فصل: تفسير الآية رقم (122):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



لكنهم لم يقدروا على هذه لأن نفوسهم مالت إلى الغنيمة؛ وشاء الله أن يجعل التجربة في محضر من رسوله صلى الله عليه وسلم: حتى يبين للمؤمنين في كل المعارك التي تلك أن اتباع أمر القائد يجب أن يكون هو الأساس في عملية الجندية. وإنكم إن خالفتم الرسول فلابد أن تنهزموا.
وقد يقول قائل: الإسلام انهزم في أُحد. ونقول: لا، إن الإسلام انتصر. ولو أن المسلمين انتصروا في أحد مع مخالفة الرماة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أكان يستقيم لرسول الله أمر؟
إذن فقد انهزم المسلمون الذين لم ينفذوا الأمر، وكأن لابد من أن يعيشوا التجربة وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحينما هبت ريح النصر على المؤمنين في أول المعركة، ابتدأ المقاتلون في الانشغال بالأسلاب والغنائم، فقال الرماة: سيأخذ الأسلاب غيرنا ويتركوننا ونزلوا ليأخذوا الغنائم، فانتهز خالد بن الوليد وكان على دين قومه انتهز الفرصة وطوقهم وحدث ما حدث وأذيع وفشا في الناس خبر قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكفأوا وانهزموا فجعل رسول الله يدعو ويقول: «إليّ عباد الله» حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم على هربهم فقالوا: يا رسول الله: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، أتانا خبر قتلك فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين.
إن التحقيق التاريخي لمعركة أُحد قد أكد أن المسألة لا تُعتبر هزيمة ولا انتصارًا؛ لأن المعركة كانت لا تزال مائعة.
وبعدها دعا الرسول من كان معه في غزوة أحد إلى الخروج في طلب العدو، وأدركهم في حمراء الأسد وفَرَّ الكافرون. إنّ الله أراد أن يعطي المؤمنين درسًا في التزام أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال الحق: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}.
إن الحق يذكر بمسئوليات القائد، الذي يوزع المهام، فهذا جناح أيمن وذاك جناح أيسر، وهذا مقدمة وهذا مؤخرة. ويذيل الحق هذا بقوله: {وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} حتى يعرف المؤمنين أنه سبحانه قد شهد أن رسوله قد بوأ المؤمنين مقاعد القتال، وسبحانه: {عليم} بما يكون في النيات؛ لأن المسألة في الحرب دفاع عن الإيمان وليست انقياد قوالب، ولكنها انقياد قلوب قبل انقياد القوالب. اهـ.

.تفسير الآية رقم (122):

قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَالله وَلِيُّهُمَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان رجوع عبد الله بن أبي المنافق- كما يأتي في صريح الذكر آخر القصة- من الأدلة على أن المنافقين فضلًا عن المصارحين بالمصارمة متصفون بما أخبر الله تعالى عنهم من العداوة والبغضاء مع أنه كان سببًا في هم الطائفتين من الأنصار بالفشل كان إيلاء هذه القصة للنهي عن اتخاذ بطانة السوء الذين لا يقصرون عن فساد في غاية المناسبة، ولذلك افتتحها سبحانه وتعالى بقوله- مبدلًا من {إذ غدوت} دليلًا على ما قبله من أن بطانة السوء لا تألوهم خبالًا وغير ذلك-: {إذ همت طائفتان} وكانا جناحي العسكر {منكم} أي بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس {أن تفشلا} أي تكسلًا وتراخيًا وتضعفًا وتجبنًا لرجوع المنافقين عن نصرهم وولايتهم فترجعا، كما رجع المنافقون {والله} أي والحال أن ذا الجلال والإكرام {وليهما} وناصرهما لأنهما مؤمنتان فلا يتأتى وقوع الفشل وتحققه منهما لذلك، فليتوكلا عليه وحده لإيمانهما، أو يكون التقدير: فالعجب منهما كيف تعتمدان على غيره سبحانه وتعالى لتضعفا بخذلانه {و} الحال أنه {على الله} أي الذي له الكمال كله وحده {فليتوكل المؤمنون} أي الذين صار الإيمان صفة لهم ثابتة، أجمعون لينصرهم، لا على كثرة عدد ولا قوة جلد، والأحسن تنزيل الآية على الاحتباك ويكون أصل نظمها: والله وليهما لتوكلهما وإيمانهما فلم يمكن الفشل منهما، فتولوا الله وتوكلوا عليه ليصونكم من الوهن، وعلى الله فليتوكل المؤمنون كلهم ليفعل بهم ذلك، فالأمر بالتوكل ثانيًا دال على وجوده أولًا، وإثبات الولاية أولًا دال على الأمر بها ثانيًا، وفي البخاري في التفسير عن جابر رضي الله عنه قال: فينا نزلت {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} قال: نحن الطائفتان: بنو حارثة وبنو سلمة، وما نحب أنها لم تنزل لقول الله عز وجل: {وَاللهُ وَلِيُّهُمَا}. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

العامل في قوله: {إِذْ هَمَّتْ طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ} فيه وجوه:
الأول: قال الزجاج: العامل فيه التبوئة، والمعنى كانت التبوئة في ذلك الوقت.
الثاني: العامل فيه قوله: {سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
الثالث: يجوز أن يكون بدلًا من {إِذْ غَدَوْتَ}. اهـ.
فصل:
قال الفخر:
الطائفتان حيان من الأنصار: بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس لما انهزم عبد الله بن أُبي همت الطائفتان باتباعه، فعصمهم الله، فثبتوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن العلماء من قال: إن الله تعالى أبهم ذكرهما وستر عليهما، فلا يجوز لنا أن نهتك ذلك الستر. اهـ.
فصل:
قال الفخر:
الفشل: الجبن والخور، فإن قيل: الهم بالشيء هو العزم، فظاهر الآية يدل على أن الطائفتين عزمتا على الفشل والترك وذلك معصية فكيف بهما أن يقال والله وليهما؟.
والجواب: الهم قد يراد به العزم، وقد يراد به الفكر، وقد يراد به حديث النفس، وقد يراد به ما يظهر من القول الدال على قوة العدو وكثرة عدده ووفور عدده، لأن أي شيء ظهر من هذا الجنس صح أن يوصف من ظهر ذلك منه بأنه هم بأن يفشل من حيث ظهر منه ما يوجب ضعف القلب، فكان قوله: {إِذْ هَمَّتْ طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ} لا يدل على أن معصية وقعت منهما، وأيضا فبتقدير أن يقال: إن ذلك معصية لكنها من باب الصغائر لا من باب الكبائر، بدليل قوله تعالى: {والله وَلِيُّهُمَا} فإن ذلك الهم لو كان من باب الكبائر لما بقيت ولاية الله لهما. اهـ.

.قال الماوردي:

وفي سبب همّهم بالفشل قولان:
أحدهما: أن عبد الله بن أبي سلول دعاهما إلى الرجوع عن لقاء المشركين يوم أحد، فهمّا به ولم يفعلا، وهذا قول السدي وابن جريج.
والثاني: أنهم اختلفوا في الخروج في الغدو والمقام حتى همّا بالفشل. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {والله وَلِيُّهُمَا}:

قال الفخر:
في المعنى وجوه:
الأول: أن المراد منه بيان أن ذلك الهم ما أخرجهما عن ولاية الله تعالى.
الثاني: كأنه قيل: الله تعالى ناصرهما ومتولي أمرهما فكيف يليق بهما هذا الفشل وترك التوكل على الله تعالى؟
الثالث: فيه تنبيه على أن ذلك الفشل إنما لم يدخل في الوجود لأن الله تعالى وليهما فأمدهما بالتوفيق والعصمة، والغرض منه بيان أنه لولا توفيقه سبحانه وتسديده لما تخلص أحد عن ظلمات المعاصي، ويدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى بعده هذه الآية: {وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون}. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله: {وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون}:

.قال الفخر:

التوكل: تفعل، من وكل أمره إلى فلان إذا عتمد فيه كفايته عليه ولم يتوله بنفسه، وفي الآية إشارة إلى أنه ينبغي أن يدفع الإنسان ما يعرض له من مكروه وآفة بالتوكل على الله، وأن يصرف الجزع عن نفسه بذلك التوكل. اهـ.

.قال القرطبي:

قال الواقِدِيّ بإسناده عن نافع بن جبير قال: سمعت رجلًا من المهاجرين يقول: شهدت أحُدًا فنظرت إلى النبل تأتي من كل ناحية ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطها كل ذلك يصرف عنه.
ولقد رأيت عبد الله ابن شِهاب الزّهْرِيّ يقول يومئذٍ: دَلُّونِي على محمد دلوني على محمد، فلا نجوت إن نجا.
وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ما معه أحد ثم جاوزه، فعاتبه في ذلك صفوان فقال: والله ما رأيته، أحلِف بالله أنه مِنّا ممنوع خرجنا أربعةً فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله فلم نخلص إلى ذلك.
وأكَبّت الحجارة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سقط في حفرة، كان أبو عامر الرّاهب قد حفرها مكيدة للمسلمين، فخرّ عليه السلام على جنبه واحتضنه طلحة حتى قام، ومَصّ مالك بن سِنان والد أبي سعيد الخدرِيّ من جُرح رسول الله صلى الله عليه وسلم الدّم، وتشبّثت حلقتان من دِرع المِغفَر في وجهه صلى الله عليه وسلم فانتزعهما أبو عبيدة بن الجرّاح وعَضّ عليهما بِثَنِيتيه فسقطتا؛ فكان أهْتَم يزينه هَتَمُه رضي الله عنه.
وفي هذه الغزاة قُتل حمزةُ رضي الله عنه، قتله وحشِي، وكان وَحْشِيّ مملوكًا لجبير بن مُطْعِم.
وقد كان جبير قال له: إن قتلت محمدًا جعلنا لك أعِنّة الخيل، وإن أنت قتلت عليّ بن أبي طالب جعلنا لك مائة ناقة كلُّها سُود الحَدَق، وإن أنت قتلت حمزة فأنت حُرٌّ.
فقال وحشِيّ: أما محمد فعليه حافظٌ من الله لا يخلُص إليه أحدٌ.
وأما عليّ ما برز إليه أحد إلاّ قتله.
وأما حمزة فرجل شجاع، وعسى أن أُصادفه فأقتله.
وكانت هِنْد كلما تهيّأ وَحْشِيٌ أو مرّت به قالت: إيْهًا أبا دَسَمَة اشف واستشف.
فكَمِن له خلف صَخْرة، وكان حمزة حمل على القوم من المشركين؛ فلما رجع من حملته ومرّ بوحشِيّ زَرَقه بالمِزْرَاق فأصابه فسقط مَيِّتًا، رحمه الله ورضي عنه.
قال ابن إسحاق: فبقرت هِنْدٌ عن كبد حمزة فلاكتها ولم تستطع أن تسيغها فلفظتها ثم علت على صخرة مُشْرفة فصرخت بأعلى صوتها فقالت:
نحنُ جَزَيْناكم بيَوْم بَدْر ** والحربُ بعد الحرب ذاتُ سُعْرِ

ما كان عن عُتْبَة لي من صَبْرٍ ** ولا أخِي وعَمِّه وبَكْري

شفَيْتُ نفسي وقضَيْتُ نَذْرِي ** شفيتَ وَحْشِيُّ غلَيلَ صَدْرِي

فشكْرُ وحْشِي عليّ عَمْرِي ** حتى تَرِمّ أعْظُمِي في قَبْرِي

فأجابتها هِنْدُ بنت أُثَاثة بن عَبّاد بن عبد المطلب فقالت:
خَزِيتِ في بدْرٍ وبعد بدر ** يا بنت وَقّاعٍ عظيم الكُفْرِ

صبّحكِ الله غَداةَ الفجرِ ** مِلْهَاشِمِيِّين الطِّوَال الزُّهْرِ

بكل قَطّاعٍ حُسَامٍ يَفْرِي ** حمزةُ لَيْثي وعَليٌّ صَقْرِي

إذْ رَامَ شَيْبَ وأبوكِ غَدْرِي ** فَخَضَبَا منه ضَوَاحِي النَّحْرِ

ونَذْرِك السّوءَ فشرّ نَذْرِ

وقال عبد الله بن رواحة يبكي حمزة رضي الله عنه:
بكت عيني وحق لها بُكاها ** وما يغني البكاء ولا العَوِيل

على أسَدِ الإله غَداة قالوا ** أحَمْزَةُ ذاكم الرّجل القتِيل

أُصيب المسلمون به جميعا ** هناك، وقد أُصيب به الرّسول

أبا يَعْلَى لك الأركان هُدّت ** وأنت الماجد البَرّ الوَصُول

عليك سلام ربك في جِنانٍ ** مخالِطها نعيم لا يزول

ألا يا هاشم الأخيارِ صبرًا ** فكل فعالِكم حسن جميل

رسول الله مصطبِر كرِيم ** بأمر الله ينطِق إذ يقول

ألا من مُبْلِغ عنى لُؤَيًّا ** فبعد اليومِ دَائِلَةٌ تَدُول

وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا ** وقائِعنا بها يُشْفى الغَلِيل

نَسَبْتُم ضربَنا بِقَليبِ بَدْرٍ ** غداةَ أتاكم الموتُ العَجِيل

غَداةَ ثَوَى أبو جهل صريعًا ** عليه الطَّيْر حَائِمَةً تَجُول

وعُتْبَة وابنه خَرَّا جميعا ** وشَيْبَة عَضّه السيفُ الصّقِيل

ومَتْرَكُنا أُمَيَّةَ مُجْلَعِبًّا ** وفي حَيْزُومِه لَدْنٌ نبيل

وهَامَ بنِي ربيعة سائِلوها ** ففي أسيافِنا منها فُلُول

ألا يا هِنْدُ لا تبدي شَمَاتا ** بحمزةَ إن عِزّكم ذَليل

ألا يا هِنْدُ فابكي لا تَمَلِّي ** فأنتِ الوَالِهِ العَبْرَى الهَبُول

ورَثَتْه أيضا أُختُه صفية، وذلك مذكور في السيرة، رضي الله عنهم أجمعين. اهـ.

.قال أبو السعود:

وإظهارُ الاسمِ الجليلِ للتبرك والتأميل فإن الألوهيةَ من موجبات التوكلِ عليه تعالى، واللامُ في المؤمنين للجنس فيدخلُ فيه الطائفتان دخولًا أوليًا، وفيه إشعارٌ بأن وصفَ الإيمان من دواعي التوكلِ وموجباتِه. اهـ.

.قال القرطبي:

التوكل في اللغة إظهار العجز والاعتماد على الغير.
ووَاكل فلان إذا ضَيّع أمرَه مُتّكلًا على غيره.
واختلف العلماء في حقيقة التوكل؛ فسئل عنه سهل ابن عبد الله فقال: قالت فرقة الرضا بالضّمان، وقطع الطّمَع من المخلوقين.
وقال قوم: التوَكّل ترك الأسباب والركون إلى مُسبِّب الأسباب؛ فإذا شغله السبب عن المسبِّب زال عنه اسم التوكل.
قال سَهْلٌ: من قال إن التوكل يكون بترك السبب فقد طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله عز وجل يقول: {فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69] فالغنيمة اكتساب.
وقال تعالى: {فاضربوا فَوْقَ الأعناق واضربوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12] فهذا عَمَلٌ.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب العبد المحترِف» وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقْرضون على السِرية.
وقال غيره: وهذا قول عامّة الفقهاء، وأنّ التوكل على الله هو الثقة بالله والإيقان بأن قضاءه ماض، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السعي فيما لابد منه من الأسباب من مَطعم ومَشرب وتحرّزٍ من عدوّ وإعدادِ الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنة الله تعالى المعتادة.
وإلى هذا ذهب محققو الصوفية، لكنه لا يستحق اسم التوكل عندهم مع الطمأنينة إلى تلك الأسباب والالتفات إليها بالقلوب؛ فإنها لا تجلب نفعًا ولا تدفع ضرًا، بل السبب والمسبَّب فعل الله تعالى، والكل منه وبمشيئته؛ ومتى وقع من المتوكِّل ركونٌ إلى تلك الأسباب فقد انسلخ عن ذلك الاسم.
ثم المتوكلون على حالين: الأوّل حال المتمَكِّن في التوكُّل فلا يلتفت إلى شيء من تلك الأسباب بقلبه، ولا يتعاطاه إلا بحكم الأمر.
الثاني حال غير المتَمكِّن وهو الذي يقع له الالتفات إلى تلك الأسباب أحيانًا غير أنه يدفعها عن نفسه بالطرق العلمية، والبراهين القطعية، والأذواق الحالية؛ فلا يزال كذلك إلى أن يُرَقِّيه الله بجوده إلى مقام المتوكلين المتمكنين، ويلحقه بدرجات العارفين. اهـ.