فصل: الصرف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الصرف:

{بروج}، جمع برج، اسم جامد وزنه فعل بضم فسكون.
{مشيدة}، مؤنث مشيد اسم مفعول من شيد الرباعي، وزنه مفعّل بضم الميم وفتح العين المشدّدة.
{تصبهم}، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وأصله تصيب، التقى ساكنان فحذفت الياء، وزنه تفلهم.
{حديثا}، اسم لما يخبر، أو هو اسم مصدر لفعل حدّث الرباعي وزنه فعيل.

.الفوائد:

الموت حق- الإنسان صائر إلى الموت لا محالة، قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} وقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ} وقال تعالى: {وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} والمقصود أن كل أحد ميت لا محالة، ولا ينجيه من ذلك شيء سواء جاهد أو لم يجاهد.
فالموت حتم في موعده المقدور لا علاقة له بالحرب والسلم ولا علاقة له بحصانة المكان الذي يحتمي به الفرد، فلا يؤخره إذن تأخير تكليف القتال عنه.
فلا معنى إذن لتمني تأجيل القتال ولا معنى لخشية الناس في قتال أو غيره.
تلك لمسة يعالج فيها القرآن كل ما يهجس في خاطر المسلم عن هذا الأمر.
وإنه ليس معنى هذا ألا يأخذ الإنسان حذره وحيطته وكل ما يدخل في طوقه من استعداد وأهبة... فقد سبق أن أمرهم اللّه بأخذ الحذر، وأمرهم بالاحتياط في صلاة الخوف، ولكن هذا كله شيء وتعليق الموت والأجل به شيء آخر. إن أخذ الحذر واستكمال العدة أمر يجب أن يطاع وله حكمته الظاهرة والخفية ووراءه تدبير اللّه، وإن التصور الصحيح لحقيقة العلاقة بين الموت والأجل المضروب- رغم كل استعداد واحتياط- أمر آخر يجب أن يطاع، وله حكمته الظاهرة والخفية.
- قوله تعالى: {أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} هذه الآية تقف الإنسان مع قدره المحتوم من الموت وتجسد هذه الفكرة وتعمّقها في النفس والوجدان بمختلف الأساليب وتجعل منها صورة فنية رائعة تدهش العقل والحس فالموت يجسد كأنه مخلوق عن طريق الاستعارة المكنية في قوله يدرككم ثم يسبح الخيال ليتملّى قدرة الموت على الوصول إلى أي مكان وأي اتجاه في قوله تعالى: {أَيْنَما تَكُونُوا} ثم يخيب الظن في أي محاولة للنجاة بقوله: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} فها نحن مع النفس الإنسانية التي تتوارى من الموت في كل سبيل وفي كل اتجاه حتى إنها لتحاول أن تصعد السماء ولكن الموت يرصدها ويلاحقها فلا تنجو أبدا فهذه الآية تمثل أعمق مشاعر الإنسان في خوفه من الموت ومحاولته الهروب ولكنها تحرّره من الخوف وتدخل في روعه بأن الموت واقع لا ريب فيه.

.[سورة النساء: آية 79]:

{ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)}

.الإعراب:

{ما} اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ {أصاب} فعل ماض مبني في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و(الكاف) ضمير مفعول به {من حسنة} جار ومجرور متعلق بحال من فاعل أصاب (الفاء) رابطة لجواب الشرط {من الله} جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو (الواو) عاطفة {ما أصابك... من نفسك} مثل نظيرتها المتقدمة. (الواو) استئنافية {أرسلنا} فعل ماض مبني على السكون... و(نا) ضمير فاعل و(الكاف) ضمير مفعول به {للناس} جار ومجرور متعلق بـ {أرسلنا}، {رسولا} حال منصوبة مؤكدة لضمير النصب (الواو) استئنافية {كفى بالله شهيدا} مرّ إعرابها.
جملة {ما أصابك...} لا محل لها استئنافيّة.
وجملة {أصابك من حسنة} في محل رفع خبر المبتدأ {ما}.
وجملة {هو} {من الله} في محل جزم جواب شرط جازم مقترنة بالفاء.
وجملة {ما أصابك} الثانية لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة {أصابك من سيئة} في محل رفع خبر المبتدأ (ما) الثاني.
وجملة {هو} {من نفسك} في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة {أرسلناك...} لا محل لها استئنافية.
وجملة {كفى بالله...} لا محل لها استئنافية.

.البلاغة:

1- لقد ساق اللّه في هذه الآية البيان من جهته بطريقة تلوين الخطاب، والالتفات إيذان بمزيد الاعتناء به والاهتمام برد اعتقادهم الباطل وزعمهم الفاسد، والإشعار بأن مضمونه مبني على حكمة دقيقة حرية بأن يتولى بيانها علام الغيوم عز وجل.
2- المجاز المرسل: في إضافة السيئة إلى العبد، والعلاقة هي السببية، لأن النفس هي التي توبق صاحبها وتورّطه في ارتكاب الذنوب.

.الفوائد:

- قوله تعالى: {ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}. نسب اللّه عز وجل الحسنة إليه لأنه يريد الخير والسعادة لعباده، ونسب السيئة للإنسان لأنه نهى الإنسان عن فعل السيئات، فالسيئة تكون بسبب اقتراف الإنسان لها. ولا تعارض في ذلك مع قوله تعالى: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} لأن كل ما يقع في الكون بمشيئة اللّه عز وجل مع أنه لا يريد الشر لعباده.

.[سورة النساء: آية 80]:

{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)}

.الإعراب:

{من} اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ {يطع} مضارع مجزوم فعل الشرط، وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو {الرسول} مفعول به منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط {قد} حرف تحقيق {أطاع} فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو {الله} لفظ الجلالة مفعول به (الواو) عاطفة {من} مثل من الأول {تولّى} فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الفاء) رابطة لجواب الشرط {ما} نافية {أرسلناك} مرّ إعرابه في الآية السابقة {على} حرف جر و(هم) ضمير في محل جر متعلق بـ {حفيظا} على حذف مضاف أي حفيظا على أعمالهم {حفيظا} حال من ضمير المفعول في {أرسلناك} منصوبة.
جملة {من يطع...} لا محل لها استئنافية.
وجملة {يطع الرسول} في محل رفع خبر المبتدأ {من} الأول.
وجملة {قد أطاع...} في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة {من تولى...} لا محل لها معطوفة على جملة من يطع.
وجملة {تولى...} في محل رفع خبر المبتدأ {من} الثاني، وجواب الشرط الثاني محذوف تقديره لا تحزن أو لا يهمنّك.
وجملة {ما أرسلناك...} لا محل لها تعليل للجواب المقدّر.

.الصرف:

{يطع}، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، أصله يطيع، التقى ساكنان: الياء والعين فحذفت الياء، وزنه يفل بضم الياء وكسر الفاء.
{أطاع}، فيه إعلال بالقلب أصله أطوع بفتح الواو ثم نقلت الحركة إلى الطاء فقلبت الواو ألفا.
{حفيظا} صفة مشبهة من حفظ يحفظ باب فرح، وزنه فعيل.

.[سورة النساء: آية 81]:

{وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}

.الإعراب:

(الواو) استئنافية {يقولون} مضارع مرفوع... والواو فاعل {طاعة} خبر لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره أمرنا، (الفاء) عاطفة {إذا} ظرف للمستقبل متضمن معنى الشرط في محل نصب متعلق بالجواب بيّت {برزوا} فعل ماض مبني على الضم... والواو فاعل {من عند} جار ومجرور متعلق بـ {برزوا}، و(الكاف) ضمير مضاف إليه {بيّت} فعل ماض {طائفة} فاعل مرفوع (من) حرف جر و(هم) ضمير في محل جر متعلق بنعت لطائفة {غير} مفعول به منصوب {الذي} اسم موصول مبني في محل جر مضاف إليه {تقول} مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الواو) اعتراضية {الله} لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع {يكتب} مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو {ما} اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به، والعائد محذوف {يبيّتون} مثل يقولون (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر {أعرض} فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت {عنهم} مثل منهم متعلق بـ {أعرض}، (الواو) عاطفة.
{توكّل} مثل أعرض {على الله} جار ومجرور متعلق بـ {توكل}، (الواو) استئنافية {كفى بالله وكيلا} مثل كفى بالله عليما.
جملة {يقولون...} لا محل لها استئنافية.
وجملة {أمرنا} {طاعة} في محل نصب مقول القول.
وجملة {برزوا...} في محل جر مضاف إليه.
وجملة {بيّت طائفة...} لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة {تقول} لا محل لها صلة الموصول {الذي}.
وجملة {الله يكتب...} لا محل لها اعتراضية.
وجملة {يكتب...} في محل رفع خبر المبتدأ {الله}.
وجملة {يبيتون} لا محل لها صلة الموصول {ما} الاسمي أو الحرفي.
وجملة {أعرض عنهم} في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن فعلوا ذلك فأعرض عنهم.
وجملة {توكّل على اللّه} في محلّ جزم معطوفة على جملة جواب الشرط المقدّر.
وجملة {كفى بالله وكيلا} لا محل لها استئنافية.

.الصرف:

{طاعة}، اسم مصدر لفعل أطاع الرباعي، وزنه فعلة... أما المصدر القياسي فهو إطاعة وزنه إفعلة، والتاء عوض من الألف المحذوفة قبل الآخر لوجود الألف عين الكلمة. وفيه إعلال بالقلب أصله طوعة- بفتح الواو- تحركت الواو بعد فتح قلبت ألفا.

.البلاغة:

الإظهار في مقام الإضمار: في قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}.
إظهار الجلالة في مقام الإضمار للإشعار بعلة الحكم.

.الفوائد:

1- قوله تعالى: {بَيَّتَ طائِفَةٌ} لقد ذكّر الفعل لأن الطائفة مؤنث غير حقيقي.
وإليك موجزا لحالات وجوب تأنيث الفعل وجوازه.
أ- يجب تأنيث الفعل في حالتين:
الأولى إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقيا غير مفصول عن الفعل بفاصل نحو «جاءت فاطمة».
الثانية: إذا تقدم الفاعل سواء كان مؤنثا حقيقيا أو مجازيا فالحقيقي نحو: فاطمة جاءت، والمجازي نحو، الشمس طلعت.
ب- يجوز تأنيث الفعل وتذكيره في الحالات التالية:
أولا- إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقيا مفصولا عن الفعل بفاصل مثل، جاءت اليوم هند أو جاء اليوم هند.
ثانيا- إذا كان الفاعل مؤنثا مجازيا مثل جاءت فرقة، أو جاء فرقة.
ثالثا، إذا كان الفاعل جمع تكسير مثل، جاءت الجنود، أو جاء الجنود.

.[سورة النساء: آية 82]:

{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا (82)}

.الإعراب:

(الهمزة) للاستفهام التوبيخي (الفاء) عاطفة (لا) نافية {يتدبرون} مضارع مرفوع... والواو فاعل {القرآن} مفعول به منصوب (الواو) استئنافية (لو) شرط غير جازم (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو {من عند} جار ومجرور متعلق بخبر كان {غير}
مضاف إليه مجرور {الله} لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (اللام) واقعة في جواب لو {وجدوا} فعل ماض مبني على الضم... والواو فاعل (في) حرف جر و(الهاء) ضمير في محل جر متعلق بـ {وجدوا}، {اختلافا} مفعول به منصوب {كثيرا} نعت منصوب.
جملة {يتدبرون...} لا محل لها معطوفة على استئناف مقدّر أي: أيعرضون فلا يتدبرون.
وجملة {كان...} لا محل لها استئنافية.
وجملة {وجدوا...} لا محل لها جواب شرط غير جازم.

.الفوائد:

تناسق القرآن:
- التناسق المطلق الشامل الكامل هو الظاهرة التي لا يخطئها من يتدبر القرآن أبدا. وتتجلى ظاهرة عدم الاختلاف، ابتداء في التعبير القرآني من ناحية الأداء وطرائقه الفنية... ففي كلام البشر تبدو القمم والسفوح، التوفيق والتعثر، القوة والضعف، التحليق والهبوط، الرفرفة والثقلة، الاشراق والانطفاء، إلى آخر الظواهر التي تتجلى معها سمات البشر، وأخصها سمة «التغير» والاختلاف المستمر من حال إلى حال يبدو ذلك في كلام البشر واضحا في أعمال الأديب الواحد أو المفكر الواحد أو الفنان الواحد.
وواضح أن عكس هذه الظاهرة هو الثبات والتناسق، وهذا ما نلحظه في القرآن فهناك مستوى واحد في هذا الكتاب المعجز تختلف ألوانه باختلاف الموضوعات التي يعالجها، ولكنه متحد المستوى والأفق، محافظ على الكمال في الأداء، يحمل طابع الصنعة الإلهية ويدل على الصانع الجليل.
وإذا كان الفارق بين صنعة اللّه وصنعة الإنسان واضحا كل الوضوح في جانب التعبير اللفظي والأداء الفني، فإنه أوضح منه في جانب التفكير والتنظيم والتشريع فما من مذهب بشري إلا ويحمل الطابع البشري، جزئية النظر والرؤية والتأثر الوقتي بالمشكلات، وعكس ذلك هو ما يتسم به المنهج القرآني الشامل المتكامل الثابت الأصول ثبات النواميس الكونية.