فصل: سؤال وجواب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.سؤال وجواب:

فإن قال قائل: فما معنى قوله: {ولله ميراث السموات والأرض}، والميراث المعروف، هو ما انتقل من ملك مالك إلى وارثه بموته، ولله الدنيا قبل فناء خلقه وبعده؟
قيل: إن معنى ذلك ما وصفنا، من وصفه نفسه بالبقاء، وإعلام خلقه أنه كتِب عليهم الفناء. وذلك أنّ ملك المالك إنما يصير ميراثًا بعد وفاته، فإنما قال جل ثناؤه: {ولله ميراث السموات والأرض}، إعلامًا بذلك منه عبادَه أن أملاك جميع خلقه منتقلة عنهم بموتهم، وأنه لا أحد إلا وهو فانٍ سواه، فإنه الذي إذا أهلك جميع خلقه فزالت أملاكهم عنهم، لم يبق أحدٌ يكون له ما كانوا يملكونه غيره. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قرأ حمزة بالخطاب في {تَحْسَبَنَّ} والباقون بالغيبة فأما قراءة حمزة فـ {الّذِينَ} مفعول أول، و{خَيْرًا} هو المفعول الثّاني، ولابد من حَذْف مضَاف؛ ليصدقَ الخبرُ على المبتدأ، وتقديره: ولا تحسبن بُخْل الّذين يبخلون.
قال أبو البقاء: وهو ضَعِيفٌ؛ لأن فيه إضمار البخلِ قبل ذِكْر ما يدل عليه.
وفيه نظر؛ لأن دلالة المحذوفِ قد تكون متقدمةً، وقد تكون متأخرة، وليس هذا من بابِ الإضمارِ في شيءٍ، حتَّى يشترطَ فيه تقدُّم ما يدل على ذلك الضمير.
وهو فيه وجهان:
الأول: أنه فَصل بين مفعولي {يَحْسَبَنَّ}.
والثاني- قاله أبو البقاء-: أنه توكيدٌ، وهو خطأٌ؛ لأنَّ المضمَرَ لا يؤكِّد المظهر. والمفعولُ الأولُ اسم مظهرٌ، ولكنه حُذِف- كما تقدم- وبعضُهم يُعَبِّر عنه، فيقول: أُضْمِر المفعولُ الأولُ- يعني حذف فلا يعبر عنه بهذه العبارة.
وهو- في هذه المسألة- تتعينُ فصيلتُه لأنه لا يخلو إمّا أن يكون مبتدأً، أو بدلًا، أو توكيدًا، والأول مُنْتَفٍ؛ لنَصْب ما بعده- وهو خير- وكذلك الثاني؛ لأنه كان يلزمُ أن يوافقَ ما قبله في الإعراب، فكان ينبغي أن يقال: إياه، لا هو وكذلك الثالثُ- كما تقدم.
أما قراءة الجماعة، فيجوز أن يكون الفعلُ مُسْنَدًا إلى ضميرِ غائبٍ- إما الرسولُ، أو حاسب ما- ويجوز أن يكون مسندًا إلى الذين فإن كان مسندًا إلى ضمير غائب، ف {الذِينَ} مفعول أولٌ، على حذف مضافٍ، ما تقدّم في قراءة حمزة، أي: بُخْل الذين، والتقدير: ولا يحسبنَّ الرسولُ- أو أحد- بُخْلَ الذين يبخلون خيرًا لأنفسهم. وهو فَصْل- كما تقدم- فتتحد القراءتان معنى وتخريجًا. وإن كان مسندًا إلى {الذِينَ} ففي المفعول الأول وجهان:
أحدهما: أنه محذوف؛ لدلالة {يَبْخَلُونَ} عليه، كأنه قيل: ولا يحسبن الباخلون بُخْلَهم هو خيرًا لهم وهو فَصْل.
قال ابن عطية: ودل على هذا البخل {يَبْخَلون} كما دَلَّ السَّفيه على السَّفهِ في قول الشاعر:
إذَا نُهِيَ السَّفِيهُ جَرَى إلَيْهِ ** وَخَالَفَ وَالسَّفِيهُ إلى خِلاَفِ

أي: جرى إلى السفه.
قال أبو حيّان: وليست الدلالةُ فيهما سواء، لوجهين:
أحدهما: أن الدالَّ في الآية هو الفعلُ، وفي البيتِ هُوَ اسم الفاعِل، ودلالةُ الفعلِ على المصدرِ أقوى من دلالة اسم الفاعل، ولذلك كَثر إضمار المصدرِ؛ لدلالة الفعل عليه- في القرآن وكلام العربِ- ولم يؤثر دلالةُ اسم الفاعل على المصدر، إنما جاء في هذا البيتِ، أو في غيره أن وُجد أن في الآية حَذفًا لظاهرٍ؛ إذ قدَّروا المحذوف بخلهم وأما فهو إضمارٌ لا حذفٌ.
الوجه الثاني: أن المفعول نفس هُوَ وهو ضمير البخل الذي دلَّ عليه {يَبْخَلُونَ}- كقوله: {اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ للتقوى} [المائدة: 8]- قاله أبو البقاء. وهو غلطٌ أيضا، لأنه كان ينبغي أن يأتي به بصيغة المنصوب، فيقول: إياه لكونه منصوبًا بـ {يَحْسَبَن} ولا ضرورة بنا إلى أن نَدَّعِيَ أنه من باب استعارة الرفع مكان النصب كقولهم: ما أنا كأنت، ولا أنتَ كأنا.
وفي الآية وجهٌ غريبٌ، خرَّجه أبو حيَّان، قال: وهو أن تكون المسألة من باب الإعمال، إذا جعلنا الفعل مسندًا لِـ {الذِينَ} وذلك أن {يَحْسَبْنَّ} يطلب مفعولين، و{يَبْخَلُونَ} يطلب مفعولًا بحرف جَر فقوله: {ما أتاهم} يَطْلبه {يَحْسَبَنَّ} على أن يكون المفعول الأول، ويكون {هُوَ} فَصْلًا، و{خَيْرًا} المفعول الثاني، ويطلبه {يَبْخَلونَ} بتوسُّط حرف الجَر، فأعمل الثانيَ- على الفصح في لسان العرب، وعلى ما جاء في القرآن- وهو {يَبْخَلونَ} فعدي بحرف الجر، وأخذ معمواه، وحذف معمول {يَحْسَبَنَّ} الأول، وبقي معموله الثاني؛ لأنه لم يتنازع فيه، إنما جاء التنازع بالنسبة إلى المفعول الأولِ، وساغ حذفه- وحده- كما ساغ حذف المفعولين في مسألة سيبويه: متى رأيت أو قلت: زيد منطلقٌ؟ لأن رأيت وقلت- في هذه المسألة- تنازعا في زيدٌ منطلقٌ، وفي الآية لم يتنازعا إلاَ في الأولِ، وتقدير المعنى: ولا يحسبن ما آتاهم اللهُ من فَضْلِه هو خيرًا لهم الناس الذين يبخلون به، فَعَلَى هذا التقدير يكون {هُوَ} فصلًا لـ {ما آتاهم} المحذوف، لا لبخلهم المقدَّر في قول الجماعة.
ونظير هذا التركيبِ ظَنَّ الذي مَرَّ بهند هي المنطلقة، المعنى: ظن هند الشخص الذي مر بها هي المنطلقة، فالذي تنازعه الفعلان هو المفعول الأولُ، فأعمل الفعل الثانيَ فيه، وبقي الأول يطلب محذوفًا، ويطلب الثاني مثبتًا، إذ لم يقعْ فيه التنازعُ.
ومع غرابة هذا التخريج، وتطويله بالتنظير والتقدير، فيه نظر؛ وذلك أن النحويين نصوا على أنه إذا أعملنا الفعل الثانيَ، واحتاج الأول إلى ضمير المتنازع فيه، فإن كان يطلبه مرفوعًا أضمر فيه، وإن كان يطلبه غيرَ مرفوع حُذِف، إلا أن يكون أحد مفعولي ظن فلا يحذف، بل يُضْمَر ويُؤخر وعللوا ذلك بأنه لو حذف لبقي خبر دون مخبر عنه- أو بالعكس- وهذا مذهبُ البصريين، وفيه بحثٌ، لأن لقائلٍ أن يقول: حُذِف اختصارًا، لا اقتصارًا، وأنتم تجيزون حذف أحدهما اختصارًا في غير التنازع، فليَجُزْ في التنازع؛ إذْ لا فارق، وحينئذ يَقْوَى تَخْرِيجُ الشَّيْخِ بهذا البحثِ، أو يلتزم القول بمذهب الكوفيين، فإنهم يُجِيزون الحّذْف فيما نحن فيه.
وذكر مكيٌّ ترجيحَ كُلٍّ من القراءتين، فقال: فأما القراءة بالتاء- وهي قراءة حمزة- فإنه جعل المخاطب هو الفاعل، وهو النبي صلى الله عليه وسلم و{الذِينَ} مفعول أول- على تقدير حَذْف مضاف، وإقامة المضاف إليه- الذين- مُقامه- و{هو} فصل، و{خَيْرًا} مفعول ثانٍ، تقديره: ةلا تحسبن يا محمد بُخلل الذين يَبْخَلُون خَيْرًا لهم، ولابد من هذا الإضمار، ليكون المفعول الثاني هو الأول في المعنى، وفيها نظرٌ؛ لجواز ما في الصلة تفسير ما قبل الصلة، على أن في هذه مزية على القراءة بالياء؛ لأمك إذا حذفْتَ المفعول أبقيتَ المضافَ إليه يقوم مقامه، ولو حذفت المفعولَ في قراءة الياء لم يَبْقَ ما يقوم مقامه. وفي القراءة بالياء- أيضا- مزية على القراءة بالتاء، وذلك أنك حذفت البُخْلَ بعد تقدُّم {يَبْخَلُونَ} وفي القراءة بالتاء حذفتَ البُخْلَ قبل إتيان {يَبْخَلونَ} وجعلْتَ ما في صلة {الذِينَ} تفسيرَ من قبل الصلة، فالقراءتان متوازيتان في القوة والضَّعف.
والميراثُ: مصدر كالميعاد، وياؤه منقلبة عن واو، لانكسار ما قبلها- وهي ساكنةٌ- لأنها من الوراثة كالميقات والميزان- من الوقت والوزن- وقرأ أبو عمرو وابن كثير {يَعْمَلُونَ} بالغيبةِ، جَرْيًا على قوله: {الذين يَبْخَلُونَ}- والباقون بالخطابِ، وفيها وجهانِ:
أحدهما: أنه التفات، فالمراد: الذين يبخلون.
الثاني: أنه رَدَّ على قوله: {وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ}. اهـ. بتصرف يسير.
موعظة: قل للذين شغلهم في الدنيا غرورهم إنما في غد ثبورهم ما نفعهم ما جمعوا إذا جاء محذورهم يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم فكيف غابت عن قلوبهم وعقولهم يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم أخذ المال إلى دار ضرب العقاب فجعل في بودقة ليحمي ليقوي العذاب فصفح صفائح كي يعم الكي الإهاب ثم جيء بمن عن الهدى قد غاب يسعى إلى مكأن لا مع قوم يسعى نورهم ثم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم إذا لقيهم الفقير لقي الأذى فإن طلب منهم شيئا طار منهم لهب الغضب كالجذا فإن لطفوا به قالوا أعنتكم ذا وسؤال هذا لذا ولو شاء ربك لأغنى المحتاج وأعوز ذا ونسوا حكمة الخالق في غنى ذا وفقر ذا واعجبا كم يلقاهم من غم إذا ضمتهم قبورهم يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم سيأخذها الوارث منهم غير تعب ويسأل عنها الجامع من أين اكتسب ما اكتسب ألا إن الشوك له وللوارث الرطب أين حرص الجامعين أين عقولهم يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم لو رأيتهم في طبقات النار يتقلبون على جمرات الدرهم والدينار وقد غلت اليمين مع اليسار لما بخلوا مع الإيسار لو رأيتهم في الجحيم يسقون من الحميم وقد ضج صبورهم يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم كم كانوا يوعظون في الدنيا وما فيهم من يسمع كم خوفوا من عقاب الله وما فيهم من يفزع كم أنبئوا بمنع الزكاة وما فيهم من يدفع فكأنهم بالأموال وقد انقلبت شجاعا أقرع فما هي عصا موسى ولا طورهم يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم.
(حكاية): روي عن محمد بن يوسف الفريابي قال: خرجت أنا وجماعة من أصحابي في زيارة أبي سنان رحمه الله فلما دخلنا عليه وجلسنا عنده قال: قوموا بنا نزور جارا لنا مات أخوه ونعزيه فيه فقمنا معه ودخلنا على ذلك الرجل فوجدناه كثير البكاء والجزع على أخيه فجلسنا نسليه ونعزيه وهو لا يقبل تسلية ولا تعزية فقلنا: أما تعلم أن الموت سبيل لابد منه! قال: بلى ولكن أبكي على ما أصبح وأمسى فيه أخي من العذاب فقلنا له: هل أطلعك الله على الغيب؟ قال: لا ولكن لما دفنته وسويت التراب عليه وانصرف الناس جلست عند قبره إذ صوت من قبره يقول: آه أقعدوني وحيدا أقاسي العذاب قد كنت أصلي قد كنت أصوم قال: فأبكاني كلامه فنبشت عنه التراب لأنظر حاله وإذا القبر يشتعل عليه نارا وفي عنقه طوق من نار فحملتني شفقة الأخوة ومددت يدي لأرفع الطوق عن رقبته فاحترقت أصابعي ويدي ثم أخرج إلينا يده فإذا هي سوداء محترقة قال فرددت عليه التراب وانصرفت فكيف لا أبكي على حاله وأحزن عليه؟ فقلنا: فما كان أخوك يعمل في الدنيا؟ قال: كأن لا يؤدي الزكاة من ماله قال فقلنا هذا تصديق قول الله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة}.
وأخوك عجل له العذاب في قبره إلى يوم القيامة قال: ثم خرجنا من عنده وأتينا أبا ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرنا له قصة الرجل وقلنا له: يموت اليهودي والنصراني ولا نرى فيهم ذلك! فقال: أولئك لا شك أنهم في النار وإنما يريكم الله في أهل الإيمان لتعتبروا قال الله تعالى: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد} فنسأل الله العفو والعافية أنه جواد كريم. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ}.
مَن آثرَ شيئًا على الله لم يبارِك له فيه؛ فلا يدوم له- في الدنيا- بذلك استمتاع، ولا للعقوبة عليه- في الآخرة- عنه دفاع. اهـ.

.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ}.
لقد ظن بعض من المنافقين والكفار أن طول العمر ميزة لهم، وها نحن أولاء بصدد قوم آخرين ظنوا أن المال الذي يجمعونه هو الخير فكلما زاد فرحوا. فيقول الحق: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}. فالمال قد جاءهم من فضل الله، ذلك بأنهم دخلوا الدنيا بغير جيوب. ولا أحد فينا قد رأى كفنًا له جيوب. ولا أحد فينا قد رأى قماط طفل وليد له جيوب. فالإنسان يدخل الدنيا بلا جيب، ويخرج بلا جيب. وكل ما يأتي للإنسان هو من فضل الله، فلا أحد قد ابتكر الأشياء التي يأتي منها الرزق. ويمكن أن تبتكر من رزق موجود. فتطور في الوسائل والأسباب وللإنسان جزء من الحركة التي وهبها الله له ليضرب في الأرض، ولكن لا أحد يأتي بأرض من عنده ليزرع فيها، ولا أحد يأتي ببذور من عنده لم تكن موجودة من قبل ويزرعها، ولا أحد يأتي بماء لم يوجد من قبل ليروي به، فالأرض من الله، والبذور عطاء من الله، والماء من رزق الله، وحتى الحركة التي يتحرك بها الإنسان هي من فضل الله.
فبالله لو أراد إنسان أن يحمل الفأس ليضرب في الأرض ضربة، فهل يعرف الإنسان كم عضلة من العضلات تتحرك ليرفع الفأس؟ وكم عضلة تتحرك حين ينزل الفأس؟!!
وعندما يضرب الإنسان الفأس. فهو يضربها في أرض الله. والذي أراد لنفسه فأسًا فإنه يذهب إلى الحداد ليصنعها له، لكن هل سأل الإنسان نفسه من أين أتى الحديد؟ وفي هذه قال الحق: {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25].
إذن فماذا تُوجد أنت أيها الإنسان؟
أنت تأخذ المواد الخام الأولية من عند الله، وتبذل فيها الحركة الممنوحة لك من الله، وأنت لا توجد شيئًا من معدوم؛ بل أنك توجد من موجود، فكل شيء من فضل الله. وأنت أيها الإنسان مضارب في كون الله. فعقلك الذي يفكر، من الذي خلقه؟ أنه الله. وجوارحك التي تنفعل للعقل من الذي خلقها؟ أنه الله.
وجوارحك تنفعل في منفعل هو الأرض، بآلة هي الفأس، ثم ترويها بماء هو نازل من السماء. فما الذي هو لك أيها الإنسان؟ إن عليك أن تعرف أنه ليس لك شيء في كل ذلك، إنما أنت مضارب لله. فلتعطه حق المضاربة.
والحق سبحانه لايطلب إلا قدرًا بسيطًا من نتاج وثمرة الأرض.. إن كانت تروي بماء السماء فعليك عشر نتاجها. وإن كانت الأرض تروي بآلة الطنبور أو الساقية فعليك نصف العشر.
والذي يزرع أرضا فإنه يحرثها في يوم، ويرويها كل أسبوعين.
أما الذي يتاجر في صفقات تجارية فهي تحتاج إلى عمل في كل لحظة، لذلك فإن الحق قدّر الزكاة عليه بمقدار اثنين ونصف بالمائة.
إذن فكلما زادت حركة الإنسان قلل الله قدر الزكاة. وهذه العملية على عكس البشر. فكلما زادت حركته. فإنهم يأخذون منه أكثر!!