فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: لَمْ يَكْتَفِ بِرَبْطِ الْجَزَاءِ بِالْعَمَلِ حَتَّى بَيَّنَ أَنَّ الْعَمَلَ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَ بِهِ مَا طَلَبُوا مِنْ تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ: فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ ذَكَرَ الْإِخْرَاجَ مِنَ الدِّيَارِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنْ بَابِ التَّفْصِيلِ بَعْدَ الْإِجْمَالِ، فَالْهِجْرَةُ إِنَّمَا كَانَتْ وَتَكُونُ بِالْإِخْرَاجِ مِنَ الدِّيَارِ، وَتَسْتَتْبِعُ مَا ذُكِرَ فِي قوله: {وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} مِنَ الْإِيذَاءِ وَالْقِتَالِ، وَقُرِئَ {وَقُتِّلُوا} بِتَشْدِيدِ التَّاءِ لِلْمُبَالَغَةِ، فَمَنْ لَمْ يَحْتَمِلِ الْقَتْلَ بَلْ وَالتَّقْتِيلَ فِي سَبِيلِ اللهِ تعالى وَيَبْذُلْ مُهْجَتَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يَطْمَعَنَّ بِهَذِهِ الْمَثُوبَةِ الْمُؤَكَّدَةِ فِي قوله: {لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَبِيرَةِ الْوَادِرَةِ فِي صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [49: 15] إلخ. وَقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [8: 2] إلخ، وَقوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [23: 1، 2] الْآيَاتِ، وَقوله: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [25: 63] الْآيَاتِ، وَقوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [70: 19] الْآيَاتِ، وَقوله: {وَالْعَصْرِ} [103: 1] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ: هَكَذَا يَذْكُرُ اللهُ تعالى صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ لِيُنَبِّهَنَا إِلَى أَنْ نَرْجِعَ إِلَى أَنْفُسِنَا وَنَمْتَحِنَهَا بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ وَالصِّفَاتِ، فَإِنْ رَأَيْنَاهَا تَحْتَمِلُ الْإِيذَاءَ فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى الْقَتْلَ فَلْنُبَشِّرْهَا بِالصِّدْقِ مِنْهَا، وَالرِّضْوَانِ مِنْهُ تعالى، وَإِلَّا فَعَلَيْنَا أَنْ نَسْعَى لِتَحْصِيلِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي لَا يُنْجِي عِنْدَهُ غَيْرُهَا. وَإِنَّمَا كَلَّفَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ الْمُوقِنِينَ الْمُخْلِصِينَ هَذَا التَّكْلِيفَ الشَّاقَّ لِأَنَّ قِيَامَ الْحَقِّ مُرْتَبِطٌ بِهِ، وَإِنَّمَا سَعَادَتُهُمْ- مِنْ حَيْثُ هُمْ مُؤْمِنُونَ- بِقِيَامِ الْحَقِّ وَتَأْيِيدِهِ، وَالْحَقُّ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَمَكَانٍ مُحْتَاجٌ إِلَى أَهْلِهِ لِيَنْصُرُوهُ عَلَى أَهْلِ الْبَاطِلِ الَّذِينَ يُقَاوِمُونَهُ. وَالْحَقُّ وَالْبَاطِلُ يَتَصَارَعَانِ دَائِمًا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حِزْبٌ يَنْصُرُهُ، فَيَجِبُ عَلَى أَنْصَارِ الْحَقِّ أَلَّا يَفْشَلُوا وَلَا يَنْهَزِمُوا، بَلْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا، وَيَصْبِرُوا، حَتَّى تَكُونَ كَلِمَتُهُ الْعُلْيَا، وَكَلِمَةُ الْبَاطِلِ هِيَ السُّفْلَى. (قَالَ): وَانْظُرْ إِلَى حَالِ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ تَجِدُهُمْ يَتَعَلَّلُونَ بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي أُنَاسٍ مَخْصُوصِينَ، كَأَنَّهُمْ يَتَرَقَّبُونَ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللهُ لَهُمْ، وَيُعْطِيَهُمْ مَا وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُومُوا بِعَمَلٍ مِمَّا أَمَرَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا أَنْ يَتَّصِفُوا بِوَصْفٍ مِمَّا وَصَفَهُمْ بِهِ مِنْ حَيْثُ هُمْ مُؤْمِنُونَ، وَمَا عَلَّقَ عَلَيْهِ وَعْدَهُ بِمَثُوبَتِهِمْ، بَلْ وَإِنِ اتَّصَفُوا بِضِدِّهِ وَهُوَ مَا تَوَعَّدَ عَلَيْهِ بِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ، وَهَذَا مُنْتَهَى الْغُرُورِ.
وَأَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ تَجْتَمِعُ وَتَفْتَرِقُ، فَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ تَرَكَ وَطَنَهُ مُخْتَارًا، وَلَمْ يُخْرَجْ مِنْهُ إِخْرَاجًا، بَلْ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ هَاجَرَ مُسْتَخْفِيًا لِئَلَّا يَمْنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ. وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَكُونُوا أَمَرُوهُمْ بِالْهِجْرَةِ أَمْرًا، وَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ قَسْرًا، فَإِنَّهُمْ قَدْ ضَيَّقُوا عَلَيْهِمُ الْمَسَالِكَ حَتَّى أَلْجَئُوهُمْ إِلَى ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ أُوذِيَ وَلَمْ يُخْرِجْهُ الْمُشْرِكُونَ، وَلَا مَكَّنُوهُ مِنَ الْخُرُوجِ. وَرَاجِعْ بَعْضَ الْكَلَامِ فِي إِيذَاءِ مُشْرِكِي مَكَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ص254 وَمَا بَعْدَهَا ح2 (ط الْهَيْئَةِ الْمِصْرِيَّةِ الْعَامَّةِ لِلْكِتَابِ) وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْهِجْرَةَ دَائِمَةٌ لَا تَنْقَطِعُ حَتَّى تُمْنَعَ التَّوْبَةُ أَيْ إِلَى قُبَيْلِ قِيَامِ السَّاعَةِ.
وَأَمَّا قوله: {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} فَقَدْ قَرَأَهُ حَمْزَةُ بِعَكْسِ التَّرْتِيبِ فِي اللَّفْظِ وَقُتِلُوا وَقَاتَلُوا، وَقَالُوا فِيهِ: إِنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ تَرْتِيبًا، وَلِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا هُمُ الْبَادِئِينَ، فَلَمَّا قُتِلَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أُنَاسٌ قَاتَلُوا الْكُفَّارَ. وَشَدَّدَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ تَاءَ قُتِّلُوا لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا جَاءَ فِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ، وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقْتُلُونَ كُلَّ مَنْ قَدَرُوا عَلَى قَتْلِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أن يكون لَهُ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ قَرِيبٍ وَوَلِيٍّ. وَقَدْ رَاجَعْتُ بَعْدَ كِتَابَةِ مَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرَ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: وَالْمُرَادُ مِنْ قوله: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا} الَّذِينَ اخْتَارُوا الْمُهَاجَرَةَ مِنْ أَوْطَانِهِمْ فِي خِدْمَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْمُرَادُ مِنَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمُ الَّذِينَ أَلْجَأَهُمُ الْكُفَّارُ إِلَى الْخُرُوجِ. وَلَا شَكَّ أَنْ رُتْبَةَ الْأَوَّلِينَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُمُ اخْتَارُوا خِدْمَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُلَازَمَتَهُ عَلَى الِاخْتِيَارِ، فَكَانُوا أَفْضَلَ. وَقوله: {وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي} أَيْ مِنْ أَجْلِهِ وَسَبَبِهِ، وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لِأَنَّ الْمُقَاتَلَةَ تَكُونُ قَبْلَ الْقِتَالِ. قَرَأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَأَبُو عَمْرٍو: {وَقَاتَلُوا} بِالْأَلِفِ أَوَّلًا {وَقُتِلُوا} مُخَفَّفَةً، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ قَاتَلُوا مَعَهُ حَتَّى قُتِلُوا.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ {وَقَاتَلُوا} أَوَّلًا {وَقُتِّلُوا} مُشَدَّدَةً، قِيلَ: التَّشْدِيدُ لِلْمُبَالَغَةِ وَتَكَرُّرِ الْقَتْلِ فِيهِمْ كَقوله: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} [38: 50] وَقِيلَ: قُطِّعُوا، عَنِ الْحَسَنِ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ، والْكِسَائِيُّ {وَقُتِلُوا} بِغَيْرِ أَلِفٍ أَوَّلًا، {وَقَاتَلُوا} بِالْأَلِفِ بَعْدَهُ، وَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ كَمَا فِي قوله: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} [3: 43] وَالثَّانِي عَلَى قَوْلِهِمْ: قُلْنَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. إِذَا ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الْقَتْلِ أَوْ إِذَا قَتَلَ قَوْمَهُ وَعَشَائِرَهُ، وَالثَّالِثُ بِإِضْمَارِ قَدْ، أَيْ قُتِلُوا وَقَدْ قَاتَلُوا. اهـ.
وَأَقُولُ: إِنَّ كَلِمَةَ وَقَاتَلُوا رُسِمَتْ فِي الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ بِغَيْرِ أَلِفٍ كَكَلِمَةِ وَقُتِلُوا وَالرَّازِيُّ لَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ قَرَأَ نَافِعٌ... {قَاتَلُوا} بِالْأَلِفِ: إِنَّ الْكَلِمَةَ رُسِمَتْ أَوْ تُرْسَمُ بِالْأَلِفِ فِي الْمُصْحَفِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلتَّوْضِيحِ، يَعْنِي قَرَءُوا بِالْفِعْلِ الْمُشْتَقِّ مِنَ الْمُقَاتَلَةِ؛ وَالْحِكْمَةُ فِي اخْتِلَافِ الْقِرَاءَاتِ هُنَا إِفَادَةُ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِهَا، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ.
أَمَّا قوله تعالى: {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ} فَمَعْنَاهُ لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأُدْخِلَنَّهُمُ الْجَنَّاتِ، أُثِيبُهُمْ بِذَلِكَ ثَوَابًا مِنَ النَّوْعِ الْعَالِي الْكَرِيمِ الَّذِي عِنْدَ اللهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَالثَّوَابُ: اسْمٌ مِنْ مَادَّةِ ثَابَ يَثُوبُ ثَوْبًا أَيْ رَجَعَ، يُقَالُ: تَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ ثَابُوا إِلَيْهِ، وَفِي الْمَجَازِ ثَابَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ وَحِلْمُهُ إِذَا كَانَ خَرَجَ عَنْ مُقْتَضَى الْعَقْلِ، وَالْحِلْمِ بِنَحْوِ غَضَبٍ شَدِيدٍ ثُمَّ سَكَتَ عَنْهُ غَضَبُهُ، وَمِنْهُ جَعْلُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ مَثَابَةً لِلنَّاسِ، فَإِنَّهُمْ يَعُودُونَ إِلَيْهِ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّاغِبُ: الثَّوَابُ مَا يَرْجِعُ إِلَى الْإِنْسَانِ مِنْ جَزَاءِ أَعْمَالِهِ، فَيُسَمَّى الْجَزَاءُ ثَوَابًا تَصَوُّرًا أنه هُوَ هُوَ، أَلَا تَرَى كَيْفَ جَعَلَ اللهُ تعالى الْجَزَاءَ نَفْسَ الْفِعْلِ فِي قوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [99: 7] وَلَمْ يَقُلْ جَزَاءَهُ. وَالثَّوَابُ يُقَالُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، لَكِنَّ الْأَكْثَرَ الْمُتَعَارَفَ فِي الْخَيْرِ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} انْتَهَى الْمُرَادُ.
وَأَقُولُ: إِنَّ لَفْظَ الثَّوَابِ وَالْمَثُوبَةِ حَيْثُ وَقَعَ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ ذِكْرِ الْجَزَاءِ بِالْعِبَارَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أنه عَيَّنَ الْعَمَلَ، كُلُّ ذَلِكَ يُؤَيِّدُ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي أَخَذْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا أيضاحَهَا، وَإِثْبَاتَهَا، وَكَرَّرْنَا الْقَوْلَ فِيهَا بِعِبَارَاتٍ، وَأَسَالِيبَ كَثِيرَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الْجَزَاءَ أَثَرٌ طَبِيعِيٌّ لِلْعَمَلِ، أَيْ إِنَّ لِلْأَعْمَالِ تَأْثِيرًا فِي نَفْسِ الْعَامِلِ تُزَكِّيهَا فَتَكُونُ بِهَا مُنَعَّمَةً فِي الْآخِرَةِ، أَوْ تُدَسِّيهَا فَتَكُونُ مُعَذَّبَةً فِيهَا بِحَسَبِ سُنَّةِ اللهِ تعالى، فَكَأَنَّ الْأَعْمَالَ نَفْسَهَا تَثُوبُ وَتَعُودُ، وَلَيْسَ- أَيِ الْجَزَاءُ- أَمْرًا وَضِيعًا كَجَزَاءِ الْحُكَّامِ بِحَسَبِ قَوَانِينِهِمْ، وَشَرَائِعِهِمْ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى بَعْضُ الْمُدَقِّقِينَ مِنَ الْعُلَمَاءِ- لَاسِيَّمَا الصُّوفِيَّةُ- كَالْغَزَالِيِّ وَمُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِيٍّ، وَإِذَا فَقِهَ النَّاسُ هَذَا الْمَعْنَى زَالَ غُرُورُهُمْ، وَلَمْ يَعْتَمِدُوا فِي أَمْرِ مَا يَرْجُونَ مِنْ نَعِيمِ الْآخِرَةِ وَيَخْشَوْنَ مِنْ عَذَابِهَا إلا على مَا أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ كِتَابُ اللهِ تعالى مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ دُونَ أَشْخَاصِ الصَّالِحِينَ، وَتَسْمِيَةِ أَنْفُسِهِمْ مَحَاسِيبَ عَلَيْهِمْ، وَدُعَائِهِمْ، وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِمْ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الأولى مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْآيَةِ: فِي الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ اسْتِجَابَةَ الدُّعَاءِ مَشْرُوطَةٌ بِهَذِهِ الْأُمُورِ (أَيِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَعَ الْمُهَاجَرَةِ، وَاحْتِمَالِ الْإِخْرَاجِ مِنَ الْوَطَنِ، وَالْإِيذَاءِ فِي سَبِيلِ الْحَقِّ، وَالْخَيْرِ، وَالْقَتْلِ وَالْقِتَالِ فِيهِ) فَلَمَّا كَانَ حُصُولُ هَذَا الشَّرْطِ عَزِيزًا كَانَ الشَّخْصُ الْمُجَابُ الدُّعَاءِ عَزِيزًا.
وَقَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ:
اعْلَمْ أنه لَيْسَ الْمُرَادُ أنه لَا يَضِيعُ نَفْسُ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ كُلَّمَا وُجِدَ تَلَاشَى وَفَنِيَ، بَلِ الْمُرَادُ أنه لَا يَضِيعُ ثَوَابُ الْعَمَلِ، وَالْإِضَاعَةُ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ الْإِثَابَةِ، فَقوله: {لَا أُضِيعُ} نَفْيٌ لِلنَّفْيِ فَيَكُونُ إِثْبَاتًا، فَيَصِيرُ الْمَعْنَى: إِنِّي أُوصِلُ ثَوَابَ جَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ إِلَيْكُمْ، إِذَا ثَبَتَ مَا قُلْنَا فَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَبْقَى فِي النَّارِ مُخَلَّدًا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أنه بِإِيمَانِهِ اسْتَحَقَّ ثَوَابًا، وَبِمَعْصِيَتِهِ اسْتَحَقَّ عِقَابًا، فَلابد مِنْ وُصُولِهِمَا إِلَيْهِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَالٌ. فَإِمَّا أَنْ يُقَدِّمَ الثَّوَابَ ثُمَّ يَنْقُلَهُ إِلَى الْعِقَابِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ، أَوْ يُقَدِّمَ الْعِقَابَ، ثُمَّ يَنْقُلَهُ إِلَى الثَّوَابِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ اهـ. وَفِي قوله: إِنَّ الْعَمَلَ تَلَاشَى وَفَنِيَ مَا عَلِمْتُ مِنْ قَاعِدَتِنَا الَّتِي نَبَّهْنَا عَلَيْهَا آنِفًا، فَنَقُولُ: إِنَّ حَرَكَةَ الْأَعْضَاءِ بِهِ فَنِيَتْ، وَلَكِنَّ صُورَتَهُ فِي النَّفْسِ بَقِيَتْ، فَكَانَتْ مَنْشَأَ الْجَزَاءِ، وَأَوْرَدَ الرَّازِيُّ نَفْسُهُ وَجْهًا آخَرَ فِي عَدَمِ إِضَاعَةِ الْعَمَلِ، وَهُوَ عَدَمُ إِضَاعَةِ الدُّعَاءِ، وَقَالَ بَعْدَ مَبَاحِثَ: ثُمَّ أنه تعالى وَعَدَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ:
أَوَّلُهَا: مَحْوُ السَّيِّئَاتِ، وَغُفْرَانُ الذُّنُوبِ، وَهُوَ قوله: {لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي طَلَبُوهُ بِقَوْلِهِمْ: فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا.
وَثَانِيهِمَا: إِعْطَاءُ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ وَهُوَ قوله: {وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} وَهُوَ الَّذِي طَلَبُوهُ بِقَوْلِهِمْ: وَآتِنًا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ.
وَثَالِثُهَا: أن يكون هَذَا الثَّوَابُ ثَوَابًا عَظِيمًا مَقْرُونًا بِالتَّعْظِيمِ، وَالْإِجْلَالِ، وَهُوَ قوله: {مِنْ عِنْدِ اللهِ} وَهُوَ الَّذِي قَالُوهُ: وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا نِهَايَةَ لِعَظَمَتِهِ، وَإِذَا قَالَ السُّلْطَانُ الْعَظِيمُ لِعَبْدِهِ: إِنِّي أَخْلَعُ عَلَيْكَ خِلْعَةً مِنْ عِنْدِي دَلَّ ذَلِكَ عَلَى كَوْنِ تِلْكَ الْخِلْعَةِ فِي نِهَايَةِ الشَّرَفِ اهـ. وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ عَدَمَ الْخِزْيِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ فِي النَّعِيمِ الرُّوحَانِيِّ، وَكَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ هُنَا، وَمَا قَرَّرَهُ فِي الِاسْتِجَابَةِ مِنْ أَنَّهَا بِعَيْنِ مَا طَلَبُوا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ وَقَدْ رَأَيْتَهُ.
ثُمَّ قال تعالى: {وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ كَغَيْرِهِ: إِنَّ هَذَا تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ كَوْنِ الثَّوَابِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، لِيُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْجَزَاءَ بِمَحْضِ الْفَضْلِ، وَالْكَرَمِ الْإِلَهِيِّ، وَأَنَّهُ يَقَعُ بِإِرَادَتِهِ، وَاخْتِيَارِهِ تعالى، وَإِنْ كَانَ جَزَاءً عَلَى عَمَلٍ.
وَأَقُولُ: إِنَّ كَوْنَ الْجَزَاءِ بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ لَا يُنَافِي مَا قُلْنَاهُ فِي مَعْنَى الْجَزَاءِ وَالثَّوَابِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُصِيبُ الْعِبَادَ مِنْ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ مِنْ فَضْلِهِ تعالى وَرَحْمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَعَلَ لَهُ أَسْبَابًا هُوَ أَثَرٌ طَبِيعِيٌّ لَهَا كَالْمَطَرِ، وَالنَّبَاتِ، وَالصِّحَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاللهُ أَكْرَمُ، وَأَرْحَمُ، وَأَعْلَمُ، وَأَحْكَمُ. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)}
أخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن أم سلمة قالت يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء! فأنزل الله: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} إلى آخر الآية قالت الأنصار: هي أول ظعينة قدمت علينا.
وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت: آخر آية نزلت هذه الآية: {فاستجاب لهم ربهم} إلى آخرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: ما من عبد يقول: يا رب يا رب يا رب ثلاث مرات إلا نظر الله إليه. فذكر للحسن فقال: أما تقرأ القرآن {ربنا إننا سمعنا مناديًا} [آل عمران: 193] إلى قوله: {فاستجاب لهم ربهم}.
قوله تعالى: {فالذين هاجروا} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: هم المهاجرون أخرجوا من كل وجه.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ثلة الجنة الفقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره. إذا أُمِروا سمعوا وأطاعوا، وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى السلطان لم تقض حتى يموت وهي في صدره، وأن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها فيقول: أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي، وقُتِلوا وأوذوا في سبيلي، وجاهدوا في سبيلي؟! أدخلوا الجنة فيدخلونها بغير عذاب ولا حساب، ويأتي الملائكة فيسجدون ويقولون: ربنا نحن نسبح لك الليل والنهار ونقدس لك، من هؤلاء الذين آثرتهم علينا؟ فيقول: هؤلاء عبادي الذين قاتلوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي. فتدخل الملائكة عليهم من كل باب {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} [الرعد: 24]».
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أمتي؟ قلت: الله ورسوله أعلم! قال: المهاجرون، يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون فتقول لهم الخزنة: أوقد حوسبتم؟ قالوا: بأي شيء نحاسب وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك! قال: فيفتح لهم فيقيلون فيه أربعين عامًا قبل أن يدخل الناس».
وأخرج أحمد عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت الجنة فسمعت فيها حشفة بين يدي فقلت: ما هذا؟ قال: بلال، فمضيت فإذا أكثر أهل الجنة فقراء المهاجرين وذراري المسلمين، ولم أر أحدًا أقل من الأغنياء والنساء. قيل لي: أما الأغنياء فهم بالباب يحاسبون ويمحصون، وأما النساء فألهاهن الأحمران: الذهب والحرير».
وأخرج أحمد عن أبي الصديق عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل أغنيائهم بأربعمائة عام، حتى يقول المؤمن الغني: يا ليتني كنت نحيلًا. قيل: يا رسول الله صفهم لنا قال: هم الذين إذا كان مكروه بعثوا له، وإذا كان مغنم بعث إليه سواهم، وهم الذين يحجبون عن الأبواب».
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد بن عامر بن حزم قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل فقراء المسلمين قبل الأغنياء الجنة بخمسين سنة، حتى إن الرجل من الأغنياء ليدخل في غمارهم فيؤخذ بيده فيستخرج».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: يجمعون فيقول أين فقراء هذه الأمة ومساكينها؟ فيبرزون. فيقال: ما عندكم؟ فيقولون: يا رب ابتلينا فصبرنا وأنت أعلم، وَوَلَّيْتَ الأموال والسلطان غيرنا. فيقال: صدقتم. فيدخلون الجنة قبل سائر الناس بزمن، وتبقى شدة الحساب على ذوي الأموال والسلطان. قيل: فأين المؤمنون يومئذ؟ قال: يوضع لهم كراسي من نور، ويظلل عليهم الغمام، ويكون ذلك اليوم أقصر عليهم من ساعة من نهار. والله أعلم.
قوله تعالى: {والله عنده حسن الثواب}.
أخرج ابن أبي حاتم عن شداد بن أوس قال: يا أيها الناس لا تتهموا الله في قضائه فإن الله لا يبغي على مؤمن، فإذا نزل بأحدكم شيء مما يحب فليحمد الله، وإذا نزل به شيء يكره فليصبر وليحتسب، فإن الله عنده حسن الثواب. اهـ.

.تفسير الآيات (196- 197):

قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)}

.مناسبة الآيتين لما قبلهما:

قال البقاعي:
ولما كانت هذه المواعدة آجلة، وكان نظرهم إلى ما فيه الكفار من عاجل السعة ربما أثر في بعض النفوس أثرًا يقدح في الإيمان بالغيب الذي هو شرط قبول الإيمان؛ داواه سبحانه بأن تلا تبشير المجاهدين بإنذار الكفار المنافقين والمصارحين الذين أملى لهم بخذلانهم المؤمنين بالرجوع عن قتال أحد وغيره من أسباب الإملاء على وجه يصدق ما تقدم أول السورة من الوعد بأنهم سيغلبون، وأن أموالهم إنما هي صورة، لا حقائق لها، عطفًا لآخرها على أولها، وتأكيدًا لاستجابة دعاء أوليائه آخر التي قبلها بقوله مخاطبًا لأشرف عباده، والمراد من يمكن ذلك عادة فيه، لأن خطاب الرئيس أمكن في خطاب الأتباع- {لا يغرنك تقلب} أي لا تغترر بتصرف {الذين كفروا} تصرف من يقلب الأمور بالنظر في عواقبها لسلامتهم في تصرفهم وفوائدهم وجودة ما يقصدونه في الظاهر كجودة القلب في البدن {في البلاد} فإن تقلبهم {متاع قليل} أي لا يعبأ به ذو همة علية، وعبر بأداة التراخي إشارة إلى أن تمتيعهم- وإن فرض أنه طال زمانه وعلا شأنه- تافه لزواله ثم عاقبته، وإلى هول تلك العاقبة وتناهي عظمتها، فقال: {ثم مأواهم} أي بعد التراخي إن قدر {جهنم} أي الكريهة المنظر الشديدة الأهوال، العظيمة الأوجال، لا مهاد لهم غيرها {وبئس المهاد} أي الفراش الذي يوطأ ويسهل للراحة والهدوء. اهـ.