فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري:

أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: «قل للظلمة حتى لا يذكروني فإني أوجبت أن أذكر من ذكرني وذكري للظلمة باللعنة».
وقال لظَلَمَةِ هذه الأمة.
{أَوْ ظَلَمُوا أنفُسَهُمْ ذِكَرُوا اللهَ} ثم قال في آخر الآية: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ}.
ويقال فاحشةُ كلِّ أحد على حسب حاله ومقامه، وكذلك ظلمهم وإن خطور المخالفات ببال الأكابر كفِعْلها من الأغيار، قال قائلهم:
أنت عيني وليس من حق عيني ** غضُّ أجفانها على الأقذاء

فليس الجُرْم على البساط كالذَّنب على الباب.
ويقال فعلوا فاحشة بركونهم إلى أفعالهم، أو ظلموا أنفسهم بملاحظة أحوالهم، فاستغفروا لذنوبهم بالتبري عن حركاتهم وسكناتهم علمًا منهم بأنه لا وسيلة إليه إلا به، فخلصهم من ظلمات نفوسهم. وإن رؤية الأحوال والأفعال لَظُلُمَاتٌ عند ظهور الحقائق، ومَنْ طَهَّره الله بنور العناية صانه عن التورط في المغاليط البشرية. اهـ.

.من فوائد ابن عاشور:

قال رحمه الله:
إن كان عطفَ فريقٍ آخر، فهم غيرُ المتّقين الكاملين، بل هم فريق من المتّقين خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيّئًا، وإن كان عطفَ صفات، فهو تفضيل آخر لحال المتَّقين بأن ذُكر أوّلًا حال كمالهم، وذكر بعده حال تداركهم نقائصهم.
والفاحشة الفَعلة المتجاوزة الحدّ في الفساد، ولذلك جمعت في قوله تعالى: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} [النجم: 32] واشتقاقها من فَحُش بمعنى قال قولًا ذميمًا، كما في قول عائشة: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحّشًا، أو فعلَ فعلًا ذميمًا، ومنه {قل إن الله لا يأمر بالفحشاء} [الأعراف: 28].
ولا شك أنّ التَّعريف هنا تعريف الجنس، أي فعلوا الفواحش، وظلمُ النفس هو الذنوب الكبائر، وعطفها هنا على الفواحش كعطف الفواحش عليها في قوله: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} [النجم: 32].
فقيل: الفاحشة المعصية الكبيرة، وظلم النَّفس الكبيرة مطلقًا، وقيل: الفاحشة هي الكبيرة المتعدية إلى الغير، وظلم النَّفس الكبيرة القاصرة على النَّفس، وقيل: الفاحشة الزنا، وهذا تفسير على معنى المثال.
والذكر في قوله: {ذكروا الله} ذكر القلب وهو ذِكر ما يجب لله على عبده، وما أوصاه به، وهو الَّذي يتفرّع عنه طلب المغفرة؛ وأمّا ذكر اللّسان فلا يترتّب عليه ذلك.
ومعنى ذكر الله هنا ذكر أمره ونهيه ووعده ووعيده.
والاستغفار: طلب الغَفْر أي الستر للذنوب، وهو مجاز في عدم المؤاخذة على الذنب، ولذلك صار يعدّي إلى الذنب باللام الدالة على التَّعليل كما هنا، وقوله تعالى: {واستغفر لذنبك} [غافر: 55].
ولمَّا كان طلب الصفح عن المؤاخذة بالذنب لا يصدر إلا عن ندامة، ونية إقلاع عن الذنب، وعدم العودة إليه، كان الاستغفار في لسان الشارع بمعنى التوبة، إذ كيف يطلب العفو عن الذنب من هو مستمرّ عليه، أو عازم على معاودته، ولو طلب ذلك في تلك الحالة لكان أكثر إساءة من الذنب، فلذلك عدّ الاستغفار هنا رتبة من مراتب التَّقوى.
وليس الاستغفار مجرّد قول (أستغفر الله) باللّسان والقائلُ ملتبس بالذنوب.
وعن رابعة العدوية أنَّها قالت: استغفارنا يحتاج إلى الاستغفار وفي كلامها مبالغة فإنّ الاستغفار بالقول مأمور به في الدّين لأنَّه وسيلة لتذكّر الذنب والحيلة للإقلاع عنه.
وجملة {ومن يغفر الذنوب إلاّ الله} معترضة بين جملة {فاستغفروا} وجملة {ولم يُصِرُّوا على ما فعلوا}.
والاستفهام مستعمل في معنى النَّفي، بقرينة الاستثناء منه، والمقصود تسديد مبادرتهم إلى استغفار الله عقب الذنب، والتعريض بالمشركين الَّذين اتّخذوا أصنامهم شفعاء لهم عند الله، وبالنَّصارى في زعمهم أنّ عيسى رفع الخطايا عن بني آدم ببلية صَلبه.
وقوله: {ولم يصروا} إتمام لركْني التَّوبة لأنّ قوله: {فاستغفروا لذنوبهم} يشير إلى الندم، وقوله: {ولم يصروا} تصريح بنفي الإصرار، وهذان ركنا التَّوبة.
وفي الحديث: «النَّدم توبة»، وأما تدارك ما فرّط فيه بسبب الذنب فإنَّما يكون مع الإمكان، وفيه تفصيل إذا تعذّر أو تعسّر، وكيف يؤخذ بأقصى ما يمكن من التدارك.
وقوله: {ولم يصروا على ما فعلوا} حال من الضّمير المرفوع في {ذكروا} أي: ذكروا الله في حال عدم الإصرار.
والإصرار: المُقام على الذنب، ونفيُه هو معنى الإقلاع.
وقوله: {وهم يعلمون} حال ثانية، وحذف مفعول يعلمون لظهوره من المقام أي يعلمون سوء فعلهم، وعظم غضب الربّ، ووجوبَ التوبة إليه، وأنَّه تفضّل بقبول التَّوبة فمحا بها الذنوب الواقعة.
وقد انتظم من قوله: {ذكروا الله فاستغفروا} وقوله: {ولم يصروا} وقوله: {وهم يعلمون} الأركان الثلاثة الَّتي ينتظم منها معنى التَّوبة في كلام أبي حامد الغزالي في كتاب التَّوبة من إحياء علوم الدّين إذ قال: وهي عِلْم، وحال، وفعل.
فالعلم هو معرفة ضرّ الذنوب، وكونها حجابًا بين العبد وبين ربِّه، فإذا علم ذلك بيقين ثار من هذه المعرفة تألّم للقلب بسبب فوات ما يحبّه من القرب من ربِّه، ورضاه عنه، وذلك الألم يسمّى ندمًا، فإذا غلب هذا الألم على القلب انبعثت منه في القلب حالة تسمّى إرادة وقصدًا إلى فعل له تعلّق بالحال والماضي والمستقبل، فتعلّقه بالحال هو ترك الذنب (الإقلاع)، وتعلّقه بالمستقبل هو العزم على ترك الذنب في المستقبل (نفي الإصرار)، وتعلّقه بالماضي بتلافي ما فات.
فقوله تعالى: {ذكروا الله} إشارة إلى انفعال القلب.
وقوله: {ولم يصروا} إشارة إلى الفعل وهو الإقلاع ونفي العزم على العودة.
وقوله: {وهم يعلمون} إشارة إلى العلم المثير للانفعال النفساني.
وقد رتّبت هاته الأركان في الآية بحسب شدّة تعلّقها بالمقصود: لأنّ ذكر الله يحصل بعد الذنب، فيبعث على التَّوبة، ولذلك رتّب الاستغفار عليه بالفاء، وأمَّا العلم بأنه ذنب، فهو حاصل من قبل حصول المعصية، ولولا حصوله لما كانت الفعلة معصية.
فلذلك جيء به بعد الذكر ونفي الإصرار، على أنّ جملة الحال لا تدلّ على ترتيب حصول مضمونها بعد حصول مضمون ما جيء به قبلَها في الأخبار والصّفات.
ثُمّ إن كان الإصرار، وهو الاستمرار على الذنب، كما فُسِّر به كان نفيه بمعنى الإقلاع لأجل خَشية الله تعالى، فلم يدلّ على أنه عازم على عدم العود إليه، ولكنَّه بحسب الظاهر لا يرجع إلى ذنب ندِمَ على فعله، وإن أريد بالإصرار اعتقاد العود إلى الذنب فنفيه هو التَّوبة الخالصة، وهو يستلزم حصول الإقلاع معه إذ التلبّس بالذنب لا يجتمع مع العزم على عدم العود إليه، فإنَّه متلبّس به من الآن. اهـ.

.من فوائد الشعراوي:

قال رحمه الله:
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله}.
والفاحشة هي: الذنب الفظيع. فهل معنى ذلك أن الرماة في غزوة أحد حين تركوا مواقعهم، قد خرجوا من الإيمان؟ لا، إنها زلة فقط، لكنها اعتبرت كبيرة من الكبائر لمن أشار على المؤمنين أن ينزلوا، واعتبرت صغيرة لمن حُرّض- بالبناء للمفعول- على أن ينزل من موقعه.
إذن فهو قول مناسب: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله} وجاء الحق هنا بـ {ذكروا الله} كتنبيه لنا إلى أن من يفعل الفاحشة أو يظلم نفسه هو من نسي الله، فلحظة فعل الفاحشة أو ظلم النفس لا يكون الله على بال الإنسان الفاعل للفاحشة أو على بال من ظلم نفسه، والذي يُجرِّئ الإنسان على المعصية ليحقق لنفسه شهوة، أنه لم ير الله ولم ير جزاءه وعقابه في الآخرة ماثلا أمامه، ولو تصور هذا لا متنع عن الفاحشة.
وكذلك الذي يهمل في الطاعة أيضا، لم يذكر الله وعطاءه للمتقين. ولو ذكر الله وعطاءه للمتقين لما تكاسل عن طاعة الله. ولذلك يقول الحق: {ذَكَرُواْ الله فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ} فمن يستغفر لذنبه فقد ذكر الله.
وموقف العلماء من الفاحشة فيه اختلاف. بعض العلماء قال: إنها الكبيرة من الكبائر، وظلم النفس صغيرة من الصغائر. وقال بعض آخر من العلماء: إن الفاحشة هي الزنا؛ لأن القرآن نص عليها، وما دون ذلك هو الصغيرة.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا كبيرة مع الاستغفار. ولا صغيرة مع الإصرار».
فلا يجوز للإنسان أن يتجاوز عن أخطائه ويقول: هذه صغيرة وتلك صغيرة لأن الصغيرة مع الصغيرة تصير كبيرة. وحين ننظر إلى قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} نجد أن الذي فعل الفاحشة ظالم لنفسه أيضا لأنه حقق لنفسه شهوة عارضة، وأبقى على نفسه عذابًا خالدًا.
ولماذا لم يقل الحق إذن: والذين ظلموا أنفسهم فقط؟ أي يكون العطف بالواو لا بأو؛ لأن الحق يريد أن يوضح لنا الاختلاف بين فعل الفاحشة وظلم النفس.
لأن الذي يفعل الفاحشة إنما يحقق لنفسه شهوة أو متعة ولو عاجلة، لكن الذي يظلم نفسه يذنب الذنب ولا يعود عليه شيء من النفع؛ فالذي يشهد الزور- على سبيل المثال- أنه لا يحقق لنفسه النفع، ولكن النفع يعود للمشهود له زورًا. إن شاهد الزور يظلم نفسه لأنه لبّى حاجة عاجلة لغيره، ولم ينقذ نفسه من عذاب الآخرة. أما الإنسان الذي يرتكب الفاحشة فهو قد أخذ متعة في الدنيا، وبعد ذلك ينال العقاب في الآخرة.
لكن الظالم لنفسه لا يفيد نفسه، بل يضر نفسه؛ فالذي هو شر أن تبيع دينك بدنياك؛ أنك في هذه الحالة قد تأخذ متعة من الدنيا وأمد الدنيا قليل.
والحق لم ينه عن متاع الدنيا، ولكنه قال عنه: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ}. وهناك من يبيع دينه بدنيا غيره، وهو لا يأخذ شيئًا ويظلم نفسه.
ويقول الحق: {فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ الله}. ومعنى ذنب هو مخالفة لتوجيه منهج. فقد جاء أمر من المنهج ولم ينفذ الأمر. وجاء نهي من المنهج فلم يُلتزم به. ولا يسمى ذَنْبًا إلا حين يعرفنا الله الذنوب، ذلك هو تقنين السماء. وفي مجال التقنين البشري نقول: لا تجريم إلا بنص ولا عقوبة إلا بتجريم.
وهذا يعني ضرورة أيضاح ما يعتبر جريمة؛ حتى يمكن أن يحدث العقاب عليها، ولا تكون هناك جريمة إلا بنص عليها. أي أنه يتم النص على الجريمة قبل أن ينص على العقوبة، فما بالنا بمنهج الله؟ أنه يعرفنا الذنوب أولًا، وبعد ذلك يحدد العقوبات التي يستحقها مرتكب الذنب.
ولننتبه إلى قول الحق: {وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} إذن فالاستغفار ليس أن تردف الذنب بقولك: أستغفر الله لا. إن على الإنسان أن يردف الذنب بقوله: أستغفر الله وأن يصر على ألا يفعل الذنب أبدًا.
وليس معنى هذا ألا يقع الذنب منك مرة أخرى؛ إن الذنب قد يقع منك، ولكن ساعة أن تستغفر تصر على عدم العودة، إن الذنب قد يقع، ولكن بشرط ألا يكون بنيّة مسبقة، وتقول لنفسك: سأرتكب الذنب، وأستغفر لنفسي بعد ذلك. أنك بهذا تكون كالمستهزئ بربّك، فضلا على أنك قد تصنع الذنب ولا يمهلك الله لتستغفر. قوله الحق: {وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} يوضح لنا أنه لا عقوبة إلا تجريم إلا بنص.
إن الحق يعلمنا يعرفنا أولًا ما هو الذنب؟ وما هو العقاب؟ وكيفية الاستغفار؟ ويقول الحق بعد ذلك: {أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}. اهـ.

.تفسير الآية رقم (136):

قوله تعالى: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما أتم وصف السابقين وهم المتقون واللاحقين وهم التائبون قال- معلمًا بجزائهم الذين سارعوا إليه من المغفرة والجنة مشيرًا إليهم بأداة البعد تعظيمًا لشأنهم على وجه معلم بأن أحدأً لا يقدر الله حق قدره-: {أولئك} أي العالو الرتبة {جزاؤهم مغفرة} أي لتقصيرهم أو لهفواتهم أو لذنوبهم، وعظمها بقوله: {من ربهم} أي المسحن إليهم بكل إحسان، وأتبع ذلك للإكرام فقال: {وجنات} أيّ جنات، ثم بين عظمها بقوله: {تجري من تحتها الأنهار} حال كونكم {خالدين فيها} هي أجرهم على عملهم {ونعم أجر العاملين} هي، هذا على تقدير أن تكون الإشارة لجميع الموصوفين، وإن كانت للمستغفرين خاصة فالأمر واضح في نزول رتبتهم عمن قبلهم. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

والمعنى أن المطلوب أمران:
الأول: الأمن من العقاب وإليه الاشارة بقوله: {مَّغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ}.
والثاني: إيصال الثواب اليه وهو المراد بقوله: {جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا} ثم بين تعالى أن الذي يحصل لهم من ذلك وهو الغفران والجنات يكون أجرًا لعملهم وجزاء عليه بقوله: {وَنِعْمَ أَجْرُ العاملين} قال القاضي: وهذا يبطل قول من قال إن الثواب تفضل من الله وليس بجزاء على عملهم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وجيء باسم الإشارة لإفادة أنّ المشار إليهم صاروا أحرياء بالحكم الوارد بعد اسم الإشارة، لأجل تلك الأوصاف الَّتي استوجبوا الإشارة لأجلها.
وهذا الجزاء وهو المغفرة وعد من الله تعالى، تفضّلا منه: بأن جعل الإقلاع عن المعاصي سببًا في غفران ما سلف منها.
وأمَّا الجنّات فإنَّما خلصت لهم لأجل المغفرة، ولو أخذوا بسالف ذنوبهم لما استحقّوا الجنَّات فالكلّ فضل منه تعالى.
وقوله: {ونعم أجر العالمين} تذييل لإنشاء مدح الجزاء.
والمخصوص بالمدح محذوف تقديره هو.
والواو للعطف على جملة {جزاؤهم مغفرة} فهو من عطف الإنشاء على الأخبار، وهو كثير في فصيح الكلام، وسمِّي الجزاء أجرًا لأنَّه كان عن وعد للعامل بما عمل.
والتَّعريف في (العاملين) للعهد أي: ونعم أجر العاملين هذا الجزاء، وهذا تفضيل له والعمل المجازي عليه أي إذا كأن لاصناف العاملين أجور، كما هو المتعارف، فهذا نعم الأجر لعامل. اهـ.