فصل: قال ابن زنجلة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن زنجلة:

سورة النساء:
ومن قرأ والأرحامِ فالمعنى تساءلون به وبالأرحام وقال أهل التفسير وهو قوله أسالك بالله والرحم وقد أنكروا هذا وليس بمنكر لأن الأئمة أسندوا قراءتهم إلى النبي صلى الله عليه وأنكروا أيضا أن الظاهر لا يعطف على المضمر المجرور إلا بإظهار الخافض وليس بمنكر وإنما المنكر أن يعطف الظاهر على المضمر الذي لم يجر له ذكر فتقول مررت به وزيد وليس هذا بحسن فأما أن يتقدم للهاء ذكر فهو حسن وذلك عمرو مررت به وزيد فكذلك الهاء في قوله تساءلون به وتقدم ذكرها وهو قوله واتقوا الله ومثله قول الشاعر:
فاليوم أصبحت تهجونا وتشتمنا ** فاذهب فما بك والأيام من عجب

{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما} قرأ نافع وابن عامر قيما بغير ألف وقرأ الباقون {قياما}.
وأصل الكلمة قواما فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فصارت قياما قال الكسائي قياما وقواما وقيما ثلاث لغات والمعنى واحد وهو ما يقيم شأن الناس ويعيشهم وفي تفسير بعضهم قياما معاشا.
{وسيصلون سعيرا}.
قرأ ابن عامر وأبو بكر وسيصلون سعيرا بضم الياء.
وقرأ الباقون وسيصلون بفتح الياء إخبار عنهم أي هم يصلون من قول العرب صلي النار يصلاها وحجتهم قوله لا يصلاها إلا الأشقر أي إذا دنا منها يصيبه حرها.
ومن ضم الياء فمعناه أنه يفعل بهم على ما لم يسم فاعله وحجته قوله سأصليه سقر وقال قوم سيصلون يحرقون.
{وإن كانت واحدة فلها النصف فلأمه الثلث يوصي بها أو دين} [11].
قرأ نافع وإن كانت واحدة بالرفع أي وإن وقعت واحدة جعل كان بمعنى حدث ووقع كما قال وإن كان ذو عسرة أي وقع ذو عسرة.
وقرأ الباقون وإن كانت واحدة بالنصب أضمروا في كان اسما والتقدير وإن كانت البنت واحدة قال الزجاج فالنصب أجود لأن قوله قبلها فإن كن نساء قد بين أن المعنى كان الأولاد نساء وكذلك المولود واحدة فلذلك اخترنا النصب.
قرأ حمزة والكسائي فلأمه وفي إمها بكسر الهمزة إذا كانت قبلها كسرة أو ياء ساكنة وحجتهما أنهما استثقلا ضم الألف بعد كسرة أو ياء فكسرا للكسرة والياء ليكون عمل اللسان من جهة واحدة إذ لم يكن تغيير الألف من الضم إلى الكسر يزيل معنى ولا يغير إعرابا يفرق بين معنيين فأتبعا لذلك الكسرة الكسرة.
وقرأ الباقون بالضم على الأصل ومثله عليهم وعليهم وحجتهم أن الأصل في ذلك كله الضم وهو بنية هذا الاسم وذلك أنك إذا لم تصله بشيء قبله لم يختلف في ضمة ألفه فحكمه إذا اتصل بشيء ألا يغيره عن حاله وأما قوله في بطون أمهاتكم فإن حمزة بكسره الهمزة والميم أتبع الكسرة الكسرة.
قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر يوصى بها بفتح الصاد وكذلك في الثاني على ما لم يسم فاعله.
وقرأ الباقون يوصي بكسر الصاد على إضمار الفاعل أي يوصي بها الميت وحجتهم أنه ذكره في صدر القصة وهو قوله ولأبويه أي ولأبوي الميت وقوله إن كان له ولد وورثه أبواه فقد جرى ذكر الميت وكذلك قال مما ترك يعني الميت والحرف الآخر قوله وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة ومن قرأ يوصى فإنما يحسبه أنه ليس لميت معين إنما هو شائع في الجميع فهو في المعنى يؤول إلى يوصي.
{ومن يطع الله ورسوله يدخله}، {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله} [13 و14].
قرأ نافع وابن عامر ومن يطع الله ورسوله ندخله ومن يعص الله ورسوله ندخله بالنون فيهما إخبار الله عن نفسه.
وقرأ الباقون بالياء فيهما وحجتهم قوله ومن يطع الله يدخله فيكون كلاما واحدا ولو كان بالنون لكان الأول ومن يطعنا ندخله فلما كان يطع الله قال يدخله على معنى يدخله الله.
{واللذان يأتيانها} [16].
قرأ ابن كثير واللذان بتشديد النون وكذلك هاذان.
وهاتين وأرنا اللذين وحجته أن الأصل في قوله واللذان اللذيان فحذف الياء وجعل النون المشددة عوضا من الياء المحذوفة التي كانت في الذي وكذلك في إحدى ابنتي هاتين الأصل هاتيين وأرنا اللذيين وفي هذان هذا ان شدد هذه النونات وجعل التشديد عوضا من الياء المحذوفة والألف.
إذا سأل سائل فقال لم شددت النون في هذه الكلمة ولم تشددها في قوله برهانان وغلامان فالجواب عن ذلك من وجهين أحدهما أن هذه النون لما كانت ثابتة في الأحوال كلها ولم تكن الإضافة تسقطهما لأن هذه الأسماء لا تضاف البتة ففرقوا بينها وبين النون الضعيفة التي تسقط في الإضافة فتقول هذان غلاما زيد فلما كانت أقوى شددت ليدل بالتشديد على قوتها بالإضافة لغيرها من النونات التي تتسلط الإضافة عليها.
والوجه الثاني يقال لهذه النون في المبهمات بدل من الألف المحذوفة والياء المحذوفة وهما حرفان في الأصل من نفس الكلمة والنون في التثنية في قولك برهانان ورجلان بدل من التنوين الذي هو زائد وعارض في الكلمة فجعلت للنون التي هي بدل من الأصل مزية على النون التي هي بدل من عارض في الأصل وتلك المزية التشديد.
وقرأ الباقون جميع ذلك بالتخفيف وحجتهم أن من كلام العرب أن يحذفوا ويعوضوا وأن يحذفوا ولا يعوضوا فمن عوض آثر تمام الكلمة ومن لم يعوض آثر التخفيف ومثل ذلك في تصغير مغتسل تقول مغيسل ومغيسيل فمن قال مغيسل لم يعوض من التاء شيئا ومن قال مغيسيل عوض من التاء.
{لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} [19].
قرأ حمزة والكسائي أن ترثوا النساء كرها بالضم قرأ الباقون بالنصب واختلف الناس في الضم والفتح فال ابن عباس من قرأ كرها بالضم أي بمشقة ومن قرأ كرها بالفتح أي إجبارا أي أجبر عليه جعل ابن عباس الكره فعل الإنسان والكره ما أكره عليه صاحبه تقول كرهت الشيء كرها وأكرهت على الشيء كرها قال أبو عمرو والكره ما كرهته والكره ما استكرهت عليه ويحتج في ذلك بقول الله جل وعز كتب.
عليكم القتال وهو كره لكم وقال الأخفش هما لغتان مثل الضعف والضعف والفقر والفقر وقال قوم الكره المصدر تقول كرهته كرها مثل شربته شربا والكره اسم ذلك الشيء.
قرأ ابن كثير وأبو بكر بفاحشة مبينة بفتح الياء وقرأ الباقون بكسر الياء.
جاء في التفسير أن من قرأ مبينة بالكسر فمعناها ظاهرة ومن قرأ مبينة بالفتح فمعناها مكشوفة مظهرة أي أوضح أمرها اعلم أنك إذا كسرتها جعلتها فاعلة أي هي التي تبين على صاحبها فعلها وإذا فتحتها جعلتها مفعولا بها والفاعل محذوف وكان التقدير والله أعلم هو بينها فهي مبينة.
{والمحصنات من النساء كتاب الله عليكم وأحل لكم أن ينكح المحصنات فإذا أحصن فعليهن نصف ما على المحصنات}
قوله: {والمحصنات من النساء} اتفق القراء على فتح الصاد في هذا الحرف واختلفوا فيما عداه فقرأ الكسائي أن ينكح المحصنات المؤمنات فعلهين نصف ما علىالمحصنات بكسر الصاد في جميع القرآن أي هن أحصن أنفسهن بالإسلام والعفاف فذهب الكسائي إلى أن المحصنات المسلمات العفايف هن أحصن أنفسهن بالإسلام والعفاف والعرب تقول أحصنت المرأة فهي محصنة وذلك إذا حفظت نفسها وفرجها وحجته في فتح الحرف الأول وكسر ما عداه أن المعنى فيه غير موجود فيما عداه وذلك أن المحصنات هاهنا هن ذوات الأزواج اللاتي أحصنهن أزواجهن سوى ملك اليمين اللاتي كان لهن الأزواج فكن محصنات بهم فأحلهن بعد استبرائهن بالحيض فأما ما سوى هذا الحرف فإن المراد فيه ما ذكرنا من الإسلام والعفة.
عن الحسن في قوله والمحصنات من النساء قال ذوات الأزواج فقال الفرزدق قد قلت فيه شعرا قال الحسن ما قلت يا ابا فراس قال قلت:
وذات حليل أنكحتها رماحنا ** حلال لمن يبني بها لم تطلق

روي أن النبي صلى الله عليه بعث يوم حنين سرية فأصابوا حيا من العرب يوم أوطاس فهزموهم وقتولهم وأصابوا نساء لهن أزواج فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه تأثموا من غشيانهن من اجل أزواجهن فأنزل الله عز وجل والمحصنات من النساء أي المتزوجات إلا ما ملكت أيمانكم أي السبايا من ذوات الأزواج لا بأس في وطئهن بعد استبرائهن.
وقرأ الباقون المحصنات بفتح الصاد أي متزوجات أحصنهن أزواجهن والأزواج محصنون والنساء محصنات.
قال أبو عمرو الزوج يحصن المرأة والإسلام وكذلك فإذا أحصن أي أحصنهن الأزواج والإسلام قال ولا تقول العرب هذا قاذف محصنة لا محصنات إلا محصنة ومحصنات فتأويل المحصنات أزواجهن أعفوهن أو إسلامهن أحصنهن فهن محصنات بذلك.
قرأ حمزة والكسائي وحفص وأحل لكم بضم الألف وكسر الحاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن ابتداء التحريم في الآية الأولى أجري على ترك تسمية الفاعل وهو قوله: {حرمت عليكم أمهاتكم} [23] وما ذكر بعدهن فأجري التحليل عقيب التحريم وعلى لفظه ليكون لفظ التحريم والتحليل على لفظ واحد فكأنه قال حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا.
وقرأ الباقون وأحل بالفتح وحجتهم في ذلك قربه من ذكر الله فجعلوا الفعل مسندا إليه لذلك وهو قوله كتاب الله عليكم وأحل لكم أي وأحل الله لكم.
قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر فإذا أحصن بفتح الألف والصاد أي أسلمن ويقال عففن كذا جاء في التفسير يسندون الإحصان إليهن وإذا قرئ ذلك على ما لم يسم فاعله كان وجوب الحد في ظاهر اللفظ على المملوكة ذات الزوج دون الأيم وفي إجماع الجميع على وجوب الحد على المملوكة غير ذات الزوج دليل على صحة فتحة الألف.
وقرأ الباقون فإذا أحصن أي الأزواج جعلوهن مفعولات بإحصان أزواجهن إياهن فتأويله فإذا أحصنهن أزواجهن ثم رد إلى ما لم يسم فاعله نظير قوله محصنات بمعنى أنهن مفعولات وهذا مذهب ابن عباس قال لا تجلد إذا زنت حتى تتزوج وكان ابن مسعود يقول إذا أسلمت وزنت جلدت وإن لم تتزوج.