فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال الضحاك في قوله تعالى إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا قال البخل أمسك الله تعالى أيديهم عن النفقة في سبيل الله فهم لا يبصرون الهدى.
وقال كعب ما من صباح إلا وقد وكل به ملكان يناديان اللهم عجل لممسك تلفا وعجل لمنفق خلفا.
وقال الأصمعي سمعت أعرابيا وقد وصف رجلا فقال لقد صغر فلان في عيني لعظم الدنيا في عينه وكأنما يرى السائل ملك الموت إذا أتاه.
وقال أبو حنيفة رحمه الله لا أرى أن أعدل بخيلا لأن البخل يحمله على الاستقصاء فيأخذ فوق حقه خيفة من أن يغبن فمن كان هكذا لا يكون مأمون الأمانة.
وقال علي كرم الله وجهه والله ما استقصى كريم قط حقه.
قال الله تعلى عرف بعضه وأعرض عن بعض وقال الجاحظ ما بقي من اللذات إلا ثلاث دم البخلاء وأكل القديد وحك الجرب.
وقال بشر بن الحارث البخيل لا غيبة له قال النبي صلى الله عليه وسلم أنك إذا لبخيل ومدحت امرأة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا صوامة قوامة إلا أن فيها بخلا قال فما خيرها إذن.
وقال بشر النظر إلى البخيل يقسي القلب ولقاء البخلاء كرب على قلوب المؤمنين.
وقال يحيى بن معاذ ما في القلب للأسخياء إلا حب ولو كانوا فجارا وللبخلاء إلا بغض ولو كانوا أبرارا.
وقال ابن المعتز أبخل الناس بماله أجودهم بعرضه.
ولقي يحيى بن زكريا عليهما السلام.
إبليس في صورته فقال له يا إبليس أخبرني بأحب الناس إليك وأبغض الناس إليك قال أحب الناس إلي المؤمن البخيل وأبغض الناس إلي الفاسق السخي قال له لم قال لأن البخيل قد كفاني بخله والفاسق السخي الخوف أن يطلع الله عليه في سخائه فيقبله ثم ولى وهو يقول لولا أنك يحيى لما أخبرتك حكايات البخلاء.
قيل كان بالبصرة رجل موسر بخيل فدعاه بعض جيرانه وقدم إليه طباهجة ببيض فأكل منه فأكثر وجعل يشرب الماء فانتفخ بطنه ونزل به الكرب والموت فجعل يتلوى فلما جهده الأمر وصف حاله للطبيب فقال لا بأس عليك تقيأ ما أكلت فقال هاه أتقيأ طباهجة ببيض الموت ولا ذلك.
وقيل أقبل أعرابي يطلب رجلا وبين يديه تين فغطى التين بكسائه فجلس الأعرابي فقال له الرجل هل تحسن من القرآن شيئا قال نعم فقرأ والزيتون وطور سينين فقال وأين التين قال هو تحت كسائك.
ودعا بعضهم أخا له ولم يطعمه شيئا فحبسه إلى العصر حتى اشتد جوعه وأخذه مثل الجنون فأخذ صاحب البيت العود وقال له بحياتي أي صوت تشتهي أن أسمعك قال صوت المقلى.
ويحكى أن محمد بن يحيى بن خالد بن برمك كان بخيلا قبيح البخل فسئل نسيب له كان يعرفه عنه فقال له قائل صف لي مائدته فقال هي فتر في فتر وصحافه منقورة من حب الخشخاش قيل فمن يحضرها قال الكرام الكاتبون قال فما يأكل معه أحد قال بلى الذباب فقال سوأتك بدت وأنت خاص به وثوبك مخرق قال أنا والله ما أقدر على إبرة أخيطه بها ولو ملك محمد بيتا من بغداد إلى النوبة مملوءا إبرا ثم جاءه جبريل وميكائيل ومعهما يعقوب النبي عليه السلام يطلبون منه إبرة ويسألونه إعارتهم إياها ليخيط بها قميص يوسف الذي قد من دبر ما فعل ويقال كان مروان بن أبي حفصة لا يأكل اللحم بخلا حتى يقرم إليه فإذا قرم إليه أرسل غلامه فاشترى له رأسا فأكله فقيل له.
نراك لا تأكل إلا الرءوس في الصيف والشتاء فلم تختار ذلك قال نعم الرأس أعرف سعره فآمن خيانة الغلام ولا يستطيع أن يغبنني فيه وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه إن مس عينا أو أذنا أو خدا وقفت على ذلك وآكل منه ألوانا عينه لونا وأذنه لونا ولسانه لونا وغلصمته لونا ودماغه لونا وأكفى مؤونة طبخه فقد اجتمعت لي فيه مرافق.
وخرج يوما يريد الخليفة المهدي فقالت له امرأة من أهله مالي عليك إن رجعت بالجائزة فقال إن أعطيت مائة ألف أعطيتك درهما فأعطي ستين ألف فأعطاها أربعة دوانق.
واشترى مرة لحما بدرهم فدعاه صديق له فرد اللحم إلى القصاب بنقصان دانق وقال أكره الإسراف.
وكان للأعمش جار وكأن لا يزال يعرض عليه المنزل ويقول لو دخلت فأكلت كسرة وملحا فيأبى عليه الأعمش فعرض عليه ذات يوم فوافق جوع الأعمش فقال سر بنا فدخل منزله فقرب إليه كسرة وملحا فجاء سائل فقال له رب المنزل بورك فيك فأعاد عليه المسألة فقال له بورك فيك فلما سأل الثالثة قال له اذهب والله وإلا خرجت إليك بالعصا قال فناداه الأعمش وقال اذهب ويحك فلا والله ما رأيت أحدا أصدق مواعيد منه هو منذ مدة يدعوني على كسرة وملح فوالله ما زادني عليهما. اهـ.

.قال القرطبي:

باب ما جاء في عقوبة مانعي الزكاة وفضيحة الغادر والغال في الموقف وقت الحساب:
مسلم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صحفت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. قيل يا رسول الله: فالإبل؟ قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم وردها إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أو فر ما كانت لا يفقد منها فصيلًا واحدًا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها قيل: يا رسول الله فالبقر والغنم؟ قال: ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع لا يفقد منها شيئًا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا غضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار وذكر الحديث. أخرجه البخاري بمعناه.
وروى مالك موقوفًا والنسائي والبخاري مرفوعًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعًا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا ولا يحسبن الذين يبخلون الآية، وذكر مسلم من حديث جابر قال ولا صاحب كنز لا يؤدي فيه حقه إلا جاء يوم القيامة شجاعًا أقرع يتبعه فاتحًا فاه فإذا أتاه فر منه فيناديه خذ كنزك الذي خبأته فأنا عنه غني فإذا رأى أن لابد له منه سلك يده في فيه فيقضمها قضم الفحل وذكر الحديث.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول وعظم أمره ثم قال: لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة يقول يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله: أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئًا قد أبلغتك أخرجه البخاري أيضا.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة فيقال هذه غدرة فلان ابن فلان.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة وذكر أبو داود الطيالسي قال: حدثنا قرة بن خالد، عن عبد الملك بن عمير، عن رافع بن شداد، عن عمرو بن الحمق الخزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا آمن الرجل الرجل على دمه ثم قتله رفع له لواء غدر يوم القيامة.
فصل علماؤنا رحمهم الله في قوله تعالى: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} أن ذلك على الحقيقة كما بينه صلى الله عليه وسلم أي يأت به حاملًا له على ظهره ورقبته معذبًا بحمله وثقله ومرعوبًا بصوته وموبخًا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد، وكذا مانع الزكاة كما في صحيح الحديث.
قال أبو حامد: فمانع زكاة الإبل يحمل بعيرًا على كاهله له رغاء وثقل يعدل الجبل العظيم، ومانع زكاة البقر يحمل ثورًا على كاهله له خوار وثقل يعدل الجبل العظيم، ومانع زكاة الغنم يحمل شاة لها ثغاء وثقل يعدل الجبل العظيم والرغاء والخوار والثغاء كالرعد القاصف، ومانع زكاة الزرع يحمل على كاهله أعدالًا قد ملئت من الجنس الذي كان يبخل به برًا كان أو شعيرًا أثقل ما يكون ينادي تحته بالويل والثبور، ومانع زكاة المال يحمل شجاعًا أقرع له زبيبتان وذنبه قد انساب في منخريه واستدارت بجيده وثقل على كاهله كأنه طوق بكل وحي في الأرض وكل واحد ينادي مثل هذا فتقول الملائكة هذا ما بخلتم به في الدنيا رغبة فيه وشحًا عليه وهو قوله تعالى سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة.
قلت: وهذه الفضيحة التي أوقعها الله بالغال ومانعي الزكاة نظير الفضيحة التي يوقعها بالغادر، وجعل الله هذه المعاقبات حسب ما يعهده البشر ويفهمونه ألا ترى إلى قول الشاعر:
أسمى ويحك هل سمعت بغدرة ** رفع اللواء لنا بها في المجمع

فكانت العرب ترفع للغادر لواء في المحافل ومواسم الحج، وكذلك يطاف بالجاني مع جنايته، وذهب بعض العلماء إلى أن ما يجيء به الغال يحمله عبارة عن وزر ذلك وشهرة الأمر أي يأتي يوم القيامة قد شهر الله أمره كما يشهر لو حمل يعيرًا له رغاء أو فرسًا له حمحمة.
قلت: وهذا عدول عن الحقيقة إلى المجاز والتشبيه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالحقيقة فهو أولى. وقد روى أبو داود عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالًا فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسها ويقسمها، فجاء رجل يومًا بعد النداء بزمام من شعر، فقال يا رسول الله: هذا كان فيما أصبناه من الغنيمة. قال: أسمعت بلالًا ثلاثًا؟ قال: نعم قال: فما منعك أن تجيء به فاعتذر إليه فقال كلا أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك.
فصل:
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الحجر ليرن لسبع خلفات فيلقى في جهنم فيهوي فيها سبعين خريفًا، ويؤتى بالغلول فيلقى معه ثم يكلف صاحبه أن يأتي به قال فهو قول الله تعالى ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ذكره علي بن سليمان المرادي في الأربعين له». وقوله: «يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة دليل على أن في الآخرة للناس ألوية، فمنها ألوية خزي وفضيحة يعرف بها أهلها، ومنها ألوية حمد وثناء وتشريف وتكريم». قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لواء الحمد بيدي». وروي: «لواء الكرم» وقدم وتقدم.
وروى الزهري عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار» فعلى هذا من كان إمامًا ورأسًا في أمر ما معروفًا به فله لواء يعرف به خيرًا كان أو شرًا، وقد يجوز أن يكون للصالحين الأولياء ألوية يعرفون بها تنويهًا بهم وإكرامًا لهم، والله أعلم. وإن كانوا غير معروفين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره» وقال: «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي». أخرجهما مسلم.
وقال أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة: وفي الحديث الصحيح أن أول ما يقضي الله فيه الدماء، وأول من يعطى الله أجورهم الذين ذهبت أبصارهم ينادى يوم القيامة بالمكفوفين فيقال لهم أنتم أحرى أحق من ينظر إلينا ثم يستحي الله تعالى منهم ويقول لهم: اذهبوا إلى ذات اليمين ويعقد لهم راية وتجعل بيد شعيب عليه السلام فيصير أمامهم ومعهم ملائكة النور ما لا يحصى عددهم إلا الله تعالى يزفونهم كما تزف العروس، فيمر بهم على الصراط كالبرق الخاطف وصفة أحدهم الصبر والحلم كابن عباس ومن ضاهاه من الأئمة ثم ينادي أين أهل البلاء؟ ويريد المجذومين فيؤتى بهم فيحييهم الله بتحية طيبة بالغة فيؤمر بهم إلى ذات اليمين ويعقد لهم راية خضراء وتجعل بيد أيوب عليه السلام فيصير أمامهم ذات اليمين، وصفة المبتلى صبر وحلم كعقيل بن أبي طالب ومن ضاهاه من الأئمة ثم ينادي: أين الشباب المتعففون؟ فيؤتى بهم إلى الله فيرحب بهم نعمًا ويقول ما شاء الله أن يقول، ثم يؤمر بهم إلى ذات اليمين ويعقد لهم راية خضراء ثم تجعل في يد يوسف عليه السلام ويصير أمامهم إلى ذات اليمين، وصفة الشباب صبر وعلم وحلم كراشد بن سليمان ومن ضاهاه من الأئمة، ثم يخرج النداء أين المتحابون في الله؟ فيؤتى بهم إلى الله تعالى فيرحب بهم ويقول ما شاء الله أن يقول، ثم يؤمر بهم إلى ذات اليمين، وصفة المتحاب في الله صبر وعلم وحلم لا يسخط ولا يسيء من رضى الأحوال الدنيوية كأبي تراب أعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن ضاهاه من الأئمة، ثم يخرج النداء أين الباكون؟ فيؤتى بهم إلى الله تعالى فتوزن دموعهم ودم الشهداء ومداد العلماء فيرجع الدمع فيؤمر بهم إلى ذات اليمين ويعقد لهم راية ملونة لأنهم بكوا في أنواع مختلفة هذا بكى خوفًا وهذا بكى طمعًا وهذا بكى ندمًا وتجعل بيد نوح عليه السلام، فتهم العلماء بالتقدم عليهم ويقولون علمنا بكاءهم فإذا النداء على رسلك يا نوح فتوقف الزمرة ثم يوزن مداد العلماء فيرجع دم الشهداء فيؤمر بهم إلى ذات اليمين ويعقد لهم راية مزعفرة وتجعل في يد يحيى عليه السلام، ثم ينطلق أمامهم فيهم العلماء بالتقدم عليهم ويقولون عن علمنا قاتلوا فنحن أحق بالتقدم، فيضحك لهم الجليل جل جلاله ويقول لهم أنتم عندي كأنبيائي أشفعوا فيمن تشاءون، فيشفع العالم في جيرانه وإخوانه ويأمر كل واحد منهم ملكًا ينادي في الناس: ألا إن فلانًا العالم قد أمر له أن يشفع فيمن قضى له حاجة أو أطعمه لقمة حين جاع أو سقاه شربة ماء حين عطش فليقم إليه فإنه يشفع له.
وفي الصحيح أول من يشفع المرسلون، ثم النبيون، ثم العلماء ويعقد لهم راية بيضاء وتجعل بيد إبراهيم عليه السلام، فإنه أشد المرسلين مكاشفة ثم ينادي: أين الفقراء؟ فيؤتى بهم إلى الله عز وجل فيقول لهم مرحبًا بمن كانت الدنيا سبحنهم، ثم يؤمر بهم إلى ذات اليمين ويعقد لهم راية صفراء وتجعل في يد عيسى بن مريم عليه السلام ويصير إلى ذات اليمين، ثم ينادي أين الأغنياء؟ فيؤتى بهم إلى الله عز وجل فيعدد عليهم ما خولهم فيه خمسمائة عام، ثم يؤمر بهم إلى ذات اليمين ويعقد لهم راية ملونة وتجعل بيد سليمان عليه السلام ويصير أمامهم في ذات اليمين.
وفي الحديث: أن أربعة يستشهد عليهم بأربعة: ينادى بالأغنياء وأهل الغبطة فيقال لهم: ما شغلكم عن عبادة الله؟ فيقولون: أعطانا الله ملكًا وغبطة شغلنا عن القيام بحقه في دار الدنيا فيقال لهم: من أعظم ملكًا: أنتم أم سليمان؟ فيقولون: بل سليمان. فيقال: ما شغله ذلك عن القيام بحق الله والدأب في ذكره. ثم يقال: أين أهل البلاء؟ فيؤتى بهم أنواعًا فيقال لهم: أي شيء شغلكم عن عبادة الله تعالى؟ فيقولون: ابتلانا الله في دار الدنيا بأنواع من الآفات والعاهات شغلتنا عن ذكره والقيام بحقه فيقال لهم: من أشد بلاء: أنتم أم أيوب؟ فيقولون بل أيوب.فيقال لهم: ما شغله ذلك عن حقنا والدأب لذكرنا ثم ينادي: ابن الشباب العطرة والمماليك فتقول الشباب: أعطانا الله جمالًا وحسنًا فتنًا به فكنا مشغولين عن القيام بحقه وكذلك المماليك فيقولون: شغلنا رق العبودية في الدنيا فيقال لهم: أنتم أكثر جمالًا أم يوسف عليه السلام. فلقد كان في رق العبودية ما شغله ذلك عن القيام بحقنا ولا الدأب لذكرنا ثم ينادي: أين الفقراء؟ فيؤتى بهم أنواعًا فيقال لهم: ما شغلكم عن عبادة الله تعالى؟ فيقولون: ابتلانا الله في دار الدنيا بفقر شغلنا فيقال لهم: من أشد فقرًا.. أنتم أم عيسى عليه السلام؟! فيقولون: بل عيسى فيقول لهم: ما شغله ذلك عن القيام بحقنا والدأب لذكرنا... فمن بلى بشيء من هذه الأربع فليذكر صاحبه.