فصل: تفسير الآية رقم (195):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن سعد عن أبي الدرداء. مثله.
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعًا. مثله.
وأخرج الديلمي من وجه آخر مرفوعًا عن أنس: «تفكر ساعة في اختلاف الليل والنهار خير من عبادة ثمانين سنة».
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فكرة ساعة خير من عبادة ستين».
وأخرج أبو الشيخ والديلمي عن أبي هريرة مرفوعًا: «بينما رجل مستلق ينظر إلى السماء وإلى النجوم فقال: والله إني لأعلم أن لك خالقًا وربًا. اللهم اغفر لي. فنظر الله إليه فغفر له». اهـ.
{رَبَّنَا أنك مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أنك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)}
أخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن أبي الدرداء وابن عباس أنهما كانا يقولان: اسم الله الأكبر رب رب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس في قوله: {من تُدخل النار فقد أخزيته} قال: من تخلد.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن المسيب في قوله: {ربنا أنك من تدخل النار فقد أخزيته} قال: هذه خاصة لمن لا يخرج منها.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عمرو بن دينار قال: قدم علينا جابر بن عبد الله في عمرة فانتهيت إليه أنا وعطاء فقلت {وما هم بخارجين من النار} [البقرة: 167] قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم الكفار. قلت لجابر: فقوله: {إنك من تدخل النار فقد أخزيته} قال: وما أخزاه حين أحرقه بالنار، وإن دون ذلك خزيًا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله: {مناديًا ينادي للإيمان} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد. مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق عن محمد بن كعب القرظي {سمعنا مناديًا ينادي للإيمان} قال: هو القرآن ليس كل الناس يسمع النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: سمعوا دعوة من الله فأجابوها، وأحسنوا فيها: وصبروا عليها. ينبئكم الله عن مؤمن الأنس كيف قال، وعن مؤمن الجن كيف قال. فأما مؤمن الجن فقال: {إنا سمعنا قرآنًا عجبًا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا} [الجن: 1]. وأما مؤمن الأنس فقال: {ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفِّر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} قال: ستنجزون موعد الله على رسله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تخزنا يوم القيامة} قال: لا تفضحنا {إنك لا تخلف الميعاد} قال: ميعاد من قال لا إله إلا الله {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم} قال: أهل لا إله إلا الله أهل التوحيد والإخلاص لا أخزيهم يوم القيامة.
وأخرج أبو يعلى عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العار والتخزية يبلغ من ابن آدم يوم القيامة في المقام بين يدي الله ما يتمنى العبد أن يؤمر به إلى النار».
وأخرج أبو بكر الشافعي في رباعياته عن أبي قرصافة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم لا تخزنا يوم القيامة، ولا تفضحنا يوم اللقاء».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه قال: إذا فرغ أحدكم من التشهد في الصلاة فليقل: اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون، وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك الصالحون {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} [البقرة: 201] ربنا إننا آمنا {فاغفر لنا ذنوبنا وكفِّر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار} إلى قوله: {إنك لا تخلف الميعاد}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي قال: كان يستحب أن يدعو في المكتوبة بدعاء القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين أنه سئل عن الدعاء في الصلاة فقال: كان أحب دعائهم ما وافق القرآن.
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عسقلان أحد العروسين يبعث الله منها يوم القيامة سبعين ألفًا لا حساب عليهم، ويبعث منها خمسون ألفًا شهداء وفودًا إلى الله وبها صفوف الشهداء، رؤوسهم تقطر في أيديهم تثج أوداجهم دمًا يقولون {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك.. أنك لا تخلف الميعاد} فيقول: صدق عبيدي. اغسلوهم بنهر البيضة فيخرجون منه بيضًا، فيسرحون في الجنة حيث شاؤوا». اهـ.

.تفسير الآية رقم (195):

قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما تسبب عن هذا الدعاء الإجابة لتكمل شروطه وهي استحضار عظمته تعالى بعد معرفته بالدليل وإدامة ذكره والتفكر في بدائع صنعه وافتتاحه بالثناء عليه سبحانه وتنزيهه والإخلاص في سؤاله قال: {فاستجاب} أي فأوجد الإجابة حتمًا {لهم} قال الأصفهاني: وعن جعفر الصادق: من حزبه أمر فقال خمس مرات ربنا أنجاه الله مما يخاف، وأعطاه ما أراد- وقرأ هذه الآية.
وأشار إلى أنها من منّه وفضله بقوله: {ربهم} أي المحسن إليهم المتفضل عليهم {إني لا أضيع عمل عامل منكم} كائنًا من كان {من ذكر أو أنثى} وقوله معللًا: {بعضكم من بعض} التفات إلى قوله سبحانه: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} [آل عمران: 59] الناظر إلى قوله: {ذرية بعضها من بعض} [آل عمران: 34] المفتتح بأن الله سبحانه وتعالى: {اصطفى آدم ونوحًا} [آل عمران: 33] المنادي بأن البشر كلهم في العبودية للواحد- الذي ليس كمثله شيء الحي القيوم- سواء من غير تفاوت في ذلك أصلًا، والمراد أنهم إذا كانوا مثلهم في النسب فهم مثلهم في الأجر على العمل.
ولما أقر أعينهم بألإجابة، وكان قد تقدم ذكر الأنصار عمومًا في قوله: {ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} [آل عمران: 170- 171] خص المهاجرين بيانًا لفضلهم وزيادة شرفهم بتحقيقهم لكونهم معه، لم يأنسوا بغيره ولم يركنوا لسواه من أهل ولا مال بقوله مسببًا عن الوعد المذكور ومفصلًا ومعظمًا ومبجلًا: {فالذين هاجروا} أي صدقوا إيمانهم بمفارقة أحب الناس غليهم في الدين المؤدي إلى المقاطعة وأعز البلاد عليهم.
ولما كان للوطن من القلب منزل ليس لغيره نبه عليه بقوله: {وأخرجوا من ديارهم} أي وهي آثر المواطن عندهم بعد أن باعدوا أهلهم وهم أقرب الخلائق إليهم، ولما كان الأذى مكروهًا لنفسه لا بالنسبة إلى معين بنى للمفعول قوله: {وأوذوا} أي بغير ذلك من أنواع الأذى {في سبيلي} أي بسبب ديني الذي نهجته ليسلك إليّ فيه، وحكمت أنه لا وصول إلى رضائي بدونه {وقاتلوا} أي في سبيلي.
ولما كان القتل نفسه هو المكروه، لا بالنسبة إلى معين؛ كان المدح على اقتحام موجباته، فبنى للمفعول قوله: {وقتلوا} أي فيه فخرجوا بذلك عن مساكن أرواحهم بعد النزوح عن منازل أشباحهم، وقراءة حمزة والكسائي بتقديم المبني للمفعول أبلغ معنى، لأنها أشد ترغيبًا في الإقدام على الأخصام، لأن من استقتل أقدم على الغمرات إقدام الأسد فقتل أخص منه ولم يقف أحد أمامه، فكأنه قيل: وأرادوا القتل، هذا بالنظر إلى الإنسان نفسه، ويجوز أن يكون الخطاب للمجموع فيكون المعنى: وقاتلوا بعد أن رأوا كثيرًا من أصحابهم قد قتل {لأكفرن عنهم سيئاتهم} كما تقدم سؤالهم إياي في ذلك علمًا منهم بأن أحدًا لن يقدر على أن يقدر الله حق قدره وإن اجتهد {ولأدخلنهم} أي بفضلي {جنات تجري من تحتها الأنهار} كما سبق به الوعد {ثوابًا} وهو وإن كان على أعمالهم فهو فضل منه، وعظمه بقوله: {من عند الله} أي المنعوت بالأسماء الحسنى التي منها الكرم والرحمة لأن أعمالهم لا توازي أقل نعمه {والله} أي الذي له الجلال والإكرام، ونبه على عظمة المحدث عنه بالعندية فقال: {عنده} أي في خزائن ملكوته التي هي في غاية العظمة {حسن الثواب} أي وهو ما لا شائبة كدر فيه، لأنه شامل القدرة بخلاف غيره. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم أنهم عرفوا الله بالدليل وهو قوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السموات والأرض} [آل عمران: 190] إلى قوله: {لأيات لأُوْلِى الألباب} [آل عمران: 190] ثم حكى عنهم مواظبتهم على الذكر وهو قوله: {الذين يَذْكُرُونَ الله قياما} وعلى التفكر وهو قوله: {وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السموات والأرض} ثم حكى عنهم أنهم أثنوا على الله تعالى وهو قولهم: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلا سبحانك} [آل عمران: 191] ثم حكى عنهم أنهم بعد الثناء اشتغلوا بالدعاء وهو من قولهم: {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191] إلى قوله: {إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد} [آل عمران: 194] بين في هذه الآية أنه استجاب دعاءهم فقال: {فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ}. اهـ.

.قال الألوسي:

{فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ} الاستجابة الإجابة، ونقل عن الفراء أن الإجابة تطلق على الجواب ولو بالرد، والاستجابة الجواب بحصول المراد لأن زيادة السين تدل عليه إذ هو لطلب الجواب، والمطلوب ما يوافق المراد لا ما يخالفه وتتعدى باللام وهو الشائع، وقد تتعدى بنفسها كما في قوله:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندا ** فلم يستجبه عند ذاك مجيب

وهذا كما قال الشهاب وغيره: في التعدية إلى الداعي وأما إلى الدعاء فشائع بدون اللام مثل استجاب الله تعالى دعاءه، ولهذا قيل: إن هذا البيت على حذف مضاف أي لم يستجب دعاءه، والفاء للعطف وما بعده معطوف إما على الاستئناف المقدر في قوله سبحانه: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلا} [آل عمران: 191] ولا ضير في اختلافهما صيغة لما أن صيغة المستقبل هناك للدلالة على الاستمرار المناسب لمقام الدعاء، وصيغة الماضي هنا للإيذان بتحقيق الاستجابة وتقررها، ويجوز أن يكون معطوفًا على مقدر ينساق إليه الذهن أي دعوا بهذه الأدعية فاستجاب لهم الخ، وإن قدر ذلك القول المقدر حالا فهو عطف على {يَتَفَكَّرُونَ} [آل عمران: 191] باعتبار مقارنته لما وقع حالًا من فاعله أعني قوله سبحانه: {رَبَّنَا} [آل عمران: 194] الخ، فإن الاستجابة مترتبة على دعواتهم لا على مجرد تفكرهم، وحيث كانت من أوصافهم الجميلة المترتبة على أعمالهم بالآخرة استحقت الانتظام في سلك محاسنهم المعدودة في أثناء مدحهم وأما على كون الموصول نعتًا لأولي الألباب فلا مساغ لهذا العطف لما عرفت سابقًا.
وقد أوضح ذلك مولانا شيخ الإسلام.
والمشهور العطف على المنساق إلى الذهن وهو المنساق إليه الذهن، وذكر الرب هنا مضافًا ما لا يخفى من اللطف.
وأخرج الترمذي والحاكم وخلق كثير عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله لا أسمع الله تعالى ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله تعالى: {فاستجاب لَهُمْ} إلى آخر الآية، فقالت الأنصار: هي أول ظعينة قدمت علينا.
ولعل المراد أنها نزلت تتمة لما قبلها.
وأخرج ابن مردويه عنها أنها قالت: آخر آية نزلت هذه الآية: {فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ}. اهـ.

.قال الخطيب الشربيني:

{فاستجاب لهم ربهم}.
دعاءهم وهو أخص من أجاب؛ لأنه يفيد حصول جميع المطلوب لكثرة مبانيه؛ لأنّ كثرة المباني تدل على كثرة المعاني ويتعدّى بنفسه وباللام. اهـ.

.قال الفخر:

في الآية تنبيه على أن استجابة الدعاء مشروطة بهذه الأمور، فلما كان حصول هذه الشرائط عزيزا، لا جرم كان الشخص الذي يكون مجاب الدعاء عزيزا. اهـ.
قال الفخر:
أني لا أضيع: قرئ بالفتح، والتقدير: بأني لا أضيع، وبالكسر على إرادة القول، وقرئ {لاَ أُضِيعُ} بالتشديد. اهـ.

.قال الألوسي:

{أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ} أي بأني، وهكذا قرأ أبيّ، واختلف في تخريجه فخرجه العلامة شيخ الإسلام على أن الباء للسببية كأنه قيل: فاستجاب لهم بسبب أنه لا يضيع عمل عامل منهم أي سنته السنية مستمرة على ذلك وجعل التكلم في {إِنّى} والخطاب في {مّنكُمْ} من باب الالتفات، والنكتة الخاصة فيه إظهار كمال الاعتناء بشأن الاستجابة وتشريف الداعين بشرف الخطاب والتعرض لبيان السبب لتأكيد الاستجابة، والإشعار بأن مدارها أعمالهم التي قدموها على الدعاء لا مجرد الدعاء.
وقال بعض المحققين: إنها صلة لمحذوف وقع حالًا إما من فاعل استجاب أو من الضمير المجرور في {لَهُمْ} والتقدير مخاطبًا لهم بأني، أو مخاطبين بأني الخ، وقيل: إنها متعلقة باستجاب لأن فيها معنى القول وهو مذهب الكوفيين ويؤيد القولين أنه قرئ {إِنّى} بكسر الهمزة وفيها يتعين إرادة القول وموقعه الحال أي قائلًا إني أو مقولًا لهم إني الخ، وتوافق القراءتين خير من تخالفهما، وهذا التوافق ظاهر على ما ذهب إليه البعض وصاحب القيل وإن اختلف فيهما شدة وضعفًا، وأما على ما ذكره العلامة فالظهور لا يكاد يظهر على أنه في نفسه غير ظاهر كما لا يخفى، وقرئ {لاَ أُضِيعُ} بالتشديد، وفي التعرض لوعد العاملين على العموم مع الرمز إلى وعيد المعرضين غاية اللطف بحال هؤلاء الداعين لاسيما وقد عبر هناك عن ترك الإثابة بالإضاعة مع أنه ليس بإضاعة حقيقة إذ الأعمال غير موجبة للثواب حتى يلزم من تخلفه عنها إضاعتها ولكن عبر بذلك تأكيدًا لأمر الإثابة حتى كأنها واجبة عليه تعالى كذا قيل والمشهور أن الإضاعة في الأصل الأهلاك ومثلها التضييع ويقال: ضاع يضيع ضيعة وضياعًا بالفتح إذا هلك، واستعملت هنا بمعنى الإبطال أي لا أبطل عمل عامل كائن منكم. اهـ.