فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن الجوزي:

وفي عدد الملائكة يوم بدر خسمة أقوال:
أحدها: خمسة آلاف، قاله الحسن.
وروى جبير بن مطعم عن علي رضي الله عنه، قال: بينا أنا أمتح من قليب بدر، جاءت ريح شديدة لم أر أشد منها، ثم جاءت ريح شديدة لم أر أشد منها إلا التي كانت قبلها، ثم جاءت ريح شديدة لم أر أشد منها، فكانت الريح الأولى جبريل نزل في ألفين من الملائكة، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الريح الثانية ميكائيل نزل في ألفين من الملائكة عن يمين رسول الله، وكانت الريح الثالثة إسرافيل نزل في ألف من الملائكة عن يسار رسول الله، وكنت عن يساره، وهزم الله أعداءه.
والثاني: أربعة آلاف: قاله الشعبي.
والثالث: ألف، قاله مجاهد.
والرابع: تسعة آلاف، ذكره الزجاج.
والخامس: ثمانية آلاف، ذكره بعض المفسرين. اهـ.

.قال الفخر:

اختلفوا في عدد الملائكة، وضبط الأقوال فيها أن من الناس من ضم العدد الناقص إلى العدد الزائد، فقالوا: لأن الوعد بإمداد الثلاثة لا شرط فيه، والوعد بإمداد الخمسة مشروط بالصبر والتقوى ومجيء الكفار من فورهم، فلابد من التغاير وهو ضعيف، لأنه لا يلزم من كون الخمسة مشروطة بشرط أن تكون الثلاثة التي هي جزؤها مشروطة بذلك الشرط ومنهم من أدخل العدد الناقص في العدد الزائد، أما على تقدير الأول: فإن حملنا الآية على قصة بدر كان عدد الملائكة تسعة آلاف لأنه تعالى ذكر الألف، وذكر ثلاثة آلاف، وذكر خمسة آلاف، والمجموع تسعة آلاف، وإن حملناها على قصة أحد، فليس فيها ذكر الألف، بل فيها ذكر ثلاثة آلاف، وخمسة آلاف، والمجموع: ثمانية آلاف، وأما على التقدير الثاني: وهو إدخال الناقص في الزائد فقالوا: عدد الملائكة خمسة آلاف، ثم ضم إليها ألفان آخران، فلا جرم وعدوا بالألف ثم ضم إليه ألفان فلا جرم وعدوا بثلاثة آلاف، ثم ضم إليها ألفان آخران فلام جر وعدوا بخمسة آلاف، وقد حكينا عن بعضهم أنه قال أمد أهل بدر بألف فقيل: إن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين فشق ذلك على المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم: ألن يكفيكم يعني بتقدير أن يجيء المشركين مدد فالله تعالى يمدكم أيضا بثلاثة آلاف وخمسة آلاف، ثم إن المشركين ما جاءهم المدد، فكذا هاهنا الزائد على الألف ما جاء المسلمين فهذه وجوه كلها محتملة، والله أعلم بمراده. اهـ.

.قال القرطبي:

نزول الملائكةِ سبب من أسباب النصر لا يحتاج إليه الرب تعالى، وإنما يحتاج إليه المخلوق فلْيَعْلَق القلب بالله ولْيَثِق به، فهو الناصر بسبب وبغير سبب؛ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: 82].
لكن أخبر بذلك ليمتثل الخلقُ ما أمرهم به من الأسباب التي قد خلت من قبل، {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلًا} [الفتح: 23]، ولا يَقْدَح ذلك في التوَكُّل.
وهو ردّ على من قال: إن الأسباب إنما سُنّت في حق الضعفاء لا للأقوياء؛ فإنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا الأقوياء وغيرهم هم الضعفاء؛ وهذا واضِحٌ. اهـ.

.قال الفخر:

أجمع أهل التفسير والسير أن الله تعالى أنزل الملائكة يوم بدر وأنهم قاتلوا الكفار، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم تقاتل الملائكة سوى يوم بدر وفيما سواه كانوا عددًا ومددًا لا يقاتلون ولا يضربون، وهذا قول الأكثرين، وأما أبو بكر الأصم، فإنه أنكر ذلك أشد الإنكار، واحتج عليه بوجوه:
الحجة الأولى: إن الملك الواحد يكفي في إهلاك الأرض، ومن المشهور أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت المدائن الأربع لقوم لوط وبلغ جناحه إلى الأرض السابعة، ثم رفعها إلى السماء وقلب عاليها سافلها، فإذا حضر هو يوم بدر، فأي حاجة إلى مقاتلة الناس مع الكفار؟ ثم بتقدير حضوره، فأي فائدة في إرسال سائر الملائكة؟.
الحجة الثانية: أن أكابر الكفار كانوا مشهورين وكل واحد منهم مقابله من الصحابة معلوم وإذا كان كذلك امتنع إسناد قتله إلى الملائكة.
الحجة الثالثة: الملائكة لو قاتلوا لكانوا إما أن يصيروا بحيث يراهم الناس أو لا يراهم الناس فإن رآهم الناس فإما أن يقال إنهم رأوهم في صورة الناس أو في غير صورة الناس، فإن كان الأول فعلى هذا التقدير صار المشاهد من عسكر الرسول ثلاثة آلاف، أو أكثر، ولم يقل أحد بذلك، ولأن هذا على خلاف قوله تعالى: {وَيُقَلّلُكُمْ في أَعْيُنِهِمْ} [الأنفال: 44] وإن شاهدوهم في صورة غير صور الناس لزم وقوع الرعب الشديد في قلوب الخلق فإن من شاهد الجن لا شك أنه يشتد فزعه ولم ينقل ذلك ألبتة.
وأما القسم الثاني: وهو أن الناس ما رأوا الملائكة فعلى هذا التقدير: إذا حاربوا وحزوا الرؤوس، ومزقوا البطون وأسقطوا الكفار عن الأفراس، فحينئذ الناس كانوا يشاهدون حصول هذه الأفعال مع أنهم ما كانوا شاهدوا أحدًا من الفاعلين، ومثل هذا يكون من أعظم المعجزات، وحينئذ يجب أن يصير الجاحد لمثل هذه الحالة كافرًا متمردًا، ولما لم يوجد شيء من ذلك عرف فساد هذا القسم أيضا.
الحجة الرابعة: أن هؤلاء الملائكة الذين نزلوا، إما أن يقال: إنهم كانوا أجسامًا كثيفة أو لطيفة، فإن كان الأول وجب أن يراهم الكل وأن تكون رؤيتهم كرؤية غيرهم، ومعلوم أن الأمر ما كان كذلك، وإن كانوا أجسامًا لطيفة دقيقة مثل الهواء لم يكن فيهم صلابة وقوة، ويمتنع كونهم راكبين على الخيول وكل ذلك مما ترونه.
واعلم أن هذه الشبهة إنما تليق بمن ينكر القرآن والنبوّة، فأما من يقر بهما فلا يليق به شيء من هذه الكلمات، فما كان يليق بأبي بكر الأصم إنكار هذه الأشياء مع أن نص القرآن ناطق بها وورودها في الأخبار قريب من التواتر، روى عبد الله بن عمر قال لما رجعت قريش من أحد جعلوا يتحدثون في أنديتهم بما ظفروا، ويقولون: لم نر الخيل البلق ولا الرجال البيض الذين كنا نراهم يوم بدر والشبهة المذكورة إذا قابلناها بكمال قدرة الله تعالى زالت وطاحت فإنه تعالى يفعل ما يشاء لكونه قادرًا على جميع الممكنات ويحكم ما يريد لكونه منزّهًا عن الحاجات. اهـ.

.قال القرطبي:

وتظاهرت الروايات بأنّ الملائكة حضرت يوم بَدر وقاتلت؛ ومن ذلك قول أبي أُسيدٍ مالكِ بنِ ربيعة وكان شهيد بدر: لوكنتُ معكم الآن بِبَدْر وَمَعِي بصرى لأريتُكم الشِّعْب الذي خرجتْ منه الملائكةُ، لا أشك ولا أمْتَرِي.
رواه عقيل عن الزُّهريّ عن أبي حازم سلمَة بنِ دينار.
قال ابن أبي حاتم: لا يُعرف للزّهريّ عن أبي حازم غيرُ هذا الحديث الواحد، وأبو أُسَيدٍ يُقال أنه آخر من مات من أهل بدر؛ ذكره أبو عمر في الاستيعاب وغيره.
وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب قال: لما كان يومِ بَدْر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألْفٌ، وأصحابه ثلاثُ مائةٍ وتسعة عشر رجلًا، فاستقبل نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مدّ يدَيْه فجعل يَهْتِف بربِّه: «اللهمَّ أنجِزْ لي مَا وَعَدْتَنِي اللهمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللهمَّ إن تَهْلِك هذه العَصَابَةُ مِن أهل الإسلام لاَ تُعْبَدُ فِي الأرْضِ» فما زال يَهْتِف بربه مادًّا يديْه مُستقبلَ القِبلة حتى سقط رداؤُه عن مَنْكِبَيْه، فأتاه أبو بكر أخذَ رداءَه فألقاه على مَنْكِبَيْه، ثم الْتَزَمَه من وَرائه وقال: يا نبيّ الله، كفاك مناشَدَتُك رَبَّك، فإنه سيُنْجِزُ لك ما وَعَدَك؛ فأنزل الله عزّ وجلّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاستجاب لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الملائكة مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فأمدّه الله تعالى بالملائكة.
قال أبو زُمَيْل: فحدّثني ابن عباس قال: بيْنما رجلٌ من المسلمين يومئذ يَشْتَدّ في أثرَ رجل من المشركين أمامَه إذْ سمِع ضربةً بالسَّوْط فوقَه وصوتَ الفارِس يقول: أَقِدمْ حَيْزُومُ، فنظر إلى المشرِك أمامه فَخرّ مستلقيًا، فنظر إليه فإذا هو قَدْ خُطِم أنفُه وشُقّ وجهُه (كضربة السوط) فاخْضَرّ ذلك أجْمَعُ.
فجاء الأنصاريّ فحدّث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صدقتَ ذلك من مَدَد السَّماء الثالثة» فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين.
وذكر الحديث.
وسيأتي تمامُه في آخر الأنفال إن شاء الله تعالى.
فتظاهرت السنة والقرآن على ما قاله الجمهور، والحمد لله.
وعن خارجة بن إبراهيم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِجبْرَيل: «مَنِ القائلُ يوم بدر من الملائكة أقدم حَيْزُوم»؟ فقال جبريل: «يا محمد ما كل أهل السماء أعرف» وعن عليّ رضي الله عنه أنه خطب الناس فقال: بينا أنا أمْتَح من قَلِيب بَدْر جاءت ريحٌ شديدة لم أرَ مثلها قَطّ، ثم ذهبت، ثم جاءت ريحٌ شديدة لم أرَ مثلها قط إلاَّ التي كانت قبلها.
قال: وأظنه ذكر: ثم جاءت ريحٌ شديدة، فكانت الرِّيح الأولى جبريل نزل في ألف من الملائكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الريح الثانية مِيكَائِيل نزل في ألف من الملائكة عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر عن يمينه، وكانت الريح الثالثة إسْرَافِيل نزل في ألف من الملائكة عن مَيْسَرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في الميسرة.
وعن سَهل بن حُنَيف رضي الله عنه قال: لقد رأيتُنا يوم بَدْر وأنّ أحدنَا يُشِير بسيفه إلى رأس المشرك فيقع رأسُه عن جسده قبل أن يَصِل إليه.
وعن الرّبيع بن أنس قال: كان الناس يوم بَدْر يعرفون قتلى الملائكة ممَّن قتلوهم بضربٍ فوقَ الأعْناق وعلى البَنَان مثل سِمَة النار قد أُحرِق به؛ ذكر جميعه البَيْهَقِيّ رحمه الله.
وقال بعضهم: إن الملائكة كانوا يقاتلون وكانت علامة ضربهم في الكفار ظاهرة؛ لأن كلَّ موضع أصابتْ ضربتهم اشتعلت النار في ذلك الموضع، حتى إن أبا جهل قال لابن مسعود: أنت قتلتني؟ اإنما قتلني الذي لم يصل سِنَانِي إلى سُنْبُك فرسه وإن اجتهدت.
وإنما كانت الفائدة في كثرة الملائكة لتسكين قلوب المؤمنين؛ ولأنّ الله تعالى جعل أُولئك الملائكة مجاهدين إلى يوم القيامة؛ فكل عسكر صَبَر واحتسب تأتيهم الملائكة ويقاتلون معهم.
وقال ابن عباس ومجاهد: لم تقاتل الملائكةُ إلاَّ يوم بَدْر، وفيما سوى ذلك يشهدون ولا يقاتلون إنما يكونون عددًا أو مددًا.
وقال بعضهم: إنما كانت الفائدة في كثرة الملائكة أنهم كانوا يَدْعُون ويسبِّحون، ويكثرون الذين يقاتلون يومئذ؛ فعلى هذا لم تقاتل الملائكةُ يوم بدر وإنما حضروا للدعاء بالتثّبِيت، والأوّل أكثر.
قال قتادة: كان هذا يوم بدر، أمدّهم الله بألفٍ ثم صاروا ثلاثةَ آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف؛ فذلك قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاستجاب لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الملائكة مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] وقوله: {أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الملائكة مُنزَلِينَ} وقوله: {بلى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاف مِّنَ الملائكة مُسَوِّمِينَ} فصبرَ المؤمنون يوم بَدْر واتقوا الله فأمدّهم الله بخمسة آلاف من الملائكة على ما وَعَدَهُم؛ فهذا كله يوم بدر.
وقال الحسن: فهؤلاء الخمسة آلاف رِدْءٌ للمؤمنين إلى يوم القيامة.
قال الشعبيّ: بلغ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم بدر أن كُرْز بن جابر المُحارِبيّ يريد أن يُمدّ المشركين فشق ذلك على النبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين؛ فأنزل الله تعالى: {أَلَنْ يَكْفِيكُمْ} إلى قوله: {مُسَوِّمِينَ} فبلغ كُرْزًا الهزيمةُ فلم يُمدّهم ورجع، فلم يمدهم الله أيضا بالخمسة آلاف، وكانوا قد مدّوا بألف.
وقيل: إنما وعد الله المؤمنين يوم بدر إن صبروا على طاعته، واتقوا محارمه أن يمدّهم أيضا في حروبهم كلها، فلم يصبروا ولم يتقوا محارمه إلاَّ في يوم الأحزاب، فأمدّهم حين حاصروا قُرَيْظة.
وقيل: إنما كان هذا يوم أحُد، وعدهم الله المدد إن صبروا، فما صبروا فلم يُمدّهم بملَك واحد، ولو أُمِدّوا لما هُزِمُوا؛ قاله عكرمة والضحاك.
فإن قيل: فقد ثبت عن سعد بن أبي وَقّاص أنه قال: رأيت عن يَمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن يساره يومَ بَدْر رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه أشدّ القتال، ما رأيتهما قبلُ ولا بعدُ.
قيل له: لعل هذا مختص بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، خصّه بملكين يقاتلان عنه، ولا يكون هذا إمدادًا للصحابة، والله أعلم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وإنَّما جيء في النَّفي بحرف لَن الَّذي يفيد تأكيد النَّفي للإشعَار بأنهم كانوا يوم بدر لقلّتهم، وضعفهم، مع كثرة عدوّهم، وشوكته، كالآيسين من كفاية هذا المدد من الملائكة، فأوقع الاستفهام التَّقريري على ذلك ليكون تلقينًا لِمن يخالج نفسَه اليأس من كفاية ذلك العدد من الملائكة، بأن يصرّح بما في نفسه، والمقصود من ذلك لازمهُ، وهذا إثبات أنّ ذلك العدد كاف. اهـ.

.قال الفخر:

اختلفوا في كيفية نصرة الملائكة قال بعضهم: بالقتال مع المؤمنين، وقال بعضهم: بل بتقوية نفوسهم وإشعارهم بأن النصرة لهم وبإلقاء الرعب في قلوب الكفار، والظاهر في المدد أنهم يشركون الجيش في القتال إن وقعت الحاجة إليهم، ويجوز أن لا تقع الحاجة إليهم في نفس القتال وأن يكون مجرد حضورهم كافيًا في تقوية القلب، وزعم كثير من المفسرين أنهم قاتلوا يوم بدر ولم يقاتلوا في سائر الأيام. اهـ.
فصل:
قال الفخر:
قوله تعالى: {أَلَنْ يَكْفِيكُمْ} معنى الكفاية هو سد الخلة والقيام بالأمر، يقال كفاه أمر كذا إذا سد خلته، ومعنى الإمداد إعطاء الشيء حالًا بعد حال قال المفضل: ما كان على جهة القوة والإعانة قيل فيه أمده يمده، وما كان على جهة الزيادة قيل فيه: مده يمده ومنه قوله: {والبحر يَمُدُّهُ} [لقمان: 27]. اهـ.
فصل:
قال الفخر:
قال صاحب الكشاف: إنما قدم لهم الوعد بنزول الملائكة لتقوى قلوبهم ويعزموا على الثبات ويثقوا بنصر الله ومعنى {أَلَنْ يَكْفِيكُمْ} إنكار أن لا يكفيكم الإمداد بثلاثة آلاف من الملائكة وإنما جيء بلن التي هي لتأكيد النفي للاشعار بأنهم كانوا لقلتهم وضعفهم وكثرة عددهم كالآيسين من النصر. اهـ.