فصل: موعظة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولهما واللفظ لمسلم أيضا عَن أبي شُرَيح العَدوي أنه قال لعَمْرو بن سعيد، وهو يبعث البعوث إلى مكةَ: ائذَنْ لي أيها الأمير أن أُحدِّثك قَولا قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغَدَ من يوم الفتح سَمعَتْه أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به، أنه حَمد الله وأثنى عليه ثم قال: «إنَّ مَكِّةَ حَرَّمَهَا اللهُ ولَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلا يَحِلُّ لامرئ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخر أنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، ولا يَعْضد بِهَا شَجَرةً، فَإنْ أحَد تَرخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا فَقُولُوا له: إنَّ اللهَ أذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وإنَّمَا أذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأمْسِ فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهدُ الغائِبَ» فقيل لأبي شُرَيح: ما قال لك عَمْرو؟ قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحَرَم لا يُعيذ عاصيا ولا فَارا بِدَمٍ ولا فارا بخَزْيَة.
وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يَحِلُّ لأحَدِكُمْ أنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلاحَ» رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عَدِيّ بن الحمراء الزهري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، وهو واقف بالحَزْوَرَة في سوق مكة: «واللهِ أنك لَخَيْرُ أرْضِ اللهِ، وأحَبُّ أرْضِ اللهِ إلَى اللهِ، ولَوْلا أنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ».
رواه الإمام أحمد، وهذا لفظه، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وكذا صَحَّح من حديث ابن عباس نحوه.
وروى أحمد عن أبي هريرة، نحوه. اهـ.

.موعظة:

.قال ابن الجوزي:

.المجلس الثامن في قصة بناء الكعبة:

الحمد لله الملك الجليل المنزه عن النظير والعديل المنعم بقبول القليل المتكرم بإعطاء الجزيل تقدس عما يقول أهل التعطيل وتعالى عما يعتقد أهل التمثيل نصب للعقل على وجوده أوضح دليل وهدى إلى وجوده أبين سبيل وجعل للحسن حظًا إلى مثله يميل فأمر ببناء بيت وجل عن السكنى الجليل وإذا يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ثم حماه لما قصده أصحاب الفيل فأرسل عليهم حجارة من سجيل أحمده كلما نطق بحمده وقيل وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزه عن ما عنه قيل وأصلي على نبيه محمد النبي النبيل وعلى أبي بكر الصديق الذي لا يبغضه إلا ثقيل وعلى عمر وفضل عمر فضل طويل وعلى عثمان وكم لعثمان من فعل جميل وعلى علي وجحد قدر على تغفيل وعلى عمه العباس المستسقى بشيبته فإذا السحب تسيل قال الله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} اختلف العلماء في المبتدئ ببناء البيت على ثلاثة أقوال أحدها أن الله تعالى وضعه لا ببناء أحد ثم في زمن وضعه إياه قولان أحدهما قبل خلق الدنيا قال أبو هريرة كانت الكعبة حشفة على الماء عليها ملكان يسبحان الليل والنهار قبل خلق الأرض بألفي عام الحشفة الأكمة الحمراء وقال ابن عباس رضي الله عنهما لما كان العرش على الماء قبل خلق السماوات بعث الله تعالى ريحًا فصفقت الماء فأبرزت عن حشفة في موضع البيت كأنها قبة فدحا الأرض من تحتها.
وقال مجاهد لقد خلق الله تعالى موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئًا من الأرض بألفي سنة وإن قواعده لفي الأرض السابعة السفلى وقال كعب كانت الكعبة غثاء على الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بأربعين سنة وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كان البيت قبل هبوط آدم ياقوتة من يواقيت الجنة وفيه قناديل من الجنة فلما أهبط الله تعالى آدم أنزل عليه الحجر الأسود فأخذه فضمه إليه استئناسًا به وحج آدم فقالت له الملائكة بر حجك لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام فقال يا رب اجعل له عمارًا من ذريتي فأوحى الله تعالى إني معمره بأبناء نبي من ذريتك اسمه إبراهيم القول الثاني أن الملائكة بنته قال أبو جعفر الباقر لما قالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها غضب عليهم فعاذوا بالعرش يطوفون حوله يسترضون ربهم فرضي عنهم وقال ابنوا في الأرض بيتًا يعوذ به كل من سخطت عليه ويطوفون حوله كما فعلتم بعرشي فبنوا هذا البيت والثالث أن آدم لما أهبط أوحى الله إليه ابن لي بيتًا واصنع جوله كما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي رواه أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما وروى عنه عطاء أنه بناه آدم من خمسة أجبل لبنان وطور سيناء وطور زيتا والجودي وحراء قال وهب فلما مات آدم بناه بنوه بالطين والحجارة فنسفه الغرق قال مجاهد وكان موضعه بعد الغرق أكمة حمراء لا تعلوها السيول وكان يأتيها المظلوم ويدعو عندها المكروب قال علماء السير لما سلم الخليل من النار خرج بمن معه من المؤمنين مهاجرًا فتزوج سارة بحران وقدم مصر وبها فرعون من الفراعنة فوصف له حسنها فبعث فأخذها فلما دخلت قام إليها فقامت تصلي وتقول اللهم إني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط على الكافر فغط حتى ركض الأرض برجله فقالت اللهم إن يمت يقال هي التي قتلته فأرسل ثم قام إليها فدعت فغط حتى ركض الأرض برجله ثم أرسل فقال ردوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر فوهبتها لإبراهيم وقالت لعله يأتيك منها ولد وكانت سارة قد منعت الولد فولدت له إسماعيل فهو بكر أبيه ولد له وهو ابن تسعين سنة فلما ولدت غارت سارة وأخرجتها وحلفت لتقطعن منها بضعة فحفظتها ثم قالت لا تساكنني في بلدي فأوحى الله تعالى إليه أن يأتي مكة فذهب بها وبابنها والبيت يومئذ ربوة حمراء فقال يا جبريل أهنا أمرت أن أضعهما قال نعم فأنزلهما موضع الحجر وأمر هاجر أن تتخذ فيه عريشًا أخبرنا عبد الأول قال أنبأنا أبو الحسن الداودي قال أنبأنا ابن أعين السرخسي حدثنا أبو عبد الله العزيزي حدثنا البخاري حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أيوب السختياني وكثير بن كثير عن المطلب بن أبي وداعة يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس رضي الله عنهما أول ما اتخذ النساء المنطقة من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقًا لتعفي أثرها على سارة ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هناك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفى إبراهيم منطلقًا فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء فقالت له ذلك مرارًا وجعل لا يلتفت إليها فقالت له الله أمرك بهذا قال نعم قالت إذًا لا يضيعنا الله ثم رجعت فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال رب {إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم} حتى بلغ يشكرون وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقا عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى من العطش أو قال يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدًا فلم تر أحد فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي فلم تر أحدًا ففعلت ذلك سبع مرات قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك سعى الناس بينهما فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا فقالت صه تريد نفسها ثم تسمعت أيضا فقالت قد أسمعت إن كان عندك غواث فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تحوضه وتقول بيدها وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينًا معينًا قال فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك لا تخافي الضيعة فإن هذا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله وكان البيت مرتفعًا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم مقبلين من طريق كدي فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا عائفًا فقالوا إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا.
قال وأم إسماعيل عند الماء قالوا أتأذنين لنا أن ننزل عندك قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء قالوا نعم قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم وماتت أم إسماعيل فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت خرج يبتغي لنا ثم سألها عن عيشتهم وهيأتهم فقالت نحن بشر نحن في ضيق وشدة وشكت إليه قال إذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئًا فقال هل جاءكم من أحد قالت نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة قال فهل أوصاك بشيء قالت نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول غير عتبة بابك قال ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك فطلقها وتزوج منهم أخرى فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت خرج يبتغي لنا فسألها عن عيشتهم وهيأتهم فقالت نحن بخير وسعة وأثنت على الله عز وجل فقال ما طعامكم قالت اللحم قال فما شرابكم قالت الماء قال اللهم بارك لهم في اللحم والماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه قال فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه فلما جاء إسماعيل قال هل جاءكم من أحد قالت نعم جاءنا شيخ حسن الوجه وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير قال فأوصاك بشيء قالت نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك قال ذاك أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلًا له تحت دوحة قريبًا من زمزم فلما رآه قام إليه فصنعا كما يفعل الوالد بالولد والولد بالوالد ثم قال يا إسماعيل إن الله قد أمرني بأمر قال فاصنع ما أمرك ربك قال وتعينني قال وأعينك قال فإن الله تعالى قد أمرني أن أبني هاهنا بيتًا وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها فعند ذلك رفع القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان ربنا تقبل منا أنك أنت السميع العليم انفرد بإخراجه البخاري قال علماء السير لما أمر الخليل عليه السلام ببناء البيت قال يا رب بين لي صفته فأرسل الله تعالى سحابة على قدر الكعبة فسارت معه حتى قدم مكة حتى وقفت في موضع البيت ونودي ابن علي ظلها لا تزد ولا تنقص وكان جبريل حين الغرق قد استودع أبا قبيس الحجر الأسود فلما بنى إبراهيم البيت أخرجه إليه فوضعه أخبرنا الكروخي أنبأنا الغورجي أنبأنا الجراحي حدثنا المحبوبي حدثنا الترمذي حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم قالوا وولد لإسماعيل اثنا عشر ولدا واتخذه الله نبيًا وبعثه إلى العماليق وجرهم وقبائل اليمن فنهاهم عن عبادة الأوثان وتوفيت هاجر وهي بنت تسعين سنة ولإسماعيل عشرون سنة فدفنها في الحجر وعاش مائة وسبعا وثلاثين سنة وكان قد شكا إلى ربه حر مكة فأوحى الله تعالى إليه أني أفتح لك بابا من الجنة في الحجر يجري عليك منه الروح إلى يوم القيامة وفي الحجر قبره ولما توفي دبر أهل الحرم بعده ابنه نابت ويقال نبت ثم غلبت جرهم على البيت وانهدم فبنته العمالقة ثم بنته جرهم وقصده أصحاب الفيل وكان السبب أن أبرهة بنى كنيسة وأراد أن يصرف إليها الحج فسمع بذلك رجل من العرب فأحدث فيها فغضب أبرهة وقصد الكعبة فلما دنا من مكة أغار أصحابه على نعم الناس فأصابوا إبلًا لعبد المطلب ثم قال لبعض أصحابه سل عن شريف مكة فأتي بعبد المطلب فقال له ما حاجتك قال حاجتي أن ترد علي إبلي قال أولا تسألني عن بيت هو دينك ودين آبائك فقال أنا رب هذا الإبل ولهذا البيت رب يمنعه فأمر قريشًا أن يتفرقوا في الشعاب وأخذ بحلقة باب الكعبة وقال:
يا رب لا أرجو لهم سواكا ** يا رب فامنع منهم حماكا

إن عدو البيت من عاداكا ** امنعهم أن يخربوا قراكا

ثم قال:
لا هم إن المرء يمنع رحله ** وحلاله فامنع رحالك

لا يغلبن صليبهم ** ومحالهم غدوًا محالك

جروا جموع بلادهم ** والفيل كي يسبوا عيالك

عمدوا حماك بكيدهم ** جهلًا وما رقبوا جلالك

إن كنت تاركهم وكعبتنا ** فأمر ما بدا لك

فبعث الله تعالى عليهم طيورًا رءوسها كرءوس السباع وقيل كأمثال الخطاطيف مع كل طير ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره وكانت كأمثال الحمص وقيل كرأس الجمل فكانت تقع على الرجل فتخرج من دبره والأبابيل جماعات متفرقة والسجيل الشديد الصلب والعصف تبن الزرع وورقه ثم بنته قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ شاب ثم بناه ابن الزبير ثم نقضه الحجاج وبناه سبحان من اختص من عباده الأخيار فجعل منهم الأنبياء والأبرار وأبعد العصاة والفجار {وربك يخلق ما يشاء ويختار}.

.الكلام على البسملة:

تزين أعمالًا خواتيمها ** فإنك وزين عملًا بالختام

أفضل ما زودت زاد التقى ** وشر ما تحمل زاد الأثام

والجسم ينسيه البلى في الثرى ** ما كان عاني من خطوب جسام

أخاصم القلب لإعراضه ** عن الهدى وهو ألد الخصام

ويحطم السن أخا كثرة ** وهمه متصل بالحطام

كأن عمري مركب سار بي ** حتى إذا بلغ الحين قام

سهد هذا الخلق في شأنهم ** تمت لأقوام أناموا الأنام

ليأتينك من الموت ما لا يقبل رشوة ومالًا إذا مال على القوم والقويم مالًا يا مختار الهوى جهلًا وضلالًا لقد حملت أزرك أوزارًا ثقالًا إياك والمنى فكم وعد المنى محالًا كم قال الطالب نعم نعم سأعطى نوالًا ثم نوالًا كم سقا من الحسرات كؤوسًا وفرغ ربعا بعد أن كان مأنوسًا وطمس بهوله بدورًا وشموسًا وأغمض عيونًا ونكس رءوسًا وأبدل التراب عن الثياب ملبوسًا:
إذا كان ما فيه الفتى عنه زائلًا ** فسيان فيه أدرك الحظ أو أخطا

وليس يفي يومًا سرور وغبطة ** بحزن إذا المعطي استرد الذي أعطى

لقد وعظ الزمن بالآفات والمحن لقد حدث من لم يظعن بالظعن وخوف المطلق بالمرتهن تالله لو صفت الفطن لأبصرت ما بطن إخواني أمر الموت قد علن كم طحطح الردى وكم طحن يا بائعًا لليقين مشتريًا للظنن يا مؤثرًا الرذائل في اختيار الفتن إن السرور والشرور في قرن:
أجل هبات الدهر ترك المواهب ** تمد لما أعطاك راحة ناهب

وأفضل من عيش الغنى عيش فاقة ** ومن زي ملك رائق زي راهب

ولي مذهب في هجري الإنس نافع ** إذا القوم خاضوا في اختيار المذاهب

أرانا على الساعات فرسان غارة ** وهن بنا يجرين جري السلاهب

ومما يزيد العيش إخلاق ملبس ** تأسف نفس لم تطق رد ذاهب