فصل: تفسير الآية رقم (104):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن قتادة في قوله: {اتقوا الله حق تقاته} قال: نسختها الآية التي في التغابن {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا} وعليها بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فيما استطاعوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {اتقوا الله حق تقاته} قال: نزلت هذه الآية في الأوس والخزرج وكان بينهم قتال يوم بعاث قبيل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم فأصلح بينهم، فأنزل هذه الآيات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال: لا يتقي الله العبدُ حق تقاته حتى يخزن من لسانه.
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وصححاه والنسائي وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} ولو أن قطرة من الزقوم قطرت لأمرت على أهل الأرض عيشهم، فكيف ممن ليس له طعام إلا الزقوم؟».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن طاوس {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته} وهو أن يطاع فلا يعصى، فإن لم تفعلوا ولم تستطيعوا {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} قال: على الإسلام، وعلى حرمة الإسلام.
وأخرج الخطيب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتقي الله عبد {حق تقاته} حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه».
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)}.
أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود في قول الله: {واعتصموا بحبل الله} قال: حبل الله القرآن.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن الضريس وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال: إن هذا الصراط محتضر، تحضره الشياطين ينادون يا عبد الله هلمَّ هذا هو الطريق ليصدوا عن سبيل الله، فاعتصموا بحبل الله، فإن حبل الله القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي شريح الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن سبب. طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا بعده أبدًا».
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن زيد بن أرقم قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني تارك فيكم كتاب الله، هو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة».
وأخرج أحمد عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي وأهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض».
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لكم فرط وإنكم واردون عليّ الحوض، فانظروا تخلفوني في الثقلين قيل: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الأكبر كتاب الله عز وجل. سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به لن تزالوا ولا تضلوا، والأصغر عترتي وأنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، وسألت لهما ذاك ربي فلا تقدموهما لتهلكوا، ولا تعلموهما فإنهما أعلم منكم».
وأخرج ابن سعد وأحمد والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي أمرين. أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، وأنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني من طريق الشعبي عن ابن مسعود {واعتصموا بحبل الله جميعًا} قال: «حبل الله الجماعة».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن ثابت بن فطنة المزني قال: سمعت ابن مسعود يخطب وهو يقول: أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنهما حبل الله الذي أمر به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سماك بن الوليد الحنفي. أنه لقي ابن عباس فقال: ما تقول في سلاطين علينا يظلموننا، ويشتموننا، ويعتدون علينا في صدقاتنا، ألا نمنعهم؟ قال: لا. أعطهم الجماعة الجماعة، إنما هلكت الأمم الخالية بتفرقها، أما سمعت قول الله: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا}.
وأخرج ابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على إثنتين وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة قالوا: يا رسول الله ومن هذه الواحدة؟ قال: الجماعة. ثم قال: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا}».
وأخرج ابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس قال قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة، وأن أمتي ستفترق على إثنتين وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة قالوا: يا رسول الله ومن هذه الواحدة؟ قال: الجماعة. ثم قال: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا}».
وأخرج ابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على إثنتين وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة قالوا: يا رسول الله ومن هذه الواحدة؟ قال: الجماعة. ثم قال: {واعتصموا بحبل الله جميعًا}».
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أن الله يرضى لكم ثلاثًا، ويسخط لكم ثلاثًا. يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وإن تناصحوا من ولاه الله أمركم. ويسخط لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.
وأخرج أحمد وأبو داود عن معاوية بن سفيان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على إثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة، يعني الأهواء كلها في النار إلا واحدة. وهي الجماعة».
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام عن عنقه حتى يراجعه، ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته ميتة جاهلية».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية {واعتصموا بحبل الله} قال: بالإخلاص لله وحده {ولا تفرقوا} يقول: لا تعادوا عليه يقول على الإخلاص وكونوا عليه إخوانًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {واعتصموا بحبل الله} قال: بطاعته.
وأخرج عن قتادة {واعتصموا بحبل الله} قال: بعهد الله وبأمره.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {واعتصموا بحبل الله} قال: الإسلام.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في قوله: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء} يقتل بعضكم بعضًا، ويأكل شديدكم ضعيفكم حتى جاء الله بالإسلام، فألف به بينكم، وجمع جمعكم عليه، وجعلكم عليه إخوانًا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال لقي النبي صلى الله عليه وسلم نفرًا من الأنصار فآمنوا به وصدقوا وأراد أن يذهب معهم فقالوا: يا رسول الله إن بين قومنا حربًا، وإنا نخاف إن جئت على حالك هذه أن لا يتهيأ الذي تريد. فوادوه العام المقبل فقالوا: نذهب برسول الله فلعل الله أن يصلح تلك الحرب. وكانوا يرون أنها لا تصلح وهي يوم بعاث فلقوه من العام المقبل سبعين رجلًا قد آمنوا به، فأخذ منهم النقباء إثني عشر رجلًا. فذلك حين يقول: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم} وفي لفظ لابن جرير، فلما كان من أمر عائشة ما كان، فتشاور الحيان قال بعضهم لبعض: موعدكم الحرة، فخرجوا إليها. فنزلت هذه الآية: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله: {إذ كنتم أعداء} قال: ما كان بين الأوس والخزرج في شأن عائشة.
وأخرج ابن جرير عن ابن إسحق قال: كانت الحرب بين الأوس والخزرج عشرين ومائة حتى قام الإسلام، فأطفأ الله ذلك، وألف بينهم.
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حيان قال: بلغني أن هذه الآية أنزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في رجلين؛ أحدهما من الخزرج، والآخر من الأوس، اقتتلوا في الجاهلية زمانًا طويلًا، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فأصلح بينهم، فجرى الحديث بينهما في المجلس، فتفاخروا واستبوا حتى أشرع بعضهم الرماح إلى بعض.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا} إذ كنتم تذابحون فيها يأكل شديدكم ضعيفكم حتى جاء الله بالإسلام، فآخى به بينكم، وألف به بينكم. أما والله الذي لا إله إلا هو أن الألفة لرحمة، وأن الفرقة لعذاب، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول «والذي نفس محمد بيده لا يتواد رجلان في الإسلام، فيفرق بينهما من أول ذنب يحدثه أحداهما، وإن أرادهما المحدث».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الأنصار بمَ تمنون عليَّ أليس جئتكم ضلًالًا فهداكم الله بي، وجئتكم أعداء فألف الله بين قلوبكم بي؟ قالوا: بلى. يا رسول الله».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وكنتم على شفا حفرة من النار} يقول كنتم على طرف النار، من مات منكم وقع في النار. فبعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فاستنقذكم به من تلك الحفرة.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ {وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} قال: أنقذنا منها فأرجو أن لا يعيدنا فيها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} قال: أنقذكم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت عباس بن مرداس وهو يقول:
يكب على شفا الأذقان كبا ** كما زلق التحتم عن جفاف

.تفسير الآية رقم (104):

قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما عاب سبحانه وتعالى الكفار بالضلال ثم بالإضلال أمر المؤمنين بالهدى في أنفسهم، وأتبعه الأمر بهداية الغير بالاجتماع، وكان الأمر بالاجتماع المؤكد بالنهي عن التفرق ربما أفهم الوجوب لتفرد الجميع في كل جزئية من جزئيات العبادة في كل وقت على سبيل الاجتماع مع الإعراض عن كل عائق عن ذلك سواء كان وسيلة أو لا بالنسبة إلى كل فرد فرد؛ أتبعه بقوله- منبهًا على الرضى بإيقاع ذلك في الجملة سواء كان بالبعض أو الكل كما هو شأن فروض الكفايات-: {ولتكن منكم أمة} أي جماعة تصلح لأن يقصدها غيرها، ويكون بعضها قاصدًا بعضًا، حتى تكون أشد شيء ائتلافًا واجتماعًا في كل وقت من الأوقات على البدل {يدعون} مجددين لذلك في كل وقت {إلى الخير} أي بالجهاد والتعليم والوعظ والتذكير.
ولما عم كل خير خص ليكون المخصوص مأمورًا به مرتين دلالة على جليل أمره وعليّ قدره فقال: {ويأمرون بالمعروف} أي من الدين {وينهون عن المنكر} فيه بحيث لا يخلو وقت من الأوقات عن قوم قائمين بذلك، وهو تنبيه لهم على أن يلازموا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه رضي الله تعالى عنهم من أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر حين استفزهم الشيطان بمكر شأس بن قيس في التذكير بالأحقاد والأضغان والأنكاد، وإعلام بأن الذكرى تنفع المؤمنين.
ولما كان هذا السياق مفهمًا لأن التقدير: فإنهم ينالون بذلك خيرًا كثيرًا، ولهم نعيم مقيم؛ عطف عليه مرغبًا: {وأولئك} أي العالون الرتبة العظيمو النفع {هم المفلحون} حق الإفلاح، فبين سبحانه وتعالى أن الاجتماع المأمور به إنما هو بالقلوب الجاعلة لهم كالجسد الواحد، ولا يضر فيه صرف بعض الأوقات إلى المعاش وتنعيم البدن ببعض المباحات، وإن كان الأكمل صرف الكل بالنية إلى العبادة. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى في الآيات المتقدمة عاب أهل الكتاب على شيئين:
أحدهما: أنه عابهم على الكفر، فقال: {قُلْ يا أهل الكتاب لِمَ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: 70] ثم بعد ذلك عابهم على سعيهم في إلقاء الغير في الكفر، فقال: {قُلْ يا أهل الكتاب لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} [آل عمران: 99] فلما انتقل منه إلى مخاطبة المؤمنين أمرهم أولًا بالتقوى والإيمان، فقال: {اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ واعتصموا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا} [آل عمران: 102، 103] ثم أمرهم بالسعي في إلقاء الغير في الإيمان والطاعة، فقال: {وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخير} وهذا هو الترتيب الحسن الموافق للعقل. اهـ.

.قال ابن عاشور:

هذا مفرع عن الكلام السابق: لأنه لما أظهر لهم نعمة نقلهم من حالتي شقاء وشناعة إلى حالتي نعيم وكمال، وكانوا قد ذاقوا بين الحالتين الأمرين ثم الأحلوين، فحلبوا الدهر أشطريه، كانوا أحرياء بأن يسعوا بكل عزمهم إلى انتشال غيرهم من سوء ما هو فيه إلى حسنى ما هم عليه حتى يكون الناس أمة واحدة خيرة.
وفي غريزة البشر حب المشاركة في الخير لذلك تجد الصبي إذا رأى شيئا أعجبه نادى من هو حوله ليراه معه.
ولذلك كان هذا الكلام حريا بأن يعطف بالفاء، ولو عطف بها لكان أسلوبا عربيا إلا أنه عدل عن العطف بالفاء تنبيها على أن مضمون هذا الكلام مقصود لذاته بحيث لو لم يسبقه الكلام السابق لكان هو حريا بأن يؤمر به فلا يكون مذكورا لأجل التفرع عن غيره والتبع.
وفيه من حسن المقابلة في التقسيم ضرب من ضروب الخطابة: وذلك أنه أنكر على أهل الكتاب كفرهم وصدهم الناس عن الإيمان، فقال: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَالله شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله} [آل عمران: 98، 99] الآية.