فصل: قال أبو جعفر النحاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو جعفر النحاس:

سورة البقرة وهي مدنية.
من ذلك:
1- قوله تعالى: {الم} اختلف أهل التفسير واهل اللغة في معنى آلم وما أشبها قال فحدثنا عبد الله بن ابراهيم البغدادي بالرملة قال حدثنا حفص بن عمر بن الصباح الرقي أبو عمرو قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا شريك عن عطاء عن أبى الضحى عن ابن عباس في قوله تعالى: {الم} قال أنا الله أعلم آلم أنا الله أرى المص أنا الله افضل وروى أبو اليقظان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير مثله منه.
وشرح هذا القول أن الألف تؤدي عن معنى اعلم أنا واللام تؤدي عن اسم الله جل وعز والميم تؤدي عن معنى اعلم ورأيت ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول ويقول أذهب إلى أن كل حرف منها يؤدي عن معنى وحدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبى طلحه عن ابن عباس المص وطه وطس وطسم ويس وص وحم عسق وق ون والقلم وأشباه هذا هو قسم أقسم الله به من وهن من أسماء الله تعالى وروى ابن عليه عن خالد الحذاء عن عكرمة قال: {الم} قسم وحدثنا احمد بن محمد بن نافع قال حدثنا سلمه قال حدثنا عبد الرزاق قال اخبرنا معمر عن قتاده في قوله تعالى: {الم} قال اسم من أسماء القرآن وروي عن مجاهد قولان قال أبو عبيد حدثنا أبو مهدي عن سفيان عن خصيف أو غيره هكذا قال عن مجاهد قال في كله هي فواتح السور والقول الاخر حدثنا به محمد بن جعفر الانباري قال حدثني محمد بن بحر قال حدثنا موسى عن شبل عن ابن أبى نجيح عن مجاهد قال آلم اسم من أسماء القرآن.
قال أبو العباس وهو اختياره روي عن بعض أهل السلف أنه قال هي تنبيه وقال أبو عبيده والأخفش هي افتتاح كلام وقطرب يذهب إلى أنها جئ بها لأنهم كانوا ينفرون عند استماع القرآن فلما سمعوا آلم والمص استنكروا هذا اللفظ فلما أنصتوا له صلى الله عليه وسلم اقبل عليهم بالقرآن المؤلف ليثبت في أسماعهم وآ ذانهم ويقيم الحجة عليهم.
وقال الفراء المعنى هذه الحروف يا محمد ذلك الكتاب وقال أبو إسحاق ولو كان كما قال لوجب أن يكون بعده أبدا ذلك الكتاب أو ما أشبهه وهذه الأقوال يقرب بعضها من بعض لأنه يجوز أن تكون أسماء للسورة وفيها معنى التنبيه.
فأما القسم فلا يجوز لعلة اوجبت ذلك من العربية وابين هذه الأقوال قول مجاهد الأول إنها فواتح السور وكذلك قول من قال هي تنبيه وقول من قال هي افتتاح كلام ولم يشرحوا: ذلك بأكثر من هذا لأنه ليس من مذهب الأوائل وإنما باقي الكلام عنهم مجملا ثم تأوله أهل النظر على ما يوجبه المعنى ومعنى افتتاح كلام وتنبيه إنها بمنزلة ها في التنبيه ويا في النداء والله تعالى أعلم بما أراد وقد توقف بعض العلماء عن الكلام فيها وأشكالها حتى قال الشعبي لله تعالى في كل كتاب سر وسره في القرآن فواتح السور.
وقال أبو حاتم لم نجد الحروف المقطعة في القرآن إلا في أوائل السور ولا ندري ما أراد الله تعالى بها.
2- ثم قال جل وعز: {ذلك الكتاب لا ريب فيه}.
روى خالد الحذاء عن عكرمة قال ذلك الكتاب هذا الكتاب وكذا قول أبى عبيدة وأنكره أبو العباس قال لأن ذلك لما بعد وذا لما قرب فأن دخل واحد منهما على الاخر انقلب المعنى قال ولكن المعنى هذا القرآن ذلك الكتاب الذي كنتم تستفتحون به على الذين كفروا وقال الكسائي كان الاشاره إلى القرآن الذي في السماء والقول من السماء والكتاب والرسول في الأرض فقال ذلك الكتاب يا محمد قال ابن كيسان وهذا حسن قال الفراء يكون كقولك للرجل وهو يحدثك ذلك والله الحق فهو في اللفظ بمنزلة الغائب وليس بغائب والمعنى عنده ذلك الكتاب الذي سمعت به وقيل كتاب لما جمع فيه يقال كتبت الشيء أي جمعته والكتب الخرز وكتبت البغله منه أيضا والكتيبة الفرقة المجتمع بعضها إلى بعض.
3- ثم قال تعالى: {لا ريب} فيه قال قتاده لاشك فيه وكذا هو عند أهل اللغة قال أبو العباس يقال رابني الشيء إذا تبينت فيه الريبة، وأرابني إذا لم أتبينها منه وقال غيره أراب في نفسه وراب غيره كما قال الشاعر:
وقد رابني قولها يا هنا ** ه ويحك ألحقت شرا بشر

ومنه «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ومنه {ريب المنون} أي حوادث الدهر وما يستراب به وأخبر تعالى أنه لاريب فيه ثم قال بعد {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا} فالقول في هذا المعنى وإن كنتم في قولكم في ريب وعلى زعمكم وإن كنا قد أتيناكم بما لاريب فيه لأنهم قالوا كما قال الذين من قبلهم وإنا غير {لفي شك مما تدعونا إليه مريب}.
4- ثم قال تعالى: {هدى للمتقين} والهدى البيان والبصيرة ثم قال تعالى: {للمتقين} أي الذين يتقون ما نهوا عنه والتقوى أصلها من التوقي وهو التستر من أن يصيبه ما يهلك به.
5- ثم قال تعالى: {الذين يؤمنون بالغيب} أصل الإيمان التصديق ومنه قوله تعالى: {وما أنت بمؤمن لنا} يقال آمنت بكذا أي صدقت به فإذا قلت مؤمن فمعناه مصدق بالله تعالى لا غير ويجوز أن يكون مأخوذا من الأمان أي يؤمن نفسه بتصديقه وعمله والله المؤمن أي يؤمن مطيعه من عذابه.
وروى شيبان عن قتاده الذين يؤمنون بالغيب آي آمنوا بالبعث والحساب والجنة والنار فصدقوا بموعد اله تعالى قال أبو رزين في قوله تعالى: {وما هو على الغيب بضنين} يعني القرآن.
قال ابن كيسان وقيل يؤمنون بالغيب أي القدر والغيب في اللغة ما اطمأن من الأرض ونزل عما حوله يستتر فيه من دخله وقيل كل شيء مستتر غيب وكذلك المصدر.
6- ثم قال تعالى: {ويقيمون الصلاة} أي يؤدون الصلاة المفروضة تقول العرب قامت السوق وأقمتها أي أدمتها ولم أعطلها أحمد وفلان يقوم بعمله منه ومعنى إقامة الصلاة إدامتها في أوقاتها وترك التفريط في أداء ما فيها من الركوع والسجود وقيل الصلاة مشتقة من الصلوين وهما عرقان في الردف ينحيان في الصلاة وقيل الصلاة الدعاء فيها معروف قال الأعشى:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا ** يا رب جنب أبى ألا وصاب والوجعا

عليك مثل الذي صليت فا اغتمضي بعد ** نوما فان لجنب المرء مضطجعا

والصلاة من الله تعالى الرحمه ومن الملائكة الدعاء ومن الناس تكون الدعاء والصلاة المعروفة.
7- ثم قال تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} أي يتصدقون ويزكون كما قال تعالى: {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق واكن من الصالحين} قال الضحاك كانت النفقة قربانا يتقربون بها إلى الله تعالى على قدر جدتهم حتى نزلت فرائض الصدقات والناسخات في براءة.
8- ثم قال تعالى: {والذين يؤمنون بما انزل إليك وما انزل من قبلك} أي لا يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض كما فعله اليهود والنصارى.
9- ثم قال تعالى: {وبالآخرة هم يوقنون} سميت آخره لأنها بعد أولى وقيل لتأخرها من الناس وجمعها أواخر.
10- ثم قال تعالى: {أؤلئك على هدى من ربهم} روى إبراهيم بن سعيد عن محمد بن إسحاق قال على نور من ربهم واستقامة على ما جاءهم من عند الله.
11- ثم قال تعالى: {وأولئك هم المفلحون}.
قال ابن إسحاق أي الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا واصل الفلاح في اللغة البقاء وقيل للمؤمن مفلح لبقائه في الجنة وقال عبيد افلح بما شئت فقد يدرك بالضعف وقد يخدع الأريب أي ابق بما شئت من كيس وحمق ثم اتسع في ذلك حتى قيل لكل من نال شيئا من الخير مفلح.
12- ثم قال تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} هم الكفار الذين ثبت في علم الله تعالى أنهم كفار وهو لفظ عام يراد به الخاص كما قال تعالى: {قل يا أيها الكافرون لا اعبد ما تعبدون} ثم قال جل وعز: {ولا أنا عابد ما عبدتم ولا انتم عابدون ما اعبد} وقال تعالى: {انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}.
13- ثم قال تعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم} أي طبع الله على قلوبهم وعلى أسماعهم وغطى عليها على جهة الجزاء بكفرهم وصدهم الناس عن دين الله وهؤلاء الكفار هم الذين سبق في علمه من أنهم لا يؤمنون ويكون مثل قولهم أهلكه المال وهب المال بعقله أي هلك فيه وبسببه يقول فهو كقوله: {فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الاشقى} فان ذلك من الله عن فعلهم في أمره.
14- ثم قال تعالى: {وعلى أبصار هم غشاوة ولهم عذاب عظيم} قال سيبويه غشاوة أي غطاء.
15- ثم قال تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر} روى إسماعيل السدي عن ابن عباس قال هم المنافقون قال آهل اللغة النفاق مأخوذ من نافقأء الذي اليربوع وهو حجر يخرج منه اليربوع إذا أخذ عليه الجحر الذي يدخل فيه فقيل منافق لأنه يدخل الإسلام باللفظ ويخرج منه بالعقد.
16- ثم قال تعالى: {وما هم بمؤمنين} فنفى عنهم الأيمان لأنهم لا اعتقاد لهم ولا عمل.
17- ثم قال تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا} المخادعة في اللغة إظهار خلاف الاعتقاد وتسمى التقية خداعا وهو يكون من واحد قال ابن كيسان لأن فيه معنى راوغت لأن كأنه قابل شيئا بشيء.
18- ثم قال تعالى: {وما يخدعون إلا أنفسهم} أي أن عقوبة ذلك ترجع عليهم وفرق أهل اللغة بين خادع وخدع فقالوا خادع أي قصد الخدع وإن لم يكن خدع وخدع معناه بلغ مراده والاختيار عندهم يخادعون في الأولى لأنه غير واقع والاختيار في الثاني يخدعون لأنه اخبر تعالى أنه واقع بهم لما يطلع عليه من أخبارهم فعاد ما ستروه وأظهروا غيره وبالا عليهم وقال محمد بن يزيد يجوز في الثاني وما يخادعون أي بتلك المخادعة بعينيها إنما يخادعون أنفسهم بها لأن وبالها يرجع عليهم.
19- ثم قال تعالى: {وما يشعرون} أي وما يشعرون بذلك والمعنى ما تحل عاقبة الخدع إلا بهم.
20- ثم قال تعالى: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا} روى السدي عن أبى مالك وأبي صالح عن ابن عباس قال يقول في قلوبهم شك وقال غيره المرض النفاق والرياء والمرض في الجسد كما أن العمى في القلب ويقال مرض فلان أصابته عله في بدنه فان قيل بم أصابهم المرض قيل فعل هذا بهم عقوبة وقيل بإنزال القرآن أصابهم المرض كما قال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول آيكم} وقد زادته هذه إيمانا {فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون}.
21- ثم قال تعالى: {ولهم عذاب اليم} يقال آلم إذا أوجع وهو مؤلم وأليم والألم الوجع وجمع اليم آلام كأشراف والأليم الشديد الوجع.
22- ثم قال تعالى: {بما كانوا يكذبون} قال أبو حاتم أي بتكذيبهم الرسل وردهم على الله وتكذيبهم بآياته قال ومن خفف فالمعنى عنده بكذبهم وقولهم آمنا ولم يؤمنوا فذلك كذب.
23- ثم قال تعالى: {وأذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون} فيه قولان أحدهما أنهم قالوا نحن مصلحون فليس من عادتنا الإفساد والآخر أنهم قالوا هذا الذي تسمونه فسادا هو عندنا صلاح.
24- وقوله تعالى: {الا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} معنى ذلك إلا التنبيه كما قال الشاعر:
ألا إن الدهر يوم وليلة ** وليس على شيء قويم بمستمر

25- وقوله تعالى: {ولكن لا يشعرون} قال ابن كيسان يقال ما على من لم يعلم أنه مفسد من ألزم إنما يذم إذا علم أنه مفسد ثم افسد على علم قال ففيه جوابان أحدهما أنهم كانوا يعلمون الفساد ويظهرون الصلاح وهم لا يشعرون أن أمرهم يظهر عند النبي صلى الله عليه وسلم والوجه الثاني أن يكون فسادهم عندهم صلاحا وهم لا يشعرون أن ذلك فساد وقد عصوا الله ورسوله في تركهم تبيين الحق واتباعه.
26- ثم قال تعالى: {وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤ من كما آمن السفهاء}.
قال ابن عباس الناس هاهنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا أنؤ من كما آمن السفهاء قال أبو إسحاق اصل السفه في اللغة رقة الحلم يقال ثوب سفيه أي بال رقيق.
27- ثم قال تعالى: {ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون} أي لا يعلمون أن وبال ذلك يرجع عليهم ويقال إذا وصفوا بالسفه فلم لا يكون ذلك عذرا لهم فالجواب أنه إنما لحقهم ذلك إذ عابوا الحق فأنزلوا أنفسهم تلك المنزلة كما قال تعالى: {إن هم إلا كالأنعام} لصدهم وإعراضهم إذ بعده بل هم أضل سبيلا لأن الأنعام قد يصرفها راعيها كيف شاء وهؤلاء لا يهتدون بالانذار والعظة وايضا فإذا سفهوا المؤمنين فهم في تلك الحال مستحقون لهذا الاسم.
28- وقوله تعالى: {ولكن لا يعلمون} الجواب عنه كالجواب عن ولكن لا يشعرون.
29- ثم قال جل وعز: {وإذا خلو إلى شياطينهم قالوا إنا معكم} روى اسباط عن السدي اما شياطينهم فهم رؤساؤهم في الكفر ويبين ما قال قوله جل وعز: {شياطين الانس والجن} وشيطان مشتق من الشطن وهو الحبل أي هو ممدود في الشر ومنه بئر شطون.
30- ثم قال جل وعز: {قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون} فاخبر سبحانه بما يكتمون.
31- ثم قال جل وعز: {الله يستهزئ بهم} فيه أجوبه أصحها أن معناه يجازيهم على استهزائهم فسمى جزاء الذنب بأسمه لازدواج الكلام وليعلم أنه عقاب عليه وجزاء به كما قال عز وجل: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} وقيل هو ما روى في الحديث أن المؤمنين يعطون نورا فيحال بينهم وبينه وقيل هو أن الله أظهر لهم من أحكامه خلاف مالهم في الآخرة كما أظهروا للمسلمين خلاف ما أسروا واستشهد صاحب هذا القول بأن بعده ويمدهم في طغيانهم يعمهون وقيل هو مثل سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وهذه الأقوال ترجع إلى الاول لأنها مجازة أيضا ومن أحسن ما قيل فيه أن معنى يستهزئ بهم يصيبهم كما قال تعالى: {وقد نزل عليكم الكتاب أن إذا سمعتم ايات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم}.
32- ثم قال جل وعز: {ويمدهم في طغيانهم يعمهون} أي يمدهم في تجاوزهم متحيرين قال تعالى: {انا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} وقال مجاهد يعمهون يترددون والمعنى على قوله يترددون في ضلالتهم وحكى أهل اللغة عمه يعمه عموها وعمها وعمهانا فهو عمه وعامه إذا حار.
33- ثم قال جل وعز: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} قال مجاهد آمنوا ثم كفروا ويقال كيف قال اشتروا وإنما يقال اشتريت كذا بكذا إذا دفعت شيئا أخذت غيره والجواب عن قول مجاهد أنهم كفروا بعد الأيمان فصار الكفر لهم بدلا من الأيمان وصاروا بمنزلة من باع شيئا بشيء وقيل لما أعطوا بألسنتهم الأيمان وأبوه بقلوبهم فباعوا هذا الذي ظهر بألسنتهم بالذي في قلوبهم والذي في قلوبهم هو الحاصل لهم فهو بمنزلة العوض أخرج من أيديهم وقيل لما سمعوا التذكرة والهدى ردوها واختاروا الضلالة فكانوا بمنزلة من دفع إليه شيء فاشترى به غيره قال ابن كيسان قيل هو مثل قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} فلما كان خلقهم للعبادة صار ما خلفها مبدلا عنها بصدهم عما خلقوا له واصل الضلاله الحيرة وسمي النسيان ضلاله لما فيه من الحيرة كما ذقال جل وعز: {قال فعلتها إذا وأنا من الضالين} أي الناسين ويسمى الهلاك ضلاله كما قال عز وجل: {وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد}.
34- ثم قال جل وعز: {فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين} فأنزلوا منزلة من اتجر لأن الربح والخسران إنما يكونان في التجاره والمعنى فما ربحوا في تجارتهم ومثله قول العرب خسر بيعه لأنه قد عرف المعنى.
35- ثم قال جل وعز: {وما كانوا مهتدين} أي بفعلهم الذي فعلوه من إيثار الضلالة على الهدى ويجوز وما كانوا مهتدين في علم الله عز وجل.
36- ثم قال جل وعز: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا} قال ابن كيسان استوقد بمعنى أوقد ويجوز أن يكون استوقدها حتى من غيره أي طلبها من غيره قال الأخفش هو سعيد الذي في معنى جمع.
قال ابن كيسان لو كان كذلك لأعاد عليه ضمير الجمع كما قال الشاعر:
وإن الذي حانت يفلج دماؤهم ** هم القوم كل القوم يا أم خالد

قال ولكنه واحد شبه به جماعة لأن القصد كان إلى الفعل ولم يكن إلى تشبيه العين بالعين فصار مثل قوله تعالى: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحده} فالمعنى إلا كبعث نفس واحده وكإيقاد تعالى الذي استوقد نارا.
37- ثم قال جل وعز: {فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم} ويجوز أن يكون ما بمعنى الذي وأن تكون زائدة وأن تكون نكرة، والمعنى أضاءت له فأبصر الذي حوله.
38- وقوله جل وعز: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} سبب نزول هذه الآية أن بعض المسلمين يسال النبي صلى الله عليه وسلم لم خلقت هذه الأهلة فانزل الله عز وجل: {قل هي مواقيت للناس والحج} فجعلها الله عز وجل مواقيت لحج المسلمين وإفطارهم وصومهم ومناسكهم ولعدة نسائهم ومحل دينهم والله أعلم بما يصلح خلقه.
قال أبو إسحاق هلال مشتق من استهل الصبي إذا بكى وأهل القوم بحجة وعمرة أي رفعوا أصواتهم بالتلبية فقيل له هلال لأنه حين يرى يهل الناس بذكره وأهل واستهل ولا يقال أهللنا أي رأينا الهلال وأهللنا شهر كذا وكذا إذا دخلنا فيه وسمي شهر لشهرته وبيانه قال الأصمعي ولا يسمى هلالا حتى يحجر وتحجيره أن يستدير بخطة دقيقه وقيل ليلتين وثلاث وقيل حتى يغلب ضوءه وهذا في السابعة.
قال أبو إسحاق والاجود عندي أن يسمى هلالا لليلتين لأنه في الثالثة يتبين ضوءه.
39- وقوله جل وعز: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها} روى شعبة عن أبى إسحاق قال سمعت البراء بن عازب يقول نزلت فينا هذه الآبه كانت الأنصار إذا حجوا فجاءوا لم يدخلوا البيوت من أبوابها ولكن من ظهورها فجاء رجل من الأنصار فدخل من قبل بابه فنزلت هذه الآبه وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها.
40- وقوله عز وجل: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا} قبل أي ولا تقاتلوا من عاهدتم وعاقدتم وقيل لا تقاتلوا فإن من لم يقاتلكم.
قال ابن زيد ثم نسخ ذلك فقال جل وعز: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} أي وجدتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم يعني مكة.
41- ثم قال جل وعز: {والفتنة اشد من القتل} قال مجاهد ارتداد المؤمن اشد عليه من القتل والفتنة في الاصل الاختبار فتأويل الكلام الاختبار الخبيث الذي يؤدي إلى الكفر اشد من القتل وفتنته فلانة أي صارت له كا لمختبره عمر أي اختبر بجمالها وفتنت الذهب في النار أي اختبرته لأعلم خالص هو أم مشوب وقيل لهذا السبب لكل ما أحميته في النار فتنته لأنه بذلك كالمختبر وقيل في قوله عز وجل: {يوم هم على النار يفتتنون} هو من هذا أي يشوون قال أبو العباس والقول عندي والله أعلم إنما هو يحرقون بفتنتهم أي يعذبون بكفرهم من فتن الكافر وقيل يختبرون فيقال ما سلككم في سقر وأفتنه العذاب أي جزاه بفتنته كقولك كرب وأكربته وإن والعلم لله تعالى يقال فتن الرجال وفتن وأفتنته أي جعلت فيه فيه فتنتة كقولك دهشته وكحلته كما هذا قول الخليل وأفتنته جعلته فاتنا وهذا خضر فتن وقال الأخفش في قوله عز وجل: {بأيكم هو المفتنون} وسلم قال يعني الفتنه كقولك خذ ميسوره ودع معسوره عنه وكان سيبويه يأبى أن يكون المصدر على مفعول ويقول المعتمد خذ ما يسر لك منه.
42- وقوله عز وجل: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم} فيه قال قتادة ثم نسخ ذلك بعد فقال وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال ابن عباس أي شرك قال ويكون الدين لله ويخلص التوحيد لله ثم قال فان انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين قال قتاده والظالم الذي أبى أن يقول لا اله إلا الله.
43- ثم قال عز وجل: {الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص} أي قتال الشهر الحرام بقتال الشهر الحرام قال مجاهد صدت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت الحرام في الشهر الحرام ذي القعدة فأقضه الله منهم من قابل فدخل البيت الحرام في الشهر الحرام ذي القعدة وقضى عمرة وقال غيره قال الله عز وجل: {والحرمات قصاص} فجمع لأنه جل ثناؤه أراد الشهر الحرام والبلد الحرام وحرمة الإحرام.
44- ثم قال عز وجل: {فمن اعتدى عليكم} قال مجاهد أي من قاتلكم فيه فاعتدوا عليه فاقتلوه فيه سمي الثاني اعتداء لأنه جزاء الأول.
45- وقوله عز وجل: {وأنفقوا إن في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} أصح ما قيل في هذا أن سعيد بن جبير روى عن ابن عباس لا تمسكوا النفقة في سبيل الله فتهلكوا وحدثنا محمد بن جعفر الانباري قال حدثنا عبد الله بن يحي قال حدثنا عاصم قال حدثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن شقيق قال حذيفه التهلكة ترك النفقة وقال البراء والنعمان بن بشير هو الرجل يذنب الذنب فيلقي بيده ثم يقول لا يغفر لي.
وقال عبيدة هو الرجل يعمل الذنوب والكبائر ثم يقول ليس لي توبة فيلقي بيديه إلى التهلكة وقال أبو قلابة هو الرجل يصيب الذنب فيقول ليس لي توبة فينهمك في الذنوب قال أبو جعفر والقول الأول أولى لأن أبا أيوب الأنصاري يروي قال نزلت فينا معاشر الأنصار لما اعز الله دينه قلنا سرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أموالنا قد ضاعت فلو أقمنا فيها وأصلحنا منها ضاع فأنزل الله في كتابه يرد علينا ماهمننا إلا به أنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فكانت التهلكة في الإقامة التي أردنا أن نقيم في أموالنا ونصلحها فأمرنا بالغزو قال أبو جعفر فدل على وجوب الجهاد على المسلمين وقيل أيضا معنى وأحسنوا وأنفقوا.
قال أبو إسحاق وأحسنوا في أداء الفرائض وقال عكرمة أي أحسنوا الظن بالله وقال ابن زيد عودوا على من ليس في يده شيء والمعنى في قوله {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} على ما تقدم أي أن امتنعتم من النفقة في سبيل الله عصيتم الله فهلكتم ويجوز أن يكون المعنى قوتم فيه عدوكم فهلكتم.
46- وقوله جل وعز: {وأتموا الحج والعمرة لله} يروى عن عمر أن إتمامهما ترك الفسخ لأن الفسخ كان جائزا في أول الإسلام وقال عبد الله بن سلمة سألت عليا عن قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} ما إتمامهما قال: أنتحرم بهما من دويرة أهلك.
قال أبو جعفر وذهب إلى هذا جماعه من الكوفيين وقال وجعل الميقات حتى لا يتجاوز فأما الأفضل فما قال علي وروى علقمة عن عبد الله قال لا يجاور بهما البيت وقال مجاهد وإبراهيم إتمامهما أن يفعل ما أمر به فيهما وهذا كأنه إجماع لأن عليه أن يأتي المشاعر وما أمر به وبذلك يتم حجه فأما الإحرام من بلده فلو كان من الإتمام لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قال الحسن أحرم عمران بن الحصين من البلد الذي كان فيه فأنكر ذلك عمر عليه وقال أيحرم رجل من أصحاب رسول الله من داره وقبل وقيل إتمامهما أن تكون النفقة حلالا وقال سفيان إتمامهما أن يحرم لهما قاصدا لا لتجارة وقرأ الشعبي والعمرة لله بالرفع وقال العمرة تطوع والناس جميعا يقرءونها بالنصب وفي المعنى قولان قال ابن عمر والحسن وسعيد بن جبير وطاووس وعطاء وابن سيرين هي فريضة وقال جابر بن عبد الله والشعبي هي تطوع وليس يجب في قراءة من قرأ بالنصب إنها فرض لأنه ينبغي لمن دخل في عمل هو لله أن يتمه.
قيل معنى الحج مأخوذ من قولهم حججت كذا أي تعرفت كذا فالحاج يأتي مواضع بتعرفها صلى قال الشاعر:
يحج مأمومة في قعرها لجف ** فاست الطبيب قذاها كالمغاريد

47- وقوله جل وعز: {فان أحصرتم} يعني منعتم عن إتمامهما وفي الأحصار قولان أحدهما قاله ابن عمر وهو مذهب أهل المدينة قال: لا يكون إلا من عدو.
قال أبو جعفر والقول الاخر قاله ابن مسعود وهو قول أهل الكوفة أنه من العدو ومن المرض وأن من أصابه من ذينك شيء بعث بهدي فإذا نحر حل وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله وروى طاووس عن ابن عباس مثل الأول وتلا فإذا آمنتم قال نهل إلا من إلا من خوف فقد صار في الآية أشكال لأن الاحصار عند جميع أهل اللغة إنما هو من المرض الذي يحبس عن الشيء فأما من العدو فلا يقال فيه إلا حصر.
يقال حصر حصرا وفي الأول احصر إحصارا والقول في الآبه على مذهب ابن عمر أنه يقال أقتلت الرجل عرضته للقتل واقبره جعل له قبرا واحصرته وقال على هذا عرضته للحصر كما يقال أحبسته أي عرضته للحبس وأحصر أي أصيب بما كان مسببا للحصر وهو فوت الحج وقد روي عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من عرج أو كسر فقد حل وعليه حجة أخرى قال فحدثت بذا ابن عباس وأبا هريرة فقالا صدق.
وإنما روى هذا عن عكرمة حجاج الصواف وروى الجلة خلاف هذا روى سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس وابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس لا حصر إلا من عدو.
وروى أبو نجيح أنه عن عكرمة أن المحصر يبعث بالهدي فإذا بلغ الهدي محله حل وعليه الحج من قابل.
48- ثم قال تعالى: {فما استيسر من الهدي} قال ابن عمر وابن الزبير وعائشة من الإبل والبقر خاصة شيء دون شيء وروى جعفر عن ابيه عن علي رضوان الله عنه فما استيسر من الهدي شاه وقال ابن عباس يكون من الغنم ويكون شركا في دم وهو مذهب سعد.
49- ثم قال تعالى: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} قال قال مجاهد يعني يوم النحر وقال خالد بن أبى عمران عن القاسم بن محمد حتى ينحر وقال أكثر الكوفيين ينحر عنه الهدي في أي يوم شاء في الحرم وقال الكسائي في قوله محله إنما كسرت الحاء لأنه من حل يحل حيث يحل أمره ولو أراد حيث يحل لكان محله وإنما هو على الحلال.
50- ثم قال تعالى: {فمن كان منكم مريضا أوبه أذى من رأسه} روى مجاهد عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن كعب بن عجره أنه لما كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم فآذاه القمل في رأسه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه وقال صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين مدان أو انسك بشاه قال أبو جعفر أي ذلك فعلت أجزأ عنك وقال عطاء هذا لمن كان به قمل أو صداع أو ما أشبهما قال أبو جعفر وفي الكلام حذف والمعنى فحلق أو اكتحل أو تداوى بشيء فيه طيب فعليه فدية.
51- ثم قال تعالى: {فإذا آمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} فما استيسر من الهدي قال الربيع بن أنس إذا أمن من خوفه وبرأ من مرضه أي من خوف العدو والمرض وقال علقمة إذا برأ من مرضه.
52- ثم قال تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} التمتع عند الفقهاء المدنيين والكوفيين أن يعتمر الذي ليس أهله حاضري المسجد الحرام في أشهر الحج ويحل من عمرته ثم يحج في تلك السنة ولم يرجع إلى أهله بين العمرة والحج فقد تمتع من العمرة إلى الحج أي انتفع بما ينتفع به الحلال والمتعة والمتاع في اللغة الانتفاع ومنه قوله تعالى: {ومتعوهن} وقال أهل المدينة وكذلك إذا اعتمر قبل أشهر الحج ثم دخلت عليه أشهر الحج ولم يحل فحل في أشهر الحج ثم حج وقال الكوفيون إن كان طاف أكثر طواف العمرة قبل دخول أشهر الحج فليس بتمتع وإن كان قد بقي عليه الأكثر فهو متمتع وقال طاووس من اعتمر في السنة كلها في المحرم فما سواه من الشهور فأقام حتى يحج فهو متمتع.
وروى ابن أبى طلحة عن ابن عباس فمن تمتع بالعمرة إلى الحج يقول من أحرم بالعمرة في أشهر الحج وروى عنه عطاء العمرة لمن احصر ولمن خليت سبيله أصابتهما هذه الآية وروى عنه سعيد بن جبير على من احصر الحج في العام القابل فان حج فاعتمر في أشهر الحج فان عليه الفدية فهذه الأقوال عن ابن عباس متفقة وأصحها ما رواه سعيد بن جبير لأن اتساق الكلام على مخاطبة من احصر وإن كان ممن لم يحصر فتمتع فحكمه هذا الحكم فعلى هذا يصح ما رواه عطاء عنه وكذلك ما رواه علي بن أبى طلحة غير أن نص التأويل على المخاطبة لمن أحصر.
وقال عبد الله ابن الزبير ليس التمتع الذي يصنعه الناس اليوم يتمتع أحدهم بالعمرة قبل الحج ولكن الحاج إذا فاته الحج أو ضلت راحلته أو كسر حتى يفوته الحج فإنه يجعله عمرة وعليه الحج من قابل وعليه ما استيسر من الهدي فتأويل ابن الزبير أنه لا يكون إلا لمن فاته الحج لأنه تعالى قال فإذا آمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فوقع الخطاب لمن فاته الحج بالحصر وخالفه في هذا الأئمة منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبى طالب وسعد فقالوا هذا للمحصرين وغيرهم ويدلك على أن حكم غير المحصر غي هذا كحكم المحصر قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} فهذا للمحصر وغيره سواء وكذلك التمتع.
53- وقوله جل وعز: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} قالت عائشة وابن عمر الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج ممن لم يجد هديا ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفه ومن لم يصم صام أيام منى وكان ابن عمر يستحب أن يصوم قبل يوم التروية ويوم عرفة وقال الشعبي وعطاء وطاووس وإبراهيم فصيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم التروية يوما ويوم التروية ويوم عرفة.
54- ثم قال جل وعز: {وسبعة إذا رجعتم} روى شعبة عن محمد ابن أبى النور عن حيان السلمي قال سألت ابن عمر عن قوله تعالى: {وسبعة إذا رجعتم} قال إذا رجعتم اهليكم.
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال: إنشاء صامها في الطريق إنما هي رخصة وكذا قال عكرمة والحسن والتقدير عند بعض أهل اللغة إذا رجعتم من الحج أي إذا رجعتم إلى ما كنتم عليه قبل الإحرام من الحل وقال عطاء إذا رجعتم إلى اهليكم وهذا كأنه إجماع.
55- ثم قال عز وجل: {تلك عشرة كاملة} وقد علم إنها عشرة وأحسن ما قيل في هذا أنه لو لم يقل تلك عشرة كأملة وهو جاز أن يتوهم السامع أنه إنما عليه أن يصوم ثلاثة في الحج أو سبعة إذا رجع لأنه لم يقل وسبعة أخرى.
كما يقول أنا أخذ منك في سفرك درهما وإذا قدمت إلا اثنين أي لا آخذ إذا قدمت إلا أثنين.
وقال محمد بن يزيد لو لم يقل تلك عشرة جاز أن يتوهم السامع أن بعدها شيئا آخر فقوله تلك عشرة بمنزلة قولك في العدد فذلك كذا وكذا وأما معنى كاملة فروى هشيم فيه عن عباد بن راشد عن الحسن قال كاملة من الهدي أي قد كملت في المعنى الذي جعلت له فلم يجعل معها غيرها وهي كاملة الأجر ككمال الهدي.