فصل: قال بيان الحق الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ... (171)}.
أي تقولوا: هم ثلاثة كقوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ} فكل ما رأيته بعد القول مرفوعا ولا رافع معه ففيه إضمار اسم رافع لذلك الاسم.
وقوله سُبْحانَهُ: {أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} يصلح في (أن) من وعن، فإذا ألقيتا كانت (أن) في موضع نصب. وكان الكسائىّ يقول: هي في موضع خفض، في كثير من أشباهها.
وقوله: {وَلا يَجِدُونَ... (173)}.
ردّت على ما بعد الفاء فرفعت، ولو جزمت على أن تردّ على موضع الفاء كان صوابا، كما قال: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ}.
وقوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ... (176)}.
(هلك) في موضع جزم. وكذلك قوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ} لو كان مكانهما يفعل كانتا جزما كما قال الكميت:
فإن أنت تفعل فللفاعليـ ** ـن أنت المجيزين تلك الغمارا

وأنشد بعضهم:
صعدة نابتة في حائر ** أينما الريح تميّلها تمل

إلا أن العرب تختار إذا أتى الفعل بعد الاسم في الجزاء أن يجعلوه (فعل) لأن الجزم لا يتبين في فعل، ويكرهون أن يعترض شيء بين الجازم وما جزم. وقوله: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} معناه: ألّا تضلوا. ولذلك صلحت لا في موضع أن. هذه محنة لـ (أن) إذا صلحت في موضعها لئلا وكيلا صلحت لا. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة النساء:
{واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} أي اتقوا الأرحام أن تقطعوها وقيل أسألك بالله وبالرحم بين ذلك افتتاح الكلام بخلقهم من نفس واحدة وهو يدعوا إلى التعاطف والتواصل في الأرحام وحفظ النساء والأولاد وهذا أولى من كسر الأرحام عطفا على الضمير في به لفظا لأنه لا يعطف على الضمير المجرور لضعفه ألا ترى أنه ليس للمجرور ضمير منفصل.
{وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتمي فانكحوا ما طاب لكم} أي أدرك من النساء كما يقال طابت الثمرة إذا أدركت فيكون المراد التحذير من ظلم اليتيمة وأن الأمر في البالغة أخف كما روي أن عروة سأل عائشة عن الآية فقالت هي اليتمية في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها ويقصر في صداقها وقيل كانوا يتحرجون في أمر اليتامي ولا يتحرجون في النساء فنزلت أي {إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي} فخافوا كذلك وإنما قال ما طاب ولم يقل من طاب لأنه قصد النكاح لا المنكوحة أي انكحوا نكاحا طيبا فيكون ما بمعني المصدر.
{مثنى وثلاث ورباع} هذه صيغ لأعداد مفردة مكررة في نفسها وكذلك منعت الصرف لما عدلت عن وضعها الأول في اللفظ والمعنى ألا ترى أن الواحد لما لم ينقسم من الوجه الذي قيل له بأنه واحد وأحاد منقسم بالكثرة المشتركة على آحاد غير منقسمين وكذلك مثنى وثلات كل لفظ منها محمول على الكثير في ذلك العدد قال الهذلي ولكنما أهلى بواد أنيسه ذئاب تبغى الناس مثنى وموحد.
{تعولوا} تجوروا روته عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه ومن فسره بكثرة العيال فقد حمله على المعني لا على اللفظ.
العيال وإنما هو من قولهم عال الميزان إذا رجحت إحدى كفتيه على الأخرى فكأنه إذا كثر عياله ثقلت عليه نفقتهم وقيل تميلوا.
قال الفرزدق:
ترى الغر الجحاجح من قريش ** إذا ما الأمر في الحدثان عالا

قياما ينظرون إلى سعيد ** كأنهم يرون به هلالا

{صدقتهن نحلة} يقال صدقة وصدقة وصداق وصداق وسئل ثعلب أن النحلة كلها هبة والصداق فريضة فقال كان الرجل يصدق امرأة أكثر من مهر مثلها فإذا طلقها أبى إلا مهر مثلها فبين الله أن تلك الزيادة كانت في الابتداء تبرعا ونحلة وجبت بالتسمية كمهر المثل وقيل نحلة هبة من الله للنساء.
هنيئا مريئا هنأني الطعام ومرأني فإذا أفردت قلت أمرأني.
قيما قوما كما يقال طال طيلك وطولك.
{ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال ابن عباس فرضا ثم يقضيه إذا وجد وقال الحسن لا يقضي ما صرفه إلى سد الجوعة وستر العورة.
{وللنساء نصيب} نزلت حين كانت العرب لا تورث البنات إنما يأكلون في بطونهم نارا.
لما كانت غايتهم النار كما قيل فيمن أخذ الدية وإن الذي أصبحتم تحلبونه ثم غير أن اللون ليس بأحمرا وقال آخر وما كنت أخشى خالدا دمه على مكللة الشيزي تمور وتطفح.
وفي ضده فلو أن حيا يقبل المال فدية لسقنا لهم سيلا من المال مفعما ولكن أبي قوم أصيب أخوهم رضي العار واختاروا على اللبن الدما وقال آخر غدا ورداؤه لهق حجير ورحت أجر ثوبي أرجوان كلانا اختار فانظر كيف تبقى أحاديث الرجال على الزمان.
{وسيصلون سعيرا} صلى النار يصلى صلى إذا لزمها وسيصلون بالضم على ما لم يسم فاعله من أصليته نار ألقيته فيها ويجوز من صليته صلى نارًا أو صليته لازم ومتعد ومنه الحديث أتى بشاة مصلية أي مشوية.
{فإن كان له إخوة} أي الأخوان فصاعدا وإنما حجبت الإخوة الأم عن الثلث وإن لم يرثوا مع الأب معونة للأب إذ هو كافيهم وكافلهم وقد نبه عليه قوله لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا أي لا تعلمونه والله يعلمه فاقسموه كما أمره من يعلم المصالح والعواقب والكلالة ماعدا الوالد والولد من القرابة المحيطة بالولاد إحاطة الإكليل بالرأس.
{واللاتي يأتين الفحشة} منسوخة والسبيل الذي جعل الله لهن جلد البكر ورجم الثيب وابن بحر لا يرى النسخ فيحملها على خلوة المرأة بالمرأة في فاحشة السحاق والسبيل التزوج والاستعفاف بالحلال والذان يأتينها يحملها على الرجلين يخلوان بالفاحشة بينهما ويستدل عليه بتثنية الضمير على التذكير دون جمعه.
{أعتدنا} أفعلنا من العتاد ومعناه أعددناه من العدة فتبدل التاء من الدال أحدهما بصاحبه أن ترثوا النساء كرها يحبسها وهو كاره لها ليرسها وقيل ذلك على عادة الجاهلية في وراثة ولي الميت امرأته فإن شاء أمسكها بالمهر الأول وإن شاء زوجها وأخذ مهرها.
{بفاحشة} نشوز وقيل زنا فيحل أخذ الفدية مبينة متبينة يقال بين الصبح لذي عينين أي تبين قال الشاعر مبينة ترى البصراء فيها وأفيال الرجال وهم سواء أتأخذونه بهتنا أي ظلما كالظلم بالبهتان أو بأن يبهتوا أنكم ما ملكتموه منهن.
{أفضى} خلا بها {ميثقا غليظا} أي عقد النكاح فكان يقال في النكاح قدينا الله عليك لتمسكن بمعروف أو لتسرحن بإحسان {ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم} بمعنى المصدر أي نكاحهم ثم يجوز هذا المصدر على حقيقته فيدخل فيه أنكحة الجاهلية المحرمة على عهد الإسلام ويجوز بمعنى المفعول به أي لا تنكحوا منكوحة آبائكم صنع الجاهلية.
{إلا ما قد سلف} أي لكن ما سلف فمعفو مغفور وكل استثناء منقطع كان إلا فيه بمعني لكن {وحلائل أبنائكم الذين من أصلكم} أي دون من تبنيتم به إذ دخل فيه حلائل الأبناء من الرضاع والمحصنت أحصن فهو محصن مثل أسهب فهو مسهب وألفج فهو ملفج ثلاث شاذة وللإحصان معنيان لازم ومتعد لازم على معنى الدخول في الحصن مثل اسهل وأحزن وأسلم وآمن والمتعدى على معنى إدخال النفس في الحصن والاتفاق على الفتح في هذا الموضع للاتفاق على أن المراد بهن ذوات الأزواج فإنهن محرمات على غير الأزواج إلا ما ملكت أيمنكم أي ذوات الأزواج اللاتي ملكتموهن بالسبي وسئل الحسن عن هذه المسألة والفرزدق عند فأنشد من شعره:
وذات حليل أنكحتا رماحنا ** حلالا لمن يبني بها لم يطلق

وذكرها حاتم قبله فما نكحوها طائعين بناتهم ولكن خطبناها بأسيافنا قسرا وكائن ترى من ابن سبيئة إذا لقى الأبطال يطعنهم شزرا كتب الله مصدر على غير فعله أي حرم ذلك كتابا من الله عليكم فيما ترضيتم به من بعد الفريضة من هبة الصداق أو حط بعضه أو تأخيره الخدن الأليف والعشير.
و{العنت} الزني وقيل أذى العزوبة وشهوة الزني {وأن تصبروا} أي عن نكاح الإماء لما فيه من تعريض الولد للرق {يريد الله أن يخفف عنكم} أي في نكاح الإماء لأن الإنسان خلق ضعيفا في أمر النساء {ولا تقتلوا أنفسكم} أي لا يقتل بعضكم بعضا وجعل ذلك قتل أنفسهم لأن أهل الدين الواحد أو البيعة الواحدة كنفس واحدة وقيل إن هذا القتل يرجع إلى أكل الأموال بالباطل فإن ظلم غيره كان كالمهلك نفسه {مدخلا كريما} يجوز اسما للموضع ويجوز المصدر أي ندخلكم إدخالا كريما ولكل جعلنا مولى أي عصبات من الورثة والذين عاقدت أيمنكم هم الحلفاء وكان الحليف يورث فنسخ قال مجاهد حليف القوم يعطي نصيبه من النصرة والنصيحة والعقل دون الميراث الرجال قومون نزلت في رجل لطم امرأته فهم النبي عليه السلام بالقصاص والجار ذي القربي القريب والجار الجنب الغريب والجنب صفة على فعل مثل ناقة أجد ويقال ما تأتينا إلا عن جنابة قال ابن عبدة:
فلا تحرمني نائلًا عن جنابة ** فإني امرؤ وسط القباب غريب

ومن قرأ {والجار الجنب} كان الجنب الناحية والتقدير ذي الجنب كما قال الهذلي ألفيته لا يذم الغيث جفنته والجار ذو الجنب محبو وممنوح ومعنى القراءتين واحد وهو أنه مجانب لأقاربه قال الهذلي:
يبيت إذا ما أنس الليل كانسا ** مبيت الغريب ذي الكساء المغاضب

مبيت الغريب يشتكي غير معتب ** شفيف عقوق من بينه الأقارب

{والصاحب بالجنب} الزوجة وقيل الرفيق في السفر الذي نزل إلى جنبك ويكتمون ما ءاتهم الله من فضله يجحدون اليسار اعتذازا في البخل.
{فكيف إذا جئنا من كل أمة شهيد} أي فكيف حالهم والحذف في مثل هذا الموضع أبلغ وكان ابن مسعود يقرأ سورة النساء على النبي عليه السلام فلما بلغ هذه الآية فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم {لو تسوى بهم الأرض} أي يودون لو جعلوا والأرض سواء كقوله يليتني كنت تربا وقيل معناه لو يعدل بهم الأرض على وجه الفداء {ولا يكتمون الله حديثا} أي لا تكتمه جوارحهم وإن كتموه {إلا عابري سبيل} أي لا يدخل المصلى أي المسجد إلا مجتازا ولم يذكر المصلى لدلالة الصلاة عليه وكفى بالله وليا دخول الباء لتأكيد الاتصال لأن الاسم في كفى الله يتصل اتصال الفاعل فاتصل بالباء اتصال المضاف أيضا فازداد معنى من الذين هادوا تمام الصفة قوله: {ألم تر إلى الذين أوتوا} نصيبا والوقف هادوا وقيل إنه على الاستئناف وتقديره من الذين هادوا فريق يحرفون كما قال تميم بن مقبل وما الدهر إلا تارتان فمنها أموت وأخرى ابتغي العيش أكدح وكلتاهما قد خط لى في صحيفة فللعيش أهوى لي وللموت أروح واسمع غير مسمع كانوا يقولون ذلك على أنا نريد أن لا تسمع ما تكره وقصدهم الدعاء بالصمم أي اسمع لا سمعت ورعنا كلمة شتم عندهم ويظهرون أنهم يريدون ارعنا سمعك فذلك اللي والتحريف من قبل أن يطمس وجوها فنردها على أدبارها أي نمحو آثارها حتى تصير كالأقفاء ونجعل عيونها في أقفائها فيمشون القهقري وفي معناه ألفينا عيناك عند القفا أولى فأولى لك ذا واقية وقال آخر وتركض والعينان في نقرة القفا من الذعر لا تلوى على متخلف ومثله الفتيل القشرة التي في بطن النواة والنقير للنقرة في ظهرها وقيل الفتيل ما يقتل بالإصبعين من وسخها والنقير ما ينقر بالإصبع كنقر الدينار ونحوه ويشهد للقولين قول كثير على كل حالي جريتني فطورا مرئيا وطورا وبيلا فلم يجد الجوز تقتادني ولا القسر وينزل مني فتيلا.