فصل: من فوائد القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد القرطبي:

قال رحمه الله:
قيل: أخذ الله تعالى ميثاق الأنبياء أن يصدّق بعضهم بعضًا ويأمر بعضهم بالإيمان بعضًا؛ فذلك معنى النُّصرة بالتصديق.
وهذا قول سعيد بن جُبير وقَتادة وطاوس والسُّدي والحسن، وهو ظاهر الآية.
قال طاوس: أخذ الله ميثاق الأوّل من الأنبياء أن يؤمن بما جاء به الآخِر.
وقرأ ابن مسعود {وَإِذَ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الذين أُوتُواْ الكتاب}.
قال الكسائي: يجوز أن يكون {وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النبيين} بمعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين مع النبيين.
وقال البصريون: إذا أخذ الله ميثاق النبيين فقد أخذ ميثاق الذين معهم؛ لأنهم قد اتبعوهم وصدّقوهم.
وما في قوله: {لَمَا} بمعنى الذي.
قال سيبويه: سألت الخليل بن أحمد عن قوله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النبيين لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} فقال: لما بمعنى الذي.
قال النحاس: التقدير على قول الخليل للذي آتيتكموه، ثم حذف الهاء لطول الاسم.
و{الذي} رفع بالابتداء وخبره {من كتاب وحكمة}.
ومِن لبيان الجنس.
وهذا كقول القائل: لزيد أفضل منك؛ وهو قول الأخفش أنها لام الابتداء.
قال المَهْدوِيّ: وقوله: {ثم جاءكم} وما بعده جملة معطوفة على الصلة، والعائد منها على الموصول محذوف؛ والتقدير ثم جاءكم رسول مصدّق به.
قوله تعالى: {ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ} الرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم في قول عليّ وابن عباس رضي الله عنهما.
واللفظ وإن كان نكرة فالإشارة إلى معين؛ كقوله تعالى: {وَضَرَبَ الله مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً} إلى قوله: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ} [النحل: 113].
فأخذ الله ميثاق النبيّين أجمعين أن يؤمنوا بمحمد عليه السلام وينصروه إن أدركوه، وأمرهم أن يأخذوا بذلك الميثاقَ على أممهم.
واللام من قوله: {لتؤمنن به} جواب القسم الذي هو أخذ الميثاق، إذ هو بمنزلة الاستحلاف.
وهو كما تقول في الكلام: أخذت ميثاقك لتفعلنّ كذا، كأنك قلت استحلفك، وفصل بين القسم وجوابه بحرف الجر الذي هو {لِما} في قراءة ابن كَثير على ما يأتي.
ومن فتحها جعلها متلقيةً للقسم الذي هو أخذ الميثاق.
واللام في {لتؤمنن به} جواب قسم محذوف، أي والله لتؤمنن به.
وقال المبرّد والكسائي والزجاج: ما شرط دخلت عليها لام التحقيق كما تدخل على إن، ومعناه (لمهما) آتيتكم؛ فموضع ما نصب، وموضع {آتيتكم} جزم، و{ثم جاءكم} معطوف عليه، {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} اللام في قوله: {لتؤمنن به} جواب الجزاء؛ كقوله تعالى: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ} [الإسراء: 86] ونحوه.
وقال الكسائيّ: لتؤمنن به مُعْتمد القسم فهو متصل بالكلام الأول، وجواب الجزاء قوله: {فَمَنْ تولى بَعْدَ ذلك}.
ولا يحتاج على هذا الوجه إلى تقدير عائد.
وقرأ أهل الكوفة {لِمَا آتيتكم} بكسر اللام، وهي أيضا بمعنى الذي وهي متعلقة بأخذ، أي أخذ الله ميثاقهم لأجل الذي آتاهم من كتاب وحكمة ثم إن جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به من بعد الميثاق: لأن أخذ الميثاق في معنى الاستحلاف كما تقدّم.
قال النحاس: ولأبي عبيدة في هذا قول حَسَن.
قال: المعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتؤمننّ به لِما آتيتكم من ذكر التوراة.
وقيل: في الكلام حذف، والمعنى وَإذْ أخذ الله ميثاق النبيّين لَتُعَلِّمُنّ الناس لِمَا جاءكم من كتاب وحكمة، ولتأخذنّ على الناس أن يؤمنوا.
ودلّ على هذا الحذف {وَأَخَذْتُمْ على ذلكم إِصْرِي}.
وقيل: إن اللام في قولهِ: {لِما} في قراءة من كسرها بمعنى بعد، يعني بعد ما آتيتكم من كتاب وحكمة؛ كما قال النابغة:
توهّمتُ آيات لها فعرفتُها ** لستّةِ أعوام وذا العامُ سابع

أي بعد ستة أعوام.
وقرأ سعيد بن جُبير {لمّا} بالتشديد، ومعناه حين آتيتكم.
واحتمل أن يكون أصلها التخفيف فزيدت مِن على مذهب من يرى زيادتها في الواجب فصارت لمن ما، وقلبت النون ميما للإدغام فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الأولى منهن استخفافا.
وقرأ أهل المدينة {آتيناكم} على التعظيم.
والباقون: {آتيتكم} على لفظ الواحد.
ثم كلّ الأنبياء لم يُؤتوا الكتاب وإنما أوتي البعض؛ ولكن الغلبة للذين أوتوا الكتاب.
والمراد أخذ ميثاق جميع الأنبياء فمن لم يؤت الكتاب فهو في حكم من أوتي الكتاب لأنه أوتي الحُكْم والنبوّة.
وأيضا من لم يؤت الكتاب أمر بأن يأخذ بكتاب من قبله فدخل تحت صفة من أوتي الكتاب.
قوله تعالى: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ على ذلكم إِصْرِي قالوا أَقْرَرْنَا قَالَ فاشهدوا وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ الشاهدين} {أأقررتم} من الإقرار، والإصْر والأَصْر لغتان، وهو العهد.
والإصر في اللغة الثِّقْل؛ فَسُمِّي العهد إصرًا لأنه مَنْع وتشديد.
{قَالَ فاشهدوا} أي اعلموا؛ عن ابن عباس.
الزجاج: بيّنوا لأن الشاهد هو الذي يصحّح دعوى المدّعِي.
وقيل: المعنى اشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم.
{وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ الشاهدين} عليكم وعليهم.
وقال سعيد بن المسيّب: قال الله عز وجل للملائكة فاشهدوا عليهم، فتكون كناية عن غير مذكور. اهـ.

.من فوائد ابن عطية:

قال رحمه الله:
وقوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} الآية، المعنى واذكر يا محمد {إذ} ويحتمل أن يكون {أخذ} هذا الميثاق حين أخرج بني آدم من ظهر آدم نسمًا، ويحتمل أن يكون هذا الأخذ على كل نبي في زمنه ووقت بعثه، ثم جمع اللفظ، في حكاية الحال في هذه الآية، والمعنى: أن الله تعالى أخذ ميثاق كل نبي بأنه يلتزم هو ومن آمن به، الإيمان بمن أوتي بعده من الرسل، الظاهره براهينهم والنصرة له، واختلف المفسرون في العبارة عن مقتضى ألفاظ هذه الآية، فقال مجاهد والربيع: إنما أخذ ميثاق أهل الكتاب، لا ميثاق النبيين، وفي مصحف أبي بن كعب وابن مسعود: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب}، قال مجاهد: هكذا هو القرآن، وإثبات {النبيين} خطأ من الكتاب.
قال الفقيه الإمام: وهذا لفظ مردود بإجماع الصحابة على مصحف عثمان رضي الله عنه، وقال ابن عباس رضي الله عنه: إنما {أخذ الله ميثاق النبيين} على قومهم، فهو أخذ لميثاق الجميع، وقال طاوس: أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضًا، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما بعث الله نبيًا، آدم فمن بعده، إلا أخذ عليه العهد في محمد لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره بأخذه على قومه، ثم تلا هذه الآية، وقاله السدي: وروي عن طاوس أنه قال: صدر الآية أخذ الميثاق على النبيين وقوله: {ثم جاءكم} مخاطبة لأهل الكتاب بأخذ الميثاق عليهم.
قال الفقيه الإمام أبو محمد: حكاه الطبري وهو قول يفسده إعراب الآية، وهذه الأقوال كلها ترجع إلى ما قاله علي بن أبي طالب وابن عباس، لأن الأخذ على الأنبياء أخذ على الأمم. وقرأ حمزة وغيره سوى السبعة: {لما} بكسر اللام، وهي لام الجر، والتقدير لأجل ما أتيناكم، إذ أنتم القادة الرؤوس، ومن كان بهذه الحال فهو الذي يؤخذ ميثاقه، وما في هذه القراءة بمعنى الذي الموصولة، والعائد إليها من الصلة تقديره آتيناكموه، و{من} لبيان الجنس، وقوله، {ثم جاءكم} الآية، جملة معطوفة على الصلة، ولابد في هذه الجملة من ضمير يعود على الموصول، فتقديره عند سيبويه: رسول به مصدق لما معكم، وحذف تخفيفًا كما حذف الذي في الصلة بعينها لطول الكلام، كما قال تعالى: {أهذا الذي بعث الله رسولًا} [الفرقان: 41] والحذف من الصلات كثير جميل، وأما أبو الحسن الأخفش، فقال قوله تعالى: {لما معكم}. هو العائد عنده على الموصول، إذ هو في المعنى بمنزلة الضمير الذي قدر سيبويه، وكذلك قال الأخفش في قوله تعالى: {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} [يوسف: 90] لأن المعنى لا يضيع أجرهم، إذ المحسنون هم من يتقي ويصبر، وكذلك قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملًا} [الكهف: 30] وكذلك ما ضارع هذه الآيات، وسيبويه رحمه الله لا يرى أن يضع المظهر موقع المضمر، كما يراه أبو الحسن، واللام في {لتؤمِننَّ}، هي اللام المتعلقة للقسم الذي تضمنه أخذ الميثاق وفصل بين القسم والمقسم عليه بالجار والمجرور وذلك جائز.
وقرأ سائر السبعة: {لَما} بفتح اللام، وذلك يتخرج على وجهين، أحدهما أن تكون ما موصولة في موضع رفع بالابتداء، واللام لام الابتداء، وهي متلقية لما أجري مجرى القسم من قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق} وخبر الابتداء قوله: {لتؤمنن}، و{لتؤمنن} متعلق بقسم محذوف، والمعنى والله لتؤمنن، هكذا قال أبو علي الفارسي، وفيه من جهة المعنى نظر، إذا تأملت على أي شيء وقع التحليف لكنه متوجه بأن الحلف يقع مرتين تأكيدًا فتأمل، والعائد الذي في الصلة، والعائد الذي في الجملة المعطوفة على الصلة هنا في هذه القراءة هما على حد ما ذكرناهما في قراءة حمزة، أما أن هذا التأويل يقتضي عائدًا من الخبر الذي هو {لتؤمنن} فهو قوله تعالى: {به} فالهاء من {به} عائدة على ما، ولا يجوز أن تعود على {رسول} فيبقى الموصول حينئذ غير عائد عليه من خبره ذكر، والوجه الثاني الذي تتخرج عليه قراءة القراء {لما} بفتح اللام، هو أن تكون ما للجزاء شرطًا، فتكون في موضع نصب بالفعل الذي بعدها وهو مجزوم و{جاءكم} معطوف في موضع جزم، واللام الداخلة على ما ليست المتلقية للقسم، ولكنها الموطئة المؤذنة بمجيء لام القسم، فهي بمنزلة اللام في قوله تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض} [الأحزاب: 60] لأنها مؤذنة بمجيء المتلقية للقسم في قوله، لنغرينك بهم وكذلك هذه مؤذنة بمجيء المتلقية للقسم في قوله: {لتؤمِننَّ} وهذه اللام الداخلة على أن لا يعتمد القسم عليها، فلذلك جاز حذفها تارة وإثباتها تارة، كما قال تعالى: {وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم} [المائدة: 73].
قال الزجاج: لأن قولك، والله لئن جئتني لأكرمنك، إنما حلف على فعلك، لأن الشرط معلق به، فلذلك دخلت اللام على الشرط، وما في هذا الوجه من كونها جزاء لا تحتاج إلى عائد لأنها مفعولة والمفعول لا يحتاج إلى ذكر عائد.
والضمير في قوله تعالى: {لتؤمِننَّ به} عائد على {رسول}، وكذلك هو على قراءة من كسر اللام، وأما الضمير في قوله: {ولَتنصرنَه} فلا يحتمل بوجه إلا العود على رسول، قال أبو علي في الإغفال: وجزاء الشرط محذوف بدلالة قوله: {لتؤمنن} عليه، قال سيبويه: سألته، يعني الخليل عن قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيناكم} فقال: ما هنا بمنزلة الذي ودخلتها اللام كما دخلت على إن، حين قلت: لئن فعلت لأفعلن، ثم استمر يفسر وجه الجزاء قال أبو علي: أرد الخليل بقوله: هي بمنزلة الذي، أنها اسم كما أن الذي اسم ولَم يرد أنها موصولة كالذي، وإنما فرّ من أن تكون ما حرفًا كما جاءت حرفًا في قوله تعالى: {وإن كلًا لما ليوفينهم ربك أعمالهم} [هود: 111] وفي قوله: {وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا} [الزخرف: 35]، الله المستعان.
وحكى المهدوي ومكي عن سيبويه والخليل،: أن خبر الابتداء فيمن جعل ما ابتداء على قراءة من فتح اللام هو في قوله: {من كتاب وحكمة} ولا أعرف من أين حكياه لأنه مفسد لمعنى الآية لا يليق بسيبويه، والخليل، وإنما الخبر في قوله، {لتؤمنن} كما قال أبو علي الفارسي ومن جرى مجراه كالزجاج وغيره، وقرأ الحسن: {لمّا آتيناكم} بفتح اللام وشدها قال أبو إسحاق: أي لما آتاكم الكتاب والحكمة أخذ الميثاق، وتكون اللام تؤول إلى الجزاء، كما تقول لما جئتني أكرمتك.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ويظهر أن {لما} هذه هي الظرفية أي لما كنتم بهذه الحال، رؤساء الناس وأماثلهم، أخذ عليكم الميثاق، إذ على القادة يؤخذ، فيجيء هذا المعنى كالمعنى في قراءة حمزة، وذهب ابن جني في {لما} في هذه الآية إلى أن أصلها لمن ما، وزيدت من في الواجب على مذهب الأخفش، ثم أدغمت، كما يجب في مثل هذا، فجاء لهما، فثقل اجتماع ثلاث ميمات فحذفت الميم الأولى فبقي لما، وتتفسر هذه القراءة على هذا التوجيه المحلق تفسر لما بفتح الميم مخففة، وقد تقدم، وقرأ نافع وحده، {آتيناكم} بالنون، وقرأ الباقون، {آتيتكم} بالتاء، و{رسول} في هذه الآية اسم جنس، وقال كثير من المفسرين: الإشارة بذلك إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وفي مصحف ابن مسعود: {مصدقًا} بالنصب على الحال.
قوله تعالى: {قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِى قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأْوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
هذه الآية هي وصف توقيف الأنبياء على إقرارهم بهذا الميثاق والتزامهم له وأخذ عهد الله فيه، وذلك يحتمل موطن القسم، ويحتمل أن يراد بهذه العبارة الجامعة وصف ما فعل مع كل نبي في زمنه، {وأخذتم} في هذه الآية عبارة عما تحصل لهم من إيتاء الكتاب والحكمة فمن حيث أخذ عليهم أخذوا هم أيضا وقال الطبري: {أخذتم} في هذه الآية معناه: قبلتم، والإصر، العهد، لا تفسير له في هذا الموضع إلا لذلك، وقوله تعالى: {فاشهدوا} يحتمل معنيين: أحدهما فاشهدوا على أممكم المؤمنين بكم، وعلى أنفسكم بالتزام هذا العهد، هذا قول الطبري وجماعة، والمعنى الثاني، بثوا الأمر عند أممكم واشهدوا به، وشهادة الله تعالى هذا التأويل، وفي التي في قوله: {وأنا معكم من الشاهدين} هي إعطاء المعجزات وإقرار نبوءاتهم، هذا قول الزجّاج وغيره.
قال القاضي أبو محمد: فتأمل أن القول الأول هو إيداع الشهادة واستحفظها، والقول الثاني هو الأمر بأدائها، وحكم الله تعالى بالفسق على من تولى من الأمم بعد هذا الميثاق، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره ويحتمل أن يريد بعد الشهادة عند الأمم بهذا الميثاق على أن قوله، {فاشهدوا} أمر بالأداء. اهـ.

.من فوائد تقي الدين السبكي:

قَالَ رَحِمَهُ الله:
التعظيم والمنة في {لتؤمنن به ولتنصرنه}.
قَالَ رَضِيَ الله عَنْهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَظَّمَ نَبِيَّهُ وَمَنَّ عَلَيْنَا بِهِ، وَهَدَانَا إلَى كُلِّ خَيْرٍ، إذْ وَصَّلَ سَبَبَنَا بِسَبَبِهِ. وَبَعْدُ فَقَدْ حَصَلَ الْبَحْثُ فِي تَفْسِيرِ قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ}.