقررتم، وذلك لأنه تعالى أضاف أخذ الميثاق إلى نفسه، وإن كانت النبيون أخذوه على الأمم، فكذلك طلب هذا الإقرار أضافه إلى نفسه وإن وقع من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والمقصود أن الأنبياء بالغوا في إثبات هذا المعنى وتأكيده، فلم يقتصروا على أخذ الميثاق على الأمم، بل طالبوهم بالإقرار بالقول، وأكدوا ذلك بالإشهاد. اهـ.

.قال ابن عادل:

قوله: {قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ} فاعل {قَالَ} يجوز أن يكون ضمير الله- تعالى- وهو الظاهر- وأن يكون ضمير النبي الذي هو واحد النبيين، خاطب بذلك أمَّته، ومتعلَّق الإقرار محذوف، أي: أقررتم بذلك كله؟ والاستفهام- على الأول- مجاز؛ إذ المراد به التقرير والتوكيد عليهم؛ لاستحالته في حق الباري تعالى، وعلى الثاني: هو استفهام حقيقة.
و{إصري} على الأول- الياء لله- تعالى- وعلى الثاني للنبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقرأ العامة {إصري} بكسر الهمزة، وهي الفصحى، وقرأ أبو بكر عن عاصم- في رواية- {أُصْرِي} بضمها ثم المضموم الهمزة يحتمل أن يكون لغة في المكسور- وهو الظاهرُ- ويحتمل أن يكون جمع إصار ومثله أزُر في جميع إزار، والإصر: الثقل الذي يلحق الإنسان؛ لأجل ما يلزمه من عَمَلٍ، قال الزمخشري: سُمِّي العهدُ إصْرًا؛ لأنه مما يؤصر، أي: يُشَدّ، ويُعْقَد، ومنه الإصار الذي يُعْقَد به وتقدم الكلام عليه في آخر البقرة. اهـ.

.قال الفخر:

الإقرار في اللغة منقول بالألف من قر الشيء يقر، إذا ثبت ولزم مكانه وأقره غيره والمقر بالشيء يقره على نفسه أي يثبته.
أما قوله تعالى: {ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ على ذلكم إِصْرِى} أي قبلتم عهدي، والأخذ بمعنى القبول كثير في الكلام قال تعالى: {وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة: 48] أي يقبل منها فدية وقال: {وَيَأْخُذُ الصدقات} [التوبة: 104] أي يقبلها والإصر هو الذي يلحق الإنسأن لاجل ما يلزمه من عمل قال تعالى: {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} [البقرة: 286] فسمى العهد إصرًا لهذا المعنى، قال صاحب الكشاف: سمى العهد إصرًا لأنه مما يؤصر أي يشد ويعقد، ومنه الإصار الذي يعقد به وقرئ {إِصْرِى} ويجوز أن يكون لغة في إصر. اهـ.